الأمين العام لمجلس الشورى يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تمديد خدمته أمينًا عامًا للمجلس    الأمين العام لمجلس الشورى يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تمديد خدمته أمينًا عامًا للمجلس    "السيف العقارية" تستحوذ على أرض صناعية في الظهران بمساحة مليون متر مربع وبقيمة تتجاوز 430 مليون ريال    الجبير يستقبل الأمين العام السابق للأمم المتحدة    بدر الشهري مديرًا لإدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة بيشة    محافظ مرات يكرم المشاركين بموسم شتاء مرات ( 6 )    مستشفى الملك خالد بالخرج ينقذ حياة مقيم خمسيني من سرطان الغدد اللمفاوية المتقدم    الأمير عبدالله بن مساعد: فقط رونالدو يستحق قيمة عقده    قبل ديربي حائل.. ماذا قدم الطائي والجبلين في دوري يلو؟    4 مواهب قدساوية إلى قائمة "أخضر الفتيات    الاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه على مدينة طوباس لليوم الثاني على التوالي    «سلمان للإغاثة» يوزّع 750 كرتون تمر في مديريتي الضليعة وغيل بن يمين بمحافظة حضرموت    القبض على شخص لترويجه (17) كيلو جرامًا من نبات القات المخدر بعسير    هيئة تنظيم الإعلام تحيل 6 أشخاص إلى النيابة العامة بسبب نشر محتوى يؤجج الرأي العام    المملكة تقيم مخيمًا جديدًا لإيواء الأسر التي فقدت مُعيلها في قطاع غزة    حوارات تحت سقف واحد.. بين الفردية وشراكة الحياة الزوجية    بدء أعمال السجل العقاري ل 31 حيًا بمناطق الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة    "التخصصي" يستضيف قمّة التعاون في الجراحة الروبوتية بالرياض    الرياض تحتضن النسخة الثالثة من معرض التنقل السعودي 2025    العرض السعودي مزاد عاطفي يشارك في مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي    طالب من الطائف يشارك في المجلس الاستشاري للطفولة المبكرة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يطّلع على روزنامة "مهرجان جازان 2026    تثبيت سعر الفائدة الرئيسية في كوريا الجنوبية    فوز كاتبة فرنسية بجائزة ابن خلدون – سنغور للترجمة    علماء صينيون يطورون لسانا اصطناعيا لقياس مستوى الطعم الحار    «المالية»: نظام الرقابة المالية نقلة نوعية    تقمص هيئة والدته «المتوفاة» لأخذ معاشها    وسط تحذيرات إسرائيلية من تصعيد محتمل.. اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص    أبطال أوروبا.. ليفربول يسقط برباعية أمام آيندهوفن    في ربع نهائي كأس الملك.. الأهلي والاتحاد يواجهان القادسية والشباب    في خامس جولات كأس آسيا 2.. النصر يقسو على استقلال دوشنبه ويتأهل لثمن النهائي    «الثقافة» تعزز الهوية الوطنية في المؤسسات التعليمية    أكد أن مؤتمر «حل الدولتين» حقق نجاحاً كبيراً.. الدوسري: توظيف العمل الإعلامي العربي لخدمة القضية الفلسطينية    تقليد إلفيس بريسلي ينهي مسيرة قاض    وسط خلافات مستمرة حول بنود حساسة.. الكرملين يؤكد استلام النسخة الجديدة من «خطة السلام»    استعرضا عدداً من المبادرات والمشروعات التطويرية.. أمير المدينة والربيعة يناقشان الارتقاء بتجربة الحجاج    عبر منظومة خدمات لضيوف الرحمن.. الحج: 13.9 مليون مرة أداء للعمرة خلال جمادى الأولى    الجيش يطالب بانسحابها من