قوات الاحتلال الإسرائيلي تتوغل في عمق مدينة رفح الفلسطينية لأول مرة    الشورى ينتقد ضعف شبكات الاتصالات ويطلب معالجتها    أمير المدينة يستقبل أمين جائزة «مدني لدراسات تاريخ الجزيرة العربية»    وزير دفاع روسيا: نريد النصر في أوكرانيا ب"أقلّ" خسائر بشرية ممكنة    رئيس المركزي الأميركي يتوقع تراجع التضخم ولكنه أقل يقينا    شرطة مكة تقبض على مواطن أساء للذات الإلهية    عزم سعودي-بريطاني على إبرام اتفاقية شاملة وطموحة للتجارة الحرة    وصول الطائرة السعودية 49 لإغاثة أهالي غزة    فيصل بن فرحان يلتقي وزير خارجية سوريا    وزير الخارجية يلتقي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني    أمير تبوك ينوه بالجهود والإمكانات التي سخرتها القيادة لخدمة ضيوف الرحمن    وزير الاستثمار: المملكة المتحدة ثاني أكبر مستثمر أجنبي في السعودية    جي إف إتش تسجل ارتفاعا بنسبة 13.03% في صافي الربح العائد للمساهمين    سفيرة المملكة لدى واشنطن تلتقي طلبة المنتخب السعودي للعلوم المشاركين في آيسف    أمير منطقة تبوك يدشن التمرين التعبوي (استجابة 14)    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الحدود الشمالية    محافظ بيشة يدشن جمعية النخيل الإعلامية    أبو الغيط: التفاوض الثنائي بين إسرائيل والفلسطينيين لم يعد ممكناً    مجلس الوزراء: ضوابط لتخصيص عقارات الدولة للقطاع غير الربحي    الكلام أثناء النوم قد يتطلب استشارة الطبيب    كلوب لا يشعر بالإحباط عقب تعادل ليفربول مع أستون فيلا    وزير الشؤون الإسلامية يدشّن نماذج وتصاميم لمساجد وجوامع تحاكي هويّة مناطق المملكة    سابتكو تواصل الخسائر رغم ارتفاع الإيرادات    وزير الحرس الوطني يرعى حفل تخريج الدفعة ال 21 من جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية "كاساو"    اعتماد اشتراطات الإعفاء للأسواق الحرة بجميع المنافذ الجمركية    تغييرات كبيرة في أجانب الاتحاد    أولى رحلات مبادرة «طريق مكة» من تركيا تصل إلى المملكة    القمة العربية في البخرين نحو تعزيز التضامن العربي ومواجهة التحديات المشتركة    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    نائب أمير مكة: منع الحجاج المخالفين ساهم بتجويد الخدمات    القادسية يحسم لقب دوري يلو    تخريج كوكبة من الكوادر الوطنية لسوق العمل    معرض الدواجن.. 20 اتفاقية ب4 مليارات    «الممر الشرفي» يُشعل ديربي العاصمة    التجديد إلكترونياً لجوازات المواطنين الصالحة حتى (6) أشهر قبل العملية    سمو أمير منطقة الباحة يناقش في جلسته الأسبوعية المشروعات التنموية والخدمات المقدمة    أمير الباحة يستقبل مدير وأعضاء مكتب رواد كشافة بعد إعادة تشكيله    وزير التعليم يزور مدرسة معلمة متوفاة    يستيقظ ويخرج من التابوت" قبل دفنه"    الكويت في الصدارة مجدداً    سرابُ النصرِ وشبحُ الهزيمة    أمير المنطقة الشرقية في ديوانية الكتاب    ماهية الظن    فخامة الزي السعودي    استعراض الفرص الواعدة لصُناع الأفلام    الكويت.. العملاق النائم ونمور الخليج    آنية لا تُكسر    نائب أمير مكة: "لاحج بلا تصريح" وستطبق الأنظمة بكل حزم    بطلتنا «هتان السيف».. نحتاج أكثر من kick off    الصحة.. نعمة نغفل عن شكرها    دور الوقف في التنمية المستدامة    الماء البارد    في الإعادة إفادة..    إزالة انسدادات شريانية بتقنية "القلب النابض"    «سعود الطبية» تنهي معاناة ثلاثينية من ورم نادر    حكاية التطّعيم ضد الحصبة    18 مرفقاً صحياً لخدمة الحجاج في المدينة    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تدابير وزارة العمل تخلق وظائف ماهرة وتقضي على العمالة الرخيصة.. وإلصاق تهمة القصور على السعوديين تدحضها الأرقام
مختصون يشخصون علّة سوق العمل ويصفون العلاج

منذ فترة والنقاش محتدم بين مختلف فئات المجتمع وأطيافه على تقييم سوق العمل في المملكة كما تعددت الآراء حول الوسائل المثلى لتطويره في سبيل زيادة نسبة التوظيف ومكافحة البطالة.
