كان الإنسان القديم يعيش في بيئة أو مجتمع بسيط ومحدود ولم تكن هنالك معلومات ضخمة تأتي من محيطه المباشر فور استيقاظه. هذا النمط من الحياة جعل عمليات التفكير والمعالجة في دماغه تقتصر على عدد قليل من الأفكار الأساسية المتعلقة بالأكل والشرب والمشكلات الاجتماعية البسيطة ولم يكن هناك تدفق كبير ومستمر للمعلومات طوال الوقت كما هو الحال اليوم، مما جعل الضغط على دماغه أقل بكثير حيث لا يحتاج إلى عمليات تفكير ومعالجة معقدة. أما دماغ الإنسان المعاصر فيواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في التدفق الهائل والمستمر للمعلومات المختلفة سواء كانت مرئية أو مسموعة وذلك بفضل الأدوات التكنولوجية الحديثة التي تضع العالم كله في يده وهو لم يغادر سريره بعد. ما يُحمّل على دماغه عبئًاً كبيراً جداً يتمثل في معالجة هذه السيول المعلوماتية الجارفة. هذا التدفق المستمر يؤدي إلى إرهاق الدماغ ويؤثر في قدرته على التركيز بشكل كبير جداً ليكون عاملاً كبيرا في تشويش أفكاره والتأثير على قراراته. هذا الفرق الهائل في كيفية وكمية تلقي ومعالجة المعلومات بين الإنسانيّين ليس أمراً يمكن تجاوزه بل يحتاج إلى وعي الفرد وأن يكون متحكماً بالمعلومات التي يغذي عقله بها، وأن يدرك أن ذلك قد يكون مؤذياً بشكل كبير ليلعب دوره في تشتيت وتعقيد إدراكه وعملياته الذهنية.