المدن.. قوات الدعم السريع تنقض الهدنة    «مدينة القدية» تقدم ألعاباً عملاقة مبتكرة    موجز    خلال المؤتمر العالمي ال48 في جنيف.. السعودية تحرز 18 جائزة دولية عن تميز مستشفياتها    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح أوروبا    40% يضعون الطاقة الشمسية ضمن خياراتهم    نشر 500 عنصر إضافي من الحرس الوطني في واشنطن    أمير تبوك يستقبل قنصل الفلبين    مبابي يسجّل ثاني أسرع «هاتريك» في تاريخ دوري أبطال أوروبا    محافظ الأحساء يطلع على جهود مركز عبدالله بن إدريس الثقافي    تصاعد الدبلوماسية بين موسكو وواشنطن: جهود مكثفة لإنهاء حرب أوكرانيا    ملف الرفات وتحديات الهدنة: تبادل هش ومصير معلق في غزة    إتاحة التنزه بمحمية الطوقي    المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب يعقد أعمال دورته ال21    الأمن العام يدعو ضيوف الرحمن إلى الالتزام بالممرات المخصصة داخل الحرم    13.9 مليون إجمالي مرات أداء للعمرة خلال شهر جمادى الأولى    تعديل بعض مواد نظام التسجيل العيني للعقار.. مجلس الوزراء: الموافقة على نظامي الرياضة والرقابة المالية و«إستراتيجية التخصيص»    «الجوازات» تصدر 25,646 قراراً بحق مخالفين    خالد بن سلمان يرأس وفد المملكة باجتماع مجلس الدفاع المشترك.. تعزيز التعاون العسكري والدفاعي بين دول التعاون    موسكو تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال    أمير تبوك يستقبل سفير دولة الكويت لدى المملكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من داخل إصلاحية سجن النساء
نشر في الوطن يوم 25 - 02 - 2020

من أهم المهارات التي نحتاجها في الحياة، هو التكيّف أو القدرة على التعديل حسب الموقف للتعامل معه بطريقة إيجابية، والخروج بنتائج فاعلة ومؤثرة قدر الإمكان. وبين الفينة والأخرى تضعنا الحياة في مواقف كهذه، إذ تسترجع كل ما تعلمته من معلومات، وما تدربت عليه من مهارات، وما تمكنت منه من قدرات، حتى تستطيع أن تعبر بسلام موقفا جديدا وحساسا بكل ما تعنيه الكلمة.
قبل أسبوعين، بُلّغت بالموافقة على تقديم دورة تدريبية لنزيلات إصلاحية النساء بجدة، ضمن اتفاقية بين جامعة جدة وبين إدارة الإصلاحية، بتقديم برنامج تدريبي يحوي عدة دورات على مدى 8 أسابيع، يقدم من متطوعات من هيئة التدريس بالجامعة، وجاء اسمي في أول قائمة الجدول للدورات، إذ اتصلت بي المسؤولة من إدارة التطوع بالجامعة، وأبلغتني باستلام الموافقة وبموعد ذهابي، وطلبت مني أن أرسل المعلومات المطلوبة لتسهيل المهمة من إدارة أمن السجن، بصراحة كان الأمر مفاجئا لي، وشعرت بأنني سأدخل عالما مخيفا، ربما بسبب ما نتابعه على شاشات التلفاز والسينما، من الدراما العربية والأجنبية والأفلام الوثائقية، عمّا يحدث داخل السجون.
أقرب احتكاك بالموضوع بالنسبة لي كان حينما أجريت بحثا عن أسر السجناء، وكتبت حينها مقالة في الموضوع، والموضوع الثاني كان عن المراهقين الجانحين، إذ أجريت مقابلة مع أحدهم بمساعدة ابن أختي الذي سهّل لي الأمر حينها، المهم هنا أن خبرتي كانت من الخارج وليس من الداخل، ومهما حاولت أن أتجهز بالتركيز على مادة الدورة، كان عقلي يأخذني إلى ذاك العالم الذي قرأت عنه، وشاهدت من خلاله ليس فقط معاناة السجينات، بل قصص الرعب التي يعشنها داخل أسوار تلك السجون.
