تراجع الأسهم الأوروبية    وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تحقق "المستوى الذهبي"    مكافحة المخدرات تقبض على شخص بمنطقة القصيم    الرعاية المديدة بالظهران تُطلق خدمات التأهيل الطبي للعيادات الخارجية    العين الإماراتي يودع كأس العالم للأندية بخسارته أمام مانشستر سيتي بسداسية    العربي إلى المرتبة الثالثة عشر ( بلدية محايل )    تعليم ظهران الجنوب يكرم المساعد سعيد الوادعي بمناسبة التقاعد    الأمير سعود بن نهار يُكرّم طلاب التعليم الحاصلين على جوائز دولية في معرض "ITEX" الدولي 2025    محافظ الطائف يستقبل قيادات المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر    جمعية الثقافة والفنون بجدة تنظّم معرض "إلهام"    جامعة أم القرى تُحرز تقدمًا عالميًا في تصنيف "التايمز" لعام 2025    وفاة الأمير فيصل بن خالد بن سعود بن محمد آل سعود بن فيصل آل سعود    الأخضر السعودي يتعادل مع ترينداد وتوباغو ويتأهل لربع نهائي كونكاكاف    وزير الداخلية يستقبل سفير المملكة المتحدة    "البيئة": بدء بيع المواشي الحية بالوزن الخميس المقبل    مونديال الأندية| ريال مدريد يتغلب على باتشوكا بثلاثية    بحث تطورات الأوضاع مع ماكرون وميلوني.. الأمير محمد بن سلمان: ندعو لضبط النفس وحل الخلافات بالوسائل الدبلوماسية    في ثالث جولات مونديال الأندية.. الأهلي المصري يواجه بورتو.. وتعادل ميامي وبالميراس يؤهلهما معاً    116 مليون سائح عام 2024.. 284 مليار ريال إنفاقاً سياحياً في السعودية    أكد الاحتفاظ بكافة الخيارات للرد.. عراقجي: هجوم واشنطن انتهاك صارخ للقانون الدولي    السعودية تدين الهجوم على كنيسة في دمشق    تيسير إجراءات مغادرة ضيوف الرحمن الإيرانيين    ضبط مقيم لنقله 13 مخالفاً لنظام أمن الحدود    إطلاق النسخة ال5 من مبادرة السبت البنفسجي    تحديد موقع المركبة اليابانية المتحطمة    عام 2030 الإنسان بين الخيال العلمي والواقع الجديد    سر انتشار البشر خارج إفريقيا    علقان التراثية    المملكة تختتم مشاركتها في معرض سيئول للكتاب.. الثقافة السعودية تعزز حضورها عالمياً    هيئة التراث تسجل 5,900 موقع ومبنى جديد    إثراء" يشارك في مهرجان "كونسينتريكو" الدولي للعمارة    اقبلوا على الحياة بالجد والرضى تسعدوا    حملة لإبراز المواقع التاريخية في العاصمة المقدسة    في المسجد    طهران تقر إغلاق مضيق هرمز.. استهداف أمريكي لمنشآت نووية إيرانية    نصائح لتجنب سرطان الجلد    العمل ليلا يصيب النساء بالربو    فيروسات تخطف خلايا الإنسان    الهلال يتعادل سلبيا مع سالزبورغ بكأس العالم للأندية    الأحساء تستعرض الحرف والفنون في فرنسا    قوة السلام    أميركا تستهدف منشآت إيران النووية    أمر وحيد يفصل النصر عن تمديد عقد رونالدو    محاولة جديدة من الهلال لضم ثيو هيرنانديز    عسير تستعد لاستقبال السياح    مبادرة للتبرع بالدم في "طبية الملك سعود"    تنظيم السكن الجماعي لرفع الجودة وإنهاء العشوائيات    إنقاذ حياة امرأة وجنينها بمنظار تداخلي    تباين في أداء القطاعات بسوق الأسهم السعودية    40 مليار ريال حجم الاقتصاد الدائري بالمملكة    الضّب العربي.. توازن بيئي    أكثر من 19 ألف جولة رقابية على جوامع ومساجد مكة    وزير الداخلية يودع السفير البريطاني    الشؤون الإسلامية توزع هدية خادم الحرمين من المصحف الشريف على الحجاج المغادرين عبر منفذ عرعر    أمراء ومسؤولون يؤدون صلاة الميت على مشعل بن عبدالله    نائب أمير الشرقية يعزي العطيشان    الجبهة الداخلية    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران شيخ شمل محافظة جزر فرسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة في عقلية مدير ياباني
نشر في الرياض يوم 06 - 06 - 2013

"ماتسوتاكي.. اذهب ونظف حمامات المحطة!" كان ذلك أول أمر يتلقاه الشاب الياباني من مديره في بداية أيام العمل في شركة القطارات اليابانية بعد التخرج في جامعة يابانية عريقة في قسم الهندسة. أذعن الشاب للأمر وبعد الانتهاء استدعاه مديره مجدداً ليسأله كيف كانت مشاعره بعد تنظيف الحمامات. أجاب ماتسوتاكي: "سررت بتنفيذ أوامرك يا سيدي لكنني وبصراحة لم أكن مرتاحاً خلال أداء المهمة". تبسم المدير قائلًا: "يا بني إن هنالك من يقوم بهذا العمل يومياً من موظفي الشركة ومنسوبيها وبدونهم لا يمكن للعمل أن ينجح وما هدفي إلا أن أعلمك أهمية احترام كل فرد وكل جهد في المؤسسة مهما كان صغيراً!!". أصبح هذا الشاب ماتسوتاكي أوتسوكا رئيساً لتلك الشركة لاحقاً ويعمل الآن نائباً لرئيس المجلس الياباني الاقتصادي الأعلى (كيدانرين).
