الفتح يتعادل مع النصر وديًا بهدفين لمثلهما    بنسبة 50%.. زيادة الجوائز المالية لكأس العالم 2026    مواجهات تشعل المنافسة.. انطلاق الجولة 12 من دوري يلو الجمعة    برعاية سمو محافظ الأحساء.. افتتاح الفرع الثاني لجمعية الرؤية التعاونية    مُحافظ الطائف يستقبل وفدًا من أعضاء مجلس الشورى    أمير تبوك يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    Center3 إحدى شركات مجموعة stc وهيوماين توقعان شراكة لبناء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة تشغيلية تصل إلى 1 غيغاوات في المملكة    الهلال في عيون إنزاغي.. جنة الرياض وتجربة لا تُنسى    تعليم الطائف ينفّذ لقاءً تعريفيًا افتراضيًا بمنصة «قبول» لطلبة الصف الثالث الثانوي    أكثر من 270 ألف طالب وطالبة في تعليم الطائف يحتفون باليوم العالمي للغة العربية    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل مفتي جمهورية رواندا    فرع وزارة الصحة بالطائف يحصل على شهادة الآيزو في نظام إدارة الجودة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تحتفي باللغة العربية في يومها العالمي    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    برعاية أمير المدينة.. اختتام مسابقة "مشكاة البصيرة" لحفظ الوحيين    إلغاء المقابل المالي على العمالة الوافدة: خطوة استراتيجية لتعزيز تنافسية الصناعة الوطنية    جناح إمارة الرياض يوثق محطات تاريخية للملك سلمان    أمير الشرقية يكرّم داعمي جمعية «أفق» لتنمية وتأهيل الفتيات    ارتفاع أسعار النفط    الإحصاء: ارتفاع عدد المراكز اللوجستية إلى 23 مركزا في 2024م    مرتفعات تروجينا وجبل اللوز تشهد تساقط الثلوج وهطول الأمطار    ندوات معرفية بمعرض جدة للكتاب تناقش الإدارة الحديثة والإبداع الأدبي    أمير القصيم يواسي خالد بن صالح الدباسي في وفاة زوجته وابنتيه    مسار رياضي لذوي الإعاقة بتعليم مكة    هل الإنسانُ مُختَرَق؟    سورية: مقتل شخص واعتقال ثمانية بعملية أمنية ضد خلية ل«داعش»    احتجاز الآلاف و70 من طواقم صحية بجنوب دارفور «الصحة العالمية» تطالب بالإفراج الآمن وغير المشروط    من سرق المصرف الإنجليزي؟    في الشباك    نعمة الذرية    موسم الشتاء.. رؤية طبية ونصائح عملية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يشخص أورام الرئة عبر تقنية تنظير القصبات الهوائية بالأشعة الصوتية EBUS    "القصيم الصحي".. اعتماد "سباهي" و"عناية الكبار"    900 مليون لتمويل الاستثمار الزراعي    هنأت ملك بوتان بذكرى اليوم الوطني لبلاده.. القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة جابر مبارك    الأخضر يواجه الإمارات لحسم المركز الثالث    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك صباح الناصر الصباح    «الأسير» يعيد هند عاكف بعد غياب 16 عاماً    خالد عبدالرحمن يصدح في «مخاوي الليل»    الكلية التقنية بجدة تنتزع لقب بطولة النخبة الشاطئية للكرة الطائرة 2025    تصاعد الاستيطان الإسرائيلي يثير إدانات دولية.. واشنطن تؤكد رفض ضم الضفة الغربية    تعزيزاً لمكتسبات رؤية 2030.. المملكة مقراً إقليمياً لبرنامج قدرات المنافسة    تعول على موسكو لمنع جولة تصعيد جديدة.. طهران تعيد تموضعها الصاروخي    في ذمة الله    البيطار يحتفل بزفاف مؤيد    القحطاني يحصل على الماجستير    حرقة القدم مؤشر على التهاب الأعصاب    علماء روس يطورون طريقة جديدة لتنقية المياه    تفوق رقمي للأفلام مقابل رسوخ محلي للكتب والمكتبات    أمسية شعرية سعودية مصرية في معرض جدة للكتاب 2025    تصعيد ميداني ومواقف دولية تحذر من الضم والاستيطان    ضبط 952 كيلو أسماك فاسدة ببيشة    موسكو ومسارات السلام: بين التصعيد العسكري والبعد النووي للتسوية    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل وفد من أعضاء مجلس الشورى    الهيئة العامة للنقل وجمعية الذوق العام تطلقان مبادرة "مشوارك صح"    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    الحياة الفطرية يطور الحوكمة ب« الثقوب الزرقاء»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تذكَّرْني.. في أمريكا!
