أراد الإعلاميون أن يحسموا الجدل، وأراد الوزير أن يوصل الرسالة.. وهكذا وجد وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله ثلاثة أقلام وضعها محررو "الوطن" الشباب قبالة الكرسي المخصص لضيفهم الكبير في طاولة الاجتماعات بمقر الصحيفة الرئيسي في أبها، على أن يختار الوزير أحد الألوان، الأخضر أو الأصفر أو الأحمر، ليقرر مسار وزارته المقبل، ومدى رضاه عنها الآن. كانت المبادرة بداية لروح شفافة طغت على كامل اللقاء الذي جمع منسوبي "الوطن" أول من أمس بوفد وزاري رفيع ضم، إضافة إلى الأمير فيصل بن عبدالله، الأمين العام لمجلس الوزراء عبدالرحمن السدحان، ووزير النقل الدكتور جبارة الصريصري، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء لشؤون مجلس الشورى الدكتور سعود المتحمي، ووزير الصحة سابقا الدكتور حمد المانع، ونائبي وزير التربية والتعليم فيصل بن معمر، والدكتور خالد السبتي، والمشرف على الشؤون الثقافية والإعلام التربوي بالوزارة الدكتور عبدالعزيز السبيل، والدكتور عبداللطيف الغيث الرئيس التنفيذي لشركة تطوير التعليم القابضة وعضوي مجلس الشورى الدكتور سعد مارق والدكتور محمد أبوساق. لم يقرر وزير التربية أي لون يختار، وكان توقف سابقاً عند اللون الأصفر في إشارة فهمها المتابعون بكونها مرحلة "بين بين" أو استعداد للانطلاق، أو تمهلٍ قبله؛ إلا أنه عوضاً عن ذلك أكد أن لون القلم، الذي طالما ربطه بحال "التربية"، هو لون غلافه فحسب... "أما الحبر فلونه واحد لا يتغير". ومتوسطاً جمع الوزراء والمسؤولين الذين تقاربت مقاعدهم على جانب طاولة اجتماعات "الوطن"، ومقابلاً جمعاً آخر من منسوبي الصحيفة على الجانب الآخر، أكد وزير التربية والتعليم أن وزارته تتعامل بتفهم مع ما يطرح في وسائل الإعلام، قائلاً إن حجم المتابعة الإعلامية الواسعة للشأن التعليمي يعكس واقع المجتمع السعودي الذي يضم نحو خمسة ملايين طالب وطالبة، بما جعل التعليم "يدخل إلى كل مكان، وكل بيت، وكل زاوية... وكل زنقة" والكلمة الأخيرة كانت توظيفا ذكيا وطريفا في الوقت نفسه، لتأكيد أن التربية والتعليم متصلة بكل أطراف وزوايا الشأن الاجتماعي. نفس التفهم عممه الأمير فيصل بن عبدالله على واقع وجود أكثر من 400 موظف في الوزارة يتعاونون مع وسائل الإعلام، وهي الحقيقة التي استخدمها أيضاً لتفسير كثرة ما ينشر عن شؤون التربية، قائلاً إن ذلك في النهاية شيء إيجابي "فالصحافة دورها مهم بلا أي شك" معتبرا وجود هذا العدد دلالة الشراكة، وأنه أضاف إلى العمل الصحفي نغمة التخصص والموثوقية مما جعله يصنفهم ضمن الحضور الفاعل والإيجابي. كان يوماً شاقاً للجميع، فالوفد الذي ضم أربعة وزراء حاليين ووزيرا سابقا، ونائبي وزير وعضوي شورى، بدأ زيارته لعاصمة عسير منذ الصباح الباكر، في حين بدأ المضيفون في "الوطن" مبكراً للإعداد لاستقبال الضيوف. رغم ذلك، لم يكن اللقاء حوارا صحفيا فحسب، بل مناقشة معمقة لكثير من قضايا التربية وشجون الإعلام التي تمحورت حول غياب المعلومة وصعوبات الحصول عليها، نتيجة اتكاء كثير من الجهات الحكومية على تكتم مبالغ فيه وحرص بيروقراطي على التحكم في طرق ظهورها، مما يفقدها مضامينها؛ ودفع هذا النقاش وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله للتساؤل حول ما إذا كانت "التربية" مصنفة ضمن هذا الإطار. ومن واقع تجربتهم مع الوزارة، نفى محررو "الوطن" ذلك، استنادا إلى تجربة "التربية" المتمثلة في انفتاح لافت على وسائل الإعلام، وتمنى الزملاء أن تمتد هذه الروح إلى جهات أخرى، وهو ما اتفق معه الدكتور جبارة الصريصري ليشكل الوزيران جبهة جديدة تدعم التفاعل المرن والمثمر مع الإعلام. بدوره، دعا فيصل بن معمر "الوطن" إلى زيارة أي موقع تشاء في الوزارة والاطلاع على مشاريعها وخططها المستقبلية، وهي دعوة ستجعل مراسلي الصحيفة ضيوفا مقيمين في وزارة التربية والتعليم. وتحكي الصور المصاحبة التجربة الفريدة والمميزة التي تعلن مرحلة جديدة تجعل الإعلام أكثر ثقة والمؤسسات الحكومية أشد متانة، وتظهر أن للتواصل بين الطرفين سبلا كثيرة لا تحددها التصريحات الصحفية، ولعل ثمارها تتكشف في قابل الأيام.