ازدادت حدة النقاش مؤخراً مع صدور قرار مجلس الوزراء برفع تكلفة العمالة الوافدة بمبلغ 200 ريال شهرياً. وهذه القضية الهامة التي تكتسب جوانب اقتصادية متعددة وتؤثر في الحراك الاجتماعي؛ دفعت ب"الرياض الاقتصادي" لاستضافة أعضاء مجموعة "تقييم" والتي تتكون من عدد من القياديين والتنفيذيين من المجتمع السعودي الذين قاموا قبل فترة بإعداد دراسة عن سوق العمل في المملكة وسبل تطويره، وذلك لتقديم مرئياتهم من أجل زيادة توظيف السعوديين والحد من هيمنة العمالة الوافدة على سوق العمل.
الحقيقية مغايرة جداً
في البدء يشير محمد بن عبدالله القويز الرئيس التنفيذي المشارك لشركة دراية المالية إلى عدم صحة ما يقوله البعض بأن مشكلة سوق العمل في المملكة تتركز في الوافدين الذين يعملون في مناصب تنفيذية في الشركات المحلية بأجور مرتفعة يحصدون بموجبها ثروات البلد على حساب العامل السعودي، فالحقيقة مغايرة لذلك تماماً إذ أن الغالبية العظمى من العاملين الوافدين هم من العمالة غير الماهرة والرخيصة والتي يقل متوسط أجورها بكثير من العامل السعودي. فلو نظرنا للأرقام لوجدنا أن عدد الوافدين العاملين في السعودية يبلغ حوالي 5.9 ملايين شخص (بناء على بحث القوى العاملة الصادر عن وزارة التخطيط عام 2012م)، من ضمنهم 14% فقط (أي أقل من 850 ألف شخص) يحصلون على راتب قدره 2,000 ريال فما فوق. وبالمقابل فإن عدد العاطلين السعوديين (من واقع إحصائيات حافز الأخيرة) بلغت 1.2 مليون شخص في بداية 2012م. أي أننا لو سعودنا كل وظائف الوافدين التي يزيد مرتبها عن 2,000 ريال فلن نتمكن من إنهاء مشكلة البطالة (بالرغم من أن هذا الأمر صعب جداً نظراً لندرة بعض التخصصات والخبراء).
كما أن غالبية العاطلين السعوديين (68% منهم بالتحديد) هم من حملة الشهادة الثانوية فما دون، مما تنتفي معه محاولة حل بطالتهم بتوطين الوظائف القيادية أو الماهرة.
لذا فإن تركيز الجهود على سعودة الوظائف الماهرة والتنفيذية فقط لن يوجد ما يكفي من الوظائف للسعوديين. كما أن العمالة الوافدة الماهرة برغم من تكلفتها الأعلى إلا أنها توفر فرصة تعلم جيدة للموظف السعودي عن طريق الاحتكاك بخبرات وتجارب ذات قيمة عالية. كما أن الأجور المرتفعة التي يتقاضاها التنفيذيون الأجانب من شأنها أن تحسن مستوى الأجور.
القصور في القطاع الخاص
ويأخذنا عبدالعزيز بن عبدالرحمن العمران إلى بعد آخر حينما يقول: كثيراً ما نسمع أن مشكلة سوق العمل الأساسية ناتجة عن عدم قدرة القطاع الخاص على إيجاد فرص عمل كافية، أو بسبب القصور لدى العاملين السعوديين من ناحية التدريب أو القدرات. وقد خلصنا من دراستنا إلى الاعتقاد بأن هذه التفسيرات المعتادة والمتداولة لا يمكنها تعليل الوضع الحالي بشكل سليم.
