حثهم على استكمال إجراءات التعاقد قبل 15 رجب.. وزير الحج يلتقي 100 «وزير ومفتي ورئيس مكتب»    بمشاركة دولية واسعة وحضور 9 آلاف زائر.. اختتام مؤتمر ومعرض التأمين العالمي بالرياض    الإغاثة في السودان على شفا الانهيار بتصاعد القتال في دارفور    الوكالة الذرية تفقد القدرة على التحقق من مخزون اليورانيوم الحساس    ترمب يواجه ردة فعل مشابهة لبايدن    آل الشيخ يرأس وفد المملكة المشارك في اجتماع رؤساء المجالس التشريعية الخليجية بالبحرين    ولي عهد دولة الكويت يستقبل الأمير عبدالعزيز بن سعود ووزراء الداخلية بمجلس التعاون لدول الخليج العربية    الديوان الملكي: خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء في جميع أنحاء المملكة يوم غدٍ الخميس    انطلاق المؤتمر العربي الدولي الثاني عشر بمشاركة نخبة من الخبراء الدوليين بجدة    نفذتها "أشرقت" بمؤتمر الحج.. وكيل وزارة الحج يدشن مبادرة تمكين العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    منصتان تتقدمان المشهد الثقافي الرقمي في جائزة عبدالله بن إدريس    القيادة تعزي الرئيس التركي    رينارد يتحدث للإعلام.. وعودة الثلاثي المصاب    الفتح يستعد لمواجهتي الهلال    الرياض تحتفي بانطلاق النسخة ال50 من البطولة العربية للجولف    أمير الجوف يطلع على أعمال معهد الطاقة المتجددة    فيصل بن خالد: تطوير التعليم يتطلب العمل وفق خطة واضحة    «إغاثي الملك سلمان».. مشروعات إنسانية لتخفيف معاناة الشعوب    ضبط مصري في المدينة المنورة لترويجه (1,4) كجم "حشيش"    الشرع: سورية اصبحت حليف جيوسياسي لواشنطن    «رحلة الموت».. بين الفاشر وتشاد    معرض "بنان" يستعرض فنون الحرف اليدوية ل40 دولة    أوكرانيا تنسحب من قرى في زابوريجيا    فرحة الإنجاز التي لا تخبو    تعزيز التعاون الإعلامي بين كدانة وهيئة الصحفيين بمكة    نائب وزير الصناعة يبحث تعزيز التكامل الصناعي الثنائي مع مصر    أمير جازان يشهد انطلاق أعمال ورشة الخطة التنفيذية لمنظومة الصحة 2026    ديدييه ديشان يطالب لاعبي فرنسا بإنجاز المهمة والتأهل إلى مونديال 2026    "تنظيم الإعلام" تقدم مبادرة "التصريح الإعلامي المبكر" ضمن مشاركتها في مؤتمر ومعرض الحج    وزيرا الثقافة والتعليم يدشنان أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    جلسة حوارية حول "الاتصال الثقافي بين السعودية والصين" في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود    وزير الخارجية يصل إلى كندا للمشاركة في الاجتماع الوزاري لمجموعة ال7    جمعية "نماء" بجازان تطلق دورة "تصميم وفن احتراف الديكور الداخلي" ضمن "مشروع إنطلاقة نماء"    ريمار العقارية تعين الدكتور بسام بودي رئيسا تنفيذيا للشركة    مسؤول سعودي: نسعى لتكون السياحة ثاني أكبر قطاع اقتصادي لتعزيز التوظيف ووزبر السياحة اكد ذلك    وزير الصحة السعودي: الاستطاعة الصحية شرط الحصول على تأشيرة الحج    تحسين متوسط العمر في ضوء رؤية 2030    ارتفاع اسعار الذهب    تعليم المدينة يدعو للمشاركة في المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    إمارة منطقة مكة تشارك في مؤتمر ومعرض الحج والعمرة    القيادة تعزي رئيسة سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    نهى عابدين تشارك في فيلم «طه الغريب»    وسط تعثر تنفيذ خطة ترمب.. تحذير أوروبي من تقسيم غزة    رونالدو: السعودية بلدي وسأعيش هنا بعد الاعتزال    «محمية الإمام» تطلق تجربة المنطاد    أشاد بالتميز الصحي وأكد أن الإنسان محور التنمية.. مجلس الوزراء: الدولة تعتني بشؤون الحج والعمرة والزيارة    المفتي يحث المسلمين على أداء صلاة الاستسقاء غداً    نحو نظرية في التعليم    دراسة: فيروس شائع يحفز سرطان الجلد مباشرة    بدء التسجيل لجائزة سلامة المرضى    أمير نجران يستعرض تقرير "التجارة"    منطقة الحدود الشمالية الأقل في حالات النزيف والتمزق    أمير المدينة يتفقد محافظة المهد    علاج جيني واحد يخفض الكوليسترول    أقراص تطيل العمر 150 عاما    3 آلاف وظيفة يولدها القطاع الصحي الخاص بالأحساء    فهد المسعود ينضم إلى لجنة كرة القدم بنادي الاتفاق    أمير تبوك يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخترقون «المجهولون».. كابوس سعودي أم نضال عالمي؟!
