عندما رفرفت أعلام السعودية وأمريكا في شوارع الرياض، لم تكن فقط ابتهاجًا وترحيبًا بزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للمملكة، لكنها احتفائية بعلاقات ثنائية ذات جذور عميقة، لها ثمار تعددت عبر حقب متواصلة، ولها آفاقها الممتدة لمزيد من التعاون المثمر بين البلدين الصديقين. أمريكا لا تحتاج شرحًا لمكانتها الرفيعة دوليًا، فهي قطب مؤثر في كل تفاصيل عالمنا اليوم، والمملكة تتربع في مقدمة الركب المؤثر في المشهد الدولي سياسيًا واقتصاديًا وإستراتيجيًا. ما يجمع بين البلدين هو تاريخ عريق من التعاون والتنسيق، مثلما يجمع بينهما رغبة في تكامل المصالح، والسعي المشترك لما يصب في مصلحة البلدين، وما يدعم الأمن الإقليمي والدولي. هذه المصالح والاهتمامات تأتي من احترام متبادل لمكانة كل دولة من قِبل الدولة الأخرى، فمظاهر التقدم الذي تحرزه المملكة في جميع المجالات، والتجربة السعودية الفريدة القافزة بألق وإرادة وروح تحدٍ، جعلت منها رقمًا لا يمكن تخطيه في كل شأن من شؤون العالم، فأصبحت محط الأنظار، ومحل التقدير والالتفات لرأيها في كل شأن دولي. في المقابل، تقف الولاياتالمتحدة منذ عقود في مقدمة الركب العالمي، اقتصادًا وتقنية وقوة عسكرية وتقدمًا حضاريًا، ما يجعلها جديرة بما تجد من احترام وما تصنعه من نموذج اقتداء. هذا التميز في مكانة البلدين، وما بلغاه من صدارة وقوة تأثير ومسيرة حضارية لا تعرف التوقف، يجعلهما أكثر إصرارًا على المضي قدمًا في تمتين العلاقات الثنائية، فالعالم يتأثر سلبًا وإيجابًا بكل ما يدور في أي ركن قصي فيه، وجهد البلدين مطلوب للحفاظ على هذا العالم مقرًا آمنًا وناميًا ولائقًا بالبشر، مثلما أن هذا الجهد مطلوب لاستمرار وتيرة التقدم الذي يحتاجه البلدان بما يمكن أن يبذله كل طرف للآخر من أجل مصلحة الشعبين. العالم كله يدرك ما يتحقق من تقدم علمي وتقني باهر تقوده أمريكا، ولا سيما في مجالات مستجدة كالذكاء الاصطناعي، ومجالات أخرى تتعلق بعلوم الفضاء ذات التأثير المتنامي في العلوم بأشكالها كافة، والعالم كله يدرك أيضاً مكانة المملكة الرفيعة ضمن العشرين الذين يقودون العالم في مساره الاقتصادي، فضلًا عن المكانة السعودية الرفيعة في العالم العربي، والعالم الإسلامي بكل ثقله الكمي والنوعي الرفيع. بهذا التميز والتمايز، فإن تبادل الزيارات بين السعودية والولاياتالمتحدة، ومبادرة الرئيس الأمريكي ترمب بأن تكون المملكة هي محطته الأولى في ولايته الحالية مثلما فعل في ولايته السابقة، إقرار أمريكي بالثقل الكبير للمملكة، وتأكيد للندّية التي يقف فيها البلدان وهما يتفاهمان وينسقان ويخططان لما يجعل علاقاتهما المتبادلة مفيدة للدولتين، ولكل ما يهم المنطقة والعالم من أمور السلام والأمن والاستقرار. وجود الرئيس ترمب في ضيافة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، هو نافذة جديدة في صرح علاقات متينة، تنمو وتزهر وتعطي النتاج الإيجابي، ويكون لها ما بعدها من حصاد ثمين يصب في مصلحة البلدين الصديقين.