فإذا نظرنا لمسألة قدرة الاقتصاد السعودي على إيجاد فرص كافية للعمل، فإننا نلاحظ أن القطاع الخاص السعودي قد أوجد حوالي 2.25 مليون وظيفة خلال الفترة (2004- 2009م) وهذا يمثل معدل زيادة سنوية في فرص العمل تقدر ب 8.2% سنوياً، ولكن الإشكالية أن غالبية الوظائف الجديدة تم شغلها بعمالة وافدة بينما بقيت الوظائف للسعوديين دون نمو يذكر.
توظيف السعوديين يحدُّ من الحوالات الأجنبية ويرفع نسبة نمو الاقتصاد السعودي
القطاع الخاص يولد وظائف لعمالة وافدة
وفي سياق متصل يلاحظ طارق بن زياد السديري أيضاً أن العمالة الوافدة تشغل ستة ملايين وظيفة في القطاع الخاص، وهو ما يزيد عن 90% من مجموع وظائف القطاع الخاص، وبناء عليه، فإننا لا نعتقد أن من الإنصاف القول بأن الاقتصاد السعودي والقطاع الخاص على وجه التحديد، لا ينتج فرص عمل كافية، ولكن الحقيقة المقلقة هي أن الغالبية العظمى من هذه الوظائف يتم شغلها من قبل عمالة وافدة.
لغة الإحصاءات
ولفت مازن بن أحمد الجبير بقوله أننا لو نظرنا للمقولة الرائجة بوجود جوانب قصور عند العمالة السعودية من حيث المهارات، فإننا نجد أن الأدلة الإحصائية تنافي هذه المقولة. فبالرغم من أن هناك مجالاً بلا شك لتحسين وتطوير مهارات العمال السعوديين مما يجعلهم أكثر جاذبية لسوق العمل، إلا أننا نلاحظ من واقع الدراسات الإحصائية أن نسبة كبيرة من الوظائف الوافدة في المملكة (أكثر من 62% تحديداً وفقاً لإحصائيات وزارة العمل) هي لعاملين ذوي تعليم ما دون المتوسط أو أميين تماماً، كما أن 86% من وظائف الوافدين (بناء على إحصائيات التأمينات الاجتماعية) هي براتب 2,000 ريال سعودي فأقل شهرياً، مما يصعب معه القول بأن هذه العمالة تغلبت على العمالة السعودية نظراً لأنها على قدر أعلى من التدريب أو التأهيل أوالمهارة.
زيادة رواتب السعوديين نتيجة لفرض الرسوم على العمالة الوافدة قد تخفض من أثر التضخم المتوقع
ويستطرد الجبير موضحا: كما أن هناك شكوى أخرى شائعة ضد الموظفين السعوديين تكمن في تدني الالتزام وروح العمل لديهم. وهنا أيضاً نجد أن الحقائق الموضوعية لا تؤيد هذا الإدعاء، فلو ألقينا نظرة عابرة على القطاعات الاقتصادية التي تضم معدلات تاريخية من السعودة، مثل الخدمات المالية والصناعات البترولية، يتضح لنا أن الموظفين السعوديين يعملون فيها بمختلف الوظائف ويصبحون مصدراً هاماً للغاية للعمالة الموثوقة والمنتجة والمستديمة إذا حصلوا على رواتب كافية ومميزات مناسبة.
السبب الرئيسي
ومن جانبه يعتقد أحمد بن عبدالعزيز الحقباني بأن مشاكل سوق العمل ليست ناجمة من عدم قدرة القطاع الخاص على إيجاد فرص عمل كافية أو بسبب أوجه قصور عند العاملين السعوديين، بل إن السبب الأساسي يكمن في الأجر المنخفض وأحوال العمل الصعبة في العديد من الوظائف في السعودية.
فقد أظهرت دراسة المجموعة الإحصائية لمستوى الأجور أن متوسط أجور كافة العاملين بالقطاع الخاص (بمن فيهم السعوديين) بلغت حوالي 990 ريالا شهرياً، ونظراً لأن العديد من هؤلاء الموظفين هم من الوافدين الذين لا يتمتعون بنفس حقوق العمال السعوديين، فغالباً ما تكون أجورهم المنخفضة نسبياً مقرونة بساعات عمل أطول. والنتيجة هي أن عدداً كبيراً من فرص العمل في الاقتصاد السعودي اليوم لا تدفع أجوراً مجدية بالنسبة للموظف السعودي.
