عقد المؤتمر الثاني للفكر العربي الذي تنظمه مؤسسة الفكر العربي جلسة عمل اولى في بيروت امس بعنوان (مراجعة الوضع العربي الراهن).وتحدث في الجلسة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ورئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى وصاحب السمو الملكي الامير تركي الفيصل سفير خادم الحرمين الشريفين في المملكة المتحدة ورئيس تحرير جريدة النهار اللبنانية غسان توينى.والقى صاحب السمو الملكي الامير تركي الفيصل مداخلة في الجلسة تطرق فيها الى اهمية الاسئلة التى طرحت وخاصة موضوع المسؤولية وهل نحن مسؤولون عما نحن فيه ام غيرنا هو المسؤول.واوضح سموه ان المسؤولية تقع على عاتقنا نحن بما نحن فيه في الصالح والطالح ومن يريد ان يلوم الاخرين لابد ان ينظر الى نفسه قبل غيره ليصحح ما به لكى يستطيع ان يجابه ما يأتى من الاخرين. وقال سمو الامير تركي: ان رؤية المستقبل تأتى في نظرى بعد هذا الموضوع من ناحية اهميتها وهى عنوان هذا المؤتمر (استشراف المستقبل) وما يجعلنى متفائلا في المستقبل عما نحن فيه الان هو الوجوه النضرة والشابة التى اراها امامى من خلال حضور الشباب والشابات الذين يشاركون في هذا المؤتمر في جميع اعماله وهى خطوة محمودة للقائمين على هذا المؤتمر ان يشركوا الشباب في مثل هذه الاجتماعات والحوارات لانهم هم اصحاب المستقبل وارجو ان تكون رعايتهم في المستقبل افضل منا في رعايتنا نحن في الحاضر. واضاف سموه: ان الحديث الذي تفضل به امين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى ايضا من الامور التى تجعل الانسان يتفاءل حيث ان الجامعة العربية في اطار تطوير ونهوض مما واجهته من عدم تفعيل لمؤسساتها المختلفة لناحية الاتفاقيات المختلفة التى وقعت عليها الدول العربية ولم تنفذ وربما كما يقول امين عام جامعة الدول العربية ان النية لدراسة تكوين مجلس تمثيلى للشعوب العربية يعنى بمصالح الامة العربية بصفة عامة من اهم الخطوات التى يمكن ان تعالج في السنوات القليلة القادمة. وفي مايتعلق بمسألة الديموقراطية اوضح سموه ان: الديموقراطية هى في الاساس اسلوب وليس الهدف بل ان الهدف هو ايجاد مجتمعات تنعم بالاستقرار والرفاهية والقدرة على التطور وان هناك دولا لكى تصل الى اهدافها تختار اسلوب الديموقراطية او تختار اسلوب الفاشية او تختار اسلوب الشيوعية وغيرها من الاساليب المطروحة الان على الساحة مثل طرح الاسلام. واردف سمو الامير تركي الفيصل: لا ننسى ان الاساليب التى قامت عليها الفاشية والشيوعية قامت على اساس انها ديموقراطية وكانوا يتباهون بأنهم هم الذين ينفذون ويستمعون الى ارادة الشعوب بينما كانت هذه الارادة مسلوبة والمصالح محتكرة بيد هذه القيادات فقط. واردف سموه قائلا: ان صح لى التعبير ان اقول ان اساس الديموقراطية هو في قدرة المواطن على ان يمارس حقه في التعبير عن رأيه في شؤونه ان كانت خاصة او عامة ومن هذا المنطلق ليس هناك اى اختلاف بين هذه الامارة وبين ما يطرح في الطرح الاسلامى لان الاسلام سن علينا ليس فقط في الشورى ولكن ايضا المعاملة والاخلاق والمبادئ المثلى التى لو اتبعناها لوجدنا انها هى اقدم وسيلة لتحقيق هذا الشرط الذي يفترض ان يكون موجودا في اسلوب الديموقراطيه. ولفت سمو الامير تركي الفيصل النظر الى انه ومن باب اولى نحن كمسلمين وكمجتمعات تتبع الاديان السماوية ان نكون الممارسين