في صبيحة يوم الأربعاء الموافق 15 جمادى الآخرة لهذا العام 1432ه نعى الناعي شيخي وأستاذي وشريكي في حرفة الأدب والصحافة الشيخ عبد الله بن محمد بن خميس.. حملت النعي قناة (العربية) الفضائية وصحفنا المحلية في اليوم الثاني وأنا لدي خصلة مذمومة هي أنني إذا تلقيت خبراً مثل هذا الخبر المفجع تتبلد أحاسيسي.. فلا أدري ما أقول إلا (إنا لله وإنا إليه راجعون) كانت آخر مرة رأيته فيها «يرحمه الله» في يوم افتتاح معرض الكتاب في الرياض باهتمام وتنظيم وزارة الثقافة والإعلام عام 1429ه عندما دعت الوزارة عدداً من المثقفين والكتاب والصحفيين الذين أطلق عليهم لقب (الرواد) لتكريمهم بتلك الميداليات الزجاجية رأيته جالساً في طرف الصف، ليرحمك الله يا أبا محمد.. لقد كنت لي أستاذاً ومعلماً وصديقاً وزميلاً في مهنة المتاعب عندما كنا على أول سلالمها، فكنت أنت المرشد والموجّه والناقد الذي لا يتجاوز عن الخطأ، إنما يعالجه بهدوء وقد ترك لنا كتباً تعتبر مراجع مهمة لدراسة الأدب واللغة واللهجة العامة، والشعر العامي، والجغرافيا والرحلات.. فيا لها من ثروة خلفتها يا سيدي للأجيال من هذا التراث المتمدّد الذي لا يعتذر عن الاستجابة ولا تكل عقول روّاده ومحبيه من ارتياده. حاولت أن أذهب للسلام عليه لكن منظره وما هو فيه من إعياء منعاني من التوجّه للسلام عليه؛ لأنه سيقوم حتماً للترحيب بي، وهذا فيه مشقة عليه.. فما أردت أن أسبب له شيئاً من المتاعب، فانتظرت حتى قام لاستلام هديته وكنت أجلس قريباً من موقف التكريم، فلما رأيته قمت وصافحته فردّ علي بصوت خافت فعدت إلى مكاني وأنا أفكّر كيف تتقلب الأحوال بالإنسان (من ضعف إلى قوة، ومن قوة إلى ضعف) حتى تتلاشى معالمه لا يبقى إلا هيكله الذي يحرّكه بالكاد. وسألت نفسي.. هل هذا هو شيخي وأستاذي عبد الله بن خميس الذي شغل أعلى المناصب وملأت كتبه رفوف المكتبات وأسس (مجلة الجزيرة) مجلة شهرية عام 1379ه والتي منها انطلقت مؤسسة الجزيرة للصحافة بعد أن تحوّلت الجزيرة إلى جريدة يومية هذا إلى جانب عشرات البرامج الإذاعية والتليفزيونية وكان ذا حضور بارز في المشهد الثقافي مع محافظة على هوية الأدب والثقافة وجمالية اللغة العربية. ليرحمك الله يا أبا محمد.. لقد كنت لي أستاذاً ومعلماً وصديقاً وزميلاً في مهنة المتاعب عندما كنا على أول سلالمها، فكنت أنت المرشد والموجّه والناقد الذي لا يتجاوز عن الخطأ إنما يعالجه بهدوء وقد ترك لنا كتباً تعتبر مراجع مهمة لدراسة الأدب واللغة واللهجة العامة، والشعر العامي، والجغرافيا والرحلات.. فيا لها من ثروة خلفتها يا سيدي للأجيال من هذا التراث المتمدّد الذي لا يعتذر عن الاستجابة ولا تكل عقول رواده ومحبيه من ارتياده. إن المناصب التي تسنّمتها والأوسمة التي نلتها لا تساوي شيئاً بما وسمت نفسك به من التقوى والصلاح والغيرة على الحق وصفاء الدين واللغة العربية لغة القرآن ومفتاح العلم.. فجزاك الله خير الجزاء.. لقد كنت يا سيدي كبيراً، في منصبك، كبيراً في عقلك وحلمك المتناهي، كبيراً في خلقك وأدبك الجم، لقد كنت لي راعياً، لم أحسن التواصل معك.. فلله المعذرة عن هذا التقصير الذي لم أستطع تداركه إلا بعد فوات الأوان، ولك العتبى حيث لا أملك سوى أن أتقدّم بتعازي القلبية للابن محمد والابنة أميمة وإخوانهما وأخواتهما وجميع أفراد الأسرة.. عظّم الله أجركم، وأحسن الله عزاءكم.