وللتحقق من صحة هذا الأمر فقد قامت المجموعة بمقارنة معدل الرواتب بمتوسط الناتج المحلي للفرد في العديد من الدول، حيث وجدنا أن النسبة تقترب من 100% في معظم الدول (أي أن متوسط الناتج المحلي للفرد يكاد يطابق معدل الأجور في البلد) ولكن الوضع في المملكة مختلف تماماً، إذ بالكاد يزيد متوسط الأجور عن 20% من متوسط الناتج المحلي الإجمالي للفرد، وحتى لو أزلنا أثر قطاع النفط فإن متوسط الأجور يظل أقل من 50% من متوسط الناتج المحلي الإجمالي للفرد والذي يعد معدلاً منخفضاً بالمقارنة مع غالبية الدول الأخرى.
العمران: القطاع الخاص أوجد حوالي 2.25 مليون وظيفة خلال 5 سنوات
السبب في الانفتاح
وفي منظور راشد بن محمد الراشد فإن المستوى المتدني للأجور ناتج عن سياسة الانفتاح النسبي للمملكة في استقدام العمالة الوافدة. فالضغط الأشد على الأجور ناجم عن الفارق في تكاليف المعيشة بين السعودية وبين الدول المصدرة لليد العاملة، الأمر الذي يسمح للوافدين بقبول أجر أقل بكثير من الأجر الذي يمكن للعامل السعودي أن يقبل به أو يعيش عليه، وقد اشتد هذا الضغط بسبب الفرق في تطبيق حقوق العاملين بين العمالة السعودية والوافدة، حيث إن الاحتفاظ بالعمالة الوافدة وإنهاء خدماتها أمر سهل بل ويمكن أن يضطر العامل الوافد للعمل ساعات أكثر (مما يخفض بشكل كبير من تكلفة عملهم بالساعة) وهذا كله يحفز أرباب العمل لتفضيل العمالة الوافدة.
تشويه هيكل السوق
ويتفق آنف بن أحمد أبانمي مع رأي راشد الراشد فيقول أدت هذه البيئة التنظيمية إلى التوسع في الوظائف ذات الأجور المتدنية ما يجعلها مغلقة في وجه العمالة السعودية، ومع مرور الوقت نرى أن وجود سوق عمل واسعة بأجور متدنية قد شوَّهت للأسف هيكل سوق العمل والاقتصاد السعودي، حيث ينبغي علينا كدولة تملك وفرة في رأس المال وعدد قليل من السكان أن يمتاز اقتصادنا بمشاريع وشركات تجارية ذات كثافة رأسمالية عالية ورواتب مرتفعة نسبياً. ولكن بدلاً من ذلك نجد العكس، حيث تقوم معظم مشاريع القطاع الخاص بالتوسع في الأعمال ذات الكثافة العمالية العالية وغير الماهرة. بل إن العديد من المشاريع أصبحت دائماً تفضل الاستثمار في العمالة الرخيصة بدلاً من الاستثمار في الآليات والأدوات التي تسمح بأداء نفس العمل بإنتاجية أعلى، مما كان سيمكن من إيجاد وظائف بأجور أعلى ومتناسبة مع احتياجات المعيشة الأساسية للمواطن السعودي. هذه الظاهرة تخلق دوامة سلبية تبقي الأجور (والإنتاجية) منخفضة مما يضر بمصالح مواطنينا، فهم يسعون ويريدون وظائف لكن الوظائف المعروضة لا تدفع أجوراً مقبولة.
وفي ظل ذلك، فإنه ليس من المستغرب وجود نسبة عالية من البطالة السعودية غير القادرة على الخوض في منافسة عادلة مع العمالة الوافدة الرخيصة، وتنحي نسبة كبيرة من السعوديين عن المشاركة في سوق العمل.
