رئيس موريتانيا يزور المسجد النبوي    مرور الرياض: القبض على باكستاني لترويجه (5) كجم "شبو"    القادسية يتعثر أمام الأخدود    تهنئة رئيس كازاخستان بذكرى يوم الجمهورية    اتفاقيات وإطلاقات مليارية في بيبان 2025    ضبط 23 شخصا ساعدوا المخالفين    "تعليم جازان": تطبيق الدوام الشتوي في جميع المدارس بدءًا من يوم غدٍ الأحد    حرم سفير المملكة لدى فرنسا تقيم ندوة نسائية للتوعية بسرطان الثدي    وفد غرفة جازان يزور شركة قوانغتشو يونكو للمعدات الذكية في الصين ويبحث توطين التصنيع الذكي في المملكة    ضبط مزرعة ماريجوانا بأحد المنازل في الكويت    رئيس وزراء جمهورية الجبل الأسود يصل إلى الرياض    «هيئة العناية بالحرمين» : 116 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر ربيع الثاني    مقتل شخصين وإصابة 11 في إطلاق نار خلال حفلة بأمريكا    ضبط 741 من الكدادة خلال أسبوع    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هيفاء بنت تركي بن سعود الكبير آل سعود    تركي الفيصل يرعى مؤتمرًا دوليًا يناقش صحة الإنسان في الفضاء    116 مليار ريال مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي    صفرنا الذي اخترعناه أم صفرنا الذي اخترناه    مشاهير الإعلام الجديد وثقافة التفاهة    دوائر لمكافحة «الهياط الفاسد»    حصاد مشاركة البرلمان العربي في اجتماعات الجمعية ال 151 للاتحاد البرلماني الدولي في جنيف    افتتاح النسخة الثالثة من مؤتمر جدة للصيدلة بمشاركة نخبة من الخبراء والممارسين    الباحث السعودي د.الفريجي يفوز بالمركز الأول في جائزة الشارقة للأدب المكتبي    تجمع تبوك يصحح خطأً جراحيًا لمريض أجرى عملية تكميم خارج المملكة    آس: بنزيما من دون تأثير في كلاسيكو السعودية    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام الهلال    إقامة استثنائية تجمع بين رقي التفاصيل ودفء الضيافة وسط جدة    احتفالية إعلامية مميزة لفريق "صدى جازان" وتكريم شركاء العطاء    بأرقام وتقنيات جديدة.. نجاح تمرين "استجابة 18" في مكافحة تلوث البيئة البحرية والساحلية    «إرادة الدمام» يدشّن فعاليات اليوم العالمي للصحة النفسية بمشاركة واسعة في الخبر    جامعة الإمام عبدالرحمن توقع مذكرة تفاهم مع جمعية "اعتدال" لحفظ النعمة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    الولايات المتحدة تعيّن ستيفن فاجن قائدًا مدنيًا لمركز التنسيق بشأن غزة    دراسة: العمل في فترة النوبات الليلية قد يؤدي إلى الإصابة بالقولون العصبي    ثيو هيرنانديز سعيد بفوز الهلال في «كلاسيكو السعودية»    بنزيما: الهلال فريق صعب... حاولنا لكن لم نتمكن من التسجيل    إيطاليا تحتكر نحو (70%) من إنتاج الاتحاد الأوروبي للمعكرونة    الأخضر تحت 16 عاماً يواصل تدريباته استعداداً لبطولة غرب آسيا في الأردن    رصد مذنب «لِيمون» في سماء منطقة الحدود الشمالية    نائب أمير نجران يُدشِّن الأسبوع العالمي لمكافحة العدوى    نادي ثقات الثقافي يتألق (باأمسية أدبية مدينية ) بالتعاون مع الشريك الأدبي    آل الشيخ: معرفة أسماء الله الحسنى تزيد الإيمان وتملأ القلب طمأنينة    السديس: أمتنا أحوج ما تكون لهدايات القرآن في زمن الفتن    الديوان الملكي: وفاة صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت تركي بن محمد بن سعود الكبير آل سعود    تدشين فعالية اليوم العالمي للصحة النفسية في الخبر    تنقل زواره لتجربة سينمائية عبر رحلة تفاعلية مكتملة    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان أهالي فرسان    بيان عربي إسلامي: ضم الضفة انتهاك صارخ للقانون الدولي    أمير منطقة تبوك يواسي أسرة القايم    59.1% من سكان السعودية يمارسون النشاط البدني أسبوعيا    بروكسل تعد القاهرة بمساعدات بقيمة 4 مليارات يورو خلال أول قمة أوروبية – مصرية    الأمين العام للأمم المتحدة يأمل أن تلتزم بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية    أمر ملكي بتعيين الفوزان مفتياً عاماً للمملكة    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة علي الصباح    أكد رسوخ الوفاء والمبادرات الإنسانية.. محافظ الأحساء يكرم مواطناً تبرع بكليته لوالده    أجريت إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. نجاح عملية عيب خلقي في القلب لطفلة فلسطينية    آل حلوّل والضليمي يزفون داؤود    معقم الأيدي «الإيثانول» يسبب السرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشروع تعظيم البيت الحرام.. حياة أمة ومستقبل دولة
نشر في الرياض يوم 19 - 11 - 2014

لقد أصطفى الله مكة وعظّمها وفضلها وشرفها وزادها رفعة، ومن فضلها وتعظيمها وشرفها أنها أحب بلاد الله إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، القائل: ( والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت )، ومن فضلها وعظيم شرفها أن الله جعل بيته الذي يُحج إليه الناس فيها، فقال تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)، واختار لعمارته أيدي موحدة طاهرة؛ إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام، وهي مهبط وحيه، ومنبع الإسلام، فحرمتها عظيمة عند الله عز وجل.
