تتجه الأسر التي تقطن جبال السراة في هذه الأوقات إلى المناطق الساحلية، نظرا لاعتدال الأجواء وتوافر المناظر الخلابة التي تكتسي بها مناطقنا التهامية، حيث يرتادها سكان المناطق الباردة للاستمتاع بالأجواء الجميلة والأماكن والمتنزهات المنتشرة في مختلف تلك المواقع. ويمني الإنسان نفسه أن يصل إلى هذه الأماكن ويجد الموقع المناسب له ولأسرته بين الأشجار والمناطق الخضراء التي تعطي له وقتا يستمتع بنسمات وأجواء ذلك اليوم الترويحي بعيدا عن عبث العابثين، ممن يتفننون في ترك المخلفات وبقايا الأكل في مواقعهم التي كانوا فيها، أو ممن جنحوا إلى العبث بتلك المقدرات وأفسدوا المنظر العام، إما بتكسير وإفساد تلك المقدرات أو بالكتابات وخدش الحياء العام. فكثيرا -للأسف- ما نلاحظ ترك بقايا الأطعمة ولوازم الرحلات والنفايات في مواقع التنزه عند كثير من هؤلاء الذين خرجوا للنزهة، ولكنهم لم يحرصوا على نظافة المكان خلفهم، لتتراكم هذه المخلفات وتشوه المكان، فلا يستطيع القادم الجديد الاستمتاع بعدهم. لا أغفل جهود فرق المتابعة والنظافة بالأمانات والبلديات في تتبع وتنظيف هذه الأماكن، ولكن للأسف لا يمكن أن تغطي فوضى هؤلاء الذين لا همّ لهم إلا مكوث الوقت المطلوب وترك المكان بعدهم في صورة مخجلة. لو قدر لأحد أن يزور هذه المواقع -للمقارنة فقط- مرة في الصباح الباكر ومرة في المساء، سيلحظ مدى قلة اهتمامنا وتقديرنا لمقدراتنا الوطنية، وتصرفاتنا التي لا تعكس ثقافتنا التي تردد دائما "النظافة من الإيمان"، وعدم وعينا بأهمية المحافظة على نظافة بيئتنا التي نتمنى أن نجدها نظيفة وممتعة. منظر مؤسف حقا أن تتكرر مشاهد الحدائق والمتنزهات وهي تكتسي ببقايا الكبسة، والمشروبات الغازية، والنفايات المتناثرة، وأعقاب السجائر! ولا يكلف الإنسان نفسه أن يلملم ما خلفه بعد انتهائه من الاستمتاع بوقت جميل ليضع تلك المخلفات في الأماكن التي خصصتها الأمانات ووفرتها في مواقع مناسبة لها. في حين أن القادم بعد منتصف النهار يلحظ جهود العمالة في تنظيف وتجميل المواقع لنجد الراحة والاستجمام، ولكن لعدم تعاون المواطن والمقيم بالإسهام في المحافظة على النظافة، فإن منظر المخلفات أصبح ظاهرة مؤذية. ولو قدر لأحد أن يلتقط صورة حقيقية لمشهد الحدائق ومدى تأثير هذه المخلفات وتشويهها للمكان، ثم يرصد صورة أخرى للمكان بعد نظافته وإزالة المخلفات؛ لأدرك حجم الأضرار البشعة التي يرتكبها الناس في حق البيئة، وحق الإنسان، في هذه الأماكن العامة. أمانينا أن نرتقي بثقافتنا للمحافظة على البيئة وارتفاع وتيرة حبنا لهذه المقدرات، والارتقاء بالذوق العام، وأن نسهم بشكل حقيقي في بقائها جميلة ونظيفة، وكل ذلك لن يحدث إلا إذا تكاملت الجهود الفردية والمجتمعية في نشر الوعي بثقافة المحافظة على الممتلكات العامة. قارن بين الصورتين وضع لنفسك بصمة.. ودع المكان أنظف مما كان.