نشر في الشرق يوم 11 - 09 - 2012

أكثر من ستة وثلاثين ألف مبتعث سعودي يعيشون مع مرافقيهم في الولايات المتحدة الأمريكية. أي مأزق حرج سيقع فيه هؤلاء المبتعثون اليوم الثلاثاء، يوم إحياء ذكرى الحادي عشر من سبتمبر؟ اليوم، وصباح كل يوم 11/9 تستيقظ أمريكا، تقرع الأجراس، تقف في صمت عند النصب التذكارية، تضع الورد، تقرأ أسماء الضحايا وتزرع علماً على كل قبر، ثم تسير في الشارع وهي تنعى كل طفل مات دون أن يدرك لماذا أو من أجل من؟
«عندما يموت ولدك، لا تنتظر من الجرح أن يتحسن مقدار ذرة»، هكذا تقول السيدة التي فقدت ابنها في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، تكمل: «مازال الجرح طرياً، ومازالت الذكرى أسوأ من ذي قبل، لأنها في كل مرة تصفع وجهي بفداحة السؤال: كم من المستقبل فات ابني أن يدركه؟».
قلوب الأمريكيين تدمع بحزن صامت ومهيب، وفي غمرة فواجعها لا تحاول أن تنبح في وجه الطلاب السعوديين هناك أو ترمي عليهم قاذورات السباب والشتم والعنصرية بقدر ما تحاول أن توصل رسالتها الإنسانية بأبسط الطرق، رسالتها عن حق الإنسان في الحياة.
إنه نفس الحق الذي تنادي به وتمنحه لكل من يطأ أرضها وليس للأمريكيين فحسب.
المحاضرات التي تدار في الأقسام والفعاليات الشعبية المصاحبة لهذه الذكرى تركّز على قيمة واحدة؛ وهي نبذ الإرهاب وحماية حرية الفرد والحفاظ على حقه في الحياة أياً كان دينه وجنسه ولونه. إنها بذلك تحترم مشاعر الطلاب السعوديين الذين يتحملون الآن جريرة مخلفات الإرهاب والتطرف الديني الذي تغذت عليه عقول بعض أبنائنا لعقود مضت.
في بعض الجامعات الأمريكية أقيمت نصب تذكارية مأخوذة من بقايا الفولاذ المحترق، ودونت عليها أسماء الضحايا ممن ينتسبون لتلك الجامعة؛ موظفين أو أساتذة أو طلاباً.
وقريباً من تلك النصب تدار المحاضرات كما في أي يوم دراسي اعتيادي، ومن بين الحاضرين طلبة سعوديون يبذلون جهدهم لتغيير تلك النظرة بأفكارهم المعتدلة ورقيها عن العنصرية والتطرف والانغلاق. المهمة ليست سهلة على الإطلاق؛ لأنها لا تصنف ضمن خانات تصحيح الخطأ وتعديل الصورة فحسب، بل لتكريس نظرة جديدة ومفهوم أوسع عن تعامل السعوديين مع الشعوب الأخرى بغض النظر عن أعراقهم ودياناتهم وتوجهاتهم في الحياة، وهو ما لم يتعلموه أبداً في مناهجنا حتى الآن!
النشاطات التي تقوم بها الأندية الطلابية السعودية هناك جزء حيوي من احتواء المشهد والصعود به إلى مهمات أكبر، فهي بالشعارات التي ترفعها والفعاليات التي تقيمها كالتعريف بالمملكة وتكريم الطلاب المتفوقين هناك تعطي صورة حسنة وتحدد موقفاً صريحاً يقول «لا» لكل أنواع الإرهاب والتهديد والقتل.