جاء يوم الزيارة واتجهت إلى السجن، وأول ما لفت نظري كلمة إصلاحية النساء على إشارات الطريق المؤدي إلى السجن، وكان هذا من أول المؤشرات لما سأشاهده في الداخل، حين اقتربت وعند أول حاجز أمن كان الاستقبال الرائع، فبعد الاطلاع على هويتي سألني حارس الأمن عن الزيارة، فأجبته لدي دورة في الداخل، دعا لي: «ربي ينجحك»، فاعتبرتها فاتحة خير، واستبشرت وبدأت أعصابي ترتاح قليلا، ثم جاء من دلني على مبنى الإدارة في الداخل، وكان في غاية اللطف أيضا، واتجهت إلى المبنى حيث دخلت، وعندما أخبرت حارسة الأمن في الداخل بأنه لدي أكياس مواد لتنفيذ الدورة، سارعت بإحضار إحدى المستخدمات التي ساعدتني في إدخالها وحملها، وتمت إجراءات الدخول الأمنية بكل سلاسة ودقة، ولكن الذي شد انتباهي بالفعل ليس فقط نظافة المكان، بل الترتيب والدقة في أداء العمل، إضافة إلى كلمات التأهيل والابتسامة التي لم تفارق ثغر أيّ من الموظفات طوال فترة وجودي في الداخل، واللباس الرسمي للموظفات، وكان أنيقا وينمّ عن ذوق، وكان بألوان مريحة أيضا، لكل فريق عمل موديل ولون، وشعرت بأني داخل خلية نحل، كل واحدة منهن تعرف ما عملها، وهي تقوم بتنفيذه بدقة، ولأنني حضرت قبل الموعد، تم توجيهي إلى غرفة مديرة إدارة الإصلاحية، وكان استقبالها مريحا جدا، إذ أعطتني بعض التعليمات المهمة، وتحدثنا معا عن المكان الذي لاحظت خلال وجودي أنها تديره بكل مهنية ودقة في المتابعة، حتى مع اللاتي من المفروض أنهن مدربات من المرشدات، كانت تتأكد من كل نقطة في إجراءات تنفيذ الدورة، وتحركي من عندها إلى القاعة بنفسها.
جاء وقت اللقاء، ودخلت النزيلات واحدة تِلْوَ أخرى، وبدأت دقات قلبي تتزايد، ليس خوفا منهن لأنهن كنّ على غير ما توقعت تماما، من ناحية الشكل واللباس. وجوه تحمل علامات استفهام، وفي انتظار ما سأقدمه، بل كان تسارع دقات قلبي بسبب خوفي من ألا أستطيع أن أقدم الأفضل لهن، وعندما بدأت تمرين التعارف الذي من المفترض أن يكسر الجليد، ويضيف شيئا من الألفة بين المشاركات وبيني، اكتشفت أن بعضهن بثقافة ضحلة، وأن بعضهن لا يعرفن الكتابة والقراءة! وهنا اتجهت إلى مخزوني من الخبرات والمهارات، واستخرجت أفضل ما لدي للتعامل مع الموقف، وحولت بطريقة ما المفردات اللغوية لتناسب مستواهن الثقافي، وقلبت التدريبات الكتابية إلى شفهية بطريقة تشدهن وتدفعهن إلى المشاركة، وجرت الدورة بكل سلاسة بعدها، إلى أن وصلت إلى تلك النظرة التي دائما ما أبحث عنها في وجوه طالباتي أو الحضور في ورشات العمل من المشاركين والمشاركات، تلك النظرة التي تخبرني بأن رسالتي قد وصلت!.
وفي نهاية الدورة، استبدلت علامات الاستفهام بابتسامات عريضة وكلمات شكر، جعلتني أشعر بأنني حصلت على درع تكريم في تلك اللحظة، لأنني لم أكن أول المتطوعات أو المتخصصات، ممن تقوم إدارة الإصلاحية باستقطابهن للارتقاء بمستوى النزيلات المهاري والمعرفي، بل أيضا الروحي، فقد كنت رقما بين الأعداد الكبيرة التي زارت وستزور هذا المكان، لتقديم أفضل ما عندها من دورات وورشات عمل، وأنا متأكدة من أن كل واحدة منهن لا تقل عن الأخرى في المهنية والعطاء، بدليل اللوحات والمجسمات التي رأيتها على الجدران داخل مبنى التدريب من أعمال السجينات، فلا أستطيع وصف جمالها من تناسق في الألوان ومناظر تسر النفس بمجرد المرور عليها. خبرة إيجابية عما يقدمه الوطن لهذه الشريحة من نساء الوطن، زادتني فخرا واعتزازا وحبا له، ولجامعتي التي منحتني هذه الفرصة الثمينة التي أثرت حياتي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.