أمير الشرقية يشيد بجهود «مكافحة المخدرات»    تركي بن هذلول يلتقي قائد قوة نجران    سوق العمل السعودي نهضة استثنائية    أمير نجران يثمّن عمل كفاءة الطاقة بالإمارة    فيصل بن مشعل يدشن «مسار الحِرف»    مسام ينزع 1.559 لغماً في أسبوع    صراع القيم هو ما ينتظر الشرق الأوسط مستقبلاً    صراعات الشرق الأوسط.. الرابحون والخاسرون ومنتظرو المكاسب    بلانيس: «ميركاتو» العميد سيكون هادئاً    القيادة تهنئ رئيسي ملاوي وجزر القُمر    النصر يعير دوران إلى فنربخشة    توزيع 1.200 سلة غذائية في السودان ل 8.874 مستفيدًا    بين التخزين والامتثال.. معركة الوعي في قلب المدينة    شوريًّون يطالبون باستخراج صكوك المساجد ورفع مستوى العناية بها ووقف لكل مسجد    تجربة جديدة لعمرو دياب في موسم جدة    "أوقاف الخضير" تشارك في ملتقى القطاع غير الربحي بالتعليم 2025م    التخصصات الصحية تعتمد برنامج دبلوم تمريض العناية القلبية في تخصصي تبوك    هداية تواصل الأثر.. 18 ألف مستفيد و100 مسلم جديد في يونيو    أمير حائل يدشّن مبادرة "أبناؤنا بعيون الصحة"    215 ألف إجراء صحي في مركز المراقبة بمطار الأمير نايف خلال النصف الأول من 2025    أحداث تاريخية وقعت في جيزان.. معركة الضيعة وشدا    خطبة الجمعة القادمة عن التحذير من الشائعات والغيبة والنميمة    الشؤون الإسلامية في جازان تختتم الدورة العلمية في صامطة    الشؤون الإسلامية في جازان تناقش آلية تدريب الموظفين على الإسعافات الأولية    أمير الشرقية يستقبل سفير مملكة تايلند ويشيد بجهود مكافحة المخدرات بالمنطقة    الأهلي يُعلن عن ودياته التحضيرية للموسم الجديد    تمكين الهمم يختتم عامه القرآني بحفل مهيب لحَفَظَة القرآن من ذوي الإعاقة    2 مليون دولار تفصل وسام أبو علي عن الدوري القطري    المياه الوطنية تدعو عملاءها لتسجيل التوصيلات المنزلية غير النظامية    والدة المحامي حمود الحارثي في ذمة الله    ريال مدريد يكمل عقد نصف نهائي كأس العالم للأندية بثلاثية في شباك دورتموند    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    بلاستيك إلكتروني صديق للبيئة    "الداخلية": ضبط 17.8 ألف مخالف في أسبوع    قواعد جديدة منها إغلاق المنشأة وإلغاء الترخيص.. غرامات تصل إلى مليوني ريال للمخالفات البلدية    1334 حالة ضبط في المنافذ الجمركية خلال أسبوع    495 مليار ريال حجم الاقتصاد الرقمي.. السعودية تتصدر مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية    أكدت تمكينه وتوسيع أثره بالقطاعات الحيوية.. وزارة "الموارد": تنمية القطاع التعاوني للمساهمة في مستهدفات رؤية 2030    أوكرانيا تستهدف قاعدة جوية روسية    القيادة تهنئ رؤساء فنزويلا والجزائر وكابو فيردي ب"ذكرى الاستقلال"    "الإيسيسكو" تبحث إنشاء منصات رقمية لتوثيق تراث المملكة    مسابقة لترشيح سعوديين ل«كأس العالم للحلويات»    يستعرض التطورات في المملكة خلال الأعوام الماضية.. «كنوز السعودية» بوزارة الإعلام تطلق الفيلم الوثائقي «الوجهة»    ترمب يتولى الإعلان ويدفع نحو حل شامل.. اتفاق غزة الجديد يقترب    دعا لتجاوز خلافات الماضي.. المبعوث الأمريكي: فرصة تاريخية ل«حصر السلاح» في لبنان    ألف اتصال في يوم واحد.. ل"مركز911"    الرياض تستضيف مجلس "التخطيط العمراني" في ديسمبر    تطوير التعاون مع صربيا وإندونيسيا في النقل الجوي    ظهور نادر للفنان المصري عادل إمام بعد غياب طويل    رابطة دوري المحترفين تتولى الرقابة المالية للأندية    «فاكهة الصيف».. تعود للأسواق    الشؤون الإسلامية بنجران تغلق 460 بلاغاً    محافظ صبيا يُدشّن حملة "لقمتنا ما تنرمي" للتوعية بأهمية حفظ النعمة في المناسبات    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُُنفّذ "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    قطاع ومستشفى المضة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي لسلامة الغذاء"    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المونديال.. كرة قدم وأشياء أخرى
نشر في الرياض يوم 15 - 06 - 2014

في عام 1930، استضافت الأوروغواي أول بطولة عالمية لكرة القدم تحت مسمى "كأس العالم"، وقد شارك ثلاثة عشر فريقاً، تسعة من امريكا الجنوبية وأربعة من اوروبا، وغابت دول كثيرة بسبب بعد المسافة وتكاليف السفر.
