يواجه اسياد الحرب الافغان الذين لم تجرد ميليشياتهم من اسلحتها السبت المقبل وللمرة الاولى قانون صناديق الاقتراع بدلا من قانون السلاح. فالبعض منهم هم من اغنى الرجال في افغانستان واخرون هم من قطاع الطرق، لكن هؤلاء القادة الذين يعدون بالعشرات ما زالوا، بعد 25 عاما من الازمات والنزاعات، يفرضون سطوتهم كأسياد على معاقلهم ويمولون في الغالب من تهريب المخدرات. واذا كانت هذه الانتخابات الديمقراطية الاولى في تاريخ البلد ستسمح مبدئيا لعشرة ملايين ناخب مسجل بالتعبير عن خيارهم، فان زعماء الحرب سيسعون من جهتهم الى ابقاء سيطرتهم التي لم ينل منها برنامج نزع السلاح الذي اطلقته السلطات. وفي اواخر ايلول/سبتمبر جرد حوالى 16500 عنصر ميليشيا من السلاح بحسب الاممالمتحدة بغية اعادة ادماجهم في الحياة المدنية، فيما لا يزال هناك اكثر من 60 الف رجل يحملون السلاح في البلاد. وتجمع المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان على الاقرار بان التهديد الذي يمثلونه على الانتخابات اخطر من التهديد الذي يمثله عناصر طالبان السابقون المعادون علنا للعملية. وفي هذا السياق اكد تقرير اخير لمنظمة هيومن رايتس ووتش الاميركية ان الافغان في معظم الولايات يخشون في الدرجة الاولى زعماء الفصائل والقادة العسكريين المحليين، وليس عودة الطالبان . وقد استمد اسياد الحرب سطوتهم من ربع قرن من الازمات بدءا بمحاربة السوفيات (1979-1989)، ثم جيرانهم خلال الحرب الاهلية (1992-1996) ثم بالنسبة لبعضهم الطالبان (1996-2001). وتمكن البعض منهم من الدخول الى الحكومة بفضل تدخل التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة في خريف العام 2001 لطرد الطالبان من الحكم. وهذه هي الحال بالنسبة لوزير الدفاع الماريشال محمد قاسم فهيم قائد تحالف الشمال الذي كان رأس الحربة في الحملة ضد طالبان والذي يدعم اليوم الطاجيكي يونس قانوني ابرز منافسي الرئيس المرشح حميد كرزاي. وهناك زعيمان اخران مرشحان الى الانتخابات الرئاسية وهما الاوزبكي عبد الرشيد دوستم والهزاري محمد محقق. وقال اندرو ويلدر مدير مركز مستقل للابحاث حول افغانستان لقد شرعنا اسياد الحرب عبر تركهم يدخلون الحكومة والسماح لهم بمواصلة فرض قوانينهم . وفي رأيه فان الانتخابات الرئاسية وخصوصا الانتخابات التشريعية المرتقبة في الربيع المقبل تشكل الفرصة الاخيرة لكسر شوكة زعماء الحرب. واضاف ان جرت الانتخابات التشريعية في وقت مبكر جدا وان انتخب برلمان من زعماء الحرب ومهربي المخدرات فان برنامج الاصلاحات برمته في البلاد سيولد ميتا . فزعماء الحرب دخلوا الحكومة في اطار خطة الاستقرار اولا التي وضعت بعد التدخل الاميركي، لكن ذلك يشكل اليوم السبب الاول لعدم الاستقرار على حد قوله. واكد مع جميع هؤلاء في القيادة نجد انفسنا عاجزين عن التحرك ضدهم. لقد عجزنا عن اتخاذ تدابير جدية ضد تهريب المخدرات لان كثيرين ممن ينتفعون منها هم في الحكومة . فزراعة الخشخاش -النبتة التي يستخرج منها الافيون ثم المورفين والهيرويين- ازدهرت من جديد وبقوة بعد سقوط طالبان ويتوقع ان تسجل محصولا قياسيا في 2004. و75 % من الافيون المنتج في العالم مصدرها افغانستان . كذلك فان تهريب المخدرات -حشيشة الكيف هي ايضا اختصاص محلي- اسهم في اعطاء السلطة مجددا الى القادة المحليين الذين يسيطرون عليها ولا يحبذون رؤية حكومة مركزية قوية تضر بمصالحهم . وقد حذر تقرير هيومن رايتس ووتش من ان الفصائل الافغانية ليست حليفة سهلة واستمرار هذه الجماعات العسكرية قد يفضي الى حرب اهلية جديدة .