افتتح مستشار خادم الحرمين الشريفين، المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، فيصل بن معمر، في جامعة برلين الحرة، أمس، الملتقى الخامس ل»جائزة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة» تحت عنوان «الترجمة ودورها في تعزيز التقارب بين الثقافات والحضارات». وافتتح الملتقى، الذي نظم بالشراكة مع الجامعة، بكلمة لنائب المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، الدكتور عبدالكريم الزيد، قال فيها إن إطلاق المكتبة لهذه الجائزة العالمية، التي تحظى برعاية مؤسّسها وراعيها، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يأتي تأكيداً لمكانة المملكة العربية السعودية في الأوساط السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية العالمية؛ لتظل «هذه الفعالية العالمية على مرِّ السنين محفورةً في ذاكرة التاريخ الإنساني». وأضاف أن مكانة هذه الجائزة تعززت بجهود نائب وزير الخارجية، عضو مجلس إدارة المكتبة، رئيس مجلس أمناء الجائزة، الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز، وبمتابعة وإشراف المشرف العام على المكتبة فيصل بن معمّر، معرباً عن فخره بالإقبال الذي شهدته الجائزة في دورتها الخامسة، الذي يعبّر عن مصداقيتها، وثقة المبدعين في نهجها. وأكد أن العقول اتفقت على أهمية التنوّع وعلى ضرورة التعايش والتقارب والحضور في عالم تأسَّس على المغايرة والاختلاف، معتبراً الترجمة اليوم وسيلةً مهمةً من وسائل التواصل والحوار بين مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية. وقال إن الترجمة تبرز وتتيح التفاعل بين الثقافات، وازدياد التقارب بينها، إذ لم يَعُد بمقدور أمةٍ من الأمم أن تنغلق على نفسها وتوصد أبوابها، وتقطع ما بينها وبين ما ينتجه العالم وتبدعه عقول علمائه، وعطاء أدبائه ومبدعيه. وأضاف أن الترجمة نهضت، وما زالت، بدور بالغ الأهمية في الانفتاح على العالم، وهو الأمر الذي سيعرض في الملتقى الذي يهدف إلى التعرف على دور الترجمة في دعم مسيرة الحوار والتفاهم من خلال تعزيز الصلات الثقافية والحضارية المشتركة بين الشعوب، إلى جانب دور جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة في دعم وتشجيع الترجمة بين اللغات. وألقت نائبة مدير جامعة برلين الحرة، الدكتورة برنجيتا شوت، كلمة عبرت فيها عن سرورها بإقامة الملتقى في الجامعة، وقالت: إن هذه الملتقيات تزيد البحث العلمي في الجامعة وتطور العلاقات العلمية بين مراكز البحث العلمي في البلدين الصديقين. كما ألقت الدكتورة منى بيكر (إحدى الفائزات بالجائزة- من جامعة مانشستر البريطانية)، كلمة تحدثت فيها عن دور الترجمة في انتقال المعارف والعلوم في العالم. وتناولت تاريخ الترجمة منذ العصر الأموي عندما ترجم ابن المقفع كتاب «كليلة ودمنة» إلى اللغة العربية، وما أحدثته الترجمة من تطور علمي وثقافي في العالم الإسلامي. وتحدث الدكتور هانس دايبر، وهو من جامعة فرانكفورت، في كلمته عن دور العرب في ترجمة علوم اليونان وفلسفتهم إلى اللغة العربية، وما أحدثوه من تطور على هذه الفلسفة، ومن ثم انتقالها عن طريق الترجمة إلى العالم الغربي، ما أدى بدوره إلى تبادل الأفكار بين الحضارتين الإسلامية والغربية. فيما تناول الدكتور عز الدين مجذوب (أحد الفائزين بالجائزة- من جامعة سوسة التونسية) في كلمته ما يواجه الترجمة من عقبات ومصاعب، خصوصا مع صعوبة الوصول إلى المخطوطات النادرة الموجودة في دور الكتب في مختلف أنحاء العالم. كما تناول أهم إنجازات المترجمين الغربيين في ترجمة العلوم والآداب العربية، وتأثيرها على التطور العلمي في أوروبا بالقرون الوسطى. وألقت الدكتورة ريقولا فورستر، من جامعة برلين الحرة، كلمة استعرضت فيها أهم الإنجازات في مجال الترجمة، خاصة في العصور الوسطى، عندما ترجم الأوربيون الكتب العربية في مجالات الفلسفة والطب الذي كان مطلوبا في بلاط الملوك الأوربيين. وفي ختام الملتقى، تحدث المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز، فيصل بن معمر، عن أثر الجائزة في التقارب بين الأديان والثقافات، وقال: هناك من أحدث فجوة بين العالم الإسلامي والعالم الغربي خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تبنى الغرب سياسة الفصل التام بين الدين والدولة، وما حققه الغرب من تقدم في المجال الاقتصادي والتقني، بينما المجتمعات الإسلامية تعد الدين أساسا في بنائها السياسي والحضاري، مشيراً إلى أن التطور الإعلامي السريع زاد الفجوة بين الإسلام والغرب، ووجد من يؤجج هذا الخلاف بين فترة وأخرى عن طريق الأفلام والرسوم المسيئة للإسلام. وأضاف إن أحداث 11 سبتمبر زادت الفجوة بين الجانبين، وأصبح كل طرف يتناول سلبيات الطرف الآخر، وأطلق ما يسمى الصراع بين الإسلام والحضارة الغربية، وأجج أنصار الكراهية في الطرفين هذا الصراع. وأكد بن معمر أن الأديان عموما لا تتصارع مع الحضارات، فلا يوجد صراع بين الإسلام والحضارة العربية، وأصحاب هذه النظرية هم من دعاة الكراهية.