ماتزال خطوة سحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قوات بلاده من سورية مثار جدل الوكالات والصحف العالمية ودوائر صنع القرار الإقليمي والدولي، خاصة وأن الانسحاب جاء بشكل مفاجئ وأعقبه انسحابات أخرى في مناطق إقليمية أخرى. وتشير التقارير الدولية إلى أن السيناريوهات حول تداعيات الخروج الأميركي من سورية باتت متعددة، لما له من انعاكاسات على لاعبين دوليين ومحليين بدءاً بالأكراد والنظام السوري، وصولاً إلى موسكووأنقرة وطهران، في وقت يخشى فيه الأكراد من أن قرار واشنطن قد يفتح الطريق أمام السلطات التركية لبدء حملة منظمة ضد مناطقهم. التحركات التركية كانت تركيا قد خاضت معارك دموية ضد الوحدات الكردية في سورية طيلة النزاع الذي استمر منذ عام 2011، لكنها سيطرت في وقت سابق من العام الحالي على منطقة عفرين، التي كانت تعد أحد أقاليم الإدارة الذاتية الكردية الثلاثة في سورية. ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف التهديدات التركية بشن هجوم جديد على الأكراد في مناطق سيطرتهم في شمال وشمال شرق سورية، والتي تعرف أيضاً ب»شرق الفرات». وقبل أسابيع، حذرت أنقرة أن العملية العسكرية باتت وشيكة، قبل أن يعود الرئيس التركي رجب إردوغان ويعلن في ضوء القرار الأميركي، تأجيل العملية، مؤكداً أن هذا التأجيل لن يكون لأجل غير مسمى، بالتزامن مع إرسال تعزيزات عسكرية إلى المنطقة الحدودية مع سورية. عودة داعش من جانب آخر، ترى التقارير أن الخطوة الأميركية قد تمهد الطريق للنظام السوري للسيطرة على مدينة الرقة وكامل محافظة دير الزور الشرقية بما فيها من حقول نفط وغاز، مع انتشار القوات التركية في المنطقة الحدودية. كما يمهّد القرار الأميركي أيضاً الطريق أمام إيران لترسيخ نفوذها في المنطقة عبر ممر بري يربطها بالبحر المتوسط، ومن شأنه أيضا أن يعزز نفوذ روسيا أكثر، ويجعل منها اللاعب الدولي الأبرز في سورية. وأشارت التقارير إلى أن محافظة إدلب ليست بمأمن عن هذه التحالفات، إذ قد تشهد زحفا من قوات النظام السوري بمساندة الميليشيات الإيرانية من جهة، وعودة تنظيم داعش للتمركز بين المدنيين فيها من جهة أخرى، خاصة في ظل التهديدات الكردية أنه في حال انطلاق أي هجوم تركي فإنها ستنسحب من الجبهات التي تقاتل فيها تنظيم داعش للدفاع عن مناطقهم شمالاً. سيناريوهات التقسيم في غضون ذلك، حذرت تقارير روسية من أن الانسحاب الأميركي يعيد سيناريوهات تقسيم البلاد إلى الطاولة، وذلك في ضوء الأطماع التركية في الشمال السوري، وتمدد إيران في مناطق جنوب وجنوب غرب وسيطرة روسيا على مدن أخرى. وأشارت إلى أن قرار الانسحاب يعتبر ورقة أميركية يمكن أن يلعبها ترمب ضد موسكو لسحب التوجه التركي نحوها. وعللت التقارير تحليلها هذا بأن روسيا باتت اللاعب الرئيسي في سورية مؤخرا، وأن قرار ترمب أجبر القوى الفاعلة على إعادة رسم خططها في سورية، مشككة في أنه قد يكون هذا الإعلان تمويهيا لمعرفة التداعيات المحتملة بعد القرار، بينما تبقى القوات فاعلة على الأرض. أطماع القوى بعد القرار تركيا القضاء على الأكراد واقتسام أجزاء من الشمال داعش إعادة التمركز وتعويض الخسائر إيران ممرات برية مفتوحة إلى البحر المتوسط النظام السوري الزحف نحو إدلب وسحق فصائل المعارضة المتبقية