أكثر من ثمانية عقود، وهذا الكرنفال العالمي الكبير الذي يُقام كل أربع سنوات، يواصل حفره الغائر في عمق الحضارة الإنسانية التي وجدت في هذه الساحرة المستديرة حكاية عشق، تتشكل فصولها المثيرة من عوالم من المجد والشهرة والإلهام.
خلف كل التفاصيل البراقة التي تحفل بها منافسات هذا العرس الرياضي العالمي الذي تخطب وده كل دول العالم بلا استثناء، خاصة تلك الدول التي أدركت أهمية وتأثير كرة القدم على واقع المشهد العالمي، لأنها ليست مجرد قطعة من الجلد تركلها الأرجل، ولكنها منظومة صناعية واستثمارية كبرى تدر المليارات وتوفر ملايين الوظائف والفرص، بل وتُسهم في خلق تنمية اقتصادية واجتماعية تفوق الكثير من القطاعات والمجالات والخدمات الأخرى.
نعم، لعبة كرة القدم، قد تكون مجرد تفاصيل تغص بالإثارة والندية والحماس والمنافسة والأهداف والأرقام والفوز والخسارة والعنف والمتعة والجنون والفرح والتصفيق والحزن والدموع والذكاء والمراوغة والهجوم والدفاع والقرارات الصحيحة والخاطئة والظالمة والكثير الكثير من التفاصيل التي تحفل بها مجرد مباراة هنا أو هناك، لكنها في حقيقة الأمر مرآة عاكسة لطبيعة الحياة التي تتمظهر فيها كل تلك التفاصيل والأحداث والظواهر، ولكن في مساحة أكبر وأكثر عمقاً من ذلك المستطيل الأخضر الذي تُجرى عليه منافسات كرة القدم.
لقد تحولت كرة القدم، عبر كل تلك العقود، من مجرد وسيلة ترفيهية تجلب المتعة والفرح والمنافسة، إلى ظاهرة كونية، بل وأيقونة حضارية تُسهم في خلق سلم من القيم والمبادئ والمعاني، كالتفاني والإخلاص والتخطيط والتكتيك والتفوق والحيوية والعمل المشترك والقيادة.
لقد أصبح هذا "المونديال المنتظر"، تظاهرة احتفالية ورياضية وفنية وثقافية واقتصادية وسياسية، تنتظرها كل شعوب العالم بمختلف ألوانهم وقومياتهم ومستوياتهم، لأنها فرصة كبيرة لالتقاء الحضارات والثقافات والخبرات، بل وساحة كبرى لاستعراض واستثمار الإمكانات والقدرات والطاقات.
وقد شهدت الكثير من نسخ هذا المونديال العالمي حالات من التوظيف والاستثمار والاسقاط، كما حدث في المونديال الثاني بايطاليا عام 1934، حينما تم استغلاله لأغراض سياسية ودعائية لتلميع صورة النظام الفاشي بزعامة موسوليني. كذلك ساهم مونديال فرنسا عام 1998، في تحسين صورة العرب والمنحدرين من أصول غير اوروبية نتيجة تألق اللاعب الفرنسي من أصول جزائرية زين الدين زيدان ومساهمته الفاعلة بإحراز اللقب لفرنسا. أيضاً، مونديال جنوب افريقيا عام 2010، قدم رسالة ايجابية لهذا البلد الذي طوى صفحة الماضي بكل أحزانه وآلامه ومآسيه.
منذ المونديال الأول بالأوروغواي، مروراً بكل القارات التي نظمت هذه التظاهرة الرياضية الكبرى، وصولاً للمونديال الحالي بالبرازيل في نسخته ال 20، تشكلت قناعة راسخة لدى كل الأمم والشعوب والمجتمعات، بأن هذا الكرنفال العالمي الفريد هو الحدث الأهم والأبرز والأضخم على الإطلاق في واقع المشهد الدولي.
في هذا المونديال فقط، أنفقت البرازيل أكثر من 11 مليار دولار لإعداد وتنظيم هذه البطولة، حيث تم إنشاء وتحديث وصيانة العديد من الملاعب والفنادق والطرق والقطارات والمرافق والخدمات، لكي تكون جاهزة لاستقبال الملايين من الجماهير، ولضمان متعة المشاهدة لأكثر من 3 مليارات شخص، أي نصف الجنس البشري.
إذاً، هذا المونديال العالمي، وإن بدا مجرد تظاهرة رياضية، يتنافس فيها 32 بلداً من أجل الظفر بالكأس الذي صممه الايطالي "سيلفيو غازانيغا" عام 1974، ويزن قرابة ال 6 كيلو جرامات، وهو مصنوع من الذهب الخالص عيار 18، وقد كان ثمنه في ذلك الوقت 50 ألف دولار، بينما قيمته الحالية تُعادل 10 ملايين دولار، إلا ان الأهداف والأدوار والمكاسب والرسائل أكبر بكثير من ذلك.
