ارتفاع أسعار الأغنام ومسؤولية التجارة    أمانة جدة تهيئ الواجهات البحرية استعدادا للإجازة    بلينكن يشدد على أهمية وجود خطة لما بعد الحرب في غزة    غموض سياسي في فرنسا بعد حل الجمعية الوطنية    غزة.. أكثر الأيام دموية    مانشيني: الصدارة تهمنا.. وكأس الخليج هدفنا    وزارة الداخلية تشارك في المعرض المصاحب لأعمال ملتقى إعلام الحج    طقس غائم جزئياً على مكة وصحواً على المدينة وجدة    «إثراء» يفتح باب التسجيل في مبادرة «الشرقية تبدع»    أول مولود في موسم الحج نيجيري    جاهزية أسواق النفع ومسالخ جدة لموسم الحج وعيد الأضحى    القيادة تهنئ رئيس البرتغال بذكرى اليوم الوطني    ارتفاع نسب التوطين بوظائف الأنشطة السياحية بالعاصمة المقدسة 40 %    عرض عسكري يعزز أمن الحج    «الكشافة».. عقود في خدمة ضيوف الرحمن    الماجستير لفاطمة الغامدي    أمير الرياض يوجه باستمرار العمل في إمارة المنطقة خلال إجازة ‫عيد الأضحى‬    نائب أمير حائل يشهد الحفل الختامي لمسارات    أمير الرياض يستقبل سفير النرويج وأمين عام «موهبة»    المملكة تؤكد دعمها لقطاع الإبليات    خادم الحرمين يأمر باستضافة 1000 حاج من ذوي الشهداء والمصابين من أهالي غزة    نائب أمير الشرقية يطلع على أنشطة «تعاونية الثروة الحيوانية»    مركز الأمير سلطان للقلب بالقصيم يحقق شهادة الاعتماد من "سباهي"    وزير الخارجية يناقش آخر تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية مع نظيره الروسي    النزوح الداخلي في السودان يتجاوز 10 ملايين    رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني: مشاوراتنا في السعودية ستثمر قريباً    أوكرانيا تستخدم قواعد ناتو لطائراتها وروسيا تسميها أهدافا مشروعة    رحيمي حلم النصر لتعويض ماني    القادسية يُعلن تعاقده مع حارس فولفسبورج    القبض على مخالفين لنظام الحدود لتهريبهما 24 كيلوغرامًا من الحشيش في نجران    اختفاء طائرة نائب الرئيس المالاوي و9 مسؤولين    كاسترو يحسم موقف لابورت    أمير الباحة يكرّم عدداً من القيادات الأمنية نظير إسهاماتهم وجهودهم المميزة    الأمن العام: جاهزون لردع من يمس أمن الحج    السفارة بمصر للمواطنين: سجلوا بياناتكم لاستخراج إقامة    المنتخب السعودي يحصد 5 جوائز بأولمبياد الفيزياء    "هيئة النقل" لحملات الحج: بطاقة السائق ضرورية    جامعة نورة تدفع بخريجات الدفعة الأولى للغة الصينية    500 من ذوي الشهداء والمصابين يتأهبون للحج    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 11853 نقطة    «الموارد البشرية»: بدء تطبيق قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس اعتباراً من 15 يونيو    وصول 1075 من ضيوف خادم الحرمين من 75 دولة    عبدالعزيز عبدالعال ل«عكاظ»: أنا مع رئيس الأهلي القادم    شرائح «إنترنت واتصال» مجانية لضيوف خادم الحرمين    المجلس الصحي يشدد على مبادرة «الملف الموحد»    أمير القصيم يشيد بجهود "طعامي"    أفراح آل الحسيني والشريف    الحج عبادة وسلوك أخلاقي وحضاري    تدشين خدمة الربوت الذكي بجوار المسجد النبوي.. مشاهد إيمانية تسبق مغادرة الحجيج المدينة المنورة    إعادة تدوير الفشل    خلود السقوفي تدشن كتابها "بائعة الأحلام "    10 مشاريع لتطوير البنية التحتية.. جاهزية منظومة البيئة والمياه لموسم الحج    استشاري:المصابون بحساسية الأنف مطالبون باستخدام الكمامة    الدكتورة عظمى ضمن أفضل 10 قيادات صحية    انطلاق معسكر أخضر ناشئي الطائرة .. استعداداً للعربية والآسيوية    الشاعر محمد أبو الوفا ومحمد عبده والأضحية..!    محافظ القريات يرأس المجلس المحلي للمحافظة    تغييرات الحياة تتطلب قوانين جديدة !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لن نسمح للإرهابيين بالمساس بالوطن ولا وجود لفكر ضال يتمسح بالدين
