أمين جازان يتفقد مشاريع التدخل الحضري ويشدّد على تسريع الإنجاز    جامعة جازان تعلن نتائج القبول في برامج الدراسات العليا للفترة الثانية    على بوتين أن يأخذ محادثاته مع ترامب على محمل الجد    كيم جونج أون يشيد بتحالف كوريا الشمالية مع روسيا    امطار على الجنوب و حرارة على مناطق المدينة والشرقية    استقرار قيمة الدولار    مقصورة السويلم تستضيف المهتم بعلوم النباتات عبدالله البراك"    انطلاق الأسبوع السادس من كأس العالم للرياضات الإلكترونية    الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    الأسهم الأوروبية تسجل أعلى مستوى    تركيا تندد بخطة الاستيطان الإسرائيلية    بيع 3 صقور ب 214 ألف ريال    إيتاوما ووايت يتواجهان في المؤتمر الصحفي قبل نزال قمة الوزن الثقيل    رسمياً .. العبسي اتحادياً حتى 2029    المملكة توزّع (600) سلة غذائية في البقاع بلبنان    الهلال يختتم المرحلة الأولى من برنامجه الإعدادي في ألمانيا    نحو جودة التعليم المحوكم    الاستثمار الأهم    النوم عند المراهقين    السعال الديكي يجتاح اليابان وأوروبا    نادي الحائط يتعاقد مع المدرب الوطني الخبير أحمد الدوسري لقيادة الفريق لأول    الهلال يكسب ودية" فالدهوف مانهايم"الألماني بثلاثية    المملكة تتوّج بالذهب في الأولمبياد الدولي للمواصفات 2025 بكوريا    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظم حلقة نقاش بعنوان: (تمكين الابتكار الرقمي في العمل التوعوي للرئاسة العامة)    أمير منطقة الباحة يستقبل الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية    محمد بن عبدالرحمن يعزي في وفاة الفريق سلطان المطيري    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    اليوم الدولي للشباب تحت شعار"شبابُنا أملٌ واعد" بمسرح مركز التنمية الاجتماعية بجازان    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة أبوعريش    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    بلدية صبيا تكثف استعداداتها لموسم الأمطار وتحدد أولويات المعالجة    زراعة أول نظام ذكي عالمي للقوقعة الصناعية بمدينة الملك سعود الطبية    استقرار معدل التضخم في السعودية عند 2.1% خلال شهر يوليو 2025    في إنجاز علمي بحثي.. خرائط جينية جديدة تُعزز دقة التشخيص والعلاج للأمراض الوراثية    حظر لعبة «روبلوكس» في قطر    الصين تطلق إلى الفضاء مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية للإنترنت    بحضور الأمير سعود بن مشعل .. العتيبي يحتفل بزواج إبنيه فايز وفواز    الشيباني: نواجه تدخلات خارجية هدفها الفتنة.. أنقرة تتهم تل أبيل بإشعال الفوضى في سوريا    ولي العهد ورئيس كوريا يبحثان فرص التعاون    للمرة الثانية على التوالي.. خالد الغامدي رئيساً لمجلس إدارة الأهلي بالتزكية    موجز    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    انطلاق ملتقى النقد السينمائي في 21 أغسطس    «البصرية» تطلق «جسور الفن» في 4 دول    19 % نمواً.. وإنجازات متعاظمة للاستدامة.. 