الاولين لمثل هذه المبادئ والقيم التى لو تمعنا في تراثنا وتاريخنا وممارساتنا السابقة لوجدنا منها الكثير الذي طبق وربما مبدأ او مبدأين مما يمارس الان في ما يسمى الديمقراطية التى لم ننجح نحن في تطبيقها الى الان بأداة اسلامية. وقال سموه: الموضوع الاخر الذي اعتقد نحن كمسلمين بالذات والذي فشلنا في ان نؤطره ونؤسسه هو موضوع المحاسبة للحاكم ومحاسبة الحاكم للمؤسسات الاخرى التى تقوم في اطار اى دولة كانت سواء كانت مؤسسة القضاء او المؤسسة التشريعية التى يمكن انتخابها او اختيارها وممارسة التشريع او اى من المؤسسات التى هى تقوم على خدمة المجتمع في تكوين سياسى وحكومى متآلف ومتكامل. ومضى سموه قائلا: ان هذه المحاسبة وهذا التوازن اعتقد ليس موجودا في كثير من الانظمة التى تحكم العالم العربي وبالتالى الحاكم مطبق فيما يتخذه من قرارات ونجد ان كثيرا من الحكام حتى في تلك الدول التى لديها مجالس نيابية او مؤسسات قضائية لايزال يتمتع بقدرات تفوق بكثير ربما بما يسمح في حكومات اخرى و تدعى او تقول انها ديمقراطيه. من جانبه توجه رئيس مجلس النواب اللبنانى في مداخلته بالشكر لصاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل امير منطقة عسير ورئيس مؤسسة الفكر العربي والى القيمين على المؤسسة وادارتها والى المسؤولين عن اعداد هذا المؤتمر الذين وضعوا اصابعهم على الجراح العربية من خلال العناوين المطروحة التى تتناول المستقبل والتى تحتاج الى الجرأة والحقيقه. ورأى ان هناك عدة عوامل اساسية أسهمت في صياغة المشهد العربي الراهن ابرزها احداث الحادى عشر من ايلول التى جعلت العالمين العربي والاسلامى متهمين بأنهما حاضنان أو داعمان للارهاب. واوضح ان ما يجرى في الواقع هو صراع بين حضارة التكنو / الكترونيك التى تحاول ان تؤسس لنفسها مشروعا عقائديا ومشروعا سياسيا ومشروعا تنظيميا يخضع للادارة الامريكية وبين الحضارات المبنية على الاديان السماوية لافتا الى انه قد تكون قلة من ابناء تلك الديانات انحرفت تاريخيا او مصلحيا وحولت نفسها الى ادوات لمشروع الحضارة الجديدة التى بدل ان تسعى لتحقيق رفاهية الانسان وتقليص مساحات الفقر وتعمل من اجل السيطرة وعولمة الفقر. ورأى ان التفكك الذي اصاب النظام العربي العام والوهن والضعف الذي تعانى منه مختلف انماط السلطات القطرية العربية جعل منها جميعا هدفا سهلا محتملا لحرب السيطرة على الموارد البشرية والطبيعية للمنطقة تحت جملة مبررات ابرزها ضمان امن اسرائيل وبناء وصنع التسوية بشروط الامن الاسرائيلى واجتثاث الارهاب واسلحة الدمار الشامل ومزاعم عدم الاصلاح تحت مبرر تحسين الفرص الاقتصادية وتوسيع المشاركة السياسية لشعوب الشرق الاوسط. ثم القى الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى مداخلة شدد فيها على اهمية هذا المنبر الحر خصوصا عندما نحاول التعرض الى استشراف المستقبل العربي. وقال كل مجتمع يريد ان يكون له دور وكلما زاد عدد المتعلمين فيه انطلقت الدول العربية واليوم هناك غياب للامل متسائلا هل خسرنا المعركة اما لا معتبرا اننا نقترب من الخسارة اكثر من الربح. وأوضح ان المجتمعات العربية قصرت وهزلت ولم تكن جادة بالابعاد الكافية حتى تأتى بعد ستين عاما وتنافس مجتمعاتنا المجتمعات الاخرى داعيا الى ان يشترك الناس في بناء مجتمعاتهم وان لا يكون ذلك فقط للقلة او للحكومات.