سافر إلى السحيق الموغل في الغموض..التقى السنين في سلمٍ دون حرب، أو حب فمنها من تبسمُ له، ومنها من كادت أن تقتله..سافر في ثنايا خيوط من الشيب وزمن فتوّة من الماضي..!! ابتعد خلف الأفق يصارع سيَارته الجديدة المثقلة بالذكريات والعجاج، المرض، وأصوات الركّاب، والباعة، والمشترين، والمسافرين والعائدين..؟! تجاعيد تمد يدها في وجه كل العابرين لله يا محسنين..!! حطام الدنيا، ورفات المهووسين بالدنيا..امتطى ركب سيجارته..وكأن سعاله يحاول ثنيه عن مراجعة طبيب القلب..؟! حاول أن يحلم في شرود الفكر، والنظر..! فكّر طويلاً نحو تلك السنين كي يكتب لها رسالة الشيب في عمر الشباب..؟! نظر إلى قرص الشمس فوجدها طفولة بائسة..وثوباً مرقَّعاً وشماغاً يرفض الانصياع لعوامل التعرية..وشريطاً من الكاسيت يدندن مع سماعات السيارة المثخنة بغبار الزمان، والمكان..؟! كأنه رأى صديقه الذي رحل قبل أن يسلَم عليه.. ناداه كي يحتسي كوباً من الشاي..ورفع رأسه بحثاً عنه فإذا به قد غاب في مساءات الرحيل..وكأن تلك المساءات لاتنادي إلا للرحيل.. انحسار نحو الخطوات المثقلة..خشي من الموت .. سمعه يناديه فردَّ نافضاً كهولته على عتبات سوق شعبي قلبي تعب..وصبري تعب..؟!