لا بد لنا أن نهنئ مواطني العراق الخمسة وعشرين مليوناً ونحن نقرأ أسماء العدد الهائل للأحزاب والتنظيمات السياسية التي ستدخل معترك الانتخابات الديمقراطية جداً في العراق والتي بلغت حتى الآن 212 تنظيماً وحزباً حسبما أعلنته ما تسمى المفوضية العليا المستقلة جداً للانتخابات، وذلك ما تعتبره الإدارة الأمريكية الحاكمة الفعلية للعراق قمة الديمقراطية في اختيار ممثلي الشعب العراقي الذين سيحكمونهم بعد ذلك ولو من خلال السفارة الأمريكية ذات الألف مستشار. وبمناسبة إعلان أسماء هذا الكم الكبير من المرشحين، اسمحوا لنا بأن نسأل باستغراب نيابة عنكم: كم سيكون عدد المرشحين لانتخابات ديمقراطية في الصين لو كان ذلك البلد ذو الأكثر من مليار إنسان بلداً ديمقراطياً حسب المفهوم الأمريكي للديمقراطية وأجريت فيه انتخابات ديمقراطية كالتي ستجري في العراق؟ سنترك حساب الرقم لكم. فمن خلال قراءتنا للأسماء وجدنا أن بعضهم احتار في اختيار الاسم لحزبه أو تنظيمه حيث نفدت الأسماء لدرجة أن بعضهم أعطى نفس الاسم مكرراً ولكن بإضافة الرقم "واحد" في نهايته ليفرقه عن الاسم الآخر المشابه لحزبه، بل لقد عانى الكثيرون من مشكلة إيجاد اسم لحزبهم أو تنظيمهم فاضطروا للتسجيل بأسمائهم الشخصية عسى الله أن يوفقهم بعدئذ في إيجاد اسم لتنظيمهم أو من خلال الاستعانة بشركات مثل شركات تسجيل أسماء مواقع الإنترنت التي ما أن تدخل اسماً في سجلاتها لتسجيله إلا وأعطتك اسماً مرادفاً أو قريباً من الاسم الذي اخترته كون الاسم الذي أردته قد أخذه غيرك. ولا نبالغ بالقول لهؤلاء أنه حتى تلك الشركات التي تختار لكم الاسم اليكترونياً قد لا تكون قادرة على إعطائكم الاسم الذي تريدونه خصوصاً أن أسماء التنظيمات المتشابهة تبدأ بكلمات مثل تيار وتجمع وائتلاف وحركة وحزب وجماعة ورابطة وكتلة وقائمة ومؤتمر وتنظيم ومجلس ومنظمة وجبهة وجمعية وما إلى ذلك من أسماء ما أنزل الله بها من سلطان بحيث سيصاب المواطن العراقي بالدوار لكثرتها والتفريق بينها. ولتسهيل العملية، فقد قمنا بعملية حسابية بسيطة ستجنب المواطن العراقي الكثير من الصداع وتغنيه عن الكثير من التفكير بمن سينتخب. فإن كان المواطن يؤمن بالوطنية فإنه سيجد في اللائحة الإنتخابية 30 تنظيماً وطنياً، وإن كان ديمقراطياً فسيجد 24 تنظيماً ديمقراطياً، وللإسلاميين هناك 21 تنظيماً إسلامياً، أما المستقلون فسيجدون 18 تنظيماً مستقلاً. إضافة لذلك سيجد المواطنون العراقيون العديد من التنظيمات الأخرى كالقومية والعشائرية والعربية والكردية والآشورية والفيلية وغيرها، بل المفرح أنهم سيجدون في العراق حتى التنظيمات العراقية! وعلى أية حال، ولكي نسهل على المواطن العراقي عملية إنتخابه المرشح الذي تتماشى أفكاره وأهدافه مع ما يؤمن به، ولكي يدلي بصوته في هذه الإنتخابات الديمقراطية بشكل يجنبه الصداع والتفكير نقترح عليه في هذه الحالة أن يغمض عينيه ويضع إصبعه على القائمة التي تحتوي على أسماء المرشحين من الأشخاص والتنظيمات بعد أن يتوكل على الله الواحد الأحد وبعد أن يسمّي باسم الرحمن ويترك إصبعه ليختار له المرشح الذي عليه أن ينتخبه. وإذا أراد المواطن العراقي أن يتحمل القليل من الصداع فليسمح لنا بأن نعطيه فكرة عما توصلنا إليه من حسابات بسيطة لمكونات الشعب العراقي والتي قد تعينه على تقرير من سينتخب من هذه القائمة الطويلة والعريضة. فمن حيث العدد، يمثل شباب العراق بالتأكيد شريحة عريضة ومؤثرة في المجتمع العراقي، ولذا فإن المواطنين العراقيين الذي يؤمنون ويثقون بشباب بلدهم باعتبارهم