لعلّ بعضاً مِنهُ قد قيلَ، غيرَ أنّي سأرفعُ بهِ الصّوتَ على هذا النحو: * كانَ (بازَارَاً) تُباعُ فيه الكُتب، ولم يكن شَيئاً آخر سِوى ذلكَ. وما أدراكَ ما: (البازارُ)؟ يومَ يكونُ النّاسُ في المعرضِ مَحْضَ: «مُتَسوّقينَ»، إذ يكتظّونَ احتشاداً في متجرٍ ينتَصِرُ فيه: «الرّيالُ»، ويُهزَمُ فيهِ ما هو أَولى مِن ذلكَ بكثير. * تَحظَى الغالبُية مِن كتبِ هذا العامِ بعناوين باذخة الإغراءِ، إذ لا تفتأ تلك الكتبُ الخدّاعةُ أن تحرّضكَ على الاقتناءِ وبشراهةِ الجائع، ثم لا تلبث أنْ تكتشِفَ صيغ َخوائها في تفاصيل مضامينهَا العاجزةِ عن أن تقولَ شيئاً ذا بال..! ولكن بعد مَاذا؟ بعدما تكون قد وقعتَ ضحيةً في فخِّ لُعبةِ هيمنةِ العناوين! * يمتازُ السُعوديونَ دونَ غيرهم من العالمينَ بخاصيّةِ: (التأليفِ من أجل معرضِ الكتاب)، الأمر الذي يجعل من أغلفةِ كتُبِهم هي أميز ما في مُنتجِهم. ويمكنُ لمثلِ هذه: «الظاهرةِ» أن تُؤسِّسَ لجيلٍ يتمتّعُ بالهشاشة وبالانتفاخِ كما (البو)، وذلك بما يستشرِفهُ أحدُهم «هوساً» مِن أن يرى اسمَهُ ممهوراً على صدرِ غلافٍ مزركشٍ ليس غير. * لا تكادُ أن تخطئ عينُكَ مشاهدةَ سعوديٍّ ممن يتعاطونَ: «التأليف» وقد وقفَ متذللاً خافضاً كلّ أجنحةِ تواضعهِ لصاحب: «دار نشرٍ مشهورةٍ»، إذ بدا –صاحِبنا – بين يديِ الناشرِ/ أو وكيله في صورةِ متسوّلٍ خانعٍ، تدعُوكَ حالُهُ الممعنةُ في الاستخذاءِ للشفقةِ، معَ أنّه هو مَن سيَدفعُ ولا يُدفع لهُ، وهذا مِن عظيمِ المفارقاتِ المخجلةِ، وهي أيضاً خاصيّةٌ خليجيّةٌ لا يشاركهم فيهَا مِن أحد. ومهما يكن من أمرٍ، فإنّ َ –ذاتَهُ السعوديَّ المؤلِفَ بشحمهِ ولحمِهِ- إذا ما انتَهَى مِن تسوّلِهِ وتوسّلاتِه الّلحوحةِ فإنّهُ سيَفرغُ لنا، ولكن بطريقةٍ تليق بنا وفْقَ حِساباتِهِ، إذ لن يكونَ له مِن شغلٍ في المعرِضِ سِوى أن يَذرَع ممرّاتِهِ بطاووسيّةٍ ظاهرةِ الطُغيانِ، لا تملِكُ إزاءها إلا أنْ تتساءلَ -وبمنتَهَى البراءةِ- أيعقلُ أن: «جائزةَ نوبل» لم تعرفْ طريقَها إليه بعد؟! * إذا ما أردتَ أن تكشِفَ عن عورةِ أحدٍ فما عليكَ سِوى أن تُهيئ لهُ مِنصّةً ليوقعَ عليها: «كتابَه»! وسترُ العورةِ ليسَ شرطاً في صحة إقامةِ دعوى التّعالم. * أبهجتنا تلك العلاقةُ الحميميةُ فيما بين: «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» وبين: «عبده خال»، وأنشأت بالتالي سؤالاً يُمكن اختصارهُ بالآتي: أيُهما الذي اقتربَ من الآخرَ واكتشفَ أنّه ليس بُعبعاً؟! وبصيغةٍ ثانيةٍ: أيُهما الذي صَلُحَ حالُهُ؟! وبمعنى ثالثٍ: هل تديّنَ خال يومَ أن قرب من الآخرةِ، أم أن الهيئةَ «تحدّثت» يومَ أن اقتربت من الناس؟! * أوصاني الجاحظُ ذاتَ قراءةٍ فقال: يا بُنيَّ: «إنّ طولَ الصّمتِ يُفسِدُ اللسانَ». فاحذروا فسادَ ألسنتِكم.