رصد اختلاسات على كهرباء ومياه عدد من المساجد في جدة    "ذكاء اصطناعي" يرفع دقة الفيديو 8 أضعاف    قصة 16 مواجهة جمعت الأهلي والرياض    اتفاق سعودي – قبرصي على الإعفاء المتبادل من التأشيرة    تشافي: مشروع برشلونة وراء قرار بقائي في منصبي وليس المال    "موعدنا الدوحة".. وسم الجماهير لدعم الأخضر أمام أوزبكستان    الذهب ينخفض مع تراجع الطلب واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة    أمير المدينة يستقبل قنصلي قطر والأردن    نائب وزير الموارد البشرية للعمل يلتقي سفير أثيوبيا لدى المملكة    أكثر من 80 مليون ريال جوائز كأس العُلا للهجن    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي مديري عموم فروع الرئاسة في مناطق المملكة    مستشفى ظهران الجنوب يُنفّذ فعالية "التوعية بالقولون العصبي"    الحوثي يقر باستهداف سفن أمريكية وإسرائيلية.. هيئة بريطانية: انفجار قرب سفينة قبالة عدن    «رؤية 2030»: انخفاض بطالة السعوديين إلى 7.7%.. و457 مليار ريال إيرادات حكومية غير نفطية في 2023    بعد مقتل اثنين من موظفيها .. بلجيكا تستدعي السفيرة الإسرائيلية    رئيس مجلس الشورى يرأس وفد المملكة المشارك في المؤتمر السادس للبرلمان العربي    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس مجلس أمناء جمعية قبس للقرآن والسنة    مواقع التواصل تحتفي بمغادرة خادم الحرمين الشريفين المستشفى    الأمير محمد بن ناصر يرعى حفل تخريج الدفعة 19 من طلبة جامعة جازان    كاوست ونيوم تكشفان عن أكبر مشروع لإحياء الشعاب المرجانية في العالم    "الجمعة".. ذروة استخدام الإنترنت بالمملكة    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    هل تشتعل جبهة جنوب لبنان ؟    روسيا: زيارة بلينكن للصين تهدف لتمزيق العلاقات بين موسكو وبكين    الأخضر السعودي 18 عاماً يخسر من مالي    الإبراهيم: تشجيع الابتكار وتطوير رأس المال البشري يسرعان النمو الاقتصادي    فهد بن سلطان يتسلّم شهادة اعتماد تبوك مدينة صحيّة    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    أدوات الفكر في القرآن    الإبراهيم: إستراتيجياتنا تحدث نقلة اقتصادية هيكلية    الملك يغادر المستشفى بعد استكمال فحوصات روتينية    بيع "لوحة الآنسة ليسر" للرسام كليمت بمبلغ 32 مليون يورو    الأوبرا قنطرة إبداع    اللهيبي تُطلق ملتقى «نافس وشركاء النجاح»    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    مين السبب في الحب ؟!    مشاهدات مليارية !    لا تستعجلوا على الأول الابتدائي    سوناك وشولتس يتعهّدان دعم أوكرانيا "طالما استغرق الأمر" (تحديث)    النفع الصوري    حياكة الذهب    حجار التعصب تفرح بسقوط الهلال    إجراء أول عملية استبدال ركبة عبر «اليوم الواحد»    مقصد للرحالة والمؤرخين على مرِّ العصور.. سدوس.. علامة تاريخية في جزيرة العرب    رسالة فنية    تحت رعاية وزير الداخلية.. "أمن المنشآت" تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    «سدايا» تطور مهارات قيادات 8 جهات حكومية    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    قطاع القحمة الصحي يُنظّم فعالية "الأسبوع العالمي للتحصينات"    جامعة جازان تحتفي بتخريج 9,597 خريجاً وخريجة    أمير حائل يرفع الشكر والامتنان للقيادة على منح متضرري «طابة» تعويضات السكن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملك عبد العزيز والقضية الفلسطينية
التاريخ يشهد ويسجل بحروف من نور
نشر في اليوم يوم 23 - 09 - 2002

لم تنعزل المملكة منذ أن تولى جلالة الملك عبد العزيز مقاليد الحكم - وما زالت حتى هذا العهد - عن القضايا العربية .. فهي تشعر بمسئولية الأخ الأكبر المسئول عن جميع أشقائه.. تفعل ذلك من واقع إحساس ملتزم بالواجب الوطني.. وهذا هو قدرها.. أن تكون في الصدارة دائما.. يلجأ إليها الجميع ويرمون على عتبتها حمولهم.. والثقة تملؤهم أنهم أحسنوا اللجوء والاختيار.