نشر في الشرق يوم 17 - 01 - 2012

تناولت المواقع الإلكترونية والصحف العالمية باهتمام كبير ما حدث من اختراق لمواقع إلكترونية إسرائيلية من قبل مخترق يقول عن نفسه أنه سعودي اسمه عمر، وتفاوتت قراءة هذا الخبر من مكان لآخر بحسب السياقات التي جاء فيها، وبحسب الخلفيات والمرجعيات التي يثيرها، هنا «محاولة» لقراءة هذا الخبر بشكل أوسع مع الأخذ في الإعتبار لكثير من هذه الجوانب.
الكابوس السعودي
عن طريق رسالة بالبريد الإلكتروني بعث بها إلى صحيفة «جورازيلم بوست» الإسرائيلية، صرح هاكر يدعى «أوكس عمر» (OXOmar) بأنه ومجموعة تحمل اسم «الكابوس» (Nightmare) سيقومون بتعطيل موقع شركة «العال» للطيران، إضافة إلى بورصة تل أبيب للسندات المالية. وبالفعل نشرت الصحف في اليوم التالي أخباراً عن تعطل المواقع الإلكترونية للبورصة الإسرائيلية وشركة الطيران الرسمية العال، نتيجة ما يبدو أنه هجوم إلكتروني، كثاني عملية من نوعها بعد أن تبنت ذات المجموعة قبل أيام عملية نشر أرقام الآلاف من بطاقات الائتمان الإسرائيلية على الإنترنت.
وفي رد فعل سريع صرحت الناطقة باسم البورصة الإسرائيلية ل «سي إن إن» بأن الموقع الإلكتروني لم يتأثر بالهجوم، ويعمل وفق ترتيبات أمنية عالية،إلا أنها أشارت إلى تعطل موقع إلكتروني ثانوي، ولفترة محدودة من الوقت. فيما أشار الناطق باسم شركة الطيران الإسرائلية إلى علمهم المسبق باحتمال حدوث هذا الأمر، فاتخذوا كل الاجراءات التي تكفل سلامة الموقع، نافياً تعرض الموقع لأي اختراق. وبحسب السي إن إن العربية ( 17 كانون الثاني/يناير 2012 ) فإن قرصان المعلوماتية قال في بيان نُشر على موقع رياضي إسرائيلي: مرحبا، هنا أوكس عمر من جماعة اكس بي، أكبر مجموعة وهابية في السعودية، نحن هاكرز سعوديون «مجهولون» قررنا أن ننشر الجزء الأول من التفاصيل التي نملكها عن إسرائيل.
المواقع العربية تُهلل وتكبر!
المواقع العربية، تفاوتت في متابعتها ورصدها لهذا الخبر، وخصوصاً في ظل وجود طرف يقول بأنه عربي سعودي، فمنها من قرأت الخبر على أساس «القضية العربية الإسرائيلية» فهللت وكبرت لهذا النصر واستبشرت بكل ما هو قادم، ومنها من قرأ الخبر في إطار «إثبات الهوية» فقط، رداً على ما ورد على لسان بعض المصادر الإسرائيلية التي نفت أن يكون المخترق سعودي، وقالت بأنه إماراتي يعيش في المكسيك. ومن هذه المواقع أيضاً من قرأ الخبر بحذر شديد، فاكتفى بتداعياته التقنية والتجارية، لتنشر على لسان البنوك والمؤسسات المحلية تطمينات اقتصادية وأمنية، مؤكدة قدرة هذه المؤسسات على التصدي لأي رد فعل محتمل من قبل قراصنة إسرائليين هددوا بالرد بذات الطريقة.