خادم الحرمين الشريفين يفتتح أعمال مجلس الشورى
نشر في اليوم يوم 18 - 05 - 2003

رعى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله أمس حفل افتتاح أعمال السنة الثالثة من أعمال مجلس الشورى في دورته الثالثة بمقر المجلس بالرياض. وحضر الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان ابن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام. وبدأ الحفل بآي من الذكر الحكيم. وقد وجه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه في افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الثالثة لمجلس الشورى الكلمة السامية الموسعة التالية:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أيها الاخوة الأعزاء أعضاء مجلس الشورى الموقر
باسم الله افتتح هذه الدورة من أعمال مجلس الشورى، متوجها إلى المولى جلت قدرته بالحمد والشكر على نعمه التي لا نحصيها، ومستمدا منه سبحانه العون والتوفيق.
نرفض الإرهاب
ان شعبنا السعودي النبيل من منطلق إيمانه بثوابته الإسلامية وقيمه العربية يرفض الإرهاب بكافة صوره وأشكاله، ولن يسمح لفئة من الإرهابيين المنحرفين أن يمسوا الوطن وسلامة أبنائه والمقيمين فيه ولن يسمح ان شاء الله بوجود فكر ضال يشجع الإرهاب ويغذيه، حتى عندما يحاول هذا الفكر الضال التظاهر بالتدين، والدين الحنيف من الإرهاب وفكر الإرهاب براء، وأن هذه الأمة قد توحدت على ضرورة القضاء على كل مظاهر آفة الإرهاب، وهي قادرة بحول الله وقدرته وتعاون مواطنيها على تحقيق ذلك.
الإصلاح ضالتنا
وإذا كنا أيها الاخوة نرفض التدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة كانت وتحت أي ذريعة، نحن حريصون كل الحرص على أن تظل كل شؤوننا الداخلية عرضة للمراجعة الذاتية، التي لا تستهدف سوى الإصلاح، والإصلاح ضالة المؤمن لا ينبغي أن يثنيه عنه ما يردده المتصيدون في الماء العكر من أن محاولات الإصلاح هي استجابة لضغوط خارجية، والحقيقة التي تعرفونها ويعرفها الشعب السعودي كله هي أن مسيرة الإصلاح لم تنقطع وسوف تستمر بإذن الله.
وقد لمستم أيها الاخوة، ولمس الشعب السعودي، ما تم على صعيد الإصلاح في ميادين حياتنا السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية، وسوف أكتفي بأن استعرض معكم موجزا لما تم الوصول إليه، تاركا التفاصيل التي لا يتسع لها المقام.
لقد كنتم أيها الاخوة أعضاء المجلس شركاء حقيقيين للحكومة في مجال التطوير السياسي والإداري.
إعادة الهيكلة الحكومية
وأود أن أشير هنا إلى أن عددا من المبادرات المتعلقة بإعادة الهيكلة الحكومية ولدت في مجلسكم، ثم نوقشت ودرست باستفاضة، وجاء التشكيل الوزاري الجديد مجسدا بعض هذه المبادرات، ولازال البعض الآخر في طور الدراسة. ولا يفوتني أن أنوه بأهمية الأنظمة المتعلقة بالتقاضي والإجراءات الجنائية، وهي أنظمة درسها مجلسكم الموقر بعمق وصدرت بحمد الله وتوفيقه مستهدفة تسهيل إجراءات التقاضي وإيصال العدالة إلى المواطنين، وحمايتهم من تجاوزات السلطة العامة.
