شهدت المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة تحولًا جذريًا في مقاربة الترفيه من كونه عنصرًا ترفيهيًا بحتًا إلى كونه أحد المحاور الاستراتيجية لتحقيق رؤية 2030، فقد أدركت قيادتنا الحكيمة، أن الترفيه لا يقتصر على التسلية، بل هو وسيلة لبناء الإنسان، وتعزيز الانتماء، وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة. والترفيه في المملكة بوصفه محركًا استراتيجيًا لتحقيق أهداف وطنية كبرى، ورافدًا حيويًا للهوية المجتمعية والثقافية. فقد أصبح بالفعل أداة استراتيجية لتحقيق الأهداف الوطنية وتعزيز الهوية الثقافية. وتُعد رؤية المملكة 2030 خارطة طريق شاملة تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، مع التركيز على تمكين القطاعات غير النفطية، ومنها قطاع الترفيه. وقد نص أحد محاور الرؤية الثلاثة -مجتمع حيوي- على أهمية توفير خيارات ترفيهية وثقافية متنوعة لجميع شرائح المجتمع، ما يعزز جودة الحياة ويجعل من السعودية وجهة جاذبة للسياحة والاستثمار. وقد دعمت الدولة -رعاها الله- الهيئة العامة للترفيه من التأسيس إلى التمكين لتكون الجهة المعنية بتنظيم وتطوير قطاع الترفيه، الذي جعلته الدولة أحد الأعمدة الأساسية في اقتصاد ما بعد النفط. كما أسهم الترفيه في تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، عبر إشراك شركات إنتاج عالمية وعربية.وأصبح المواطن والمقيم يجدان في الفعاليات الترفيهية منصة للتعبير عن هويتهما والارتباط بالوطن. كما أسهمت تلك الفعاليات في إحياء الفنون الشعبية والمأكولات التقليدية والحرف اليدوية التي كانت مهددة بالاندثار. تحوّل استراتيجي في فترة وجيزة، شهدت المملكة العربية السعودية تحوّلاً لافتًا في مجال الترفيه، لم يكن مجرد تطور في تقديم الفعاليات والأنشطة، بل كان تحوّلًا استراتيجيًا عميقًا، استند إلى رؤية السعودية 2030، واستطاع أن يمسّ جوانب متعددة من حياة المجتمع، ويعيد رسم ملامح الهوية الوطنية، ويغيّر النظرة المجتمعية إلى الترفيه من جذورها. فجاء الترفيه في قلب الرؤية، فعندما وضعت القيادة الرشيدة الترفيه ضمن ركائز "رؤية 2030"، لم يكن ذلك بدافع الرفاهية فقط، بل باعتباره رافعة اقتصادية وثقافية واجتماعية. فالرؤية الطموحة هدفت إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، وكان الترفيه من القطاعات الواعدة التي أسهمت في ذلك من خلال جذب الاستثمارات، وتنشيط السياحة الداخلية والخارجية، وتحريك الاقتصاد المحلي. واليوم يشهد القطاع الترفيهي بالمملكة نموًا متسارعًا، ويُقدّر أنه ساهم بمليارات الريالات في الاقتصاد الوطني، إلى جانب خلق آلاف الوظائف وتمكين الشباب السعودي من العمل في مجالات إبداعية جديدة لم تكن متاحة من قبل. ولم يكن الهدف من الترفيه فقط الاستمتاع والفراغ، بل كان وسيلة لتعزيز الهوية الثقافية السعودية، وإحياء التراث، وربط الأجيال الجديدة بتاريخها. وقد حرصت الهيئة العامة للترفيه، والجهات المنظمة للمواسم والمهرجانات، على تضمين الفعاليات عناصر من الثقافة السعودية الأصيلة؛ من الأزياء، والمأكولات، والموسيقى، والفلكلور، والقصص الشعبية. وتحوّلت فعاليات مثل: موسم الرياض وموسم الدرعية إلى منصات للتعبير عن الفخر الوطني، وإبراز صورة حديثة للمملكة تجمع بين الأصالة والانفتاح على العالم، ما أسهم في تعزيز الشعور بالانتماء، وتقديم نموذج جديد للمواطن السعودي الذي يعتز بهويته ويتفاعل بثقة مع محيطه المحلي والدولي. ومن أبرز النجاحات التي حققها قطاع الترفيه في المملكة، هو تغيير المفهوم المجتمعي للترفيه. فبعد أن كان يُنظر إليه باعتباره ترفًا أو شيئًا هامشيًا، بات اليوم يُنظر إليه كعنصر أساسي من عناصر جودة الحياة، يساهم في الصحة النفسية، ويعزز الترابط