ارتفاع الأسهم الآسيوية    المياه الوطنية: اكتمال تنفيذ مشروعي شبكات المياه في المهدية بالرياض بأكثر من 76 مليون ريال    استشهاد 14 فلسطينيًا    صيدلية عبدالله تعلن عن إغلاقها في مركز تندحة    وزارة الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق (6) مخالفين لأنظمة وتعليمات الحج    سفير المملكة لدى طاجيكستان يودع حجاج برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين    أمير منطقة جازان يرعى حفل تكريم خريجي وخريجات منشآت التدريب التقني لعام 1446ه    "قطار المشاعر" يستعد لنقل مليوني حاج    أمير القصيم يتفقد مدينة حجاج البر    ترأس نيابة عن ولي العهد وفد المملكة.. وزير الخارجية: قمة «آسيان» تطور الشراكة بما يخدم مصالح وتطلعات الشعوب    المملكة تدين اقتحام الأقصى وترفض المساس بتاريخية القدس    آلية مشتركة لإعادة العائلات إلى مناطقها الأصلية.. اتفاق سوري – كردي لإجلاء نازحي مخيم الهول    في نهائي دوري المؤتمر الأوروبي (كونفرنس ليغ).. تشيلسي وريال بيتيس يبحثان عن التتويج بأول لقب    2000 يورو تحرم ليون من التعاقدات لثلاث فترات    ريال مدريد يغريه بالعودة.. رونالدو والنصر.. لا اتفاق جديد    قفزات استثنائية للرؤية السعودية (4 4)    بتوجيه من القيادة.. وزير الداخلية يوقع اتفاقيات مع أجهزة أمريكية نظيرة    برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء: الموافقة على تنظيم «الأمن الغذائي» وتعديل تنظيم الدعم السكني    "الجوازات": قدوم 1.1 مليون حاج عبر المنافذ    الأرصاد: رياح مغبرة من اليوم حتى الأحد المقبل    الدكتورة سميرة إسلام.. سيرة حياة حافلة بالعطاء والريادة العلمية    شَبَه الكتابة بالطبخ    الأمير تركي بن طلال مفتتحاً المنتدى: 25 مليار ريال استثمارات ومشاريع مطورة بمنطقة عسير    إنهاء إجراءات الحجاج خلال 3 دقائق ب"مركز الترحيب"    "نسك" يمكِّن الزوار من أداء الصلاة في الروضة الشريفة    السديس يوجه باختصار خطبة وصلاة الجمعة في الحج    "التخصصي" يحصد اعتماد الآيزو العالمي للجودة    دشن "مركز الحروق والجراحات التجميلية".. أمير الشرقية: القيادة الرشيدة حريصة على تحسين جودة الحياة وصحة المواطن    استعراض رؤية مجلس الجمعيات التعاونية أمام فهد بن سلطان    سعود بن نايف يدشّن مركز الحروق والجراحات التجميلية    وزير التعليم يطّلع على إنجازات جامعة سطام    جامعة الأميرة نورة تُنظِّم الحفل الختامي للأنشطة الطلابية    36 مليار ريال عائدات تطبيق «الحوكمة الأمنية» لقطاع الحراسات التجارية    أمير القصيم يكرم 50 متميزاً في برنامج براعم القرآن    برشلونة يحافظ على لامين يامال    أمانة حائل تستعرض تحسين المشهد الحضري    توزيع 1577 كتيبًا توعويًا على الحجاج الواصلين لمطار الطائف    «البيئة» تنفّذ جولات في أسواق النفع العام بالمدينة    حين ماتت الإنسانية في حضن «العالم المتحضّر»    مكة المكرمة ثانيا والشرقية ثالثا 40.2%من سجلات التجارة الإلكترونية بالرياض    بمعسكر الخبر .. الأخضر السعودي يبدأ رحلة مواجهتي البحرين وأستراليا    توقيع عقد تصميم المخطط العام لأرض مشروع دار الهجرة    نادي الاتفاق يتوّج بطلاً لأندية المنطقة الشرقية تحت 13 عامًا    روسيا تسيطر على 4 قرى حدودية    زيلينسكي يتعهد بزيادة إنتاج الأسلحة الأوكرانية    ميسي ينضم إلى سواريز في تأسيس ناد