في ساعات متأخرة من الليل، وعند الثانية عشرة تحديدًا، صدرت قرارات بتعليق الدراسة في بعض المناطق المتأثرة بالأحوال الجوية. ورغم وجاهة القرار من حيث الحرص على سلامة الطلاب والطالبات والمعلمين، فإن توقيت صدوره يثير كثيرًا من التساؤلات، خصوصًا حين يتعلق الأمر بسلامة الأرواح في مناطق جبلية تعاني من هطول أمطار غزيرة وانزلاقات أرضية محتملة. المأساة الأخيرة في جازان، حيث فُجِع المجتمع بوفاة أربع معلمات وهن في طريقهن إلى مدارسهن، تمثل جرس إنذار حقيقي بضرورة مراجعة آلية اتخاذ القرارات المتعلقة بالطقس وتعليق الدراسة. هذه المحافظة الغالية، بما تحمله من تضاريس جبلية وعرضة مستمرة لتقلبات الطقس، تحتاج إلى إجراءات استباقية أكثر مرونة وسرعة، بدلًا من القرارات المتأخرة التي تفقد أثرها بعد فوات الأوان. لقد أثبتت تجربة التعليم عن بُعد عبر منصة "مدرستي" خلال جائحة كورونا نجاحها الكبير، إذ مكّنت الطلاب من مواصلة مسيرتهم التعليمية دون انقطاع، وأظهرت مرونة عالية في مواجهة الظروف الاستثنائية. وبالتالي، فإن تفعيلها اليوم كخيار بديل لم يعد ترفًا، بل ضرورة قصوى، خصوصًا في مثل هذه المناطق التي تهددها الأمطار والسيول بشكل دوري. إن دمج التعليم الحضوري مع التعليم الإلكتروني وفق خطط مدروسة، سيسهم في حماية الأرواح وتخفيف الأخطار، مع ضمان استمرار العملية التعليمية بسلاسة. كما أن الاستفادة من تجارب الماضي، وتطوير آليات الإنذار المبكر، والالتزام بتعليق الدراسة في الوقت المناسب، يمثل واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا لا يحتمل التأجيل. ختامًا، تفرض هذه المأساة على الجهات المعنية مسؤولية مضاعفة، فالتعليم رسالة سامية، وحماية حامليه والدارسين فيه أمانة لا تقبل التفريط.