تتجه أنظار العالم أجمع نحو منطقة الشرق الأوسط، مع إطلاق العديد من دول المنطقة في شهر مايو، مشروعات إستراتيجية رائدة تُعيد تشكيل مشهد الذكاء الاصطناعي بطرق لم نشهدها من قبل، ومن المثير للاهتمام أن نشهد هذه المبادرات، بل أن نكون طرفًا فيها، وذلك لما لها من تأثير عميق وواسع النطاق على مستقبلنا. إن منطقتنا تتمتع بموقع فريد يؤهلها للريادة، ليس فقط بفضل قوتها الاقتصادية، بل بفضل شراكاتها الجريئة بين القطاعين العام والخاص، وقيادتها القوية، وقدرتها على تحويل الطموح إلى واقع، ويمكن للجميع أن يجد في هذه المنطقة دليلاً على أننا لا ننتظر مستقبل الذكاء الاصطناعي، بل نقوم ببنائه. وتعمل دول مجلس التعاون الخليجي بشكل حثيث على إرساء أسس اقتصادات قائمة على المعرفة، ودفع عجلة النمو من خلال الابتكار التكنولوجي، مستندة في ذلك إلى رؤى وطنية طموحة تتطلع نحو المستقبل، وهذا يتيح لنا أن نتحرك بسرعة في هذه المنطقة، ونتعاون مع شركائنا بطريقة ذكية، ونحقق نتائج ملموسة على نطاق واسع، على الرغم من أن زخم الذكاء الاصطناعي هو أمر حقيقي، إلا أن الجاهزية ليست بنفس المستوى. لا شك أن تركيز منطقتنا على الذكاء الاصطناعي هو أمر لا يمكن لأحد أن يُنكره، ونحن نشهد كيف يمضي القادة في جميع أنحاء الشرق الأوسط قدمًا بإصرار وعزيمة، ويضعون إستراتيجيات وطنية جريئة، ويسعون جاهدين لإيجاد سبل عملية لتحويل هذه الإستراتيجيات إلى واقع ملموس. ووفقًا لمؤشر سيسكو للجاهزية للذكاء الاصطناعي، أفادت كل مؤسسة تقريبًا شاركت في استطلاع الرأي عن تزايد حاجتها الملحة لنشر الذكاء الاصطناعي، ويتخيل قادة الأعمال في مختلف القطاعات، تطوير خدمات حكومية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تستبق احتياجات المستهلكين، وأنظمة روبوتية تُحدث تحولًا جذريًا في التصنيع، كما يتطلعون إلى إمكانية استقطاب مواهب جديدة بغضون بضع ثوانٍ، لا أسابيع، وهناك أيضًا صناعات جديدة تلوح في الأفق، بعضها لم نكن نحلم به أو نتصوره، وفي الشرق الأوسط، نتخذ اليوم الخطوات الجريئة اللازمة لتحقيق ذلك، وبوتيرة متسارعة، تحديد الأسس الصحيحة: المهارات والبنية التحتية والأمن. وللبقاء في الطليعة، يجب أن يتحول الوعد إلى تقدم سريع، ويبدأ مخطط نجاح الذكاء الاصطناعي بصقل مهارات الأفراد، وتعزيز الأمن، وتحديث البنية التحتية، ولكنه يعتمد أيضًا على الثقة، وفي منطقة الشرق الأوسط، يتم اليوم تعزيز وإرساء هذه الأسس، حيث تستثمر الجهات المعنية مليارات الدولارات في أبحاث الذكاء الاصطناعي، وتنمية المواهب، وبناء بنية تحتية حيوية، وتمثل هذه الإجراءات خطوة عملية وواقعية تضمن لمنطقتنا المشاركة في وضع معاييرَ الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي. الشراكة هي أهم نقاط قوتنا ولابد هنا من الإشارة إلى أن طموحنا، وكذلك طريقة تحقيقنا له، يلعب دورًا مهمًا في تمييز منطقة الشرق الأوسط عما سواها، حيث يعمل القطاعان العام والخاص في جميع أنحاء منطقتنا هذه، جنبًا إلى جنب بتناغم قلَّ نظيره، ويمضيان قدمًا بوضوح وسرعة وهدف مشترك، وهذه الشراكة هي من أهم نقاط القوة في منطقتنا، وهي أيضًا مكمن القوة الأهم بالنسبة لشركة سيسكو. وقد لمست هذا بنفسي خلال زيارة قام بها مؤخرًا، تشاك روبنز، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة سيسكو، وهي زيارته الثانية خلال ما يزيد قليلاً على ستة أشهر، إذ كانت كل محادثة أجراها، سواء مع قادة حكوميين أو شركاء أعمال محليين، تُركّز على أمر واحد، وهو عزم المنطقة على جعل الذكاء الاصطناعي واقعًا ملموسًا، والعمل معًا لتحقيقه، ونحن في سيسكو فخورون بكوننا جزءًا من هذه الرحلة، وندرك تمامًا من خلال خبرتنا التي تربو على 25 عامًا في الشرق الأوسط، إننا عندما نتحرك معًا، فإننا نتقدم بشكل أسرع ونصل إلى آفاق أبعد، العالم يترقب، ونحن على أتم الاستعداد. على الرغم من أن منطقة الشرق الأوسط أظهرت للعالم كله ما يُمكن تحقيقه عندما تلتقي الرؤية الجريئة بالشراكات الموثوقة والقيادة القوية، إلا أن العمل لا يتوقف عند هذا الحد، فقد أعلنا في سيسكو مؤخرًا عن شراكات إستراتيجية جديدة ومتنوعة لبناء مستقبل الذكاء الاصطناعي في منطقتنا هذه، ليس هذا فحسب، بل إننا نعمل أيضًا على بناء علاقات تعاون جامعية جديدة ومبادرات لتنمية المواهب، للمساعدة في إعداد الجيل القادم من المهنيين لعالم يزدهر فيه البشر والذكاء الاصطناعي معًا. كما أننا نعمل على بناء مراكز بيانات جاهزة للذكاء الاصطناعي، وتعزيز المرونة الرقمية، وتشكيل أماكن العمل المناسبة للمستقبل، المصممة لجذب وإعداد المواهب التي ستقود المستقبل. ونحن الآن عند نقطة تحول حقيقية، إذ يصعب استيعاب التحولات التي سيُحدثها الذكاء الاصطناعي خلال العقد القادم بشكل كامل، ولكن هناك أمر واحد مؤكد، وهو أن البنية التحتية التي نبنيها اليوم لدعم الذكاء الاصطناعي وحمايته هي ما سيحدد مدى تقدمنا في المستقبل. وبينما يتطلع العالم إلى التعاون القوي بين منطقة الشرق الأوسط وشركة سيسكو، فإننا سنواصل القيام بما نبرع به على أفضل وجه، ألا وهو التحرك السريع، والبناء معًا، وتحويل الإمكانية إلى تقدم حقيقي ملموس. * نائب الرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وتركيا ورومانيا ورابطة الدول المستقلة في شركة سيسكو