القلاع والبيوت الحجرية في جازان مقصدًا للسياحة محليًا وعالميًا    مجموعة روشن شريكاً لبطولة "LIV Golf"    الاتحاد السعودي للإعاقات البصرية ونادي الشباب يوقّعان اتفاقية شراكة استراتيجية    أخضر البراعم يدشن مشاركته في البطولة الآسيوية بمواجهة الصين تايبيه السبت    الحارثي : إدراج الذكاء الاصطناعي في التعليم ضرورة وطنية تستجيب لتحولات العصر    التستر.. سرطان الاقتصاد    تنظيم النسخة الثالثة من معرض "صنع في السعودية" في الرياض.. ديسمبر المقبل    رسمياً .. الفرنسي"ثيو هيرنانديز"هلالياً    لماذا يداوي القائد المجروح؟    الهلال خير ممثل وسفير    د. إبراهيم الداود: الرياضة ثقافة مجتمعية تسهم في تعزيز القيم والاتجاهات الإيجابية    ريال مدريد يُخبر النصر بسعر رودريغو    القوة الناعمة.. السعودية غير؟!    قطة تهرب مخدرات    خمسة كتب توصي سوسن الأبطح بقراءتها    السينما وعي    مازن حيدر: المُواطَنة تبدأ بالتعرّف على التاريخ    فرع هيئة الصحفيين السعوديين بالأحساء ينظم ورشة عمل نوعية بعنوان: "القيادة الإعلامية"    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير منطقة مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    نائب أمير الرياض يُشرّف حفل سفارة فرنسا بمناسبة اليوم الوطني لبلادها    رسميًا.. الهلال يضم ثيو هيرنانديز    القبض على باكستانيين في الرياض لترويجهما (2) كجم "شبو"    أمير جازان يطّلع على التقرير السنوي لفرع صندوق التنمية الزراعية بالمنطقة لعام 2024    الأمير محمد بن عبدالعزيز يطّلع على جهود لجنة مراقبة عقارات الدولة وإزالة التعديات بالمنطقة    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة بزه بنت سعود    أمين الشرقية يكرم 29 مراقبًا وقائدًا ميدانيًا تميزوا في برنامج "عدسة بلدي"    جمعية الذوق العام تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة    العلاج الوظيفي: أمل جديد لتحسين حياة المرضى    مدينة جازان للصناعات الأساسية تعلن موعد التسجيل في ورش عمل مهنية بأكاديمية الهيئة الملكية    ‫محافظ عفيف يُطلق المرحلة الثانية من مبادرة الصحة السكانية بالمحافظة    رحلة شفاء استثنائية.. إنهاء معاناة مريضة باضطراب نادر بزراعة كبد فريدة    السعودية الأولى عالميًا في مؤشر ترابط الطرق    إلغاء إلزامية خلع الحذاء عند نقاط التفتيش في جميع مطارات أميركا    رياح مثيرة للأتربة والغبار على معظم مناطق المملكة    أستراليا تطالب روسيا بدفع تعويضات    اختتام أعمال توزيع هدية خادم الحرمين الشريفين    العتيبي يحتفل بزفاف نجله عبدالله    أكبر مصنع لأغشية التناضح العكسي    بين الدولة السورية و«قسد» برعاية أمريكية.. اجتماع دمشق الثلاثي يرسم ملامح تفاهم جديد    محرك طائرة يبتلع رجلاً أثناء الإقلاع    استهدف مواقع تابعة ل"حزب الله".. الجيش الإسرائيلي ينفذ عمليات برية جنوب لبنان    أكد على تعزيز فرص التعاون مع روسيا..الخريف: السعودية تقود تحولاً صناعياً نوعياً وشاملاً    "ورث" يجدد الفنون بلغة الألعاب الإلكترونية    "لويس الإسباني".. أول رواية عربية مستوحاة من "الفورمولا"    "درويش" في الخليج نهاية أغسطس    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    خالد بن سلمان يبحث المستجدات مع وزير الدفاع المجري    أمر ملكي: تعيين ماجد الفياض مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    شدد على تسريع مشروعات الطاقة والتوسع في التدريب التقني.. "الشورى" يطالب بتحديث مخططات المدن    آل باخذلق وآل باعبدالله يحتفلون بزواج عبدالعزيز    دراسة: بكتيريا شائعة تسبب سرطان المعدة    المملكة توزّع (2.617) سلة غذائية في عدة مناطق بباكستان    "الذوق العام" تدرب مندوبي التوصيل على مستوى المملكة        أمير تبوك يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الشمالي الصحي والرئيس التنفيذي لتجمع تبوك الصحي    دراسات حديثة: الكركديه ليس آمناً للجميع    إطلاق مبادرة "إثراء قاصدينا عِزُّ لمنسوبينا"    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البيئة الفكرية
نشر في الشرق يوم 30 - 05 - 2013


محمد خيري آل مرشد
تتشكل البيئة الفكرية عادة على فضاء جغرافي محدود لمجموعة من الناس، وذلك بتراكم كل ما يؤثر على فكر الإنسان في هذه الرقعة الجغرافية من عقيدة وثقافة وتاريخ مشترك، وكذلك تراكم القناعات الاجتماعية من عادات وتقاليد وغيرهما لهذه المجموعة. تراكمت عبر الزمن واستقرت في عقول وأذهان بل ووجدان هؤلاء الناس، ما يحدد شكل ومضمون بيئتها الفكرية عن أي بيئة فكرية أخرى قد تكون بعيدة عنها أو مجاورة لها.
