نعيش في هذه البلاد المباركة وننعم فيها بالكثير من الخيرات التي يحسدنا عليها الآخرون. صحيح أنه لا يمكن لكل واحد منا أن ينال كل ما يطلبه، ولكن لو قارنا ما نحن فيه من أمن ونعيم بما هو موجود لدى كثير من الدول والمجتمعات لوجدنا أننا بخير وفي نعمة تستوجب الحمد والشكر، ولوجدنا أن لدينا مكتسبات عديدة تستحق الحفاظ عليها. لدينا مكتسبات وثوابت دينية، ومثلها وطنية واجتماعية لا يمكن حصرها. في تثقيف وتربية أجيالنا لا بد لنا من غرس قيمة (الحفاظ على الممتلكات العامة) وهذا يعني أن تكون لدينا القناعة الكاملة بأن ما تقدمه الدولة هو ملك للجميع، وأن علينا الحفاظ عليه ولو لم يكن مخصصا لنا. هناك طرق، وهناك منشآت، وهناك ضوابط وتعليمات علينا جميعا أن نستشعر المسؤولية الجماعية تجاهها ولكن مما يؤسف له أننا بين الحين والآخر نسمع ونشاهد تصرفات لا نجد لها تفسيرا سوى الإساءة والإقلال من شأن الوطن ومقدراته. الأمثلة والشواهد على ذلك كثيرة، وكم نتمنى أن تكون قليلة، ومن ذلك ما شاهدناه من تكسير وتخريب في مدينة الملك عبدالله الرياضية ليلة افتتاحها، ومنها ما يقوم به بعض الشباب خلال التجمعات في المناسبات الوطنية من تكسير واقتحام لبعض الأماكن، وغير ذلك. في نظرتنا لما يحيط بنا من منشآت وممتلكات حكومية علينا أن نتعامل معها كما لو كانت ممتلكات تخصنا، وفي داخل الكثير من الوزارات والمؤسسات العامة نرى نماذج تسيء التعامل مع ما بين يديها من أجهزة أو أثاث وكأنها مُلك للأعداء، وحين تسأل لماذا؟ تواجهك عبارة (حلال الحكومة). هل ذلك يعني أن ممتلكات الحكومة، مهما كان نوعها أو قيمتها، لنا الحق في أن نسيء استخدامها لمجرد أنها للحكومة ولم ندفع فيها شيئا؟ مع أن الدين والعقل يقولان إن كل ما بين أيدينا من ممتلكات لغيرنا هي في المقام الأول أمانة في أيدينا علينا الحفاظ عليها واستخدامها للصالح العام، وعلينا أن نستشعر المسؤولية وأن نقف في وجه كل من يحاول العبث أو الاستخدام السيئ للممتلكات العامة، فكل ما بين يديك من هذه الممتلكات لا يحق لك أن تستخدمها إلا فيما سخرت له وبما يحقق الغاية من وجودها. كم نفرح ونستبشر حين نرى أباً يؤنب طفله لقطعه غصن شجرة في حديقة عامة، وكم نسعد حين نرى أماً تمنع طفلتها من رمي المخلفات على رصيف المشاة إدراكا منها أن الرصيف ملك للجميع ويجب أن يكون نظيفا على الدوام تطبيقا لمبدأ (الحفاظ على الممتلكات العامة) دعونا نقدم نموذجاً للآخرين بأننا أمة متحضرة تستشعر الأمانة والمسؤولية وتقف في وجه كل من يحاول الخروج عليها. صدقوني إنها ليست بالأمر الصعب أو المستحيل ولكنها ثقافة وتعاملات لو تكاتفنا جميعا لتحقيقهما فسيكتب لنا النجاح إن شاء الله ولو بعد حين.