والقضية الفلسطينية منذ زمن بعيد وهي شغل المملكة الشاغل ..يحركها في ذلك الأمر شيئان على نفس الدرجة من الأهمية.. الأول أن الأراضي الفلسطينية تحتضن ثالث الحرمين الشريفين (المسجد الأقصى) مسرى الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه إلى السماء وهنا في مكة والمدينة أطهر بقاع الأرض.. الحرم المكي الشريف ومسجد الرسول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فلابد من الحفاظ على المقدسات الثلاثة لهذا الاعتبار الديني العظيم.
والأمر الثاني.. واجب وطني محفز للدفاع عن كل عربي يتعرض لظلم بين أو تتعرض أرضه لاغتصاب أو احتلال ومنذ عام 1948م وفلسطين الحبيبة تعيش تحت وطأة الظلم والاستعباد تعاني الأمرين.. يموت أهلها.. ييتم أولادها.. تترمل نساؤها.. وما زالت صامدة .. صمود الجبال الراسخة.. صمود المؤمن بحقه المضحى من أجله بالغالي والنفيس.
ولو عدنا لسنوات بعيدة لنرصد موقف جلالة الملك عبد العزيز من القضية الفلسطينية لملأنا صفحات وصفحات.. كلها بيضاء ناصعة تعكس فكر رجل مستنير.. ويقظة حاكم متمكنة.. وقلب إنسان يخاف ربه ولا يرضى بظلم يقع على مظلوم.
ضد روزفلت وتشرشل
فقد أولى جلالة الملك عبد العزيز قضية فلسطين جل اهتمامه، وهو الملك العربي المسلم الوحيد الذي حمل وحده دون سائر العرب والمسلمين عبء قضية فلسطين وكان وحده الذي وقف في وجه ورزفلت وتشرشل في أواخر الحرب العالمية الثانية، وواجههما بظلم الحلفاء للعرب عامة، وللفلسطينيين خاصة في الحرب العالمية الأولى، وانتزاعهم منهم حقهم، وإعطائهم إياه لليهود.
ورغم انشغال الملك عبد العزيز في تأسيس دولته الحديثة إلا أنه من منطلق عقيدته الدينية، كان متعاطفا ومنحازا تلقائيا وفطريا لقضايا الأمة الإسلامية وخاصة قضية فلسطين، وهي حقيقة تشهد بها المواقف والوقائع وتسجلها الوثائق الدولية بما لا يترك مجالا للشك.
وكان للملك عبد العزيز مواقفه المبدئية من جميع الأحداث والمؤتمرات والثورات الفلسطينية وكانت إسهاماته في كل مراحل القضية بادية للعيان، وواضحة وضوح الشمس.
... البداية.. وعد مشئوم .. يعرفه صغارنا قبل كبارنا .. بوعد بلفور.. الذي أعطى هذه القطعة الغالية من أرض العرب (فلسطين) لشرذمة من البشر المشتتين في كل واد يهيمون.. لتكون وطنا لهم.. ونجحت بريطانيا آنذاك في إقناع العرب وطمأنتهم بأن هذا الوعد لن يضير بهم لكن الملك عبد العزيز ورغم انشغاله بتأسيس المملكة كان بعيد النظر في جميع الأدوار التي أراد الإنجليز وحلفاؤهم تمثيلها على مسرح السياسة العربية لتحقيق التصريح المشئوم، فلم يكترث بجميع الوعود الغربية، لعلمه الكامل ويقينه الراسخ بأنها وعود خادعة، يهدف الغربيون من ورائها تأمين مصالحهم في نطاق الدولة الصهيونية على أنقاض عرب فلسطين، ورغم جميع المحاولات التي كان يبذلها ممثلو بريطانيا في العراق والكويت لدى الملك عبد العزيز آل سعود، لانتزاع شبه اعتراف باليهود ووطنهم القومي المزعوم في فلسطين ، فإن شيئا من هذا لم يقدم عليه، بل ظل حذرا جدا يدفع كل ما يختص بهذا الموضوع بدراية وحكمة، بينما كان يعمل سرا وجهرا لتثبيت عروبة فلسطين ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
وقد استنكر عبد العزيز وعد بلفور بأبعاده حيث قال: "ليس من العل أن يطرد اليهود من جميع أنحاء العالم، وأن تتحمل فلسطين الضعيفة المغلوبة على أمرها - هذا الشعب برمته".
خطر يهدد الأمة
وقد رفض الملك عبد العزيز رفضا قاطعا كل ادعاءات اليهود وحقهم في فلسطين، فذكر ذلك في كل مراسلاته ولقاءاته مع كبار الساسة الأمريكيين والإنجليز، فقال في ذلك الشيء الكثير الذي دونه في رسائله ومنها على سبيل المثال لا الحصر: فقد جاء في رسالة من الملك عبد العزيز إلى روزفلت في 10 مارس 1945 ((إن مساعدة الصهيونيين في فلسطين لا تعني خطرا يهدد فلسطين وحدها، بل إنه خطر يهدد سائر البلاد العربية))... وأضاف قائلا:......((إن أعمال الصهيونيين في فلسطين وفي خارجها صادرة عن برنامج متفق عليه من الصهيونية)).
