اكد الدكتور محمد السبيل استشاري ورئيس وحدة زراعة الكبد بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الابحاث في الرياض وجود جملة من العوائق التي تعترض امكانية الاستفادة القصوى من اعضاء المتوفين دماغيا في السعودية، بغرض زراعتها لدى مرضى فشل الاعضاء الحيوية، وتشمل تلك العوائق الجوانب الطبية والادارية والاجتماعية، وفي مقدمتها: عدم تبليغ المركز السعودي لزراعة الاعضاء عن الآلاف من حالات الموت الدماغي التي تحدث في عدد من مستشفيات المملكة المختلفة، وعدم المحافظة على اعضاء المتوفين دماغيا بشكل طبي سليم اضافة للفشل في الحصول على الموافقة بالتبرع من ذوي المتوفين. وقال الدكتور السبيل: ان ارقام التبرع بالاعضاء شهدت انحدارا ملحوظا خلال السنوات الماضية في السعودية، اذ بلغت حالات الموت الدماغي المبلغ عنها للعام 94م نحو 348 حالة تمت الموافقة على التبرع باعضاء 88 متوفى استفيد من اعضاء 44 حالة، وشهدت الاعوام اللاحقة تذبذبا في الحالات المبلغ عنها والتي تمت الموافقة على التبرع بها والاعضاء التي استفيد منها فعليا، اذ شهد العام 2000م التبليغ عن وفاة 353 حالة تم اخذ الموافقة على التبرع باعضاء 37 حالة استفيد من 10 حالات فقط منها، وفي العام الماضي 2001م، ارتفع نسبيا عدد الحالات التي تمت الموافقة على التبرع بها والتي استفيد منها فعليا، اذ تم التبليغ عن 348 حالة موت دماغي تمت الموافقة على التبرع بأعضاء 54 حالة وتم الاستفادة من 18 حالة من بين تلك الحالات. وبين الدكتور السبيل ان عدم التبليغ عن الكثير من حالات الموت الدماغي يرجع لعدة اسباب، من بينها الكسل واللامبالاة وانشغال الطواقم الطبية والادارية في المستشفيات التي تحدث فيها الوفاة بمهام وأعمال اخرى، وعدم توافر المعرفة بأهمية التبرع بالاعضاء، وعدم وجود دعم كاف سواء من المستشفيات التي يعملون بها او من المركز السعودي لزراعة الاعضاء، اضافة لعدم وجود تشريع ملزم في هذا الشأن، علاوة على عدم وجود الحوافز المادية والمعنوية للطواقم الطبية والادارية ذات العلاقة. واوضح ان من اهم اسباب ضعف المحافظة على الاعضاء هو عدم وجود التدريب والخبرة الكافية لدى بعض الطواقم الطبية، ومكوث المتوفى في العناية المركزة طويلا بعد موته دماغيا مما يقود الى التأخير في اخذ الموافقة والتبليغ عن الحالة للمستشفيات التي بها وحدات للزراعة، اضافة الى نقص في الادوية والمعدات اللازمة للمحافظة على جودة الاعضاء لدى الكثير من المستشفيات. وعزا اسباب الفشل في الحصول على الموافقة من ذوي كثير من المتوفين دماغيا الى عدم وضوح مفهوم الموت الدماغي وعدم دراية كافية بالرؤية الشرعية المجيزة للتبرع بالاعضاء لدى الكثير من الناس، ونظرة البعض الآخر الى ان نقل الاعضاء فيه تشويه لجسد المتوفى، اضافة الى قلة الوعي بوظيفة نقل وزراعة الاعضاء ودورها في انقاذ ارواح اناس آخرين. وقال الدكتور السبيل: ان هناك ما بين 1500 الى 3000 حالة موت دماغي سنويا في المملكة معظمها نتيجة حوادث السيارات، يبلغ عن حوالي 10% فقط منها، بينما لايستفاد سوى من 10% من الحالات المبلغ عنها، مضيفا ان الحاجة تتطلب زراعة نحو 