الأسري والمجتمعي. كسر النمطية وأسهم الترفيه في كسر الصور النمطية التي كانت سائدة، وفتح آفاقًا جديدة للمشاركة من كافة أفراد المجتمع، ومن ضمنهم الأشخاص ذوي الإعاقة، وتقديم نماذج ترفيهية متنوعة تراعي خصوصية المجتمع وتطلعاته. ومن خلال هذا التوجه، تصوغ المملكة العربية السعودية رواية جديدة عن نفسها للعالم، رواية بلد حديث، ديناميكي، مليء بالحياة، ومتمسك بقيمه وثقافته. وأصبحت فعاليات الترفيه أداة فعالة من أدوات "القوة الناعمة"، التي تعكس صورة إيجابية عن المملكة، وتفتح نوافذ للتواصل الثقافي مع شعوب العالم. ويمكننا الآن أن نقول إن قطاع الترفيه في المملكة العربية السعودية هو أكثر من مجرد صناعة واعدة؛ بل إنه أصبح أحد أعمدة التغيير الحضاري والاجتماعي والاقتصادي، ومرآة تعكس روح الرؤية السعودية، التي تمضي بثبات نحو مستقبل أكثر إشراقًا فيه الإنسان في قلب التنمية، والهوية في قلب النهضة، والترفيه في قلب الحياة. وشهدت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة تحولًا ثقافيًا واجتماعيًا غير مسبوق، كان لقطاع الترفيه دور محوري في قيادته. فما كان يُعدّ في السابق ترفًا أو خروجا عن المألوف، أصبح اليوم جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية، وعنصرًا فاعلًا في التنمية الوطنية، وأداة مؤثرة في تغيير المفاهيم المجتمعية الراسخة تجاه الترفيه، فمن التحفّظ إلى القبول. ومع إطلاق رؤية السعودية 2030، تغيّرت المعادلة فقد تم التعاطي مع الترفيه كجزء من جودة الحياة، وكأداة لتعزيز التماسك الأسري والمجتمعي، وتحقيق التوازن بين العمل والحياة، بل وتحفيز الاقتصاد من خلال تنمية الصناعات الإبداعية والسياحية. قناعات راسخة وأصبح الترفيه الذي يشبهنا أحد أبرز أسباب نجاح الترفيه وكسر تلك الصور النمطية التي لا تشبهنا. فقد جاء منسجمًا مع الهوية السعودية، لا مناقضًا لها، فالمواسم والمهرجانات والفعاليات الكبرى مثل: موسم الرياض، وموسم جدة، وأيام السعودية، لم تقدم محتوىً مستوردًا بالكامل، بل صيغت بعناية لتدمج بين التراث المحلي والفنون المعاصرة، وتخاطب كل فئات المجتمع، من الأطفال إلى الكبار، ومن المحافظين إلى المنفتحين. وقد أوجد هذا التوازن مساحة آمنة ومقبولة اجتماعيًا، مهدت الطريق لتغيير القناعات الراسخة، وإقناع شريحة واسعة من المجتمع بأن الترفيه ليس خصمًا للقيم، بل وسيلة لدعمها وتعزيزها. ومن العوامل التي ساعدت على تغيير النظرة المجتمعية للترفيه، هو التركيز على العائلة كوحدة أساسية للأنشطة الترفيهية. فأغلب الفعاليات صُممت لتكون بيئة مناسبة للعائلات، ما عزز ثقة المجتمع بها، وأزال الحواجز النفسية السابقة تجاه المشاركة فيها. وهذا التوجه العائلي للترفيه ساعد في ترسيخ مفاهيم جديدة عن الترفيه، كمجال للتواصل الأسري، والتثقيف غير المباشر، والتنشئة الاجتماعية السليمة، وليس فقط كوسيلة للهروب أو التسلية. وأسهم الترفيه أيضًا في تغيير الصورة النمطية عن دور الشباب والمرأة في المجتمع. فقد أصبح القطاع منصة للتعبير، والابتكار، وريادة الأعمال، ما أظهر قدرات ومواهب سعودية متميزة في مجالات الموسيقى، والفنون، والإخراج، وتنظيم الفعاليات. وأثبتت التجربة أن الترفيه ليس فقط مقبولًا اجتماعيًا، بل مرغوبًا ومطلوبًا عندما يُقدَّم بجودة واحترام للثقافة المحلية، وأنه أداة للتمكين وليس للإلهاء. واليوم وبعد سنوات قليلة من انطلاقة هذا التحول، نستطيع القول بثقة إن قطاع الترفيه في المملكة نجح في إعادة تعريف الترفيه داخل المجتمع كحق إنساني، وركيزة من ركائز التنمية المستدامة. بل وأكثر من ذلك، فأصبح الترفيه أحد أهم مداخل الوعي المجتمعي الحديث، حيث يتقاطع مع التعليم، والسياحة، والاقتصاد، والإعلام، ويعكس تطلعات مجتمع سعودي فخور