وقال أيضا: (إن تكوين دولة يهودية في فلسطين سيكون ضربة قاضية للكيان العربي ومهددا للسلم باستمرار). وقال أيضا: (من أجل الإسلام أحارب بريطانيا نفسها) وأضاف قائلا: (إن مطامع اليهود ليست في فلسطين وحدها فإن ما أعدوه من العدد يدل على أنهم يبيتون العدوان على ما جاورها من البلدان العربية). وقال أيضا: (ليس في جسمي ذرة لا تدعوني لقتال اليهود)، (إني أفضل أن تفنى الأموال والأولاد والذراري ولا يتأسس لليهود ملك في فلسطين).
وحاول الإنجليز الضغط على الملك عبد العزيز للاعتراف بوعد بلفور والانتداب البريطاني في شأن فلسطين، إلا أن هذه المحاولات قد باءت بالفشل.
فقد ضغط عليه الإنجليز عندما جرت مفاوضات بينه وبين البريطانيين بشأن مشروع اتفاقية جدة التي وقع عليها في 28 من ذي القعدة 1345ه/ 18 مايو 1927 . إذ طلب الإنجليز من الملك عبد العزيز وضع مادة خاصة يعترف فيها بمركز بريطانيا في فلسطين، عندما طالب الملك عبد العزيز بإلغاء معاهدة دارين (القطيف) المعقودة عام 1333ه/ 1915 لتأخذ ثمن إلغائها اعترافا من بن سعود بمركز خاص لها في فلسطين واستمرت المباحثات نحو عشرين يوما، وكانت هذه المادة سببا لتوقف المفاوضات مدة من الزمن، إلى أن رضخت بريطانيا لمطالب ابن سعود. ومهما يكن من أمر فإن عبد العزيز اعتمد على قوته الذاتية، وكان يتميز بعمق نظرته، وأصالة رأيه والحس السياسي المرهف والنظرة الواقعية الصائبة في تقدير الأمور والعواقب.
ثورة البراق
كانت فلسطين من أولى اهتمامات الملك عبد العزيز، وقد أبدى اهتماما كبيرا رغم انشغاله في توحيد المملكة وخوضه حروبا أخرى كثيرة، وإبان ذلك حدث حادث البراق أو هبة البراق.
أرسل الملك عبد العزيز برقية إلى المؤتمر السوري الفلسطيني في القاهرة وإلى المجلس الإسلامي الأعلى في فلسطين يستنكر فيها الحادث ويطالب الحكومة البريطانية بمعاقبة الجناة. ولم يكتف الملك عبد العزيز آل سعود بذلك، بل أرسل خطابا إلى ملك بريطانيا جورج الخامس في 15 أكتوبر 1929 عبر فيه عن حزنه وأسفه البالغ لما حدث من اعتداء صهيوني على المصلين في المسجد الأقصى أثناء صلاة الجمعة، وأعرب له كذلك عن الأثر السيئ الذي تركه هذا الحادث في نفسه ونفس شعبه، وناشده بالمحافظة على الدين وحماية المصلين ومعاقبة الآثمين. وقد رد عليه ملك بريطانيا في 10 ديسمبر 1929 بأن حكومته مهتمة بهذا الأمر وستعمل على إجراء تحقيق في هذا الشأن. وأجرى كذلك اتصالات مع حكومة الانتداب في فلسطين فادعت بريطانيا أنه لم يحصل ولم يقع اعتداء على المصلين في المسجد الأقصى. وذكر الملك عبد العزيز الساسة البريطانيين بأن الموقف البريطاني يتعارض مع مفهومي الصداقة والمودة بين بريطانيا والعرب.
وانطلاقا من اتصالات الملك عبد العزيز بالمسئولين في الحكومة البريطانية عينت لجنة يرأسها ولترشو في عام 1349ه/1930 عهدت إليها بالبحث في أسباب الاضطرابات ووضع التوصيات الكفيلة بمنع وقوع مثل هذه الاضطرابات.
أصدرت الحكومة البريطانية بيانا عن خطتها في فلسطين على ضوء تقرير ولترشو في عام 1349ه/1930 وقد عرف هذا البيان (بالكتاب الأبيض الثاني) ونص على تحديد الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتشكيل لجنة لتحديد حقوق الطرفين في حائط المبكى، وتمكين المزارعين الفلسطينيين من زراعة أراضيهم بيسر وسهولة، وإقراضهم ما يحتاجون إليه من البنك الزراعي. غير أن بريطانيا بضغط من الصهيونية العالمية تراجعت عن قرارها هذا في الكتاب الأبيض، وأصدرت كتابا آخر أطلق عليه العرب الكتاب الأسود لأن بنوده تضر بمصلحة العرب.
