أعادت المملكة خلال السنوات الأخيرة تشكيل اقتصاد الماء عبر تعزيز القدرات، وتوطين التقنيات، والتحوّل إلى التناضح العكسي والرقمنة، ورفع الطاقة الإنتاجية إلى مستويات قياسي، وتشييد شبكات نقل عملاقة تربط الساحلين بالمراكز السكانية والصناعية في الداخل، في وقت جاءت كحصيلة إستراتيجيات مدروسة في قطاع المياه، تتكامل مع رؤية القيادة الرشيدة نحو الاستدامة والسيادة المائية، تُتوّجها اليوم بمبادرات دولية لمواجهة تحديات المياه أحدثها المنظمة العالمية للمياه التي اتُّخذت الرياض مقرًا لها. تدشين مشاريع مع تدشين حزمة مشاريع عملاقة جديدة في الشرقية، يتصدرها مشروع "المليون" في الجبيل، يظهر هذا الامتداد كخط متصل من الاستثمار والبناء، كقصة نمت واتسعت وفق رؤية وطنية متكاملة، حيث بدأت بمحطة الخبر عام 1973، بطاقة إنتاجية بلغت 28,400 متر مكعب يوميًا، ثم جاءت محطة الخفجي 1974 بطاقة 550 مترًا مكعبًا يوميًا لتلبي احتياجات المدينة الحدودية، إلى جانب تدشين أول منظومة نقل مياه بطول 22 كيلومترًا وبأقطار تتراوح بين 19 و23 بوصة، تضمنت أربعة خزانات بسعة إجمالية بلغت 10,250 مترًا مكعبًا، في خطوة وضعت الأساس لأول شبكة نقل مائي في المنطقة الشرقية. ريادة عالمية حققت المملكة ريادة عالمية في إنتاج المياه لتصبح الأولى عالميًا بلا منافس. ولم تكتفِ بذلك، بل عززت دورها العالمي عبر إطلاق المنظمة العالمية للمياه من الرياض، لتقود الحوار الدولي حول إدارة الموارد المائية، انسجامًا مع رؤية 2030 التي جعلت من المياه جزءًا من معادلة التنمية المستدامة عالميًا. وتشهد المنطقة الشرقية سلسلة من المشروعات العملاقة لرفع مستوى الخدمة والكفاءة، واليوم، يكتمل المشهد مع تدشين مشروع "المليون"، أكبر محطة في العالم بتقنية التناضح العكسي بطاقة إنتاجية مليون متر مكعب يوميًا، يعتمد على الطاقة الشمسية بنسبة 33% (55 ميغاواط)، ليشكل نموذجًا عالميًا يجمع بين الكفاءة التشغيلية والاستدامة البيئية. رؤية استراتيجية إن التحول الكبير الذي يشهده قطاع المياه في المملكة هو ثمرة رؤية استراتيجية وضعتها وزارة البيئة والمياه والزراعة كمظلّة للقطاع، لترسيخ الأمن المائي كأحد ركائز التنمية الوطنية، وبرزت الهيئة السعودية للمياه كذراع رئيسي في صياغة وتنفيذ هذا التحول، بما أحدثته من نقلة نوعية في المشاريع الاستراتيجية وحوكمة القطاع وإدارة موارده عبر استراتيجيات متكاملة عززت الكفاءة والابتكار والرقمنة.