أما أبو الإدارة اليابانية السيد ماتسوشيتا كونوسكي، مؤسس شركة باناسونيك، فقد أخطأ سائقه الطريق مرة مما أدى لتأخره ساعة كاملة عن موعده مع مؤسسة أخرى. كان ماتسوشيتا حازماً وصارماً لا يسمح بالأخطاء ولايتهاون فيها فأصدر في اليوم التالي قراراً وزعه على جميع أقسام الشركة بحسم مرتب شهر كامل من مخصصاته هو نفسه رئيس الشركة بسبب التأخر وتحمل هو المسؤولية بكل شجاعة عوضاً عن أن يتحملها سائقه الذي أخطأ الطريق. فقد اعتبرها مسؤوليته إذ لم يخصص نظاماً للتأكد من الطرق وتوعية السائقين بها.
ولعل من السمات التي تميز الإدارة اليابانية بأن مطبخ القرارات هو الإدارة التنفيذية وليس الإدارة العليا مما يسمح بمشاركة مختلف أفراد المؤسسة في صناعة القرارات وتأهيلهم لتولي المناصب القيادية في المستقبل. ويمكن القول إن نجاح المدير يرتبط بمدى قدرته على إعداد كادر من مديري وقياديي المستقبل الذين سيتولون دفة القيادة من بعده. ففي اليابان من العرف أنه إذا دخلت مكتب مدير مدرسة أو جامعة فستجد صوراً معلقة لجميع المديرين السابقين ليستشعر المدير الجديد عظم المسؤولية وبأنه يكمل مسيرة من قبله وأن علاقته بهذه المؤسسة يوماً من الايام ستكون ما ترك من أثر وعمل ومجرد صورة معلقة في جدار المبنى..
وأذكر خلال عملي في إحدى الشركات اليابانية في قطاع التجارة الإلكترونية، إبان طفرة الانترنت في أواخر التسعينات، أن مديرة الشركة كانت تحرص على ترتيب مكتبها وكتابة جميع الملاحظات بوضوح قائلة: "لا أترك المكتب كل يوم إلا وقد تأكدت من أن أي مدير جديد يستطيع من صباح الغد أن يبدأ مهامه بكل سهولة ولن يتأثر عمل الشركة لو وافتني المنية لأي سبب ولم أتمكن من الحضور".
ومن الملاحظات اللافتة تميز المدير الياباني بقربه الشديد من أرض الميدان من مصانع ومحلات مبيعات وغيرها حيث يستطيع من خلال ذلك الاطلاع على المشاكل من أرض الواقع والتفكير في الاستراتيجيات الجديدة للمنظمة. وأذكر أن أحد زملائي السعوديين أيام الدراسة في اليابان واجه مشكلة في شباك البنك بسبب عدم المرونة والتقيد التام بالتعليمات والأنظمة مما دعاه إلى يصيح بصوت عال " أين هو المدير؟؟" ليفاجأ بالموظف الجالس أمامه على شباك خدمة العملاء يبتسم في هدوء قائلا: "أنا المدير.. كيف يمكنني أن أخدمك؟؟"
ورغم ما ورد من ثناء على الإدارة اليابانية فمن نافلة القول إن لدى المديرين من أصدقائنا اليابانيين تحدياتهم ومشاكلهم التي تحتاج لمعالجتها فهم على تميزهم ليسوا بالمنزهين عن الأخطاء إطلاقاً. بل أكاد أجزم بأن هنالك خصائص تميز المدير العربي عن المدير الياباني كالمرونة وسرعة اتخاذ القرارات والحزم. يقابلها في الجانب الياباني تمسك شديد بالأنظمة ومراعاة كبيرة لمشاعر الغير وحرص على التشاور ودراسة القرارات والتخطيط المسبق بتأن وتفصيل وهي سمات جيدة بيد أنها قد لا تكون كذلك إذا ما بالغ فيها المرء. وعندي يقين بأن طريقنا نحو دول العالم المتقدم الصناعي لن يكون إلا بتطوير منهجنا الإداري الذاتي القائم على مبادىء حضارتنا الإسلامية في فهمها الصحيح والنقي. وقس عليها نماذج النهضة والتي لا تكون باستجلاب نموذج غربي أو شرقي ونسخه كما هو في مجتمعاتنا. وهذا لا يتناقض أبداً مع الانفتاح على الثقافات الأخرى ونهل المعارف فالحكمة ضالة المؤمن.
وأخيراً،، فكثيراً ماكان السيد ماتسوشيتا يخاطب موظفي شركته باناسونيك:" إذا سألكم أحد ماذا تصنع شركتكم فأجيبوا بأنها تصنع الرجال!! وهؤلاء الرجال يصنعون بقية المنتجات!!" تلكم هي خلاصة العقلية اليابانية في الإدارة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.