دائما ما تشجع الدول تنمية القطاع الخاص وتحديداً المنشآت الصغيرة والمتوسطة المسماة ب SMEs وتقدم لهم كافة التسهيلات والدعم ليتمكنوا من النجاح إيمانا من المسؤولين الاقتصاديين في تلك الدول لما لهذه المنشآت من دور كبير في نمو الاقتصاد وإيجاد فرص وظيفية للمواطنين والتخفيف من الاعتماد على القطاع الحكومي في هذا الدور. ولكن ما يحصل الآن لدينا في المملكة حاليا وجود عراقيل كبيرة من وزارة العمل في انجاح تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة وسأدعم ما أعتقده بكثير من الحقائق. فإذا أراد أحد أن يبدأ عملا خاصا فإنه لن يستطيع البدء فعليا إلا بعد مضي أكثر من سنة على استئجاره مقر المنشأة فبعد أن يقوم بالحصول على ترخيص البلدية والتسجيل لدى مكتب العمل والتأمينات الاجتماعية والزكاة والتي تستغرق منه قرابة الشهرين يبدأ مشواراً جديداً للحصول على تأشيرات العمالة يسمى لدى وزارة العمل طلب تأشيرات تأسيس فمثلا لو كان نشاطه في المقاولات وكان نشاطه يتطلب 30 عاملاً تقريبا فإنه لن يحصل الا على 3 تأشيرات وسيستغرق حصوله على التأشيرات قرابة الثلاثة أشهر ولن تصل العمالة الا بعد ثلاثة أشهر وهذه العمالة جزما لن تكون كافية، واذا أراد أن يستمر في النشاط فعليه التقدم بطلب للحصول عى تأشيرات جديدة بعد أن يحصل على عقود من عملائه وفسوحات وأكثرها وهمية وعليه أن ينتظر ثلاثة أشهر أخرى للحصول على التأشيرات وثلاثة أشهر أخرى لوصول العمالة وهنا أكملنا فترة (14 شهرا). ونحن لا نقول أن يتم منح التأشيرات جزافا دون ضوابط ولكن في نفس الوقت نريد أن نضمن توفير متطلبات تشغيل تلك المنشآت بأعداد معقولة تبنى على دراسة لكل طلب على حدة فالتعميم وعدم التمييز بين منشأة جديدة حجمها يتطلب 10 عمال يختلف عن منشأة يتطلب نشاطها 50 عاملاً حتى لوكانت في نفس النشاط مثلا المقاولات. فمنشأة مقاولات متخصصة في اللياسة قد تحتاج الى 10 عمال بينما منشأة أخرى متخصصة في المباني تحتاج الى 50 عاملا وهكذا. أيضا لا بد أن يكون هناك توحيد لنوعية الانشطة بين كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية مثل التأمينات والزكاة وذلك درءا لوجود اختلافات تؤثر في تحديد النشاط وما يترتب عليه من أشياء أخرى. أقترح عند التقدم بطلب تأشيرات أن يعطى المتقدم بطلب التأشيرات مساحة في الموقع الالكتروني لوزارة العمل يشرح فيها نشاطه بالتحديد ويوضح خطته في العمل شاملا ذلك الهيكل التنظيمي يوزع فيه العمالة التي تقدم بطلب تأشيرات لها، كما أن برنامج نطاقات الحالي خلق سوقا وهمية كبرى للسعودة فنسمع كثيرا عن أشخاص تم تسجيل أبنائهم لدى منشآت دون علمهم وهذا ما نسمعه في برنامج صوت المواطن كثيرا ولا يوجد جهة تنصفهم من تلك الممارسة الخاطئة. ويوجد شركات كبرى وصغيرة تقوم بتوظيف سعوديين بشكل وهمي وأكثرالمسجلين لديهم من النساء بالرغم من أن النشاط لا يتلاءم مع طبيعة المرأة أو من خلال توظيف أقارب أو عشيرة. التوظيف يتم بأجر 3000 ريال دون أن يحضر الموظف المواطن الى مقر العمل أو من خلال التعاقد مع مكاتب توظيف تدعي تدريب السعوديين وهم لا يحضرون الى مقر مكتب التوظيف. فمثلا يتقاضى مكتب التوظيف مبلغ 2000 ريال عن كل سعودي يتم تسجيله في التأمينات ويحسب كموظف لدى وزارة العمل دون أن يحضر دورة تدريبية أو يحضر للشركة ولا تعرف الشركة الا أسماءهم حين تقوم بدفع تكاليف توظيفهم بشكل شهري حسب فاتورة مكتب التوظيف. أعتقد أن هذه السعودة الوهمية لا تخدم مصلحة الوطن ولا المواطن ولا صاحب العمل وعلى وزارة العمل أن تكون واقعية في تحديد آلية التوطين بما يضمن مصالح الاطراف كافة. وأخيرا على الوزارة أن تكون واقعية في وصف انجازاتها حينما تقول إنه تم توظيف عدد كبير من المواطنين من خلال برنامج نطاقات. السؤال هل كل هؤلاء موظفون فعليا يحضرون الى مقر أعمالهم أم موظفون وهميون؟ أيضا لجان تسوية الخلافات العمالية تتطلب دراسة مستضيفة لآلياتها ومدى كفاءة اعضائها لاصدار أحكام قضائية ابتدائية أو نهائية إذ إن أغلب الاعضاء ليسوا ممن يحمل شهادة في الفقة أو العلوم الشرعية تمكنه من الفصل في قضايا مالية أو تعسفية بين أرباب العمل والعمال. وكل ما تقدم لا يقلل من دور وزارة العمل في حل مشاكل البطالة وسعودة بعض الأنشطة النسائية وتفعيل الخدمات الالكترونية التي تريح المواطن وجهودها الأخرى في تنمية الاقتصاد ولكن ينبغي في نفس الوقت أن يتم معالجة الأمور بشكل واقعي وذي مردود على الاقتصاد الوطني.