بهويته، ومنفتح على العالم. وما تحقق في قطاع الترفيه لم يكن تغييرًا شكليًا، بل تحولًا فكريًا عميقًا أسهم في تجاوز كثير من التوجسات المجتمعية، وفتح آفاقًا جديدة للحياة العامة في المملكة. وبهذا، لم يعد الترفيه في بلادنا مجرد نشاط جانبي، بل أداة وطنية لبناء الإنسان، وتشكيل الوعي، وتعزيز التلاحم الاجتماعي بروح عصرية ومتزنة. قوة ناعمة وعبر قطاع الترفيه، استطاعت المملكة أن تقدم وجهًا جديدًا للعالم، يعكس انفتاحها وتنوعها الثقافي، ويعزز صورتها الإيجابية. فقد جذبت فعاليات موسم الرياض، على سبيل المثال، فنانين عالميين ونجومًا كبارًا، كما بثت رسائل مفادها أن السعودية باتت لاعبًا مؤثرًا في صناعة الترفيه العالمية، ما يسهم في رفع مكانتها على الصعيدين الإقليمي والدولي. ورغم الإنجازات الكبيرة، إلا أن قطاع الترفيه يواجه تحديات، أبرزها المواءمة بين الحداثة والمحافظة على القيم الدينية والاجتماعية، وضمان الشمولية الجغرافية، بحيث تصل الفعاليات إلى مختلف مناطق المملكة. ومع ذلك، فإن المؤشرات الحالية تؤكد أن الترفيه سيظل أحد أعمدة التحول الوطني، وسيتوسع ليشمل مجالات جديدة كالألعاب الإلكترونية والسياحة الثقافية وصناعة المحتوى الرقمي. والترفيه في المملكة لم يعد هامشًا بل أصبح محركًا استراتيجيًا يدعم الاقتصاد، ويغذي الانتماء الوطني، ويصقل الهوية الثقافية. ومن خلال الرؤية الطموحة للقيادة، والمبادرات الجريئة للهيئة العامة للترفيه، بات الترفيه السعودي نموذجًا يُحتذى به في العالم العربي، ورافعة نحو مستقبل أكثر إشراقًا وتنوعًا ورفاهية. وبالفعل أصبح قطاع الترفيه في المملكة العربية السعودية يعد قوة ناعمة مؤثرة بفضل مجموعة من التحولات الجذرية التي شهدتها بلادنا ضمن رؤية السعودية 2030. ويمكن تلخيص كيفية تحوّل هذا القطاع إلى أداة من أدوات القوة الناعمة في النقاط التالية: تحسين الصورة الذهنية للمملكة عالميًا. وأسهمت الفعاليات العالمية (مثل موسم الرياض وموسم جدة) في تغيير الصورة النمطية عن المملكة، وتقديمها كدولة منفتحة ومتنوعة ثقافيًا، تجمع بين الأصالة والحداثة. تصدير ثقافتنا واستضافة المملكة لفنانين عالميين، وفعاليات رياضية ضخمة مثل الفورمولا 1 والمصارعة الحرة WWE، جعل العالم يراها كوجهة جديدة للترفيه والسياحة. وتعزيز الانتماء الوطني والهوية الثقافية، ربط الفعاليات الترفيهية بالتراث والثقافة السعودية وعزّز الفخر بالهوية الوطنية، وأسهم في إيصال الثقافة المحلية للعالم بطرق مبتكرة، مثل: ليالي الدرعية وبوليفارد وورلد، واستقطاب التأثير الثقافي والإعلامي. والترفيه أصبح أداة قوية لتصدير الثقافة من خلال الأفلام السعودية، والمسلسلات، والحفلات، والمهرجانات، وباتت المملكة تصنع محتوىً يلقى رواجًا عربيًا وإقليميًا، كما أن دعم الإنتاجات المحلية أسهم في خلق رموز فنية وإعلامية سعودية ذات حضور دولي، وأسهم ذلك في دعم الاقتصاد الإبداعي وبناء الصورة الناعمة. ونشأ حول قطاع الترفيه اقتصاد ثقافي مزدهر يدعم ريادة الأعمال، والمواهب الشابة، ما يجعل السعودية بيئة جاذبة للعيش والعمل، وهذا يخلق رواية جديدة عن المملكة تركز على التنوع والانفتاح والفرص. ويعد الترفيه كوسيلة دبلوماسية ثقافية، فأصبح الترفيه بالمملكة أداة دبلوماسية، حيث تُستخدم المهرجانات والفعاليات في تقوية العلاقات مع دول العالم من خلال التعاون الثقافي والفني. ومثال على ذلك: مشاركة فرق عالمية، وشراكات مع مؤسسات ثقافية دولية. والمتتبع لنشاطات قطاع الترفيه في المملكة لم يعد مجرد وسيلة للمتعة، بل أصبح إحدى أهم أدوات القوة الناعمة التي تستخدمها المملكة لتشكيل صورتها الدولية، وتعزيز تأثيرها الثقافي، وتمكين مواطنيها، ضمن استراتيجية شاملة تسعى إلى التأثير بدلاً من التلقّي فقط.