وقد أصدرت لجنة التحقيق بشأن البراق قرارها الخاص بحق المسلمين في ملكية حائط البراق والرصيف الذي أمام الحائط ولا يجوز لليهود زيارة الحائط إلا في أيام الأعياد إذا وافق المسلمون على ذلك.
نداءات عربية
منذ عام 1936.. والحكومة البريطانية تتجاهل النداءات العربية.. وقرار اللجنة القومية بمنع الهجرة اليهودية ومنع انتقال الأراضي العربية إلى اليهود . وقد طلب الملك عبد العزيز من وزيره المفوض في لندن حافظ وهبة الاتصال بالحكومة البريطانية، ومناقشة الإنجليز في القضية الفلسطينية، كما طلب الوزير المفوض من الإنجليز الإفراج عن المعتقلين والمحكوم عليهم.
وقررت الحكومة البريطانية اتباع الأسلوب الدبلوماسي بدلا من الأسلوب العسكري، خاصة بعد أن تبين لها أن الحل العسكري غير ممكن، وأن الإضراب والمقاومة الفلسطينية ستستمر إلى أن يحقق الشعب الفلسطيني النصر. لذا فإن الحكومة البريطانية لجأت إلى الدول العربية - وخاصة المملكة العربية السعودية - للوساطة وذلك لما للملك عبد العزيز من ثقل سياسي بين العرب عامة والفلسطينيين خاصة، وقد تعهدت بريطانيا سرا للملك عبد العزيز بوقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين' وبناء عليه توقف الإضراب وتوقفت الحركة الثورية بعد أن وجه الحكام العرب وعلى رأسهم الملك عبد العزيز نداء للجنة القومية الفلسطينية بإيقاف كل أعمال العنف والمقاومة. وتنفس الإنجليز واليهود الصعداء بعد أن توقف الإضراب، وسار الجنود إلى مراكز عملهم بحرية. كما إن المسئولين الإنجليز لم يهتموا بوساطات الزعماء العرب، بل رموا بطلباتهم عرض الحائط، فلم يستمعوا إلى ظلامة المقهورين من الشعب الفلسطيني، ولم تظهر بريطانيا حسن النية تجاه الشعب الفلسطيني، بل استمرت في اعتقال ومحاكمة من خططوا للإضراب وقاموا به . وصفا الجو للإنجليز لعمل ما يشاؤون بالشعب الفلسطيني الذي أنهى ثورته بناء على أوامر الملوك العرب .
إشكالية بلا حل
ومهما يكن من أمر، فان القضية الفلسطينية منذ عام 1936م استأثرت باهتمام الملك عبدالعزيز اكثر فاكثر فقد مثلت القضية الفلسطينية لابن سعود إشكالية لم تجد حلاً حتى وفاته . غير ان تعقيدات القضية غدت اكثر قوة وشعوراً بالمرارة نتيجة قمع بريطانيا لثورة الفلسطينيين . وقد ذكر ابن سعود في رسالة إلى البريطانيين حول إحلال اليهود في فلسطين حيث قال فيها : ( لو قلت لكم إن هناك ذرة واحدة في جسدي لا تدعوني إلى قتال اليهود، لكنت اكذب، لو ذهبت كل أملاكي وتوقف نسلي لكان اسهل علي من أن أرى موطئ قدم لليهود في فلسطين " كما اتهم الإنجليز واليهود ابن سعود بأنه غدا أصولياً متشدداً .
في عام 1356 ه قد أرسل الملك عبد العزيز مذكرة الى وزارة الخارجية البريطانية الموافق 6 سبتمبر 1937م ، أوضح فيها الاسباب التي تحمل جلالته على الاهتمام بقضية فلسطين ، وبذل كل ما في وسعه لإيجاد حل عادل ودائم لها .، وقد أوضح الأسباب فيما يلي:
أولا: إن وعود بريطانيا للعرب بالاستقلال اعطيت في الأساس باسم الحجاز الذي هو الآن قسم مهم من مملكتنا.
ثانيا: إن عدم حل قضية فلسطين على وجه مقبول يؤدي الى إيجاد هوة سحيقة بين العرب وبريطانيا ، مما ينجم عن ذلك أخطار نأمل ألا تقع.
ثالثا: المسؤولية الأدبية العظمى التي أخذها جلالة الملك عبد العزيز على عاتقه بموافقة بريطانيا حينما أصدر الملوك والأمراء العرب البيانين اللذين كان لهما الأثر الفعال والمباشر في وقف الاضطرابات وتعاون العرب مع اللجنة الملكية.