1000 كبد سنويا في المملكة في الوقت الذي بلغ متوسط المزروع سنويا داخل المملكة 25 حالة فقط نظرا لمعوقات الحصول على الاعضاء، ويزرع خارج المملكة نحو 25 حالة تقدر تكلفتها السنوية بنحو 100 مليون ريال بينما تقدر تكلفتها في مستشفى الملك فيصل التخصصي بنحو 10% من ذلك المبلغ. واشاد الدكتور محمد السبيل، وهو المنسق للجنة المشتركة للبرنامج الوطني لتنشيط التبرع بالاعضاء، بالدور الذي بدأ يلعبه البرنامج الوطني لتنشيط التبرع بالاعضاء الذي اسس العام الماضي بين كل من ادارة شؤون التعاون المشترك وتنمية المشاريع بمستشفى الملك فيصل التخصصي والمركز السعودي لزراعة الاعضاء من خلال انشاء 9 مكاتب اقليمية في كل من الرياض والدمام والقصيم وجدة ومكة والطائف وابها والمدينة وتبوك، والذي كان الغرض من تأسيسه القضاء على عوائق التبرع بالاعضاء على المستوى الوطني، من خلال تحقيق اهداف البرنامج المتضمنة: سرعة وزيادة عدد حالات التبليغ عن الوفاة الدماغية، وتحسين العناية الطبية بالمتوفين دماغيا لإبقاء اعضائهم الحيوية في حالة جيدة، واقناع ذوي المتوفين بالموافقة على التبرع، وعقد الدورات التدريبية والتعليمية للطواقم الطبية والادارية المعنية ببرنامج التبرع بالاعضاء، وبين ان مهام المكاتب الاقليمية التي انبثقت عن البرنامج الوطني هي: رفع مستوى الاتصال بين المكاتب الاقليمية في المناطق والمكتب الرئيسي للبرنامج الموجود في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، ورفع مستوى الاتصال بين المكتب الاقليمي بمنطقة الرياض ومستشفيات العاصمة التابعة للمكتب الاقليمي، اضافة لتوجيه ومراقبة مدى التزام اطباء العناية المركزة والمخ والاعصاب او من يقوم بتشخيص حالات الوفاة الدماغية بالبروتوكول المعتمد من المركز السعودي لزراعة الاعضاء، علاوة على رفع اداء العاملين في العناية المركزة للمحافظة على الاعضاء لضمان صلاحية زرعها من خلال عقد الدورات والندوات وورش العمل التي تتعلق بهذا الجانب، كما تشمل مهام المكاتب الاقليمية الحصول على عدد معين من الموافقات لحالات الوفاة الدماغية حسب حجم المنطقة والعدد المتوقع لحالات الوفاة الدماغية. واوضح الدكتور السبيل ان البرنامج الوطني لتنشيط التبرع بالاعضاء يسعى لتوفير الاجهزة الضرورية والادوية لمستشفيات المناطق من اجل المحافظة على الاعضاء الحيوية للمتوفين دماغيا والقيام بحملات توعوية واعلامية لشرح مفهوم الموت الدماغي لعامة الناس وتوضيح معاناة المرضى الذين هم بحاجة ماسة للزراعة. وطالب الدكتور السبيل العلماء وخطباء المساجد بايضاح اهمية التبرع بالاعضاء والتشجيع على ذلك خاصة وان فتوى شرعية من هيئة كبار العلماء قد صدرت منذ اكثر من 20 عاما اجازت شرعية التبرع بالاعضاء برقم 99 وتاريخ 6/11/1402ه، اضافة لاهمية الدعم الرسمي لبرامج زراعة الاعضاء من قبل المؤسسات الصحية والجهات المعنية في البلد نظرا للمردود الايجابي لمثل ذلك الدعم سواء في الجوانب الصحية والاجتماعية للمرضى، او الجوانب الاقتصادية من خلال توفير مبالغ كبيرة لخزينة الدولة تقدر بمئات الملايين من الريالات تذهب سنويا لمراكز زراعة الاعضاء في الخارج.