على ضوء متابعة فعاليات المؤتمر الدولي الثالث للطاقة الحيوية الذي استضافته جزيرة (لانثاروتي) الكنارية في المحيط الأطلسي الأسبوع الماضي بمشاركة عدد كبير من الباحثين والمختصين في هذا المجال ، برزت العديد من التحديات أمام الباحثين كانت أبسطها الخلافات العلمية الدائرة بين ممثلي شركات إنتاج الوقود الحيوي على المستوى العالمي ومنظمات الأغذية والزراعة وشركات إنتاج الطاقة. وعلى ما يبدو فإن البلدان المستهلكة الرئيسية للبترول تشجع موضوع استخدام الوقود الحيوي في وسائل النقل كبديل مستقبلي للوقود الأحفوري وتمنحه اهتماما وتشجيعا متزايدين، ولاسيما منذ مطلع القرن الجاري.وأصبح هذا الأمر يثير جدلا علميا واسعا بين مؤيد ومرتاب من حيث الجدوى الاقتصادية والأبعاد الجيوسياسية. إذا تمكنت البلدان الصناعية والنامية من تحقيق أهدافها في عام 2020 في تطوير الوقود الحيوي فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 30 إلى 50 بالمائة ، وإلى زيادة أخطار المجاعة لحوالي 140 مليون نسمة. وعلى صعيد بلدان الاتحاد الأوروبي فقد برزت قضية الوقود الحيوي كمادة رئيسية في المؤتمرات العلمية ووسائل الإعلام، إلى جانب السياسات الداعمة والأطراف السياسية والاقتصادية المؤثرة في الاتحاد الأوروبي، في ظل الشكوك بقدرة الوقود الحيوي على الوصول لنسبة 8 بالمائة من احتياجات الوقود لقطاع النقل الأوروبي بحلول عام 2020. ومن هنا بدأت على الصعيد العالمي تثار نقاشات وتساؤلات حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية لاستخدام الوقود الحيوي مع الحفاظ على الأمن الغذائي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وهي مسألة يصعب تحقيقها على المدى القصير.وانطلاقا من هذا الواقع، فقد بات التوجه السياسي لإنتاج الوقود الحيوي، يثير مخاوف وتساؤلات جوهرية بشأن آثاره السلبية على الأمن الغذائي العالمي، في ظل ما تعاني منه بعض بلدان العالم الفقيرة من تحديات بيئية حقيقية جراء نقص المياه وجفاف الأنهار وشح الأمطار، وانعكاسه بصورة مباشرة على الأمن الغذائي. وانطلاقا من هذا يرى التقرير الذي أصدرته منظمة (أوابك)، فإن تضخيم حملات الوقود الحيوي تأتي في الغالب لاعتبارات سياسية أو انتخابيةعلى اعتبار أنها تساهم في تعزيز أمن الطاقة العالمي، والتخفيف من آثار ظاهرة تغير المناخ، وتعزيز التنمية في المناطق الريفية، ومصدر طاقة متجدد. وهنا يجدر الانتباه إلى ما أوردته دراسة حديثة صادرة عن صندوق أوبك للتنمية (أوفيد)، بأنه إذا تمكنت البلدان الصناعية والنامية من تحقيق أهدافها في عام 2020 في تطوير الوقود الحيوي، فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 30 إلى 50 بالمائة ، وإلى زيادة أخطار المجاعة لحوالي 140 مليون نسمة. إضافة إلى فقدان نحو 30 إلى 45 مليون هكتار من الأراضي الزراعية المخصصة لإنتاج الغذاء البشري، وفقدان الكثير من الغابات التي تسهم في لجم آثار التغير المناخي، وتؤكد الدراسة بأن تطوير الجيل الأول من الوقود الحيوي، كما خطط له من البلدان المعنية، يتناقض مع أهداف الأمن الغذائي، إذ سيؤدي إلى زيادات متواضعة للقيمة الزراعية المضافة في البلدان النامية، ولا يساعد بيئياً قبل 2030، وسيزيد أخطار تقليص حجم الغابات والتنوع البيولوجي، فهل العالم على استعداد لتحمل تلك الكلفة الباهظة للوقود الحيوي؟