حقوق الإنسان
وفي السياق نفسه صدرت الموافقة بقيام جمعية أهلية، تعنى بحقوق الإنسان، هذه الحقوق التي كان الإسلام أول من نادى بها، وسيتبعها بحول الله إنشاء مؤسسة حكومية تعنى بالحقوق نفسها، حتى تتضافر جهود الدولة والمواطنين لحماية الكرامة، التي أرادها الخالق عز وجل للبشر أجمعين، والعزة التي أرادها جل شأنه لعباده المؤمنين.
الإصلاحات متواصلة
وأحب أن أؤكد لكم أننا سنستمر في طريق الإصلاح السياسي والإداري، وسنعمل على مراجعة الأنظمة والتعليمات وأحكام الرقابة على أداء الأجهزة الحكومية، وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية، وفتح آفاق أوسع لعمل المرأة في إطار تعاليم الشريعة الغراء، وغني عن الذكر أن مجلسكم الموقر سوف يقوم بدوره الكامل في تحقيق الإصلاحات المنشودة.
الإصلاح الاقتصادي
وفي المجال الاقتصادي قامت الدولة بمبادرات عديدة، تستهدف تحرير الاقتصاد من العوائق الروتينية، وتشجيع المستثمرين من الداخل والخارج، وتخصيص المرافق الاقتصادية وتمليكها للمواطنين، والعناية بقطاع السياحة، ومراجعة الأنظمة الضريبية، ولا أدل على اهتمام الحكومة بالاقتصاد من إنشاء المجلس الاقتصادي الأعلى وإنشاء وزارة للاقتصاد والتخطيط. ان الإصلاح الاقتصادي عملية مستمرة طيلة الوقت، وهي عملية بالغة الأهمية، يتوقف على نجاحها نجاح التنمية الاقتصادية، وتحسن أوضاع المواطن المعيشية.
مشكلتان رئيسيتان
ولا يفوتني والحديث عن الإصلاح الاقتصادي أن أركز على مشكلتين رئيسيتين، هما البطالة والفقر، وأنتم أيها الاخوة الأعزاء تعرفون تمام المعرفة جهود الدولة لتوطين العمالة ونشر السعودة، كما تعرفون أنه لابد للتغلب على مشكلة البطالة من جهود إضافية، لتوفير المزيد من الفرص التعليمية والتدريبية لأبنائنا ولبناتنا، ومن مراجعة التخصصات الأكاديمية، بحيث تلبي حاجة المجتمع إلى الفنيين والمهنيين.
معالجة الفقر
وفيما يتعلق بمشكلة الفقر، قامت الدولة بمبادرة رائدة سلطت الأضواء على المشكلة، وهناك الآن دراسات عميقة لظاهرة الفقر، يقوم بها نخبة من الخبراء السعوديين، نأمل أن تصل إلى توصيات فعالة، يلمس المواطنون بإذن الله آثارها الإيجابية في كل مكان.
جو الوئام الاجتماعي
الا أن مسيرة الإصلاح لا يمكن أن تثمر إلا في جو من الوئام الاجتماعي، القائم على الوحدة الوطنية، وهنا لابد من التنبيه إلى أن الوحدة الوطنية تتعارض مع الطروحات المتطرفة، وتتطلب أجواء صافية من الحوار الأخوي الهادئ، وإذا كان تبنى الخطاب الوسطي المعتدل مسئولية في عنق كل مواطن فهي مسئولية تقع في الأساس على عاتق علمائنا الأفاضل، الذين نعول بعد الله عليهم في نشر التسامح، الذي تمتاز به شريعتنا السمحة وفي إنقاذ شبابنا من شر الأفكار المدمرة التي تبث الغلو والكراهية، ولا تنتج سوى الخراب والدمار.