عماد المستقبل الباهر الذي تصنعه لهم أمريكا الآن في العراق، فإنهم سيجدون هناك مرشحهم (الإتحاد العام لشباب العراق) الذي يعتبر بتقديرنا من أقوى المتنافسين بين التنظيمات المئتين وإثني عشر، بالرغم من أننا لم نسمع أو نقرأ منذ بدأت الديمقراطية تعم دول العالم والانتخابات تجري فيها أن منظمات المجتمع المدني لها حق الترشيح للانتخابات بكيانها المعنوي باستثناء العراق، ومع ذلك فهذا يدلل لنا أن العراق قد أصبح مرتع وقمة الديمقراطية الأمريكية بكل معانيها السامية. فهنيئاً لشباب العراق الذين نقترح التصويت لمنظمتهم المهنية هذه كي يحكموا العراق بعدئذ لأنهم قد يفوزون بالتأكيد إن وحدوا كلمتهم. ومع أن عدد شباب العراق كبير جداً الأمر الذي قد يؤهلهم للفوز بالانتخابات، إلا أننا شخصياً نراهن على فوز "جمعية المتقاعدين" (إسم لإحدى المنظمات المرشحة للانتخابات)، وذلك لأن عدد المتقاعدين في العراق بعد احتلاله، والحمد لله والشكر لأمريكا، قد أصبح يقارب من 60 في المئة من مجموع مواطني العراق وبهذا يكون عددهم أكثر من عدد أقرانهم حتى في أكثر دول قارة أفريقيا فقراً، وسواء كان أولئك المتقاعدون بسبب كبر سنهم لقلتهم أو المتقاعدون بالإكراه (العاطلون عن العمل) لكثرتهم. وبهذا نعتقد أن لا أمل لمرشحي التنظيمات الأخرى بالفوز في هذه الإنتخابات الحرة والنزيهة والشفافة لو زحفت جموع العاطلين عن العمل إلى صناديق الاقتراع وأدلوا بأصواتهم لجمعية المتقاعدين. إضافة لذلك، فالمتقاعدون في العراق هم من جميع الطوائف والأعراق والديانات وبهذا فهم شريحة متجانسة وجاهزة وممثلة للجميع. أما ذلك العدد الكبير من التنظيمات والأسماء التي ستدخل معترك العملية الإنتخابية فلا نظن أن الأموال التي تلقوها من حكومة علاوي أو تنظيمه أو من أحزاب أخرى كحزب الطالباني والبرزاني والجلبي والحكيم وغيرهم ستمكنهم من الحصول على عددٍ كافٍ من الأصوات يؤهلهم لحضور مؤثر في الجمعية الوطنية، أو يشابهها من تسمية، التي ستنشأ بعد الإنتخابات بحيث ستندمج تلك التنظيمات والأسماء مع أحزابها الأم التي كونتها ومولتها من أجل هذا الهدف فقط. وسنرى أن تلك التنظيمات والأسماء تبدأ بالتلاشي الواحد بعد الآخر بعد أن انتهى الدور المرسوم لها وبعد أن قبضت المقسوم لدورها في العملية الانتخابية الديمقراطية. وبهذا أيها العراقيون تكون أمريكا قد حققت لكم الديمقراطية التي كنتم تنتظرونها لأكثر من 80 عاماً ومنذ تأسيس الدولة العراقية الأولى، فهنيئاً لكم بما ستجلبه لكم هذه الانتخابات الديمقراطية وما سيحققه لكم فوز النخبة القادمة لحكم العراق. وبتصورنا سيكون العراق، كما خططت أمريكا له، منتجع الشرق الأوسط الكبير وولاية أخرى من الولاياتالمتحدة كما هي صديقتكم دولة إسرائيل، ذلك أنه ليس من المعقول والمنطقي أن تترككم أمريكا وتذهب إلى شأنها بعد أن أنفقت مئات المليارات من الدولارات والآلاف من شهداء جيوشهم الأبرار الذين سقطوا صرعى في العراق منذ أن قدموا لتحريركم. كما أن السيد نغروبونتي سيكون عوناً كبيراً ومستشاراً ذو بصيرة لقادتكم السياسيين في تسيير أمور العراق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والأهم من ذلك الأمنية منها حيث بدأت أمريكا بإنشاء قواعدها الثابتة والكبيرة جداً في كل بقعة من بقاع العراق من أجل حماية مصالحكم واستقرار حكم أولياء أموركم.. وإلى أن تجري الانتخابات الديمقراطية في العراق، نتمنى لشعب العراق استمرار الأمن والحرية والاستقرار السياسي والاقتصادي والفرحة التي تعم كل بيت من بيوته. *عن ميدل إيست أون لاين