تُعد الأسرة اللبنة الأولى والأساسية في بناء أي مجتمع، وهي المصدر الأول للقيم والهوية والروابط الإنسانية. وفي المملكة العربية السعودية، تكتسب الأسرة مكانة محورية تعكس طبيعة المجتمع القائم على التماسك والتكافل. ومع إطلاق رؤية المملكة 2030، شهدت الأسرة السعودية سلسلة من التحولات الاجتماعية التي تواكب مسيرة التنمية، وتؤسس لمستقبل أكثر تنوعاً وانفتاحاً مع المحافظة على الهوية والثوابت الدينية والاجتماعية. ويشكل الشباب النسبة الأكبر من المجتمع السعودي، وهم المحرك الرئيس لرؤية 2030. ومع تنوع الفرص المتاحة لهم في التعليم، وريادة الأعمال، والابتكار، أصبحوا أمام مسؤوليات جديدة تتطلب وعياً اجتماعياً ومهارات حياتية. وتلعب الأسرة دور الموجه الأول للشباب، فهي التي تمنحهم الدعم النفسي، وتغرس فيهم القيم، وتعينهم على استثمار الفرص من دون فقدان للهوية. إن هذه العلاقة التفاعلية بين الأسرة والشباب، في ظل الرؤية، تعكس نموذجاً متقدماً لبناء مجتمع متوازن يجمع بين الأصالة والتجديد. ومن أبرز ملامح التحولات التي جاءت بها رؤية المملكة 2030 هو تمكين المرأة في مختلف المجالات، بدءاً من التعليم والعمل، وصولاً إلى المشاركة الفاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهذا التمكين لم يغيّر فقط من موقع المرأة في سوق العمل، بل انعكس أيضاً على دورها داخل الأسرة، حيث أصبحت شريكة أساسية في توفير الدخل، والمساهمة في اتخاذ القرارات، وصياغة مستقبل الأبناء. لقد منح هذا التغيير الأسرة السعودية قدرة أكبر على التكيف مع متطلبات العصر، ورسّخ قيمة المساواة في الفرص، مما يعزز ثقة الأبناء بالمجتمع ويدعم بناء جيل أكثر إدراكاً لدور المرأة في صناعة المستقبل. كما أدخلت أيضاً رؤية 2030 تحولات واسعة على أنماط الحياة اليومية للمجتمع السعودي. وازداد الاهتمام بالأنشطة الترفيهية والثقافية والرياضية، وظهرت مفاهيم جديدة تتعلق بجودة الحياة، وهو ما انعكس بشكل مباشر على الأسرة. فلم تعد الأسرة محصورة في أدوار تقليدية، بل باتت أكثر انفتاحاً على الفعاليات والمناسبات العامة، وأكثر مشاركة في الأنشطة المجتمعية. وهذا التوسع في مفهوم الحياة الأسرية أتاح للأبناء فرصاً أكبر للتعبير عن مواهبهم، وربط العائلة بمؤسسات المجتمع المدني والبرامج التطوعية، مما يسهم في خلق جيل فاعل ومسؤول. ورغم هذا الانفتاح والتغيرات الاجتماعية المتسارعة، بقيت الأسرة السعودية حريصة على الحفاظ على قيمها الدينية والثقافية الاجتماعية. فالتقاليد، مثل الاجتماع العائلي والمجالس الأسرية، لا تزال تلعب دوراً محورياً في تقوية الروابط وتعزيز الانتماء. ويكون التحدي الأبرز الذي يكمن في تحقيق التوازن بين الانفتاح على العالم والاستفادة من معطيات العصر والحفاظ على الأصالة والهوية. وهنا تظهر رؤية 2030 كإطار جامع، إذ تسعى إلى التحديث من دون أن تنفصل عن الجذور، وتفتح المجال للابتكار من دون أن تُضعف منظومة القيم. ولا يمكن الحديث عن التحولات الاجتماعية من دون التطرق إلى الثورة الرقمية والتكنولوجيا التي يعيشها المجتمع السعودي اليوم. فقد أسهمت رؤية المملكة 2030 في تعزيز التحول الرقمي بشكل واسع، من التعليم عن بعد، إلى الخدمات الحكومية الإلكترونية، إلى التجارة الرقمية. وقد كان لهذه التغيرات انعكاس على الأسرة من حيث طرق التواصل، وأساليب التربية، وحتى نمط الاستهلاك. ورغم المشاكل التي قد تفرضها التكنولوجيا، مثل قلة التفاعل المباشر بين أفراد العائلة، فإنها أيضاً وفرت حلولاً مبتكرة للتواصل وتطوير المهارات، وهو ما يضع الأسرة أمام مسؤولية إيجاد توازن صحي في التعامل مع العالم الرقمي. وإن الأسرة السعودية اليوم ليست مجرد نواة اجتماعية تقليدية، بل أصبحت شريكاً محورياً في مسيرة التنمية التي تقودها رؤية المملكة 2030، فهي تتفاعل مع التحولات الكبرى في المجتمع، وتعيد صياغة أدوارها بما يتناسب مع طموحات المرحلة. وبين تمكين المرأة، وصعود الشباب، وتغير أنماط الحياة، وتحديات التكنولوجيا، تبقى الأسرة هي الضامن الحقيقي لاستمرار التماسك الاجتماعي، والحاضنة الأولى للقيم الوطنية والإنسانية. وبقدر ما تنجح الأسرة في التكيف مع هذه التحولات، تسهم في تحقيق أهداف الرؤية، ليس فقط على مستوى التنمية الاقتصادية، بل أيضاً في بناء مجتمع حيوي متماسك يوازن بين الأصالة والمعاصرة، ويقود المملكة نحو مستقبل مزدهر. لقد أصبحت معالم الرؤية تتحقق رأي العين للجميع وأصبح الحلم واقعاً نعيشه، والمستقبل يبنى بأيدي شباب طموح يقود مسيرتنا عراب هذه الرؤية ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، وأيده بنصر منه، فقد حلمنا بمستقبل مشرق مع سموه، ووضع الخارطة لنا وها نحن اليوم نحقق الأهداف. حفظ الله المملكة العربية السعودية قيادة وشعباً، وأدام عليها أمنها ورخاءها واستقرارها.