وشرح الملك عبد العزيز للحكومة البريطانية الموقف العربي من قرار التقسيم الذي أعلنته لجنة بيل الملكية ورفض العرب وعدم موافقتهم عليه ، وطلب من بريطانيا أن تعمل على تأمين السلم واقراره بشكل دائم في هذه المنطقة الحساسة من العالم ، وذلك لأن العرب يعتبرون قضية فلسطين قضية حياة أو موت ،وحذر الملك عبد العزيز من العواقب التي يمكن أن تؤدي الى نزاع عنصري بين العرب وبريطانيا ، واقترح جلالة الملك عبد العزيز حلا عادلا يرضي جميع من يمهم الأمر على الأسس التالية:
أولا: تأسيس حكومة دستورية في فلسطين يشترك فيها سكان فلسطين على أسس يتفق عليها ، وتوضع ضمانات كافية لحماية الأماكن المقدسة ، وكفالة حقوق الأقليات ، وتحقيق العدالة للجميع.
ثانيا: تحديد الهجرة اليهودية بنسبة ثابتة بحيث لا تجوز زيادتها عن ذلك.
ثالثا: وضع تدابير معينة لانتقال الأراضي بشكل يضمن عدم تجريد العرب من أراضيهم.
الاتصالات السعودية الأمريكية
وبدأت الاتصالات السعودية بالولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1357ه/1938م ، حيث بدأ الملك عبد العزيز يوالي اتصالاته بالرئيس الأمريكي روزفلت بخصوص قضية فلسطين.
وقد أرسل الملك عبد العزيز رسالة الى الرئيس الأمريكي روزفلت ، بسط فها الحقائق التي تؤيد الحق العربي في فلسطين ، وفند حجج الصهيونية وأثبت زيفها ، وكذب ادعاءات اليهود ومزاعمهم ولام على الشعب الأمريكي الذي ينادي بالحرية والديمقراطية في فلسطين وعدم تأييد ومناصرة الحق والعدل.
وقد حوت رسالة الملك عبد العزيز بعض الحقائق الهامة التالية:
1. طلب الملك عبد العزيز من الرئيس الأمريكي روزفلت النظر الى قضية فلسطين بالحق والعدل.
2. أشار الملك عبد العزيز في رسالته الى ما صدر عن الحكومة الأمريكية ما يؤيد وجهة نظر اليهود والصهيونية حيث قال: (( لقد ظهر لنا من البيان الذي نشر عن موقف أمريكا أن قضية فلسطين قد نظر اليها من وجهة نظر اليهود والصهيونية وأهملت وجهات نظر العرب .. في حين أن ذلك ظلم فادح على شعب آمن مستوطن في بلاده))
3. فند الملك عبد العزيز في رسالته دعوى الصهيونية الباطلة بحقهم التاريخي في فلسطين استنادا الى وعد بلفور فقد قال: (( أما دعوى اليهود التاريخية فإنه لا يوجود ما يبررها ، في حين كانت فلسطين وما زالت مشغولة ومأهولة بالسكان العرب في جميع أدوار التاريخ المتقدمة ، وقد كان السلطان فيها لهم))
4. اكد الملك عبد العزيز في رسالته ان العرب كانوا في سائر ادوار حياتهم محافظين على الأماكن المقدسة معظمين مقامها محترمين قدسيتها قائمين بشؤونها بكل أمانة وإخلاص.
5- دحض الملك عبد العزيز دعوة اليهود التاريخية ، وأثبت الحق التاريخي للعرب منذ آلاف السنين ، كما رفض دعوى اليهود ، التي يستثيرون بها عطف العالم بأنهم مشتتون في البلدان ومضطهدون ، فأثار الملك عبد العزيز رفض الدول الغربية لقبول اليهود عندهم وتهجيرهم الى فلسطين التي لا تتسع لهم.
6- فند الملك عبد العزيز فكرة الصهيونية الغاشمة والتي تمثل الظلم المجحف بحق عرب فلسطين ، كما فند تصريح بلفور الظالم لإعطاء شعب طريد أرض شعب آخر وطرده منها ، فإن تصريح بلفور أعطى من قبل بريطانيا التي لا تملك حقا في فلسطين ، كما ان عرب فلسطين لم يؤخذ رأيهم في الانتداب ووعد بلفور وذلك رغم حق تقرير المصير.
7 تطرق الملك عبد العزيز الى حقوق العرب في فلسطين منذ أقدم العصور ، وهم يسكنون هذه البلاد ، ففلسطين عربية عرقا ولسانا وموقعا وثقافة وقد انضم العرب إلى الحلفاء في الحرب العالمية الأولى أملا في الحصول على الاستقلال ولكن العرب خدعوا وقد جزئت وقسمت وخضعت للاستعمار ،وقد احتج العرب بشدة على وعد بلفور وأعلنوا رفضهم له ، وحدثت في فلسطين ثورات متعددة 1920،1921 1929،1936م . والتي لا تزال مستمرة.