3424 مليار ريال أصول تحت إدارة صندوق الاستثمارات    رئيس الوزراء النيوزيلندي: نتنياهو فقد صوابه وضم غزة أمر مروع.. «الاحتلال» يصادق على الهجوم .. وتحرك دبلوماسي للتهدئة    موسكو تقلل من أهمية التحركات الأوروبية.. زيلينسكي في برلين لبحث القمة الأمريكية – الروسية    الإطاحة ب 13 مخالفاً وإحباط تهريب 293 كجم من القات    الأسمري يزف تركي لعش الزوجية    متحدثون.. لا يتحدثون    الأمن يحث زوار المسجد الحرام على عدم الجلوس في الممرات    (ولا تتبدلوا الخبيثَ بالطَّيب)    ناصر بن محمد: شباب الوطن المستقبل الواعد والحاضر المجيد    فهد بن سلطان يكرم الفائزين بمسابقة إمارة تبوك للابتكار 2025    نجاح عملية دقيقة لأول مرة بجازان    استخراج هاتف من معدة مريض    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    مباهاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إكرام الموتى
نشر في اليوم يوم 23 - 11 - 2013

الكلام عن الموت وعن عالم القبور هو كلام غير محبب للنفس، فالموت بحد ذاته مخيف، فمن منا لا يخاف الموت، فحتى الأخيار من الناس ونحسبهم - والله حسيبهم – انهم من هذه الدنيا الفانية، الى منزل من منازل الجنة، اقول حتى هؤلاء الاخيار يخافون من الموت، فكيف بالناس الآخرين الذين يعرفون انهم مقصرون، ويعرفون ان سيئاتهم قد ملأت صحائفهم، لكنهم يخافون ربهم، ويرجون رحمته، ويدعون أن يرزقهم ربهم شفاعة رسولهم وحبيبهم محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. بالرغم من زيارتي لمقبرة الدمام اسبوعيا، الا انني ما زلت اشعر بشيء من الخوف والرهبة، وهو شعور صاحبني منذ صغري، ولا اعلم ان كان هذا طبيعيا ام لا؟ ولم اعره أي اهتمام، لأنه يتلاشى بعد خروجي من المقبرة. قد يكون هذا الخوف شيئا عاديا، وقد يكون سببه هو التجربة الاولى لي في المقابر. فما زلت اذكر انني في مقتبل عمري، واثناء دراستي الثانوية كنت في زيارة لمدينة لندن، وكنت اذهب الى منزل احد الاصدقاء يومياً قبل الغروب، وكان هناك طريق مختصر جداً، يمر من خلال مقبرة قديمة، الا انني كنت اتحاشى الدخول الى المقبرة، وأسلك الطريق الطويل وادور دورة كاملة حول المقبرة، وفي يوم من الايام قررت ان اسلك الطريق
بالرغم من زيارتي لمقبرة الدمام اسبوعيا، الا انني ما زلت اشعر بشيء من الخوف والرهبة، وهو شعور صاحبني منذ صغري، ولا اعلم ان كان هذا طبيعيا ام لا؟ ولم اعره أي اهتمام، لأنه يتلاشى بعد خروجي من المقبرة. قد يكون هذا الخوف شيئا عاديا، وقد يكون سببه هو التجربة الاولى لي في المقابر
المختصر، وان ادخل المقبرة، وما ان وطئت رجلي المقبرة الا شعرت بخوف ورهبة شديدة، بالرغم من جمال المقبرة وحسن الاعتناء بأشجارها وتنسيق زهورها، فهي كبستان جميل ولوحة فنية مرسومة بالطبيعة الغناء، اقول: وبالرغم من الخوف، إلا انني كنت اقف عند كل قبر من القبور، واحاول ان اقرأ ما كتب على القبر، فلغتي الانجليزية كانت ضعيفة جداً في ذلك الوقت، ومكثت في المقبرة ما يزيد عن الساعة أنتقل من قبر الى آخر، فهذا مات مسموماً، وهذا مات في غارة اثناء الحرب العالمية الثانية، الى ان وصلت الى