الإصلاح الحقيقي
أيها الاخوة الأعزاء لقد علمتنا التجارب في شرق الأرض وغربها، أن الإصلاح الحقيقي هو الإصلاح النابع من عقيدة الأمة وتراثها، الإصلاح الذي تقبل عليه الأمة طائعة لا مسوقة، الإصلاح الذي يتم بتدرج وسلاسة، متجنبا السرعة المهلكة والبطء القاتل، وسوف يكون هذا المنهج الإصلاحي بإذن الله منهجا نمضي فيه بثقة وإيمان، مرددين قوله عز وجل (ان أريد الا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله).
لم يعد هناك وقت
ولئلا يجهل أحد جدية الدولة في المضي في الإصلاح على النهج التطويري الذي ارتضيناه، وبالمصداقية التي تقوم على الفعل لا القول، فإنني أقول لكل مواطن ومواطنة: ان لكل منا دورا، وعلى كل منا مسؤولية، لم يعد هناك وقت للتواكل، ولوم الآخرين، والتشكيك في صدق ونزاهة من يريد الإصلاح. وأقول لكل مسؤول في الحكومة: إن المسئولية شرف، وتقضي بواجبات، ولا تمنح حقوقا. وأقول لكل رجل أعمال: ان الوطن ليس رأس مال وربح فقط، وإنما استثمار في أمنه وأمانه. وأقول لكل مواطنة أختا كانت أم أما أم ابنة أم زوجة: ان هذا الوطن للجميع، وان المواطنة الصالحة شريكة في صنع المستقبل، كما هو المواطن الصالح، وأقول للمسئولين عن التعليم بجميع مراحله: إنهم هم الحاضنون لأجيال المستقبل، وأن المناهج الهادفة الخيرة هي التي تغرس الأفكار والقناعات في الأذهان الغضة والنفوس البريئة، لما فيه خير الأمة وصلاحها، كما وأن الخلل في التعليم لا سمح الله سبب رئيسي لأي انحراف فكري، أو أخلاقي، أو عجز عن العمل، والمشاركة. وأقول للإعلاميين والمثقفين: ان الإعلام ليس ترويجا، وان الثقافة ليست وجاهة، وان الوحدة الوطنية، والحضور على المستوى العالمي مرهون بإعلام مسئول وحركة ثقافية مبادرة ومتنوعة. وأقول لكل المواطنين. ان من أوجب الواجبات مواجهة ضيق الأفق والإقليمية والفرقة الاجتماعية، وهي من الأمور التي يتطلبها ديننا، قبل أن تتطلبها وحدتنا الوطنية. وأقول لكم أعضاء مجلس الشورى، ومثلكم أعضاء مجالس المناطق والمحافظات، إنكم مطالبون بتحسين أدواتكم وأخذ مسئولياتكم في السياق، الذي يجب أن تؤخذ فيه سياق المشاركة، ومراقبة أداء الأجهزة الإدارية. وأقول للجميع: انه لم يعد بيننا مكان لمستفيد من موقع أو مستغل لنفوذ.
أحداث العراق
أيها الاخوة لا شك أنكم تألمتم كما تألمنا للأحداث الدامية التي شهدها العراق الشقيق، هذه الأحداث التي لم ندخر وسعا للحيلولة دون وقوعها، ولن ندخر وسعا الآن لمعالجة آثارها وتداعياتها.. آملين أن يخرج العراق من محنته، ويعود وطنا عربيا مستقلا مزدهرا، يعيش بسلام مع جيرانه، ويتمتع أبناؤه فيه بالسلام والرفاه. ولا يفوتني في هذا الصدد أن أسجل للشعب السعودي الكريم وقفته الأصيلة المسئولة، فقد تابع التطورات، بوعي وحكمة، وكان حريصا على وحدة هذا الوطن الغالي، بعيدا عن أسباب الفرقة ودواعيها، وهو يقف الآن في صف أشقائه العراقيين، مادا يد العون والدعم، مستعدا لتحمل نصيبه الكامل من الجهد والتضحية، لإعادة إعمار العراق.
