بعد التعافي من أمراض ك«كوفيد -19» والإنفلونزا والحمى الغدية، يواجه عدد كبير من الأفراد أعراضًا صحية مزمنة، تُعيق عودتهم إلى نمط الحياة الطبيعي. وتشمل هذه الأعراض التعب الشديد، وضبابية الذهن، وآلام المفاصل والعضلات، واضطرابات الجهاز الهضمي، والدوار، بالإضافة إلى عدم تحمل التمارين البدنية. وغالبًا ما تتفاقم هذه الأعراض بعد بذل مجهود، ما يشير إلى حالة تُعرف طبيًّا باسم «متلازمة التعب المزمن» (ME/CFS). وعلى الرغم من أن هذه المتلازمة معروفة منذ عقود، فإن الاهتمام بها تزايد بعد جائحة «كوفيد-19»، إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من 400 مليون شخص عانوها منذ بداية الجائحة، خاصة من بين مصابي «كوفيد طويل الأمد». وفي ظل هذا الواقع، برزت نظرية جديدة تُعرف ب«خلايا الزومبي»، لتفسير بعض هذه الأعراض المستمرة. وتفترض الأبحاث أن بعض الخلايا البطانية المبطنة للأوعية الدموية تمر بعملية شيخوخة مبكرة بعد الإصابة الفيروسية، تدخل إثرها في حالة شبه موت، فتفقد وظيفتها على الرغم من استمرار نشاطها الأيضي. هذه الخلايا تطلق تفاعلات التهابية ومسببات تجلط تخلان بتوازن الجسم، وتؤديان إلى الإرهاق وضبابية الدماغ. ويزيد الطين بلة أن الجهاز المناعي نفسه قد يعاني خللا في هذه الحالات، إذ تفقد خلاياه الفاعلة كفاءتها في إزالة هذه الخلايا المتضررة، ما يطيل أمد الالتهاب واختلال وظائف الجسم. ولمواجهة هذه الظاهرة، تتسارع الدراسات لتطوير تقنيات تشخيص غير جراحية، واختبار تأثير بلازما المرضى، تمهيدًا لإنتاج علاجات تستهدف إزالة هذه الخلايا واستعادة التوازن المناعي. وفي حين لا يزال العلاج الشافي بعيد المنال، تفتح هذه الأبحاث أفقًا جديدًا لفهم ومعالجة أحد أكثر التحديات الطبية تعقيدًا في عصرنا الحديث.