-8 ختم الملك عبد العزيز رسالته بالمطالبة بحق العرب وإقرار السلام في فلسطين ، وإذا لم ينل العرب حقوقهم فإن المنطقة سوف لا تشهد سلاما ولا أمنا ولا استقرارا ،وناشد الملك عبد العزيز الرئيس الأمريكي روزفلت باسم العدل إعطاء العرب حقوقهم ، قال عبد العزيز: ( إنه ليس من العدل ان يطرد اليهود من جميع أنحاء العالم وأن تتحمل فلسطين المغلوبة على أمرها هذا الشعب برمته)).
ومما يجدر ذكره أن الملك عبد العزيز كان رجل مبادئ وعربيا صميما ومسلما حقا، لا يساوم ولا يتهاون في أمر عقيدته وحق قومه المشروع ، فالملك عبد العزيز مؤمن بان القضايا المصيرية لا تتلاعب بها السياسات ولا تخضع للمساومة ، لذا فان الملك عبد العزيز وقف في وجه الدعاية الصهيونية التي استغلت ظروف الحرب ، وقامت بدعاية واسعة النطاق ، أرادوا بها السعي لتضليل الرأي العام الأمريكي من جهة والضغط على الحلفاء في موقفهم الحرج ، من جهة ثانية ، ليحملوا بذلك دول الحلفاء على الخروج على مبادئ الحق والعدل التي أعلنوها وقاتلوا من اجلها وهي حريات الشعوب واستقلالها.
وقد بعث بعد العزيز ، قبيل وفاة الرئيس روزفلت ببضعة أيام ، رسالة سجل فيها الموقف العربي المسلم من القضية ، فرد عليه الرئيس الأمريكي برسالة أكد فيها مجددا الوعد الذي قطعه له خلال اجتماعهما في فبراير 1945م.
واستعرض الملك عبد العزيز الفترات التاريخية في فلسطين ، كحكم اليونان والرومان والفتح الإسلامي لفلسطين ، وأخيرا الحكم العثماني في فلسطين الى ان جاء الحكم الإنجليزي في مطلع القرن الحالي.
وهكذا أوضح الملك عبد العزيز تاريخ فلسطين العربية ، مبينا أن العرب أول من سكنوا منذ ثلاثة آلاف سنة وخمسمائة قبل الميلاد ،واستمر سكنهم فيها الى اليوم ، وحكموها وحدهم الفا وثلاثمائة سنة تقريبا ، أما اليهود فلم تتجاوز مدة حكمهم المتقطع فيها ، 380 سنة وكلها إقامات متفرقة ومنذ سنة 232ق.م لم يكن لليهود وجود في فلسطين الى ان دخلت القوات البريطانية الى فلسطين عام 1917م ، ولذلك لم يكن اليهود الا دخلاء على فلسطين.
أما الحقوق الثابتة للعرب في فلسطين فترتكز على مرتكزات أساسية هي:
1 حق الاستيطان في فلسطين منذ 3500 ق.م وحتى اليوم
2 الحق الطبيعي في الحياة.
3 ليس العرب دخلاء على فلسطين ، ولا يراد جلب أحد منهم من أطراف المعمورة لإسكانهم فيها.
ورد الرئيس الأمريكي روزفلت على رسالة الملك عبد العزيز ، وشكره على آرائه القيمة في القضية ووعده بألا لا يتخذ أي موقف يخص قضية فلسطين دون استشارة العرب واليهود ، كما وعد بألا يتخذ أي موقف عدائي للشعب العربي وأن موقف حكومته بهذا الشأن لن يتغير.
غير ان روزفلت توفي بعد ذلك بقليل ،وانتهج خلفه سياسة مغايرة إزاء القضية الفلسطينية.
هذا هو الملك عبد العزيز في فضائله ونقائه في سياسته الخارجية والداخلية على السواء فقد استشف آفاق المستقبل وحدد كل مساره التاريخ منذ 3500 سنة قبل الميلاد ، وأقرأته العالم كله في هذه الوثيقة مما سيسهل على الإنسان المثقف والقارئ البصير أن يرى خلاصة زمن طويل تحادثت فيه العقول ،واختلفت عليه المفاهيم ،وضل فيها من ضل في حقبة من التاريخ والقرون.
مؤتمر انشاص:
عقد هذا المؤتمر يومي 27 - 28 جمادى الثانية 1365ه / 28 -29 مايو 1946، لبحث قضية فلسطين من جميع جوانبها ، وكان ذلك بدعوة من الملك فاروق ملك مصر والسودان وقد حضر المؤتمر الأمير عبد الله بن الحسين ممثلا عن الأردن والأمير عبد الاله عن العراق ، والأمير سعود بن عبد العزيز عن المملكة والأمير سيف الإسلام عن اليمن ، وشكري القوتلي عن سوريا وبشارة الخوري عن لبنان وقد ترأس المؤتمر الملك فاروق.
واعلن المؤتمرون ان قضية فلسطين ليست قضية عرب فلسطين وحدهم ، بل هي قضية كل العرب.
