يبدو من الواضح أن معارضي الرئيس العراقي صدام حسين قد صدموا. فمشاهد التلفزيون عن مدنيين مصابين ومشوهين في مستشفيات مكتظة بالجرحى ليست مصدر فزعهم الوحيد. فالمخططات بالنسبة لبلادهم عندما يتم الاطاحة بالحكومة هي سبب آخر للفزع. ويشعر كثير من المعارضين للحكومة بأن الامريكيين غدروا بهم لانهم أعلنوا أنهم يريدون أداء دور مهيمن في العراق دون أن يكون للامم المتحدة أو لجماعات المعارضة العراقية أي سلطة حقيقية في الفترة الاولية ما بعد الحرب. وبالنسبة لكثير من العراقيين تعتبر إدارة عسكرية بقيادة جنرالات أمريكيين مثار غضب. ويقول أولئك الذين لا يعارضون تماما وجودا أمريكيا أنه يجب أن تكون هناك إدارة عسكرية أمريكية لضمان الامن إلى أن يتسنى للعراقيين أن يؤسسوا بأنفسهم إدارة مدنية جديدة وأن ينتخبوا حكومة. وتفضل أقليات دينية وعرقية كثيرة نظام التمثيل النسبي بينما الشيعة الذين يمثلون أغلبية يفضلون مبدأ التمثيل المطلق لشخص واحد والانتخاب الموحد. ويجهر الزعيم الشيعي العراقي البارز محمد باقر الحكيم الذي يريد العودة إلى وطنه في أسرع وقت ممكن بعد اغتراب دام 23 عاما بمعارضته للمخططات الامريكية ، وحذر بالفعل من المقاومة إذا جاوز الامريكيون الحد الذي تحتمله المعارضة. وقال سنقبل بالحكومة التي يختارها الشعب العراقي. أما إذا كانت حكومة مفروضة علينا سنقاومها بكل الوسائل السياسية المتاحة. وإذا اضطررنا للقتال سنخوض هذه الحرب أيضا. وجاوز أسوأ توقعات المعارضة الانباء الاخيرة عن إدارة عسكرية أمريكية في العراق بعد الحرب لمدة عامين تقريبا، ومنح العراقيين دورا استشاريا فحسب وتقرير استخدام عائدات البترول والاشراف على إبرام عقود لتعويض خسائر الحرب. وذكرت تقارير صحفية أن الحكومة الامريكية وعدت بالفعل اتحاد شركات يبلغ عددها 12 شركة من الولاياتالمتحدة ودول عربية بعقود تساوي خمسين مليون دولار. وفي الوقت نفسه فان الدور المتصور للجنرال الامريكي المتقاعد جاي جارنر كرئيس للادارة العسكرية في المستقبل قوبل بانتقاد عنيف في الدول العربية. وذكرت صحيفة الاخبار المصرية اليومية أمس الاثنين أن جارنر غير مقبول في نظر العرب، وذلك على الاخص بسبب تعاطفه مع ساسة الليكود الاسرائيليين. وأكدت الصحيفة أن اختيار جارنر ليحكم العراق أثار دهشة العديد من الدوائر وقوبل بالرفض.وأضافت أن من الطبيعي تماما أن يسيّر العراقيون شئونهم بأنفسهم تحت إشراف الاممالمتحدة بعد فترة انتقالية. وأكدت أن حقيقة النوايا الامريكية تنكشف. والادارة الامريكية لم تقل كلمة واحدة علنية عن الهيئة القيادية التي انتخبتها عدة جماعات معارضة منذ قرابة ستة أسابيع في الاراضي الكردية شمالي العراق لتولي الفترة الانتقالية بعد الاطاحة بالرئيس صدام حسين. ويعتقد المراقبون العرب أن أحمد جلبي زعيم المؤتمر الوطني العراقي الذي تسانده واشنطن لم يعد محط الانظار لاداء دور قيادي. وترددت أنباء عن أن وزير الخارجية العراقي الاسبق عدنان الباجه جي (80عاما) الذي رشح مؤخرا لتولي رئاسة الدولة العراقية أثار الولاياتالمتحدة ضده بإصراره على قيام الاممالمتحدة بدور كبير.