جاء تصريح صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله تجاه مشاركة طيارين سعوديين في قصف مواقع جماعة "داعش" الإرهابية في سوريا، ليؤكد على مبدأ الوضوح والشفافية الذي تنتهجه المملكة في جميع قضاياها الداخلية والخارجية، خاصة في صوتها الإعلامي الرسمي الذي عبر بدقة وبوضوح عن الظرف السياسي الراهن للدولة وبشكل لم يترك مجالاً للتكهنات الخاطئة. لقد أعلن الأمير حفظه الله من خلال هذا التصريح عن الاتجاه الذي ستسير عليه الدولة في حربها ضد الإرهاب، كما عبر عن اعتزازه بأبنائه الطيارين الذين شاركوا في الحملة، وأكد قبل كل شيء على موقف المملكة الثابت ضد الإرهاب والذي تجلى في أوقات سابقة في مواقف مشهودة للملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله والتي كان آخرها خطابه الذي حذر فيه العالم من خطر الإرهاب الذي لن تسلم منه حتى الدول الغربية. هذا الوضوح في الخطاب الإعلامي الرسمي، قابله كذب وتزييف من أتباع "داعش" في منصات الإعلام الإلكتروني؛ تويتر وفيس بوك ويوتيوب، حيث قام أتباعه بفبركة صور وفيديوهات، ونشروا معلومات كاذبة ومضللة عن المشاركة السعودية ضد الإرهاب في سورية، لإقناع الجمهور العريض بأن هذه الحملة استهدفت الأطفال والأبرياء، لكن ما يثلج الصدر أن هذا الخداع "الداعشي" لم ينطل على أبناء الوطن الذين اكتشفوا سريعاً أن جميع صور الأطفال المنتشرة في فضاء تويتر ما هي إلا صور قديمة لحروب سابقة استخدمها الداعشيون للتضليل على الناس ولكسب نوع من التعاطف في قضيتهم الباطلة. التضليل الإعلامي بات سمة تشترك فيها التنظيمات الإرهابية على اختلاف مسمياتها، من داعش إلى النصرة إلى القاعدة، سعياً لكسب جمهور متعاطف يدعم ويتبرع ويوفر السيولة المالية. ويتخذ هذا التضليل أساليب مختلفة تتغير تبعاً لظروف ومصالح التنظيم، لكن المشترك فيها أنها تنطلق من "تويتر" بشكل رئيسي بصفته الذراع الإعلامية الأهم لنشر المعلومات المزورة، ومما يلفت النظر في هذا الجانب أن "الصورة" التي تؤخذ من ساحة معركة حدثت قبل سنوات، ولو في جزر الواق واق، يتم تكييفها وتركيبها وتوظيفها من جديد لتعبر عن معركة أخرى حدثت في دولة أخرى، وهذا فعلته "داعش" كثيراً منذ نشأتها وإلى اليوم، فقد قام عملاؤها الإلكترونيون في "تويتر" بنشر صور أطفال قتلوا في اليمن وفبركوها لتبدو وكأنها في الموصل في العراق، وهكذا بالنسبة لبقية الأحداث، خاصة بعد قصف الطيران السعودي لمواقع التنظيم في سورية حيث أعادوا نشر الصور القديمة للأطفال وقالوا –زوراً وبهتاناً- إنها من الحملة الأخيرة. عندما يمارس الذراع الإعلامية لداعش مثل هذا التضليل فذلك لحاجته لتحسين صورته بعد أن اكتشف الناس حقيقته الإجرامية، إنه بحاجة للمتعاطفين ولأموالهم، وسيموت حالاً إذا انقطعت التبرعات التي تأتيه من أناس سذج صدقوا أن أموالهم تذهب لنصرة الأطفال القتلى. لكن إلى متى يصمد حبل الكذب؟ إن متابع ردود فعل الشباب السعودي في "تويتر" يلمس تضامناً كبيراً مع القيادة في حربها ضد الإرهاب؛ هذا التضامن يؤكد أن حيل "داعش" لم تعد تنطلي على الشعب، لا صور الأطفال المفبركة ولا الفيديوهات المزورة، ولا كل أكاذيب إعلامهم الإلكتروني قادرة على التأثير في شعب يثق في قيادته ويؤمن بصدق موقفها ضد الإرهاب ويدرك أن منطلقات هذه الحرب ليست سياسية ولا عسكرية فحسب، بل دينية أيضاً لأن هذه التنظيمات الإرهابية عاثت في الأرض فساداً وشوّهت صورة الدين في كل مكان، وبالتالي فإن حربها ومقاومتها والقضاء عليها خدمة للإسلام قبل كل شيء.