جديد في أوروجواي    في صفقة انتقال حر "علي لاجامي"… هلاليًا حتى 2028    أمانة القصيم تُكمل استعداداتها في تهيئة مدينة الحجاج لخدمة قاصدي بيت الله الحرام    أمير منطقة تبوك يستقبل نائب رئيس واعضاء مجلس الجمعيات التعاونية بالمملكة    أمير جازان: دور مهم للجامعات في تحقيق مستهدفات 2030    وزير الخارجية: نسعى لتسريع التحول نحو الطاقة المتجددة والاستفادة من الحزام والطريق    نجاح أول عملية لجراحة السمنة بمستشفى الإمام عبدالرحمن الفيصل    الجوازات: 1,102,469 حاجّاً من خارج المملكة حتى أمس الإثنين    "التخصصي" يُعزز الطب الشخصي بحلول ثلاثية الأبعاد ويحقق اعتماد الأيزو العالمي للجودة    الفصام.. اضطراب مزمن يتطلب تفهمًا مجتمعيًا ورعاية مستمرة    صمت العقل    أفوكادو المثقفين    منطق القوة لايخدم السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لصعود السعودي وصناعة الاستقرار الإقليمي
نشر في الوكاد يوم 27 - 05 - 2025

في عالم تتقاطع فيه الانقسامات الجيوسياسية، وانحسار النظام الأحادي القطبي، وصعود قوى جديدة، تبرز السعودية بوصفها قوة صاعدة تسعى ليس فقط إلى تثبيت مكانتها، بل إلى إعادة تشكيل ملامح الاستقرار الإقليمي بوسائل جديدة وخطاب مختلف.
هذا الدور الذي تتبناه الرياض اليوم لم ينبع من فراغ، بل هو نتاج تحولات داخلية عميقة، ومراجعة شاملة لعلاقاتها التقليدية وتحالفاتها الاستراتيجية، ضمن رؤية متكاملة لإعادة تعريف مكانتها بصفتها دولة محورية في نظام دولي آخذ بالتغير.
المملكة التي لطالما مثّلت حجر زاوية في معادلات الأمن والطاقة في الشرق الأوسط، وجدت نفسها خلال العقد الماضي، أمام جملة من التحديات التي فرضت عليها إعادة هندسة مقاربتها للداخل والخارج. على المستوى الداخلي، جاءت «رؤية 2030» بوصفها إطاراً شاملاً لإصلاح اقتصادي واجتماعي يقوده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، هدفه تقليص الاعتماد على النفط، وجذب الاستثمارات، وتحديث البنية المجتمعية والثقافية للدولة، بما يجعلها أكثر تنافسية وانفتاحاً. غير أن هذا المشروع الطموح سيتعزز أكثر عندما تكون البيئة الإقليمية مستقرة، وهو ما أعاد صياغة أولويات السياسة الخارجية السعودية.
رغم ما قيل ويقال عادة مع كل نقطة تأكيد على التحالف التاريخي بين الولايات المتحدة والمملكة، فإنَّه لم يعد بإمكان السعودية الاعتماد فقط على الضمانات الأميركية التي شكّلت لسنوات طويلة أساس التحالف الاستراتيجي بين الرياض وواشنطن. فخلال الإدارات الأميركية المتعاقبة، خصوصاً في عهدي باراك أوباما ثم جو بايدن، بدا واضحاً أن الشرق الأوسط لم يعد في صدارة أولويات السياسة الخارجية الأميركية، مقابل التركيز الزائد على الصراع مع الصين وروسيا. هذا الانكفاء النسبي، مقترناً بتذبذب السياسات تجاه ملفات حساسة، مثل إيران والتدخلات السيادية، دفع المملكة إلى اتخاذ سياسة خارجية أكثر استقلالية ومرونة، وسعت إلى تنويع شركائها على المستوى الدولي. الصين باتت الشريك التجاري الأول، والتقارب معها شمل ملفات استراتيجية مثل البنية التحتية، والتكنولوجيا، والتعاون العسكري المحدود. وفي الوقت ذاته، لم تلغِ السعودية ارتباطها الأمني الوثيق بالولايات المتحدة، بل حاولت أن تعيد تعريف هذا الارتباط عبر مفاوضات دفاعية ملزمة، تضمن أمن المملكة مقابل التزامات سياسية واقتصادية أوضح من واشنطن.