القضية المحورية العربية
أيها الاخوة الأعزاء ان التزام المملكة بالقضية المحورية العربية، وهي القضية الفلسطينية، تحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، لا يزال يشكل قاعدة أساسية للسياسة الخارجية للمملكة. وفي هذا الإطار فقد دعمت المملكة كافة المبادرات الرامية إلى إحياء عملية السلام، بما في ذلك (خارطة الطريق)، ونجحت مع شقيقاتها الدول العربية، في أن تكون المبادرة العربية، التي تم اعتمادها في قمة بيروت العربية مرجعية لخارطة الطريق، والتي نرى ضرورة أن يصدر بشأنها قرار من مجلس الأمن، لكي تكتسب المصداقية اللازمة، على أنه لا بد من التنويه في هذا الصدد إلى ضرورة وقف الاعتداءات المستمرة، التي تقوم بها إسرائيل، والممارسات العدوانية التي ترتكبها في الأراضي العربية المحتلة، وحماية الفلسطينيين من هذه الاعتداءات، ليتمكنوا من القيام بالمسئوليات الملقاة على عاتقهم، وأما إذا استمرت إسرائيل في عدوانها، وفي فرض الحصار الاقتصادي على الفلسطينيين، وعدم إعلانها موافقتها على خارطة الطريق، فمن الواجب على المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، بذل كل ما يمكن، لثني إسرائيل عن تماديها في اتخاذ هذه المواقف المتصلبة.
عالم على مفترق طرق
أيها الاخوة الأعزاء اننا نواجه عالما يقف على مفترق طرق، حيث انقلبت مفاهيم، وقامت مفاهيم، وسقطت تحالفات، ونشأت تحالفات، وتراجعت مبادئ النظام الدولي، وحلت صيغ جديدة، لم تظهر تداعياتها حتى الآن، كما أن ثورة المعلومات قد أثرت على كل مرتكزات العالم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ودول العالم جميعها شمالها وجنوبها تتعامل مع كل هذه التغيرات، تحاول فهمها وربطها بواقعها الثقافي والاجتماعي والسياسي، وتسعى لتطويعها لارثها التاريخي، ولمنظومة قيمها، ونحن أيها الاخوة جزء من هذا العالم، لا نستطيع الانفصام عنه، ولا يمكن لنا أن نسكن والعالم يتغير، وليس لنا أن نرضى بمقاعد المتفرجين، والكل يتسابق في تشكيل قسمات العالم الجديد، خاصة وأن هذا البلد يقع في قلب الأمة الإسلامية، وهو مهد العروبة فعلينا جميعا أن نكون أهلا لهذا التحدي، ولا يمكن أن نكون كذلك إلا إذا حافظنا على عقيدتنا السمحة، وضمنا وحدتنا الوطنية، ووحدنا رسالتنا في الداخل والخارج، وتعاضدنا في حمل المسئوليات وأداء الواجبات. يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل (يا أيها الذين أمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة وأعلموا أن الله شديد العقاب واذكروا إذ انتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون) صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة رئيس المجلس
وألقى معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور صالح عبدالله بن حميد الكلمة التالية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد خادم الحرمين الشريفين أصحاب السمو الملكي الأمراء أصحاب المعالي والسعادة أيها الحفل الكريم يشعر مجلس الشورى بالاعتزاز، وهو يعبر في هذه الأيام ثمانين عاما، منذ أن غرس المؤسس الراحل رحمه الله بذرته الأولى سنة 1343ه، عندما أصدر أمره بتشكيل مجلس أهلي، أصبح بعد عامين أول مجلس للشورى في هذه البلاد. وفي الوقت ذاته يشعر المجلس بالفخر، وهو يكمل عامه العاشر، منذ أن أعيد تكوينه في عهدكم أعزكم الله. وأجد هاتين المناسبتين فرصة لاستعراض مجمل الإنجازات التي حققها مجلس الشورى الجديد خلال عقده الأول وهى إنجازات ما كانت لتتم لولا فضل الله وتوفيقه لكم رعاكم الله حيث أردتم لهذا المجلس أن يمارس وظائفه وصلاحياته في تنظيم مطور وأسلوب معاصر.
