أثارت حفيظتي مخطوطة دعائية تصدرت واجهة إحد المحال التجارية ... تقول: "بضاعتنا ارخص وأحسن" ويبدو أنها تعمدت عن قصد الخروج عن المألوف في أسلوبها الدعائي .. فهي بالفعل ملفتة للنظر .. لكن سرعان ما تكتشف حقيقتها حينما تقوم بزيارة لهذا المحل حيث لا تبدو الأسعار هي الأرخص ولا هي البضاعة الأفضل .. شأنها شأن قوارير العسل المقلدة التي تملأ ارفف البقالات ومحلات الأغذية والتي تحمل عبارة "عسل طبيعي100%" في حين أن سعرها البخس يفنّد مزاعمها .. فكلنا يعرف أن الأرخص دائما هو الأقل جودة والعكس صحيح .. والواضح أن مثل هذه العبارات تحمل موقفا مهينا تجاه المتلقي .. فهي تلجأ للترويج بأسلوب دعائي رخيص لا يراعي مصلحة المستهلك ... والمؤسف أن العبارات التسويقية تمتلك سقفا رفيعا من الحرية دون الأخذ بمبدأ القانون التجاري في تراكيبها اللغوية أو التعبيرية .. فالقاموس وما يحتويه من مصطلحات تجارية رهن إشارة التاجر .. حتى بتنا غير قادرين على فرز الحقيقة من نقيضها في الكثير من المواقف التسويقية. ولكي يكون منحى العرض أو الطلب مفيدين اقتصاديا للتاجر والمستهلك على حد سواء يجب أن تتوفر بينهما مساحة عالية من الثقة تكون أقرب ما يمكن إلى الحقيقية .. فإذا ما أخذنا على سبيل المثال منحى العرض فإن هناك أكثر من طريقة لربط العلاقة بين سعر السلعة وجودتها .. ولعل مواكبة قيمة السلعة مع ما تتمتع به من قيمة تصنيعية أقرب ما تكون إلى المنطق ويبقى الاختيار متاحا بوضوح الشمس أمام المستهلك. ولا يخفى أن الجهات المعنية غالبا ما تلجأ إلى التدخل في نظام الأسعار للحد من الآثار السلبية التي يمكن أن تنجم عن ترك آلية العرض والطلب تعمل بحرية مطلقة .. ولاسيما فيما يتعلق بأسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الخبز والأرز والسكر والحليب والزيوت النباتية وغيرها .. وهي في تدخلها هذا تهدف إلى حماية المستهلك من الآثار السلبية الناجمة عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية.. لكن يبقى المجال مفتوحا على مصراعيه أمام تجار الملابس والسلع الكمالية حيث تجدهم يسعّرون كيفما يشاءون دون أن تكون هناك آلية راشدة تربط بين سعر القطعة الحقيقي وخامتها التصنيعية. ولعلنا ندرك أنه كلما كانت السلعة ضرورية كلما كان الطلب عليها أقل مرونة فالتغيير في أسعار السلع الضرورية ك (الأرز والدقيق والسكر لن يؤدي إلى تغيير كبير في استهلاكها لأن الكمية المستهلكة من تلك السلع محدودة باحتياجات المستهلك .. ولن يقبل على الشراء منها بكثرة لمجرد انخفاض أسعارها .. هذا بعكس السلع الكمالية التي يؤدي التغيير في أسعارها إلى تغيرات كبيرة في الكمية المشتراة منها .. لأن انخفاض أسعارها يؤدي إلى زيادة معدل القبول عليها .. مما يفتح المجال أمام تجار السلع الكمالية من الترويج عن سلعهم بمختلف الطرق والأساليب التي يرونها مناسبة في تسويق بضائعهم .. والتي تفتقر غالبا لعنصر الصراحة. من جهته قال السيد سعد بن خالد آل حميد: ان السوق هي المكان الذي يتعامل فيه البائع والمشتري .. وهي تمثل تداولا مشروعا يجري التعامل في إطاره بسلع مختلفة مشيرا إلى أن التاجر يهمه في المقام الأول تصريف بضاعته بأية طريقة كانت .. ولاشك أن سبل الدعاية والإعلان هي الطريق الأقرب إلى تحقيق هذا المطلب التجاري المحض .. لكن لا يعني ذلك أننا نستغل المساحة المتاحة من الحرية التي منحت لنا في أساليب الدعاية والإعلان في استغلال المستهلك وإيهامه بالعبارات الخالية من المصداقية وإن بدا المستهلك في معظم الأحايين جاهلا للكثير من الأمور التسويقية. وأضاف: أنه يجب على التاجر تحمل المسئولية تجاه المستهلك وحمايته من مخاطر السلع المقلدة حيث يلاحظ في ألآونة الأخيرة انتشار السلع المقلدة في الكثير من المحلات التجارية .. والتي يبدو الكثير منها من السلع الحتمية كقطع الغيار وبعض الأجهزة الكهربائية وغيرها... فهذه السلع غالبا ما تكون سببا رئيسيا في الكثير من الحوادث كالحريق أو حوادث المرور أو غيرها من الحوادث العرضية الأخرى .. وذلك بسبب رخص خامتها التصنيعية أو لوجود عيب في صناعتها .. كما يجب عليه أيضا أن يعي حتمية صدق تعامله مع مجتمعه .. وان لا يكون معبرا لما رخص من السلع المقلدة والتي أحيانا ما يكون ضررها أكبر من نفعها. وأشار : إلى أن السوق المحلية لا تخلو تماما من التجار المعتدلين .. لكن وجود بعض المتملقين من الوكلاء والتجار الذين يهرولون خلف مصالحهم على حساب المستهلك ساهم في إدخال الكثير من البضائع المقلدة التي تبدو نسخة مطابقة للقطعة الأصلية في المظهر ومخالفة لها في المضمون ..والتي ساهمت في تشويه صورة السوق المحلية .. حتى بتنا نسيء الظن في كل سلعة تبدو أمامنا .. فضلا عن العبارات الملحقة بالقطعة أو المحل والتي تتشدق بالأفضلية والأصالة دائما.