إحدى الركائز الأساسية لنجاح المؤسسات في مختلف القطاعات. فهو لا يقتصر على اكتشاف العيوب فحسب، بل يشمل أيضاً حماية السمعة، وضمان رضا العملاء، وتعزيز الكفاءة التشغيلية. ومن خلال الفحص والاختبار والمتابعة والإجراءات التصحيحية، يضمن ضبط الجودة أن المنتجات والخدمات تلبي أعلى المعايير وتلتزم بالأنظمة المحلية والدولية. وتتنوع تطبيقاته من الصناعة والرعاية الصحية إلى التعليم والطاقة، مما يجعله أداة إستراتيجية لا غنى عنها لتحقيق التميز والاستدامة في بيئة أعمال تتسم بتنافسية متزايدة. ففي عصر يتسم بالمنافسة العالمية وارتفاع توقعات العملاء، لم يعد مفهوم الجودة خياراً، بل أصبح أساس الثقة والنجاح المستدام. وفي قلب هذا الالتزام يأتي ضبط الجودة (QC)، وهو المنهج الذي يضمن أن كل منتج أو خدمة يلتزم بالمعايير المحددة للأداء والسلامة والموثوقية. إن ضبط الجودة هو عملية منهجية للكشف عن العيوب وتصحيحها أثناء الإنتاج. ولا يقتصر دوره على اكتشاف الأخطاء، بل يتعداها إلى حماية السمعة، وضمان سلامة العملاء، وتعزيز مصداقية المؤسسة. وبينما يركز ضمان الجودة (QA) على منع العيوب من خلال تحسين العمليات، فإن ضبط الجودة يضمن أن المنتج النهائي يخضع للفحص والاختبار والتحقق قبل وصوله إلى المستهلك. وتتكون المكونات الأساسية لضبط الجودة من الفحص وهو التحقق الدقيق من المواد الخام والمنتجات أثناء التصنيع والمنتجات النهائية. كذلك الاختبار وهو تطبيق القياسات الدقيقة والمحاكاة وفحوص الأداء للتأكد من مطابقة المنتج للمواصفات. والمتابعة وهي مراقبة العمليات الإنتاجية بشكل مستمر لاكتشاف الانحرافات مبكراً قبل أن تتحول إلى مشكلات كبيرة. وأخيرا الإجراءات التصحيحية وهي معالجة الأسباب الجذرية للأخطاء لضمان عدم تكرارها، وهو ما يعزز قوة النظام الإنتاجي على المدى الطويل. ولضبط الجودة منهج وأساليب يضبط الجودة منها، مراحل الإنتاج المختلفة. وأخذ العينات للقبول وفي ذلك يم تقييم عينات ممثلة لتحديد جودة الدفعة بأكملها. أما في فحص المنتج النهائي يتم التحقق من مطابقة المنتج قبل طرحه في السوق. وأخيرا التحكم الإحصائي في الجودة (SQC) بمعنى استخدام البيانات والأدوات الإحصائية لتحليل التباين والاتجاهات، مما يساعد على اتخاذ قرارات دقيقة. إن الفوائد الإستراتيجية لضبط الجودة تتجاوز آثار ضبط الجودة لحظة ومجرد اكتشاف العيوب، إذ تشمل على ثقة العملاء وهي تعزيز سمعة العلامة التجارية وزيادة الولاء. أما على مستوى الكفاءة الاقتصادية ففي ذلك يتم تقليل الهدر وإعادة العمل والاستدعاءات المكلفة. أما علة مستوى الامتثال التنظيمي فهي تعمل على ضمان الالتزام بالمعايير الصناعية والقوانين المحلية والدولية. أما على مستوى التميز التشغيلي فهي تقوم بتحسين العمليات وزيادة الإنتاجية، مما يرفع القدرة التنافسية للمؤسسة. لضبط الجودة أمثلة وتطبيقات متنوعه في مختلف القطاعات منها، الصناعة والسيارات والتي يمثل ضبط الجودة فيها خط الدفاع الأول ضد المخاطر. فاختبار المكابح والوسائد الهوائية، على سبيل المثال، ليس مجرد إجراء روتيني، بل ضمان مباشر لسلامة الأرواح على الطرق. أما في تطوير البرمجيات وفي عالم التكنولوجيا، يتمثل ضبط الجودة في إجراء اختبارات دقيقة للبرامج والتطبيقات، واكتشاف الأخطاء البرمجية قبل الإطلاق كذاك في تصميم وتحليل الخوارزميات. وهذا يضمن تجربة مستخدم سلسة ويعزز ثقة العملاء في المنتج الرقمي. أما في الرعاية الصحية، يعد ضبط الجودة في القطاع الصحي مسألة حياة أو موت. فهو يشمل التحقق من تعقيم الأدوات الجراحية، وضمان دقة الأجهزة التشخيصية مثل أجهزة الأشعة والتحاليل المخبرية، إضافة إلى مراقبة جودة الأدوية. كما تطبق المستشفيات أنظمة ضبط الجودة لمتابعة معدلات العدوى وضمان الالتزام بمعايير السلامة. وفيما يتعلق بالتعليم ففي المؤسسات التعليمية، يركز ضبط الجودة على ضمان جودة المناهج الدراسية، ودقة التقييمات، وكفاءة أساليب التدريس. كما تعتمد هيئات الاعتماد الأكاديمي على أطر ضبط الجودة لتقييم أداء الجامعات والمدارس وضمان استمرارية التحسين. وفي قطاع الطاقة على سبيل المثال في قطاع الطاقة المتجددة، يمثل ضبط الجودة عنصراً أساسياً لضمان الكفاءة والسلامة. فاختبار ومراقبة كفاءة محطات الطاقة، وفحص توربينات الرياح والألواح الشمسية، كلها إجراءات تمنع الأعطال وتقلل من المخاطر البيئية. ضبط الجودة ليس وظيفة ثانوية، بل ضرورة إستراتيجية، فمن خلال الجمع بين الفحص والاختبار والمتابعة والإجراءات التصحيحية، يضمن ضبط الجودة أن تقدم المؤسسات منتجات وخدمات تلبي التوقعات وتعزز الثقة وتصمد أمام التدقيق. وعند دمجه مع ضمان الجودة، يشكلان معاً العمود الفقري لنظام إدارة الجودة الشامل (QMS)، مما يمكّن المؤسسات من تحقيق التميز في سوق لا يقبل بأقل من الكمال.