يقدم فيلم (المجند) كل ما ينبغي ان يقدمه اي فيلم جيد عن الجاسوسية. ففي ثلثيه الاولين يقدم العمليات السرية باسم الوطنية ويبدو مثيرا. ومما يجعل الفيلم يبدو هكذا طافحا بالجاذبية وجود كولين فاريل وبريجيت مونيهاهان فيه، وهما يشبعان ابصار المتفرج خلال تحملهما مشاق التدريب في مخيم (السي، أي أيه). وبصفتهم مجندين في شعبة الاستخبارات يتعلم جيمس ولايلا وفاريل ومونياهان اجتياز امتحان كشف الكذب. وتفجير السيارات وممارسة التربص ضد زملائهم من المجندين وان يظهروا في احسن حالاتهم خلال ذلك ويستمتعون بما يفعلون. ان الجاسوس المخضرم الذي اكتشفهم هو الذي يتولى تدريبهم. والتر بورك (آل باتشينو) لديه الكثيرمن التمارين الذهنية التي يمارسها عليهم. في احد المطاعم يقول يورك دون مبالاة ظاهرة لجيمس: لا تتطلع نحو البار الآن هناك من يتبعنا (وهل ذلك حقيقي؟ ثم عندما يتعرض جيمس للخطر والتعذيب لا نعرف ما اذا كان ذلك حقيقيا) أم انه مجرد تشبيه متقن. كما يدرب يورك مجنديه على الشعور بالواجب، قائلا: قضيتنا عادلة واعداؤنا موجودون في كل مكان الا ان مبادئه الحقيقية هي لا تثق باحد، ولا شيء هو مثلما يدل ظاهرة. وهكذا لا احد يندهش لاكتشافه من خلال سلسلة من الخدع التي يصعب تصديقها ان اشخاصا يبدون صالحين ظاهريا هم في الواقع اشرار، والعكس بالعكس. وقد تطلب وجود ثلاثة من كتاب النصوص السينمائية وهم روجر تاون وكورت ويمر وميتش غليزر لابتكار المفاجأة التي تشكل ذروة الحبكة السينمائية، ولكن كان بوسعك ان تتوقع ذلك عندما عثر يورك على جيمس الذي كان شخصا مشهورا في معهد مساتشوستس للتكنولوجيا. يورك يقول لجيمس انه يشتبه بان لايلا هي رجل ويرسله ليعرف مع من يعمل وماذا يعمل. وينجذب جيمس ولايلا الى بعضهما البعض بصورة فورية تقريبا. ولذلك يعتقد بورك انه لن يكون صعبا على جيمس ان يغويها من اجل انجاز مهمته. كما انه يقدم نتفا مهمة من المعلومات عن والد جيمس الذي لقي مصرعه في حادث تحطم طائرة في البيرو في العام 1990 ولعله كان جاسوسا ايضا. ويقع جيمس في الحيرة لايلا ترغب فيه وهو معجب بها ولكنه يعتبر ان واجبه تجاه وطنه اكثر اهمية من رغباته الشخصية. ويبدو المخرج روجر دونالدسون متمكنا ومرتاحا في مجال المغامرات والسياسة هذا، خاصة انه سبق ان سار في اروقة واشنطن والبنتاغون (بفيلم No way out في العام 1987) وفي البيت الابيض بفيلم (Thirteen Days) سنة 2000. ويبقى دونالدسون لعبة القط والفأر متقدة قابلة للتكهن حتى النهاية، عندما يباشر ال باتشينو هجوما كلاميا انتقاديا طويلا يبدو وكأنه لن ينتهي على غرار ما اشتهر به في الكثير من افلامه واصبح جزءا اساسيا من ادائه على الشاشة الى حد انه اصبح نموذجا كاريكاتوريا عن ذاته. الا ان فاريل يثبت انه يستطيع ان يبرز من خلال ادائه قبالة اي من النجوم الذين عمل معهم كما ان هناك انجذابا كيميائيا عظيما بينه وبين مويناهان. (المجند) من توزيع تاتشستون ومصنف 13 PG كمشاهد العنف والاثارة واللغة. ويستغرق عرضه 115 دقيقة.