مؤتمر بلودان
بناء على توصية مؤتمر انشاص عقد مجلس جامعة الدول العربية اجتماعا عاجلا في بلودان بسورية في الفترة من 712رجب 1365ه /8 12 يونيو 1946م ، للنظر في تقرير لجنة التحقيق الإنجليزية الأمريكية ، والخطة التي ينبغي على العرب أن يسيروا بموجبها لمعالجة قضية فلسطين التي أخذت تدخل في دور دقيق وحاسم.
وقد مثل المملكة العربية السعودية في هذا المؤتمر ولي العهد الأمير سعود بن عبد العزيز ومعه الشيخ يوسف ياسين مستشار الملك عبد العزيز الخاص ، وحضر المؤتمر وزراء خارجية الدول العربية.
واتخذ مجلس الجامعة قرارات علنية وأخرى سرية وقد تضمنت القرارات العلنية: نقد لجنة التحقيق الأنجلو أمريكية وكشف تحيزها لليهود والمطالبة بإجراء مفاوضات مع الحكومة البريطانية من أجل إنهاء الحالة الراهنة في فلسطين.
حرب فلسطين
أثار قرار تقسيم فلسطين ثائرة الشعب العربي الفلسطيني بخاصة والامة العربية بعامة وعمت فلسطين والبلاد والعربية موجة من السخط والاستنكار والشجب والرفض للقرار ، وتمثل ذلك في الاضطرابات الشاملة ، والمظاهرات العنيفة ، وإقبال الشباب العربي على مراكز التطوع ، وجمع التبرعات وغيرها ، ونادى المواطنون السعوديون بالجهاد لإنقاذ اولى القبلتين ،وأرسلوا البرقيات الى جلالة الملك عبد العزيز يعرضون عليه التطوع والجهاد في سبيل الله لنجدة فلسطين وإنقاذها ، كما أرسلت الحكومة السعودية مذكرتين إحداهما لبريطانيا والأخرى للمفوضية الأمريكية تحتج فيهما على قرار التقسيم وتوضح أخطار هذا القرار على العرب ومجافاته الحق والعدل.
وقاد الملك عبد العزيز حملة قوية ضد الحكومتين الأمريكية والبريطانية ، وحملهما مسؤولية ما يقع في فلسطين ، وأمر بفتح أبواب التطوع لنصرة الشعب الفلسطيني ، غير ان الحكومة الأمريكية قد هددت الحكومات العربية عامة والمملكة العربية السعودية خاصة ، بعدم التدخل العسكري في فلسطين ، لكن الملك عبد العزيز رفض هذه التهديدات ، وأكد لبريطانيا الحكومة المنتدبة على فلسطين حرص الدول العربية على حفظ النظام في فلسطين وحماية أرواح العرب بعد انتهاء الانتداب البريطاني في 15 مايو 1948م،
ولكن كل المحاولات باءت بالفشل.
واستقطبت الرياض مختلف الزعامات العربية والأجنبية ، فقد وصل وفد عربي في 2 رجب 1367ه الموافق 12مايو 1948 م ، ضم كلا من عبد الرحمن عزام الأمين العام لجامعة الدول العربية ومفتي فلسطين الحاج محمد أمين الحسيني ، ورياض الصلح رئيس وزراء لبنان وجميل مردم رئيس وزراء سوريا،وعرضوا على الملك عبد العزيز خلاصة الموقف في فلسطين. عقد الوفد عدة اجتماعات مع الملك عبد العزيز استغرقت أكثر من أسبوع،وقد نصح الملك أعضاء الوفد بعدم اشتراك الدول العربية في أية حرب في فلسطين، ورأى أنه من الأفضل تسليح أهالي فلسطين ومساعدتهم مادياً للدفاع عن بلادهم، غير أن الوفود العربية أصرت على ضرورة الحرب الخاطفة. فاستجاب عبد العزيز لرأي الأغلبية وهو يعلم أن هذا الرأي مجاف للحق والعدل، لأنه يعلم اختلاف الأهداف والغايات التي كانت تدفع بعض الدول العربية للاشتراك في الحرب. وتعزى أسباب حرب فلسطين عام 1948م إلى قرار التقسيم عام 1947م، وقرار الجامعة العربية بدخول الجيوش العربية إلي فلسطين، واعتداءات اليهود على القرى العربية في فلسطين، كذلك ومعارضة العرب قيام دولة يهودية في فلسطين. وهناك أسباب أخرى غير مباشرة منها الهجرة اليهودية إلي فلسطين، ومساعدة الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا لليهود، وكذلك الدعاية الصهيونية، وأطماع اليهود التوسعية.وفي يوم 5 رجب 1367ه / الموافق 14 مايو 1948م سارت الجيوش العربية مجتازة حدود فلسطين، ودخلتها في اليوم التالي 15 مايو 1948م وهو يوم موعد إنهاء الانتداب البريطاني، وأصبحت الجيوش العربية على مشارف تل أبيب. وكان الملك عبد العزيز قد أمر القوات السعودية بالاشتراك في الحرب، غير أن الملك عبد الله قد منع دخول القوات السعودية من أراضيه، فاكتفى الملك عبد العزيز بإرسال قوة نظامية لا تزيد على ألف ومائتي جندي إلى مصر للتدريب على أيدي الضباط المصريين أولاً ثم الذهاب إلى فلسطين تحت قيادة مصرية، وكانت تتألف من 6 سرايا مشاة، وسرية رشاشات، وسرية مدرعات. غادرت القوات السعودية الطائف في 13 رجب 1367ه / 21 مايو 1948م في طريقها إلي جدة، بين الهتاف والتصفيق والدعاء لهم بالتوفيق والنصر المبين.