غير أن ما حدث في مدينة الرياض منذ أيام من تفجير لمجمعات سكنية يقطنها جنسيات متعددة سعوديون وغير سعوديين حدث لا يمكن تجاوزه أو إغفاله فهو عمل إجرامي إرهابي آثم أزهق نفوسا معصومة وأتلف أموالا محترمة.
ان المجلس إحساسا منه بمسئوليته واقتناعا منه بأن هذه عمليات إرهابية إجرامية آثمة تستهدف النيل من أمن الوطن وسلامته وتسعى إلى غايات تدميرية لوحدة الأمة ومقدراتها ومكتسباتها.
ان المجلس يقف بصورة حازمة في استنكار هذه الفعلة الشنيعة، ويدين فاعليها فذلك كله إفساد في الأرض وقتل للأنفس التي حرم الله وإتلاف للأموال والممتلكات.
وان المجلس وهو يستنكر ذلك يقف مع الدولة في كل ما تتخذه من خطوات لمتابعة المجرمين ومن أعانهم أو وقف وراءهم وملاحقتهم ومعاقبتهم ويؤيد جهود الدولة كلها لحماية أمن كل من يعيش على أرض الدولة حفظ الله بلادنا من كل مكروه.
خادم الحرمين الشريفين توافر للمجلس نظام مدروس بعناية وأعضاء تم اختيارهم من مختلف الفئات والتخصصات والخبرات إضافة إلى مبنى متكامل التجهيزات، وهي عناصر أساسية في البناء والعمل فظهر المجلس بتوفيق الله على مستوى الثقة به محققا لآمال قيادة الوطن وتطلعات المواطنين.
ان أعضاء المجلس يكونون مجموعة متجانسة اجتمع فيها العقل والتجربة والعلم والخبرات المتراكمة تلتقي تحت قبة هذا المجلس تجمعها غاية واحدة هي خدمة الدين والوطن لا تشتتها منافسات وظيفية ولا تشغلها مصالح شخصية في مناخ من الممارسة الفكرية الموضوعية الهادئة طرحها متزن ونقاشها حي ومعارضتها مؤدبة.
خادم الحرمين الشريفين لقد اتسعت أروقة المجلس لاستيعاب الرأي الآخر وإفساح الصدر لقبول النتيجة التي تراها الأغلبية. ان عضو المجلس ينطلق في نقاشه وطرح آرائه من دينه وأمانته وقدراته واجتهاده وموضوعيته وخبرته. ومن المؤكد أنه يستشعر مسئوليته حين يعطى الرأي المستقل المتجرد والمشورة المخلصة متجردا من أي تبعية إدارية أو انتماء وظيفي أو رقابة سوى مخافة الله وضميره الحي مع استذكار للقسم الذي أداه. لقد واكب المجلس المستجدات وانطلق بفاعلية يمارس واجباته التنظيمية والرقابية ويتفاعل بكفاءة وحركة مع الأحداث ويعمل على تجديد إجراءاته وأدواته وأساليبه وينمى علاقاته مع محيطه.
أيها الحفل الكريم لقد أدرك المجلس أهمية توطيد صلاته البرلمانية مع الهيئات والاتحادات والمجالس النيابية في أنحاء العالم ذلك أن العمل البرلماني يكون إحدى الدعائم الأساسية لرسم السياسات الدولية كما أدرك أن الاتحادات البرلمانية تكتسب أهمية متزايدة وتتدخل بشكل مؤثر في العلاقات الدولية والدبلوماسية ولهذا بادر المجلس بناء على الموافقة السامية الكريمة بالسعي للانضمام لتلك الاتحادات البرلمانية وقد تم بفضل الله قبول طلبه حيث حصل على العضوية الكاملة فيها وكان أبرز ذلك وآخره انضمامه إلى الاتحاد البرلماني الدولي بعد سلسلة من الجهود بذلها فريق من المجلس كون لذلك الغرض.