المخرج في الجهة الاخرى من المقبرة، وكان المخرج عبارة عن فتحة صغيرة في الجدار، لا تتسع إلا لشخص واحد. وما ان هممت بالخروج، وانا اشعر برهبة مما قرأت، وانا في وسط فتحة الجدار للخروج الا بكلب ضخم جدا، يهجم علي وهو يريد الدخول للمقبرة، وفوجىء بخروجي فدفعني الى داخل المقبرة، وسقطت على ظهري من قوة الهجمة، والكلب الضخم جاثم فوق صدري. ولقد استسلمت له استسلاماً كاملاً؛ ليفعل بي ما يريد لأنني في الاصل كنت خائفاً مما رأيت. وقرأت، وجاء صاحبنا الكلب وأجهز على البقية الباقية من تماسكي، وما هي الا لحظات، وكأنها ساعات، الا وصاحب الكلب يأتي ويزيحه عن صدري، وهو يبدئ اسفه لما جرى، ويأتي بعض من كان حولي يرفعوني من الارض، ويتمتمون بكلمات لا اذكرها، الا انها تنم عن اسفهم وحنقهم على صاحب الكلب، وانا اقول في نفسي: أي آسف وانا بهذا الحال، وما كان ينقصني الا ذلك الكلب!! وما دام الشيء بالشيء يذكر، فسوف اكمل لكم ما حصل لي في ذلك اليوم، فبعد وصولي الى شقة صاحبي، وامضيت جزءاً من الليل عنده، قررت العودة الى منزلي، وكان الوقت متأخراً، وقررت العودة من طريق آخر، والا اعود ابداً الى طريق المقبرة، فسلكت طريقا يحتم علي المشي على جسر فوق نهر، وما ان وضعت رجلي على الجسر، والا وصوت كلب من خلفي ينبح وبقوة، فأسرعت المشي، وما زال النباح من خلفي يزداد وانا ارتعد من الخوف، وما ان تناصفت فوق الجسر الا والصوت عندي، فالتفت الى الخلف فلا مناص من مواجهة هذا الكلب اللعين، وعلى قول المثل «طقتين في الراس توجع» كلب في النهار وكلب في الليل، لكن لدهشتي الشديدة وجدت ان هذا الكلب الذي يصدر هذا النباح العظيم هو بحجم هرة صغيرة، فالتفت يمنة ويسرة لأرى هل من احد معه، فتلك عادتهم يخرجون كلابهم - اجلكم الله - للمشي، ولما لم اجد احداً معه ركلته برجلي ركلةً قوية، ألقته في النهر انتقاماً من ذلك الكلب الكبير. نعود لموضوعنا وأقول: لماذا مقابرهم كأنها بساتين، ومقابرنا مهملة كأنها مزبلة؟؟ هل هذا هو اكرامنا لموتانا؟؟ وهل يأمرنا ديننا الحنيف بأن نهمل مقابرنا؟ كيف ذلك ورسول الهدى عليه وعلى آله افضل الصلاة والتسليم يأمرنا بزيارة القبور قائلاً «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة». ذهبت قبل ايام الى مقبرة الدمام القديمة التي بالقرب من سوق الحراج، ففيها دفن اخي الكبير محمد الذي توفي اثر حادث مروري مفجع، وهو في ريعان شبابه بعد انهائه دراسة الماجستير في امريكا، ووقفت عند سور المقبرة، فالمقبرة مغلقة لا يمكنك الدخول اليها، ويمكنك الدعاء لأهل القبور من الخارج، لكن أليس للأموات كرامة؟؟ لماذا المقبرة اصبحت مهملة؟ واصبحت مكباً للقمامة وللأوساخ؟ ولماذا تركناها حيشاً ومستنقعات ومرتعا للحيوانات، لا نريدها حدائق غناء لكيلا نتهم بأننا نقلدهم، لكن ايضاً لا نريد ان تكون مقابرنا بهذا الشكل من الاهمال. لا نطالب بالكثير يا امانة مدينة الدمام، فهذا اقل القليل نحو موتانا وموتى المسلمين، فإكرامهم من اكرامنا، فهذه منازلنا ومنازلكم ولو بعد حين.
تويتر @IssamAlkhursany


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.