رجب طيب اردوغان رئيس حزب العدالة والتنمية (آك) الذي فاز في الانتخابات التشريعية التي جرت امس الاحد في تركيا وفقا لما اعلنه التلفزيون مساء امس، يعتبر من التيار الاسلامي المعتدل وقد اودع السجن بتهمة التشكيك في علمانية الدولة التركية التي ما انفك اليوم يؤكد ايمانه بها. وترسم التوقعات برلمانا يشغل حزب آك حوالي 350 من مجموع مقاعده البالغ 550 يليه حزب واحد هو حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديموقراطي). ورغم ان اردوغان (48 سنة) هو الفائز في الانتخابات الا انه لا يستطيع تشكيل الحكومة القادمة بسبب اعلان القضاء عدم اهليته للنيابة في ايلول/ سبتمبر الماضي بسبب ادانة سابقة ب (التحريض على التعصب الديني). وقد سجن اردوغان لمدة اربعة اشهر سنة 1999 لأنه قرأ ابياتا من قصيدة تركية خلال تجمع سياسي تقول كلماتها (المآذن حرابنا والقباب خوذاتنا والمساجد ثكناتنا). ومنذ عودته الى الساحة السياسية سنة 2001 عقب العفو عنه حرص رئيس بلدية اسطنبول السابق على عدم توجيه اي نقد للنظام العلماني او للسلطات العسكرية. الا ان شخصيته القيادية الجذابة وصعود حزبه القوي اثارا قلق المجتمع المدني العلماني وقلق العسكريين الذين يشكون في نزعته الاسلامية التي تحولت مؤخرا الى الاعتدال. وفي مجتمع يعيش ازمة حيث فقد مليون شخص وظائفهم العام الماضي بسبب الازمة الاقتصادية وحيث يبدي العديد من الناخبين ضيقهم من طبقة سياسية اصابها العجز والفساد نجح اردوغان في جذب جمهور واسع. وهو يدافع اليوم عن انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي ويدعو الى حرية تعبير وحرية دينية اوسع بما يتفق مع المعايير الديموقراطية الاوروبية. الا ان رئيس الوزراء المنتهية ولايته بولند اجاويد يرى ان حزب العدالة والتنمية يشكل (تهديدا) لعلمانية الدولة. واردوغان الذي يراه انصاره رجلا سياسيا (نظيفا) يتحدث صراحة عن اصله المتواضع. فقد ولد في احد احياء اسطنبول الفقيرة وكان يبيع في شبابه المياه والحلوى في شوارع هذه المدينة الكبيرة ليستطيع شراء كتبه الدراسية اثناء دراسته في مدرسة فقهية. وعلى الاثر التحق اردوغان بكلية الاقتصاد بجامعة اسطنبول التي انضم بعد تخرجه فيها الى حركة نجم الدين اربكان اول رئيس حكومة اسلامي في تركيا الذي غضب عليه العسكريون وارغموه على الاستقالة سنة 1997. وسرعان ما لحق اردوغان، الذي كسب شعبية واسعة بفضل حملة تنظيف شوارع وتحسين ظروف المرافق الصحية في اسطنبول خلال توليه رئاسة بلديتها، باربكان في سقوطه. لكنه ما لبث ان ابتعد عن هذا الاخير ليشكل العام الماضي حزبه (العدالة والتنمية) او (آك) (ابيض بالتركية) وهو حركة محافظة مكونة من (ديمقراطيين مسلمين) وفقا للمراقبين. لكن هذا الرجل الذي لا يتحدث لغة اجنبية ويعلن صراحة معارضته للخمر ولمنع الحمل والذي تضع زوجته وابنتاه الحجاب، ما زال يثير قلق المجتمع العلماني المتأثر بالغرب. كذلك فان خلافاته ما زالت كبيرة مع القضاء، حيث يكيل اليه الحاقدون تهم الاثراء غير المشروع خلال توليه رئاسة بلدية اسطنبول. وقد جرت مساءلته بشأن مبلغ 170 الف دولار يؤكد اردوغان ان الجزء الاكبر منه اهدي اليه من ستة آلاف مدعو حضروا حفل زواج احدى ابنتيه.