وهذه الحرمة للبلد الحرام نافذة، وأمنه ومكانته دائمة، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، فقد حماه الله من كل كيد، ورد عنه أعتى عدوٍ غزاه بأضخم حيوان، فأباده الله بحجارة من سجيل، ولم يعل فيه صوت على صوت الحق، ولا راية غير راية التوحيد، ولا دين غير دين الإسلام، ولا شعار غير شعار التوحيد، فتساقطت الشعارات وتهاوت الحضارات وبقي البلد الحرام وبيته عبر التاريخ محفوظ بحفظ الله رمزاً للتوحيد وموئلاً للعقيدة، وهذا من آيات الله عز وجل ومعجراته.
مما سبق، وإدراكاً من الحكومة الرشيدة وذوي النظرة المستقبلية انطلق في الخامس عشر من شهر شعبان للعام الهجري 1426ه مشروع تعظيم البلد الحرام، لنشر مفهوم تعظيم البلد الحرام، وربطه بالحياة المجتمعية، وغرس هذا التعظيم في القلوب، وإشعار كل فرد بمسؤوليته تجاه هذا البيت، وجعل البوابة المجتمعية هي ميدان التفعيل. والتواصل والبناء. والجمع بين التثقيف العلمي والتفعيل العملي للتعظيم. من خلال رسالة يسعى من خلالها إلى تقوية مشاعر تعظيم البلد الحرام لدى أفراد المجتمع المكي، لتفعيل دورهم في إشاعة التواصل والتراحم والإحسان فيما بينهم حتى ينعم الجميع بالأمن والأمان فيه.
ويتطلع المشروع إلى تأصيل معنى التعظيم في قلوب المسلمين المقيمين في مكة والوافدين إليها، لتبقى بلداً آمناً، ومجتمعها مثالاً يحتذى به في الحفاظ على الأرواح والأموال والأعراض وحسن التعامل مع الآخرين والعناية ببيئتهم وتطهيرها وإعمارها. وذلك وفق مجموعة من القيم من أبرزها: (العدالة، المروءة، الاتحاد، المواساة، الإنصاف، السماحة). وقام المشروع بوضع القيم في مسارين اثنين، هما:
أولاً: مسار قيم السكنى والجوار، وهي: قيمة تقديس البلد الحرام، وقيمة استشعار النعمة بسكنى البلد الحرام، وقيمة زيادة العزيمة لفعل الخير في البلد الحرام، وقيمة الحرص على السكن والجوار المقدس، وقيمة الشعور بأنه ممثل لأهل هذه البلاد وأهل الإسلام عند الوافدين إلى مكة. وتهدف هذه المصفوفة إلى بناء تصور متكامل عن مكانة وفضل البلد الحرام، وتفعيل الشعور لدى ساكنيه في اغتنام هذه الفرصة.
ثانياً: مسار قيم التعامل والاستقبال، وهي: قيمة القيام بحق الله سبحانه وتعالى وبخاصة فيما اختصت به مكة المكرمة من أحكام، وقيمة القيام بحق جيران بيت الله الحرام، وقيم حُسن التعامل والاستقبال لوافديه، وقيمة التعاون لتكون مكة المكرمة أفضل بيئة معينة على الآداب الفاضلة والسلوك الحسن، وقيمة التعاون لتكون هذه البلد أفضل بيئة في مدلول الطهارة وعمارة الأرض.
وتتمثل الأبعاد الحضارية لهذا المشروع في البعد الديني، والمتمثل في الاقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيم هذا البلد، وتحقيق أمر الله بتعظيمه، وضمان سلامة الأمة من العقوبة العامة والآفات والنكبات. وتحصيل المنافع لأبنائه وأبناء هذا الوطن وأبناء الجزيرة والعالم بتحقيق تعظيم البلد الحرام.