أمريكا تتجاوز أزماتها وتحاول أن تتعلم من الدرس دون أن تضطر لإلقاء محاضرة عنه للعالم. تحاول أن تنسى أحزانها وتتذكر ضحايا هذا الحزن في نفس الوقت. «الجرح يتجدد والشفاء يستمر» كما تعنون بعض الصحف. إن هذه الأحداث لا تمر على المفكرين والمثقفين والأكاديميين والفنانين مر الكرام، أمريكا تحاول جاهدة أن تجعل هذه الذكرى جزءاً من هويتها ورمزاً لمفاهيمها الأساسية التي لا تتغير عبر التاريخ.
ففي أقل من عشر سنوات استطاعت أمريكا أن تنجز كثيراً من الأفلام الوثائقية والدرامية التي يُدفع لإنتاجها الملايين من الدولارات لكي تجعل هذا الحدث نقشاً في ذاكرة أبنائها والأجيال التي ستقرأ التاريخ حياً عبر هذه الأعمال الدرامية الضخمة كفيلم «برج التجارة العالمي» و»الرحلة 93» و»الساعة الخامسة والعشرين».
أما عندنا، فالأعمال الدرامية الضخمة والوثائقية منها على وجه الخصوص تكاد تكون معدومة أو غائبة. فلا نكاد نجد فيلماً واحداً عن غزو الكويت في التسعينيات، أو عن تفجيرات الرياض، أو حادثة جهيمان في الحرم المكي، أو عن حرب الحوثيين على سبيل المثال لا الحصر.
كل ما قدم بشأنها هو محاولات بسيطة يشكر أصحابها لكنها لا تستطيع المنافسة في المهرجانات الفنية الدولية الكبرى، فضلاً عن أن تحمل إمكانية البقاء والديمومة. وحتى بعض قضايانا ونضالنا قدم لها ومثلها غيرنا كفيلم عمر المختار، بل تُحارب مثل هذه الأعمال حين تضطلع بها جهة ما (مسلسل عمر الفاروق أنموذجاً).
الشيء الذي يجعلنا نخسر كثيراً ونقف عاجزين عن تقديم مادة فكرية محسوسة تمثلنا تاريخياً في المستقبل، أو تذكّر الآخرين بنا.
«تذكَّرْني» للمخرج آلن كولتر والممثل النجم روبرت باتنسون هو أحد أبسط هذه الأفلام وأجملها، فيلم الدراما الرومانسية الذي يعالج ضمن سياقه الهادئ قضايا الحب والعاطفة المفقودة بين الأب وأبنائه.
تايلر، شاب مضطرب عاطفياً، علاقته مع والده رسمية جداً وتتسم بالخصام الدائم لأن الأخير ينشغل بعمله ولا يجد الوقت لحضور حفلة ابنته الموهوبة، كارولين، التي تفتتح مرسماً لها بدعم من أخيها تايلر. الأخ الأكبر ينتحر في عيد ميلاده السادس والعشرين. تايلر يستمر في الضياع حتى يلتقي بفتاة جميلة وذكية تدعى «آلي» ويقع في غرامها دون قصد. آلي تتجنب القطارات الكهربائية النفقية حيث شهدت مقتل أمها حين كانت في الحادية عشرة من عمرها.
في المشاهد الأخيرة من الفيلم يظهر تايلر منتظراً والده في مكتبه حيث بدأت علاقتهما تتحسن أخيراً، ولأن الأب أصبح يولي كارولين اهتماماً كبيراً ويقوم بإيصالها بنفسه إلى المدرسة.
يتأخر الأب ويبقى تايلر في انتظاره وهو يتأمل بحيرة مانهاتن من النافذة الشاهقة التي تطل على أرض نيويورك وسمائها.
النافذة التي تقع في نفس الدور الذي تخترقه الطائرة التي تفجرت في أحداث الحادي عشر من سبتمبر. تتناثر مذكرات تايلر.. وتظهر في مشهد الفيلم كارولين وهي تسرح بعيداً أثناء الحصة، المعلمة وهي تلفت نظرها إلى السبورة.
السبورة التي يدون أعلاها تاريخ اليوم 11-9.. يدفن تايلر وينتهي الفيلم بالكاميرا التي تركز على عينيْ آلي وهي تركب القطار النفقي وترتسم على شفتيها ابتسامة الحزن الهادئ البعيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.