أدّت هذه المقاربة الجديدة إلى مشهد خارجي سعودي أكثر تنوعاً، تحولت فيه المملكة إلى فاعل دبلوماسي نشط على مختلف الجبهات. من استضافة قمة جدة للسلام، إلى التوفيق في تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، مروراً بدور الصين في إنهاء القطيعة مع طهران، وسعي المملكة لتكون حلقة وصل لا خصماً في النزاعات الكبرى. لم تعد الرياض تكتفي بلعب دور الموازن الإقليمي، بل أصبحت ترى في نفسها قوة صاعدة ذات مسؤولية، تسعى إلى تسوية النزاعات لا إشعالها، وبناء الاستقرار لا الارتهان لمحاور متقلبة.
هذه المقاربة تجلّت أيضاً في الموقف من حرب غزة، فالسعودية عزّزت موقفها التاريخي في نصرة القضية الفلسطينية العادلة ضد وحشية إسرائيل عبر قيادة تحالف دبلوماسي دولي يدعو لإقامة دولة فلسطينية تجسيداً لنقطة ارتكاز مركزية في الرؤية السعودية الجديدة، وهي أنه لا استقرار في المنطقة من دون عدالة للفلسطينيين، ولا اتفاقيات من دون أفق سياسي واحد يفضي إلى حل الدولتين، وقبل كل شيء توقف آلة الحرب ضد المدنيين والأبرياء، الأمر الذي بدا اليوم محل إجماع في العالم، وشكّل عامل ضغط يتنامى على الإدارة الأميركية، وبحسب منصة «أكسيوس» نقلاً عن مسؤولين في البيت الأبيض بالأمس، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشعر بالإحباط من الحرب الدائرة في غزة، وبانزعاج من صور معاناة الأطفال الفلسطينيين. وقد طلب من مساعديه أن يُطالبوا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإنهاء الأمر، وبعيداً عن هذا الانزعاج المتأخر وغير المجدي، فإن العالم اليوم يتحد أمام حرب ضد الأبرياء هي الأكثر دموية في تاريخ الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، حيث أسفرت عن مقتل أكثر من 50 ألف شخص من بينهم آلاف الأطفال.
جزء من الصعود السعودي يستند إلى نجاحات كبيرة خلال السنوات الماضية في تكريس استراتيجية القوة الناعمة، وعلى تموضعها بوصفها قوة استقرار لا مواجهة. من قمم جامعة الدول العربية، إلى تحركاتها في «مجموعة العشرين»، ومن عضويتها في المنتديات الاقتصادية الصاعدة مثل «البريكس»، إلى حضورها في منظمة شنغهاي، تعمل السعودية على إعادة تعريف ذاتها بصفتها قوة دولية في صعود مستمر، تمتلك قرارها وتتحكم في أدواتها، ومنها اليوم التحشيد لمنطقة مستقرة، وحل عادل لمأساة فلسطين.
لا يمكن فهم الصعود السعودي الذي سُلطت عليه الأضواء منذ زيارة ترمب الأخيرة إلى الرياض، خصوصاً في الصحافة الغربية، إلا بوصفه جزءاً من مشروع أشمل لإعادة تشكيل المنطقة. فبينما يتراجع النموذج الإيراني تحت وطأة العقوبات والانكفاء الإقليمي، وبينما تغيب المشاريع الشمولية برافعات آيديولوجية، تبرز الرياض بوصفها صوتاً مختلفاً، أكثر واقعية من الشعارات، وأكثر تصميماً من التحالفات التقليدية، وأكثر وعياً من أن تُركن لأي طرف من دون حساب. إنها لحظة تاريخية تُختبر فيها قدرة المملكة على صناعة التوازن من قلب الفوضى، وترسيخ الاستقرار بوصفه رافعة للتحول الوطني الذي يكون المواطن والمواطنة عماده الاول
نقلا عن الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.