ويأتي هذا الانضمام ليرسخ تجربة المملكة في مجال الشورى على الصعيد الدولي ويعزز صوتها تجاه قضايا العالم وهو في الوقت نفسه اعتراف دولي وإجماع عالمي على مكانة مجلس الشورى ودوره في المهمتين التنظيمية والرقابية كما يأتي مبرزا نهج المملكة في الشورى التي هي جزء من نظام الحكم في الإسلام الذي تسير عليه الدولة في شئونها كافة ومؤكدا على ثقل دولتنا الدولي في السياسة والاقتصاد.
واننا لمدركون في الوقت ذاته أن هذه الموافقة الدولية على انضمام المجلس دافع آخر للمجلس نحو تطوير آليات عمله وتعزيز صلاحياته بما يتماشى ومتطلبات المرحلة ويتوافق معها وبما يرسخ ثوابتنا وقيمنا الإسلامية.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أنوه بالدعم والمساندة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية اللذين كان لهما الأثر الكبير في تحقيق هذا الهدف فله منا خالص الشكر ووافر التقدير وجميل الثناء.
ومن جانب آخر فقد طور المجلس قنوات اتصاله مع المجتمع وفتح أبوابه لاستقبال المواطنين ورجال الصحافة والإعلام لحضور جلساته ومتابعة مداولاته وهو مع ذلك في سبيل مزيد من الانفتاح المدروس المنظم تحقيقا لرغبة المقام الكريم، لأنه الوسيلة القريبة لتعريف المواطن بأعمال المجلس ولضمان المزيد من تفاعل المجتمع معه.
ولقد سعد المجلس خلال العام المنصرم بحضور عدد من كبار المسؤولين والتحاور معهم وكان من طليعتهم سمو ولي العهد وسمو النائب الثاني حفظهما الله وكانت تلك اللقاءات مثمرة وبناءة ودرجة الشفافية والصراحة فيها عالية.
وهكذا فان المجلس يغتبط وهو يستمد كثيرا من حيويته وفاعليته من دعم سام غير محدود وثقة متجددة وتعاون مع الحكومة وتفهم لمتطلبات المواطن وتطلعاته هدف الجميع خدمة الدين والوطن ومصلحة الأمة جمعاء وتأمين الحياة الكريمة لمن يعيش على هذه البلاد الطيبة.
خادم الحرمين الشريفين ان قيادتكم الكريمة تتفاعل مع كل ما يصدر عن المجلس كما تتفهم رغبتنا في تطويره وتطلعنا لزيادة صلاحياته التنظيمية والرقابية وأنها تترجم الثقة به بخطوات موزونة بل نعلم أن المقام الكريم ومنذ أن صدرت الأنظمة الرئيسية الأربعة مهتم بتحقيق العديد من نواحي التطوير الشاملة والإصلاح الاجتماعي والإداري وإعادة الهيكلة لأجهزة الدولة بأساليب نابعة من بيئتنا ومنسجمة مع قيمنا ومحافظة على عقيدتنا وثوابتنا ويأتي التشكيل الوزاري خطوة في هذا السبيل.
لقد ظلت تطلعات المواطن إحدى مدركات المجلس في عمله تترسمها لجانه وتستشهد بها مداولاته وتسترشد بها قراراته وكان من آخر ما تبناه المجلس من تجديد أحداث لجان متخصصة للبحث العلمي ولشؤون البيئة ولحقوق الإنسان ولشؤون الأسرة.
ان مجلس الشورى أيها الاخوة يثمن حكمة الدولة في التعامل مع الأحداث ببصيرة مستنيرة وتجنيب البلاد مخاطر الفتن والانقسامات كما يتابع بالاهتمام والتقدير الحرص على السير بسفينة البلاد نحو مرافئ الأمان بعيدا عن مزالق التهور والاندفاع في عالم محموم بالصراعات مع استمرار دفع عجلة التنمية والرخاء والخدمات ومعالجة معوقاتها والعمل بإيجابية على وفاء المملكة بالتزاماتها الداخلية والخارجية وهى لا تألو جهدا في دفع الأضرار ورفع الظلم والعدوان والسعي دوما لرأب الصدع وإصلاح ذات البين ونصرة الأشقاء وإغاثة المحتاجين.