أما البعد الوطني للمشروع فيتمثل في إحياء الانتماء لبلد الحرمين الشريفين (المملكة العربية السعودية) من خلال تعظيم أقدس بقعة في هذا الوطن، وغرس الشعور بالحرص على مصلحة البلد الحرام باعتباره بلداً مقدساً، وزوال مظاهر سوء التعامل مع مقدراته وممتلكاته العامة، واعتبار مكة المكرمة واجهة دينية، ذات بُعد حضاري مميز، تعكس صورة المملكة العربية السعودية كاملة، والتصرف وفق هذه الصورة حين التعامل مع الآخرين، وعدم ارتكاب المخالفات النظامية، والتعاون مع المشاريع التنموية المجتمعية من قبل مُلاّك العقار والتُجّار، خدمةً للبلد الحرام، وزيادة البذل والعطاء والتفاعل من جميع الموظفين في مكة المكرمة، وأن عملهم يعبر عن حضارة وقيمة دينية عظمى.
أما البعد الأمني للمشروع فيتمثل في توضيح عظم ارتكاب الجريمة في هذا البلد، وإحياء الشعور لدى رجال الأمن بأنهم حراس لأفضل بقعة على وجه الأرض، وتحقيق التعاون بين الجهات المختلفة في التصدي لمن يهتك حرمة هذا البلد.
أما البعد الاجتماعي للمشروع فيتمثل في إبراز تاريخ أهل مكة في تعظيم البلد الحرام، وتحقيق تكاتف عام تحت شعار: (وطنٌ واحد، وبلدٌ واحد، وقبلةٌ واحدة)، وإيجاد توجه خاص نحو دعم الجمعيات ومشاريع الخيرية والاجتماعية، وإحياء حقوق الجوار في بلد الجوار، وتوجيه الأفراد نحو البناء النافع، وتخفيف النزاعات بينهم، وإحياء الحياة الاجتماعية الطيبة بينهم ليصبح حسن التعامل ورفع مستوى الخدمة سِمة المجتمع، وإزالة العادات التي تشوه صور ة المجتمع لدى الوافدين إلى هذا البلد الحرام.
أما البعد الإعلامي فيتمثل في نشر رسالة عالمية عن هذا البلد الحرام، وإبراز فعاليات مميزة تجعله ذات بعد حضاري متميز، وكذلك تقديم تجربة حيّة، لبقية مناطق المملكة العربية السعودية في إحياء الشعور بالولاء لبلد الحرمين، وإبراز جهود استقبال وخدمة الحجاج والمعتمرين في وسائل الإعلام العالمية، مما يعطي انطباعاً إيجابياً عن هذه الجهود الجبارة، وتقديم صورة إعلامية عن تميز البيئة الاقتصادية للمستثمرين من خارج مكة مما يقوي المشاريع التي تدعم التنمية الوطنية.
وانطلاقاً مما يعلمه الجميع من إدراك قيادة هذه الدولة الرشيدة بجميع مستوياتها بأثر هذا البلد وهذا البيت في حفظ أمن واستقرار الدولة فإن مشروع تعظيم البيت الحرام يعد أحد الروافد المهمة في حياة الأمة ومستقبل الدولة. لذا ينبغي النظر إليه نظرة خاصة، ودعمه وتطويره حتى يحقق أهدافه وتطلعاته وأبعاده الحضارية. ومن مقترحات الدعم والتطوير:
نقل المشروع من تبعيته لجمعية مراكز الأحياء إلى الاستقلالية ليصبح مشروعاً مستقلاً بذاته، ومرتبطاً بإمارة منطقة مكة المكرمة مباشرة.
توفير الوظائف الإدارية الحكومية للمشروع، والمرتبطة بوزارة الخدمة المدنية مباشرة، أو تكون هذه الوظائف ضمن وظائف إمارة مكة المكرمة.
تخصيص ميزانية مالية سنوية للمشروع، مثل باقي المشروعات والقطاعات الحكومية، دون الاعتماد فقط على دعم رجال الأعمال والمحسنين.
أن ينشئ للمشروع مبنى متكامل، ووفق المواصفات الحديثة في الإنشاءات العمرانية، حتى يتناسب المبنى مع أهداف المشروع وتطلعاته وأبعاده الحضارية.
أن يندب للمشروع عددٌ من الكفاءات الوطنية العلمية والإدارية من الجهات الحكومية الأخرى، تسهم مع العاملين فيه في تطويره وتكثيف برامجه وإيصال رسالته لأفراد المجتمع المكي والسعودي، نقل هذه الرسالة للعالم الإسلامي.
أخيراً: إن مشروع تعظيم البيت الحرام يعد أحد المشروعات الوطنية العصرية الحضارية التي ستسهم بشكل فعّال في تحقيق حياة مشرقة للأمة الإسلامية، وضمان المستقبل الآمن للمملكة العربية السعودية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.