وأشادت جريدة أم القرى بمواقف البطولة، والفداء والتضحيات التي قام بها الأبطال العرب وسطروا بها التاريخ في أنصع صفحاته. وصلت القوات السعودية إلى مصر وتجمعت في العريش، ودخلت فلسطين عن طريق رفح وواصلت سيرها إلى غزة، وسارت القوات السعودية جنباً إلى جنب مع القوات المصرية، وبدأت في التقدم نحو الشمال لتسيطر على كل فلسطين، وسيطرت القوات المصرية والسعودية على الشريط الساحلي المحاذي للبحر الأبيض المتوسط من رفح حتى بلدة أسدود مروراً بخان يونس وديرالبلح وغزة ودير سنيد والمجدل واسدود.ولما وصلت القوات السعودية إلى غزة، احتفل أهل فلسطين بقدومها، ورحبوا بها وأقاموا المآدب للجنود والضابط السعوديين مثل مأدبة آل الشوا وآل أبو رمضان وأبو خضرة وذلك إكراماً وإجلالاً وتقديراً للجيش السعودي كما زينوا الشوارع والمنازل بصور الملك عبد العزيز وفاء واعتراضاً بفضله.وقد أثنى الضابط المصريون والأردنيون على بطولة الجندي السعودي وشهامته وشجاعته في المعارك التي خاضها. وقد سقط أكثر من 96 شهيداً على أرض فلسطين من الجيش السعودي في معارك مختلفة في فلسطين منها في اللد وحيفا ويافا والقدس والرملة والنقب وباب الواد وغيرها. وقد منحت الحكومة السعودية للضابط والجنود الذين اشتركوا في حرب فلسطين أوسمة، وأمر جلالة الملك عبد العزيز بترقية جميع الضابط. ومهما يكن من أمر،فقد استطاعت الجيوش العربية خلال عشرة أيام من دخول فلسطين أن تسيطر على المناطق المخصصة للعرب في فلسطين لكل تدخل الولايات الأمريكية جعل بريطانيا تقترح هدنة مؤقتة لمدة أربعة أسابيع، ونال الاقتراح البريطاني الأغلبية في مجلس الأمن، وتعيين وسيط لحل الخلافات بين العرب واليهود. غير أن العرب واليهود رفضوا مقترحاته وانتهى الأمر بقتله على يد اليهود. واضطر العرب إلى وقف القتال وقبول الهدنة الأولى التي مكنت اليهود من الحصول على الأسلحة،وما أن استؤنف القتال مرة أخرى حتى كانت الكفة الراجحة إلى جانب اليهود، فتوقف القتال نهائياً وعقدت اتفاقيات هدنة في رودس مع الدول العربية المجاورة لفلسطين. ونتج عن هذه الحرب تشريد أهل فلسطين إلى البلدان العربية المجاورة، وقد قامت الحكومة السعودية بجمع التبرعات النقدية والعينية للاجئين الفلسطينيين، ودافعت حكومة المملكة عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وعودة اللاجئين إلى بلادهم. وكان لهزيمة الجيوش العربية في فلسطين أثر سيئ على العرب عامة والفلسطينيين خاصة، حركت مشاعر الجماهير العربية وجعلتها تشعر بحاجتها إلى اتحاد سياسي وتحالف عسكري، وتم عقد معاهدة الضمان الجماعي في 2 رمضان 1369ه / 17 يونيو 1950م وأدت الهزيمة إلى نشوء دولة العدو الصهيوني في فلسطين، والتي تسعى إلي تحقيق أطماعها التوسعية على حساب الدول العربية، كما أنها تعتبر قاعدة للاستعمار والشيوعية. كما أن الهزيمة عملت على خلق مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الذين اتجهوا إلى بلدان عربية مجاورة فقيرة، ثم اتجهوا إلى بلدان عربية نفطية للعمل هناك وخاصة المملكة العربية السعودية والكويت وقد استضافت المملكة أبناء فلسطين وعاملتهم معاملة أبنائها في كل المجالات وما زالت المملكة تدعم بكل طاقاتها هذه المشكلة حتى تحل حلاً عادلاً ويسود السلام في المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.