كما يعبر المجلس عن بالغ اعتزازه باللحمة الوطنية والشعور الجياش الذي ساد أرجاء بلدنا للحفاظ على وحدته وتلاحمه أمام الأزمات التي مرت بالمنطقة ورفضه للإرجاف والحملات والتسريبات العدائية التي تستهدف لحمته وتمس تماسكه وتتناول منجزاته وما هذا إلا انعكاس للرباط الوثيق بين الشعب وولاة أمره ونتاج أواصر التعاون والجهد المشترك لبناء هذا الوطن وتكريس اندماجه.
لا أريد حفظكم الله أن أفصل في تعداد ما أنجزه المجلس خلال عامه المنصرم مما هو معروف لدى مقامكم الكريم ولدى المواطن العزيز لكنني أوجزه بالقول بأن جهود أعضائه ومنسوبيه كافة قد تضافرت في إنجاز ما أوكل إليه واستثمار الوقت في التفاعل مع هموم الوطن والأمة في هذه الظروف الدقيقة التي نمر بها.
كما لم ينس المجلس كما أسلفت في ذروة ما تمر به المنطقة من أحداث جسام وفى غمرة انشغاله بإنجاز أعماله أن يواكب التطوير النوعي لأدائه لإجراءاته ولإدارة أجهزته ولكفاءة منسوبيه.
أما على الصعيد الكمي فقد نظر المجلس خلال العام الشورى المنقضي في 80 موضوعا رئيسيا عقد من أجلها نحو 85 اجتماعا عاديا أو استثنائيا بواقع اجتماعين في الأسبوع الواحد أما اجتماعات الهيئة العامة للمجلس ولجانه الرئيسية والخاصة فقد بلغت 450 اجتماعا.
وكان من أبرز الموضوعات التي أكمل المجلس دراستها خلال العام الماضي على سبيل المثال التقويم الشامل للتعليم وأنظمة السوق المالية وضريبة الدخل على الشركات والمهن الصحية والرهن التجاري والثروة الحيوانية وحقوق المؤلف والتأمين الصحي والاستثمار التعديني وذلك فضلا عن العديد من القضايا والأنظمة واللوائح والاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
خادم الحرمين الشريفين والمجلس يدخل عامه الثالث في دورته الثالثة أتوجه إلى مقامكم الكريم وإلى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام بوافر الشكر والامتنان على ما يلقاه المجلس من دعم وإسناد.
كما أتقدم بالشكر لأخي معالي النائب الأستاذ بكرى بن صالح شطا وللاخوة الزملاء جميع أعضاء المجلس ولمعالي الأمين العام الأخ الدكتور حمود البدر ولكل منسوبي المجلس خالص التقدير على جهودهم.
وفى الختام اسأل الله العلي القدير أن يحفظ بلادنا العزيزة من كل مكروه وأن يديم عليها نعمة الأمن والرخاء والاستقرار.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ثم صافح خادم الحرمين الشريفين أعضاء المجلس.
كما حضر الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز نائب وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية وصاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني وصاحب السمو الملكي الأمير نواف بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالاله بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن فهد بن عبدالعزيز نائب رئيس الاستخبارات العامة وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشئون الأمنية وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز المستشار في ديوان سمو ولي العهد وصاحب السمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود المستشار في ديوان سمو ولي العهد وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء ورئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء وأصحاب المعالي الوزراء وكبار المسؤولين.
خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد لدى افتتاح أعمال السنة الثالثة لمجلس الشورى
اعضاء المجلس يتشرفون بالسلام على خادم الحرمين الشريفين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.