يرسل الله سبحانه بعضنا البعض كالأرزاق وعلى قدر نواياكم ترزقون. هناك فئة من الناس هم الأكثر طيبة وصفاء، حتى أنك تحسبهم لكثرة إحسانهم وصفائهم ملائكة بين جموع البشر. يكون عادة هؤلاء الأشخاص ممن يجاهد نفسه لكي لا يظن سوءا في الآخر، ولا أن يحمل مثقال ذرة بغض أو حسد لأحد ما، لا يوجد شخص واحد في الدنيا حياته خالية خلواً تاماً من المشاكل، وبناء على ذلك فإن الكثير من الأشخاص تراه يثلج صدره من تلك المشاكل والمصائب بالصراخ عن الناس بسبب وبدون سبب. لكن الطيبون تجدهم في هدوئهم ما يعبر عن قوة إيمانهم وصبرهم، ثابتون محاسبون صامدون في وجه الصعاب، لا يعلم بهمومهم أحد غير رب العباد سبحانه وتعالى. إضافة إلى كل سبق فإن الإنسان الطيب ذي الخصال الرفيعة لا يعاتب أحباءه على تقصيرهم معه، ولا يعرف للخصام طريقاً، وحتى لو أن الطرف المقابل قد تجاوز حدوده معه أو جرحه إلى حد كبير وآذاه فإن القلوب تبقى ثابتة على حبه مسامحة له وكأنه لم يفعل شيئاً. أننا لا نجد الوفاء على حافة الطرقات ولا نصطدم بالطيب في زاوية كل مكان، إنما هي هدية بعد تعب وقلة من كثير، تكاد تجزم أنه لا وجود لهم، لكن لطف الله ورحمته تضعهم في طريقنا بطرق مختلفة لكنها تبقى دائما تلك الصدف ذكرى لا تنسى. لو فكرنا في الموضوع بتمعن أكثر لوجدنا أنفسنا قادرين على أن نكون مثل هؤلاء، وأنهم رغم تميزهم واختلافهم إلا أنهم ليسوا فعلا ملائكة، بل إن الأمر كله مرتبط بالإرادة والعزيمة والصبر الطويل ومجاهدة النفس واتباع تصرفات الأشخاص المحيطين بك، تطبيقا لقانون السن بالسن، لا بأس إن تكن أنت الطرف المضحي في سبيل حفظ الود وكتابة عمر جديد للمحبة بين الناس، أليس أفضل من هدم علاقة دامت سنين وسنين؟! الطيبون يجمعهم سبحانه مع من هم بنفس طيبتهم أو أكثر، بلطفه وكرمه، فلا يؤذي أحدا ولا يكره أحدا حتى إن مات تبقى ذكراه طيبة بين الجميع. اللهم اجعلنا ممن أحببته وكتبت لهم الخير ورزقتهم من واسع فضلك، وأدم علينا سترك يا رب العالمين.