الرياضة أصبحت حاضراً صناعة، لذا لم تعد متابعتها مقتصرة على الرياضيين، هناك آخرون ليسوا بالوسط الرياضي وأصحاب مسئوليات كبيرة ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها حديثاً أو منذ فترة. الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه "دنيا الرياضة" عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد وضيفنا اليوم هو استاذ علم الإجرام ومكافحة الجريمة بجامعة القصيم الدكتور يوسف بن أحمد الرميح. استثمار كرة القدم لنشر الفكر الوسطي البعيد عن التشدد مهم * وأنت المتعاون مع مركز الشيخ ابن سعدي للدراسات والبحوث كيف ترى أهمية الدراسات، والبحوث للنهوض برياضتنا، وتطويرها بالشكل المطلوب، الذي يتوازى مع سمعة الوطن، وقيمته؟ - لا تقوم المؤسسات العلمية إلا على الدراسات والبحوث. فالرياضة في عالمنا المعاصر أصبحت فنا واحترافا والدول والمجتمعات تسعى في خلق وإيجاد جيل أو منتخب يحسن تمثيل ذلك المجتمع وتلك البلاد. لذلك تصرف ميزانيات كبيرة على اللعبة واللاعبين والمنتخبات وتسعي الدول قاطبة لاستقطاب المناسبات الرياضية فقد أصبحت صنعة ودخلا وميزة لشباب تلك البلاد. لذلك من المهم جدا دراسة أسباب وكيفية النهوض بالحركة الرياضية في بلادنا دراسة علمية بعيدة كل البعد عن العشوائية والانتقائية. * وأنت تعمل مستشاراً لسمو أمير منطقة القصيم، برأيك ما الدور الذي من الممكن أن يقدمه المستشارون في العمل الرياضي عموماً وفي كرة القدم خصوصاً؟ - يجب أن تستثمر كرة القدم لنشر الفكر الوسطي المعتدل البعيد عن التشدد والتكفير بواسطة اللاعبين والأندية والمباريات والملاعب لما لها من جمهور، ولما لها من تأثير خاصة على الشباب والذين يمثلون اليوم قرابة 65% من الشعب السعودي. يجب أن لا تكون الرياضة للرياضة ولكن يجب أن تعطي نكهة الوطن ولونه ورائحته وعبقه، وحب الوطن والفداء للوطن والتضحية للوطن وحماية الوطن ومكتسباته. * بحكم عملك عضواً في لجان المناصحة، كيف ترى أهمية تقديم التوجيهات، والنصائح للرياضيين لتعديل بعض السلوكيات الخاطئة لديهم، التي قد تؤثر في أدائهم داخل الميدان؟ - لابد من المناصحة ولكن بروح المحب الحريص على شباب وطنه، وليكن من رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في ذلك بأن نعاملهم باللين والرفق فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه. * من البحوث التي قدمتها بحث بعنوان: "العنف ضد الطفل دراسة ميدانية" ما رأيك بالعنف الرياضي الذي نراه يتكرر في المشهد الرياضي لدينا بشكل لافت، وما أبرز الأسباب التي أفرزت لنا هذا العنف؟ - يجب سن أنظمة صارمة وواضحة تمنع وتجرم أي شكل من أشكال العنف ويجب منع اللاعبين من استفزاز الجمهور حتى لا يحصل ما لا تحمد عقباه وعند حصول أي تجاوز للأنظمة فيجب أن تطبق أقسي العقوبات وتعلن، أو حتى تطبق في الملعب لعدم تكرار الحادثة. الغلبة للهلال في منزلي وأدعو ماجد وسامي والدعيع والموسى إلى مائدتي * كتبت بحثاً بعنوان: "الأصدقاء ودورهم في الجريمة (دراسة مقارنة بين النظريات الجنائية)" باعتقادك ما دور البيئة المحيطة باللاعب في تشكيل هويته؟ - اللاعب شاب تتشكل هويته حسب هوية أصدقائه والمقربين منه لذلك يجب الحرص كل الحرص على مخالطة من يوثق بدينه ومنهجه وحبه لوطنه وطاعته لولاة أمره وبعده عن الغلو والتكفير والتشدد الممقوت. * هل ترى أن ممارسة الرياضة ومتابعتها تسهم في الحد من ابتعاد الشباب عن التفكير في ارتكاب الجرائم بمختلف أنواعها؟ - نعم أعتقد أن مشاهدة الرياضة ومتابعتها والعيش في الجو الرياضي يقتل وقت الفراغ الذي قد يتسبب في الجريمة والعنف لا قدر الله. ومواجهة الفراغ من أصعب الأمور على الشاب لذا فتوجهه للرياضة لعباً أو مشاهده أو تشجيعا يعطيه هدفا وحافزا ويقتل وقت الفراغ لديه، وهذا أفضل ألف مرة من الفراغ الذي قد يولد الجريمة. من يتجاوز الأنظمة يجب معاقبته كائناً من كان * كتبت بحثاً عن المشكلات الاجتماعية للمسنين وكيفية التعامل معها، برأيك كيف نتعامل مع مشكلات الرياضيين أيا كانت سواء كانت اجتماعية أو رياضية، ومدى تأثيرها في أداء اللاعبين داخل الملعب؟ - من الطرائق المهمة في علاج المشكلات الاجتماعية كالمشكلات الأسرية أن نجزأ أو نقطع المشكلة لأجزائها الصغيرة ونحاول أن نحل كل جزء على حدة بحيث لا نتعامل مع المشكلة كقطعة كبيرة بل على مشكلات صغيرة ثم نحلها واحدة واحدة، فمن تجربة هذه أفضل طريقة للتعامل مع المشكلات الكبيرة. * من البحوث التي طرحتها بحث بعنوان: "محاكم الأحداث عبر التاريخ (دراسة تاريخية)" هل ترى أن الوسط الرياضي بحاجة إلى إيجاد محكمة رياضية متخصصة لمعالجة كثير من القضايا الرياضية؟ - نعم من المهم جدا إيجاد محاكم رياضية متخصصة لمعالجة القضايا الرياضية ووجود قضاة متخصصون لديهم العلم والدراية والفكر الرياضي والتجربة في الوسط والمجتمع الرياضي مع مخزونهم الشرعي والنظامي الذي ينطلقون منه لمعالجة أي قصور أو إشكالات توجد في المجتمع الرياضي. * من البحوث المنشورة لك بحث بعنوان: "الولاء والانتماء للوطن بين طلاب الجامعة السعوديين (دراسة ميدانية) برأيك هل انتهى الولاء، والانتماء للاعبين في عصر الاحتراف؟ وأصبح الولاء للمادة فقط؟ - مع دخول عصر الاحتراف أصبحت المادة هي المعيار والمقياس والانتماء، وأصبح انتماء اللاعب في غالب أحيانه للمادة إلا من رحم الله ومع هذا لا تستطيع أن تلومه على ذلك فالرياضة ككل تتجه لموجات من الاحتراف التي عنصرها الأساس الانتماء لمن يدفع أكثر وليس لمن نحب وأصبحت الرياضة تجارة أكثر من كونها هواية وموهبة. * لديك كتاب تحت الطباعة بعنوان: "الجريمة و العقاب" كيف ترى أهمية العقاب في الحد من تجاوزات بعض اللاعبين؟ - نعم أرى انه من المهم العقاب لمن تجاوز وتعدي على الأنظمة على اللاعب وغيره من فئات المجتمع فمن يخالف فلا بد من عقابه حتى نقضي على التجاوزات من كائن من كان. * رسالتك في الماجستير بعنوان: "أسباب جنوح الأحداث في المملكة العربية السعودية" باعتقادك ما أسباب خروج بعض اللاعبين عن النص في بعض الأحيان؟ - خروج بعض اللاعبين عن النص أحيانا يرجع لعدة أمور أهمها عدم وجود نظام واضح للانضباط داخل الملعب وأحيانا تدليل اللاعبين على حساب الأخلاق، وكذلك عدم معاقبة من يخرج عن النص وأرى أن كثيرا من اللاعبين يثور من شحن الجمهور له ويجب فعلا إعطاء هؤلاء جلسات نفسية واجتماعية في كيفية التعامل مع تأثير الحشود والجمهور ويجب أن يكون في كل ناد رياضي أخصائي نفسي، وأخصائي اجتماعي للتعامل الأمثل مع مشكلات اللاعبين في الملعب. * كما أن رسالتك في الدكتوراه كانت بعنوان: "الضبط الاجتماعي ودوره في علاج جنوح الأحداث" كيف ترى أهمية انضباط اللاعبين لتطوير مستوياتهم سواءً كان ذلك داخل الميدان أو خارجه؟ - من الضروري جدا للاعب الانضباط داخل الملعب وخارجه لأنه باختيار المجال الرياضي أصبح لا يمثل نفسه بل يمثل القميص الذي يرتديه والنادي الذى يمثله فكل خطوة وكل كلمة أو تصريح أصبحت الآن محسوبة عليه. * حاربت التطرف والجريمة من خلال عدد من البحوث، والمقالات، والأطروحات، برأيك كيف لنا أن نحارب التعصب في المجال الرياضي؟ - حتى نحارب التعصب في المجال الرياضي لابد أن يكون جميع العاملين في الأندية مثالاً وقدوة صالحة للاعبين كذلك لابد من سن أنظمة وقوانين تحرم وتجرم التعصب الرياضي ويجب أن يلعب الإعلام الرياضي دوره الفعال والرئيس في محاربة التعصب الرياضي المقيت. * شاركت في عدد من المحاضرات العامة في الأندية والمراكز الاجتماعية، كيف شاهدت تقبل الرياضيين عموماً للمحاضرات العلمية، والتوعوية، وكيف كان مستوى اللاعبين الثقافي برأيك؟ - عملت عدة محاضرات في عدد من الأندية وللأسف حضرها الجمهور المحب لذلك النادي ولم أر اللاعبين ولكن قد يكونون مشغولين بالتدريبات وعلى كل تقبل الناس عموما والرياضيون جزء منهم المحاضرات العلمية والتوعوية ضعيف ويجب أن يبذل المحاضر جهودا كبيرة للذهاب لهؤلاء في أماكن تجمعاتهم وأماكن لعبهم للتأثير عليهم. * آخر مرة دخلت فيها ملعباً رياضياً؟ - لا أذكر آخر مرة دخلت فيها ملعبا رياضيا ولكن قد يكون لقاؤكم هذا فأل خير لي لأدخل الملاعب الرياضية أكثر مما كان بإذن الله. * معك بطاقة صفراء لمن توجهها؟ - البطاقة الصفراء توجه لكل من يعمل عملا غير لائق مثل التعصب الرياضي والسب والشتم داخل الملاعب أو الدخول في خصوصيات الناس ونياتهم والظن الخاطئ. * والبطاقة الحمراء ترفعها لمن؟ - البطاقة الحمراء لمن يسيء لسمعة بلاده أو لشباب المملكة بطريقة قبيحة كالعنف أو البصق أو الكتابات السيئة القبيحة التي تقدح في الآخرين أو من يهيج الجمهور على العنف بأي طريقة كانت أو من يعتدي أو يساعد في الاعتداء على حكم المباراة أو أحد العاملين في الملعب. * في منزلك لأي الأندية تدين الغلبة؟ - في المنزل تدين الغلبة لنادي الهلال مع وجود بعض المعارضة لذلك التوجه وهذا طبيعي. * أنت على مائدة طعام فمن تدعو من الرياضيين إلى هذه المائدة؟ - هناك عدد من الوجوه الرياضية التي أحبها وأتشرف بهم فعلا وأتمنى دعوتهم لمنزلي المتواضع فمنهم على سبيل المثال: الأمير عبدالرحمن بن مساعد رئيس نادي الهلال، وصالح الواصل رئيس نادي النجمة سابقا، والأستاذ أحمد عيد، وكذلك الأخ د. حافظ المدلج، وكذلك خالد المعمر، ورئيس النادي العربي سابقا الأخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز المساعد، والحكم المثالي يوسف الحمد العقيلي. ومن اللاعبين القدامي: ماجد عبدالله، وسامي الجابر، ومنصور الموسى، ومحمد الدعيع. وكذلك من اللاعبين الحاليين: محمد الشلهوب، وياسر القحطاني، وأسامة هوساوي. * تقلدت عدداً كبيراً من المناصب، والمهام الرسمية لو خيرت في تولي منصب رياضي ماذا تختار؟ ولماذا؟ وما أدواتك لتحقيق النجاح في هذا المنصب؟ - لا أظن أني سأقبل تولي منصب رياضي؛ لأني لا أملك ما تحتاج إليه الرياضة والأندية من عقلية رياضية، ولكن أظن أني مشجع جيد فبعد كل انتصار أفرح من دون استنقاص للخصم وبعد كل هزيمة لا أحاول البحث عن مبررات في حكم المباراة أو بعض الإسقاطات الأخرى.