الحقيقة الغائبة عن كثير من قراءات الإعلام العربي، أنه قراءة هذا الخبر يجب أن تتم بشكل أبعد من خصوصية تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وأبعد من تقديم «هكر مجهول» لنفسه على أنه عربي سعودي وهابي، وبالتالي محاولة فهمه بصورته الأوسع، أي قبل ظهور«عمر السعودي»، وتحديداً منذ عام 2008 ،وهذا يستدعي الأخذ في الاعتبار، أكثر من أي شيء آخر، تعريف المخترِق عمر لنفسه بكونه سعودي من «جماعة المجهولين» (Anonymous)، وهذا عملياً ما أثار حفيظة الكثير من العارفين تجاه هذا الأمر أكثر من تعريفه لنفسه بكونه سعودي وهابي فقط، فهي جماعة لا يمكن قراءة عمر ولاغيره من المجهولين، دون قراءة أوسع لها، لأن القيام بعمل تقني من هذا النوع غير ممكن دون إقناع جماعة من هذا النوع (ذات جنسيات مختلفة وقناعات متعددة) ومساندتها!
المجهولون.. من هم؟!
هذا التعريف (المجهولون Anonymous ) بحسب الويكيبيديا تم اعتماده في إطار «ثقافة الانترنت» وأصبح يستخدم عملياً لتمثيل تصرفات العديد من المستخدمين المجهولين في مجتمع الإنترنت، الذين عادة ما يكونون غير مجتمعين في مكان واحد، ولكنهم مع ذلك قد يعملون نحو هدف واحد متفق عليه. ويعتبر المصطلح شاملاً لأعضاء ثقافات إنترنت فرعية معينة. أما الأفعال المنسوبة إلى أنونيموس فهي التي يضطلع بها أفراد مجهولي الهوية، ارتبطت حوادث كثيرة بأعضائها بعد سلسلة احتجاجات عبر الشبكة وهجمات الكترونية مثيرة للجدل، والتي لوحظت إعلامياً و نسبت إليهم في عام 2008.
وعلى الرغم من الحديث الذي يؤكد أنها ليست بالضرورة كياناً واحداً مترابطاً على الإنترنت، ولكن العديد من المواقع ترتبط بشدة بالأنونيموس، وهذه المواقع تشمل منتديات بارزة مثل «فورتشان»، «فوتابا» والويكي المرتبط بها، إضافة لعدد لا بأس به من المنتديات الأخرى. كما يذكر البعض بأن الغرض من هذه المواقع ليس بناء تنظيمات هرمية ذات طبيعة مركزية على أرض الواقع أو الافتراض، إنما الغرض منها هو التواصل فقط بشكل لا مركزي من أجل إثارة أفكار وعمليات جديدة باستمرار يمكن إقرارها وتكثيف جهود الجماعة من أجل العمل عليها.
لن نسامح لن ننسى .. إحذرونا!
تُعرف الجماعة بعملها وتوجهاتها فتقول : « سنقدم معونتنا لمن يناضلون من أجل حرية التعبير، حرية التجمع وحرية الاتصال، فنحن نرى أن الحقوق المدنية أمر ضروري بالنسبة للشعوب لكي تبني المستقبل، لن نسامح، لن ننسى ... احذرونا».