أهداف وأبعاد سياسية واقتصادية وثقافية تقف خلف تلك الواجهة البراقة لهذا المونديال الرياضي الذي تتنافس الدول بل وتفعل المستحيل من أجل الفوز بشرف تنظيمه، بعضها ظاهر للعلن، بينما البعض الآخر سري للغاية.
من مكاسب المونديال، النمو والانتعاش الاقتصادي والاجتماعي للبلد المنظم، حيث تحدث نقلة كمية ونوعية للكثير من المرافق والخدمات، إضافة إلى ضخ المليارات وتوفر آلاف الوظائف.
أيضاً، تساهم هذه الفعالية العالمية في توحيد وتقارب واندماج الشعوب المختلفة، إذ تتواجد عشرات الجنسيات والقوميات المختلفة في بلد واحد، ما يخلق حالة من تبادل الثقافات والخبرات.
كذلك، تحولت المقولة الشائعة بأن كرة القدم ملهاة أو افيون الشعوب، إلى أيقونة ملهمة لأطفال وشباب العالم للكثير من القيم والمبادئ والثقافات.
بالنسبة لنا كعرب، كانت المكاسب والرسائل رائعة جداً، منها مشاركة الجزائر في المنافسات وهو الفريق العربي الوحيد، إضافة إلى الكلمة الذكية لشيخ الأزهر والتي بين فيها عمق الحضارة الإسلامية التي تمد يدها للحضارات الأخرى، لتتبادل معها المنافع والمصالح، مؤكداً أن الإسلام هو أول من سعى للعالمية بتنوع ثقافاته وتعددها. أيضاً، مشاركة المطرب الفلسطيني محمد عساف الذي غنى في حفل "كونغرس الفيفا 64" في مدينة ساو باولو، أغنية "يلا يلا" بإقاعات مزجت الفلكلور الفلسطيني بالموسيقى البرازيلية.
ولكن في المقابل، هناك الكثير من الأهداف والأبعاد المثيرة للجدل والشك حول هذا المونديال العالمي الذي تشرف عليه منظمة قوية، بل هي أشبه بامبراطورية عظمى تمتلك الكثير من المال والسلطة والنفوذ، وهي الفيفا.
هذه المنظمة التي يتهمها الكثير بالفساد المالي والأخلاقي تجني الكثير من المليارات من عرق وجهد وأموال الشعوب التي تُقام عليها البطولة العالمية، بل وكل المنافسات الرياضية التابعة للفيفا.
كذلك، الإعلام بفضائياته وصحفه وعدساته، لا ينقل إلا الصور الجميلة والوجوه الباسمة في المونديال، بينما يُغيّب المشهد الحقيقي الذي تُمثله حالات الفقر والجوع والبطالة والجريمة.
أيضاً، هذا المونديال وكل المنافسات الرياضية العالمية تقريباً، ومنذ عدة سنوات، أصبحت محتكرة وحصرية لبعض المؤسسات الإعلامية التي تفرض مبالغ مرتفعة للسماح للمشاهدين بمتابعة المونديال والمنافسات الرياضية الأخرى، ما يُشكل عبئاً مرهقاً على متوسطي الدخل، فضلاً عن الفقراء الذين لا يستطيعون مشاهدة نجومهم ومنتخباتهم المفضلة.
لقد استطاع هذا المونديال العالمي، أن يوجّه أنظار العالم بأسره حول تلك الساحرة المستديرة في بلاد السامبا، لتعيش البشرية التي أرهقتها الحروب والأزمات والمنغصات، شهراً من المتعة والبهجة والفرح.
بالنسبة لنا كسعوديين، وبعد أربع تجارب مونديالية متفاوتة المستوى، اكتفينا بالتواجد الشرفي في هذا المونديال، وذلك من خلال بعض الصحفيين والرسامين والنحاتين والراقصين الشعبيين، ليكبر السؤال مع كل مونديال: لماذا لم نتأهل؟
بالنسبة لي، يُشكل المونديال ذكرى جميلة، لأنه حرّضني على الكتابة الصحفية قبل 12 عاماً، وتحديداً في مونديال عام 2002 بكوريا الجنوبية واليابان، حيث دشن مقالي الأول "سحر الكرة" مشواري في كتابة المقال الصحفي.
أكثر من ثلاثة بلايين مشاهد، تابعوا حفل افتتاح مونديال البرازيل قبل ثلاثة أيام، خاصة حينما غنت المطربة والممثلة الامريكية "جينيفر لوبيز" أغنية: We Are One.
قد تنجح "برازوكا"، وهو اسم كرة المونديال الذي اختاره البرازيليون كمفردة شعبية تُستخدم للتعبير عن فخر البرازيليين بوطنهم، في توحيد مشاعر الحب والألفة والتسامح بين شعوب العالم، بعد أن فرقتهم الصراعات والأزمات والاحتقانات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.