فكلما كانت المسافات أقرب؛ كان وجه التشابه أقرب، فتجد تشابها في الانفعالات أو ردود الأفعال مثلا بين أفراد أو مجموعات بيئة ما تختلف عن مواقف الأفراد والمجموعات في البيئات الأخرى.
فيمكن للمتابع لهذه الأمور استنتاج أو حتى التنبؤ بما يمكن أن تكون عليه ردات فعل فرد أو جماعة في بيئة فكرية معينة على حدث ما. إذ إن كل هذه الأمور تتحصل بمبدأ تراكمي مستمر تخضع له هذه البيئة أو تلك حسب العوامل التي تستجد وتضاف عليها بنفس الطريقة التراكمية الزمنية.
فإذا اختل هذا التوازن بأن بعض المجموعات تحاول القفز على مراحل تطور واستقرار البيئة الفكرية، أو بفعل الواقع الجديد من أن البيئات الفكرية في العالم أصبحت أكثر تقارباً وتداخلاً.. فالتأثير أصبح يومياً ومباشراً لمن يمتلك أسباب التأثير على الآخر، سواء من خلال كل وسائل التواصل أو الإعلام الهادف، أو من خلال الحملات الفكرية المنظمة والغزو الفكري لينتج عنه اضطرابات فكرية تسود بعض شرائح هذه المجموعات المتأثرة التي لم تنضج بيئتها الفكرية بعد حسب التسلسل الزمني لتهيئة هذه البيئة بشكل سليم..
ما ينتج عنه تخلي بعض أعضائها عنها أو حتى مهاجمتها أو محاربتها لأنهم يرون في بيئة فكرية أخرى نضوجا أوضح يلبي رغباتهم، فيحاولون الالتحاق بها، إلا أنهم في الحقيقة لا يستطيعون ذلك في أغلب الأحيان، وذلك لأنهم غير قادرين على استيعاب كل تلك الفوارق والتغييرات الفكرية والوجدانية المتناقضة في مواضع كثيرة، فيواجهون كل تلك الكميات من المعلومات الجديدة من البيئة الفكرية الجديدة.. فقد يفقد ذاته بل عقله أيضا نتيجة الاصطدام بهذا الواقع الفكري الجديد فيختل توازنه الاجتماعي.
إن العمل على بناء نظام فكري مجتمعي إيجابي متزن أو تطويره يحتاج إلى قيادة حركة نضوج للعقول المفكرة في البيئة الفكرية أولاً، عن طريق دعم وتثبيت الأصول الفكرية الصحيحة والعمل على توسيع الإدراك المجتمعي العام، وتكثيف نقل المعلومات المفيدة بطريقة أسهل وأجمل وتصحيح ماهو شائع بشكل إرضائي لا عنفي، لاستيعاب القفزات الحضارية والفكرية الجديدة المتكررة.
يجب أن يهتم المهتمون بالأولويات التي تبني القواعد الحاملة للحضارة، لا إعادة صبغ ماهو سيئ ومهترئ تطيح به الرياح كلما هبت وتزيله أو قد تنقلب الطاولة على الجميع إن لم تعاد صناعة وصياغة المركب الجماعي بأيادٍ نظيفة وأمينة وعاقلة ومؤهلة ليتسع للجميع باستمرار وبإيجابية قبل أن تشقه تيارات العواصف التدميرية التي لا تلائم قدراته التغييرية.
إن صلاح البيئة الفكرية هو أهم عنصر مساعد لاستثمار الأفراد والجماعات فيها في تقوية عنصر المنافسة الإيجابية والإبداع، تحت ظل حرية التفكير والتعبير ضمن استراتيجية جماعية لتشجيع حالة المشاركة الإيجابية لا المغالبة القسرية، وهذا ما يؤدي بالضرورة لتحولات فكرية إيجابية تغير من شكل ومضمون البيئة الفكرية ذاتها، أي يؤدي لتحويلها تدريجيا إلى مناخ فكري ملائم يستمد منه الجميع قوة نشاطهم الفكري.
فالبيئة الفكرية الناجعة تمثل مخزوناً ثقافياً كبيراً تنهل منه الأجيال مفاهيم الحياة الإيجابية، لتكون أكثر جاهزية لتحمل المسؤوليات السامية في العمل الحضاري والإنجاز لتشع المجتمعات بذلك إبداعاً، فيتغير مفهوم العمل من البحث عن المناظر والمفاخر والكراسي والدوائر إلى الانتقال إلى ساحات العلم والمعرفة والإنتاج والبناء الذي ليس له حدود، ليكون قادراً على مواكبة تقدم الأمم؛ بل المساهمة في بناء الحضارة الإنسانية من جديد وقيادتها، بدلا من هذا الاستسلام الخطير لكل ما يتعب العقل لشرائح واسعة من المجتمع.
لكن هناك أيضا شريحة مهمة لا ينبغي إغفالها تستطيع القيام بهذا الدور وغيره إن تلاءمت البيئة الفكرية والسياسية مع طموحاتها وأهدافها وقدراتها التغييرية الإيجابية، انطلاقا من تحمل مسؤولياتها تجاه المجتمع بكل ما تتمتع به من تأهيل علمي وغيرة اجتماعية وقدرات وطاقات إبداعية هائلة.
إذن البيئة الفكرية الحضارية هي وحدها المرآة التي تعكس سلوك ومستوى المجتمعات، وهي من تحدد مكانة مجتمع ما بين الأمم من خلال صوته الفكري هناك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.