أولى عمليات المجموعة استهدفت طائفة «الساينتولوجي» عام 2008، وهي طائفة أمريكية في الأصل توسعت عالمياً، واتهمت من قبل المجموعة باستغلال الضعف النفسي لمئات الآلاف والاحتيال عليهم للحصول على أموالهم. لا أحد ينكر بأن هذه العملية كانت انطلاقة قوية للمجموعة على مستوى الشهرة الإعلامية، ولكن لا يمكن أيضاً تجاهل العملية الأهم التي أكسبتها الكثير من الاهتمام، كما أكسبتها بذات القدر الكثير من العداوات، وهي عملية دعمها لموقع «ويكيليكس» الذي أثار ضجة عالمية بنشره وثائق الدبلوماسية الأمريكية السرية. مما أثار سخط الحكومة الأمريكية فقامت بالضغط على مواقع مثل «Pay-pal»، «Mastercard» و«Visa» (الناقل لتبرعات مستخدمي الإنترنت) لقطع العلاقة مع الموقع، وهنا قامت « أنونيموس» بسلسلة هجمات على هذه المواقع، أشهرها الهجوم الذي أدى في العام الماضي إلى تعطيل موقع «Pay-pal» مما أغضب السلطات حينها وأدى لعملية مسح شامل واعتقالات واسعة النطاق لكثير من الناشطين والتقنيين من قبل الشرطة الفيدرالية الأمريكية.
الربيع العربي كان له نصيب هو أيضاً فقد كان ميداناً لعمل أعضاء« أنونيموس »، حيث قدموا دعمهم المباشر للثورات الشعبية في تونس ومصر عبر شن هجمات قوية ضد المواقع الحكومية للبلدين. أما فيما يتعلق بالأعمال المستقبلية لهذه الجماعة فقد تم الإعلان مؤخراً، عن «عملية روبن هود»، التي ستطبق مبدأ السرقة من البنوك من أجل أن تمنح الفقراء، والتي لا تزال حتي الآن مشروعاً قيد النقاش بالنسبة للأعضاء، ومع ذلك فهذه العملية تثير مسبقاً الكثير من اللغط حول أخلاقياتها كما أثارتها من قبل حكاية روبن هود التاريخية، مما يُرجح إلغاءها والتراجع عنها، كما تم التراجع عن كثير من العمليات المشابهة لأسباب أخلاقية، أو لأن ضررها أكبر من نفعها.
الكابوس العالمي والنضال الإلكتروني
كثير من الأدوات الإلكترونية باتت من فرط واقعية هذا الافتراض المعولَم، مثلها مثل أي سلاح حربي أو أداة مقاومة، يمكن استخدامها للدفاع عن النفس والمطالبة بالحقوق، كما يمكن استخدامها لمناورات استفزازية، أولأغراض هجومية عدائية، لذلك أصبح من الواجب التفريق بين القرصنة والنضال الحقوقي.
«القرصنة الإلكترونية» تعتبر اليوم وبالنسبة للجميع (مستهلك التقنية قبل منتجها) كابوس عالمي، وهي بمفهومها الأشمل لاتقتصر فقط على إمكانية اختراق خصوصية المواقع والتصرف ببياناتها، بل تشمل أيضاً سرقة الأفكار والجهود المعرفية والاستفادة منها مادياً أو معنوياً دون وجه حق. ولكنها وبرغم سلبياتها، إلا أنه يجب التعامل معها باعتبارها إحدى نتائج الثورة المعلوماتية، التي تعتبر في الأساس ثورة اقتصادية، سُبلها أدوات الاتصال التقنية الحديثة، وغايتها إنتاج معارف وأدوات مبتكرة باستمرار، وبالتالي فإن أي تهديد لاستقرار هذا الفضاء المعولم، شرقاً أو غرباً، هو تهديد للابتكار ولمصالح اقتصادية مترابطة، لم تعد تقوم فقط على موارد وقيم كمية ملموسة يكتنزها كل طرف لمصلحته على حدة، بقدر ما أصبحت تقوم علي قيم مجردة مشتركة كقيمة «الثقة» في التعامل والتبادل بين جميع الأطراف العالمية.ومن هنا فإن أي اهتزاز في هذه الثقة يؤدي لخسائر، أصبحت تُقدر وتُحسب حتى قبل وقوعها، نسبةً لاحتمالات المخاطر المتوقَعة.
لذلك فإن ما يجب قوله هنا وباختصار أن «النضال الإلكتروني» – إذا جاز التعبير حين يعمل في سبيل حقوقه المشروعة فإنه من الذكاء قبل الواجب، ألاَ يتجاوز ماهو مشروع إلى ماهو غير مشروع، وأن يعي المخاطر بالقدر الذي يعي فيه المكاسب، حتى لا يتحول الحلم إلى كابوس.
أنونيموس | أوكس عمر | المجهولون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.