أغلب منشآت القطاع الخاص لا تدفع أجوراً مجدية للموظف السعودي وتتهمه بالتقصير
بحثاً عن الحلول
وفي هذا الصدد يدعو محمد القويز إلى اتخاذ خطوات عملية في هذه القضية الحيوية مؤكداً على أنه يجب العمل على إعادة هيكلة الوظائف متدنية الأجور، والتي تشكل النسبة الأكبر من الوظائف المتوفرة في الاقتصاد السعودي، لكي تكون أكثر جاذبية للسعوديين وتناسباً مع احتياجاتهم المعيشية لتشجيعهم على المشاركة فيها. وفي اعتقاده تكمن الطريقة لتحقيق ذلك برفع تكلفة العمالة الأجنبية والتأكد من تمتعها بحقوقها العمالية ما يقلل من جاذبيتها مقارنة بالموظفين السعوديين. واستطرد القويز إلى أن العديد من الشركات في القطاع الخاص تقوم حالياً بنفس الإجراء الموصى به بعاليه، ولكنها اليوم لا تدفع هذا الرسم للحكومة إنما لجهات خاصة أخرى. فالشركة اليوم التي لا تصل لحدود السعودة وبالتالي لا تتمكن من الاستقدام تلجأ للعديد من شركات الخدمات والتشغيل والصيانة (والتي لها عقود مع الدولة تؤهلها لاستقدام عدد كبير من العمالة)، فتستأجر منها العمالة دافعة لها هامش ربح كبير.
وتنبغي الإشارة في هذا الصدد إلى أن الرسوم على العمالة الوافدة ينبغي أن تفرض كمبلغ ثابت وليس كنسبة من الدخل ، وذلك لأن الهدف هو رفع تكلفة العمالة غير الماهرة دون التأثير في تكلفة العمالة الماهرة التي ينبغي تشجيعها نظراً لاستفادة الاقتصاد منها ولاستفادة الموظفين السعوديين بالاحتكاك معها. ويمكن رفع التكلفة تدريجياً حتى نصل إلى النقطة المطلوبة من توظيف السعوديين، ولكن مع إعطاء مدة كافية للشركات للتأقلم مع ارتفاع التكلفة بشكل تدريجي.
معايير وحوافز
ويتطرق مازن الجبير إلى معايير بيئة وظروف العمل للعمالة الوافدة مشيرا إلى أنه بالإضافة إلى انخفاض تكلفتها، تقبل العمالة الوافدة (غير الماهرة بشكل أساسي) العمل في ظروف عمل متدنية المستوى لا يقبلها السعودي بشكل عام. لذا فإن فرض معايير سلامة ومعايير صحية مقبولة ومعايير ساعات العمل الإضافية في بيئات العمل سيقلل من الميزة النسبية للعمالة الوافدة وسيحفز الباحثين عن عمل من السعوديين على قبول العمل في وظائف ذات رواتب منخفضة نسبياً والتي لا يقبلونها اليوم.
نقاط جاذبية
كما يشير طارق السديري إلى أن سد فجوة التكلفة أمر ضروري ولكنه ليس كافياً حيث إن الشركات اليوم تتمتع بمرونة نظامية أكبر فيما يخص العامل الأجنبي مما يجعله أكثر جاذبية. ويمكن سد فجوة المرونة بين العمالة السعودية والوافدة كما يلي:
-1- السماح بانتقال المكفول إلى كفيل آخر بدون إذن الكفيل السابق:
معظم الشركات لا تسمح للعامل الوافد بالاستقالة والبحث عن فرصة عمل أخرى. ومن هنا فإن العامل الوافد غير قادر على تغيير وظيفته للبحث عن أجر وميزات وظروف عمل أفضل، مما يجعلهم أكثر قيمة لأرباب العمل. لذلك فإن السماح بحرية الحركة للعمالة الوافدة يزيل أحد أكبر ميزاتهم بالنسبة لأصحاب العمل وبالتالي يمثل حافزاً كبيراً لتوظيف السعوديين.
القويز: ينبغي اتخاذ خطوات عملية لإعادة هيكلة الوظائف المتدنية الأجور
-2- زيادة المرونة في إدارة العمال السعوديين:
من المهم للشركات أن تكون لديها المرونة للاحتفاظ بموظفيها أو إخلاء سبيلهم إذا ما تأثر أداء مؤسساتهم أو أثبت العامل عدم صلاحيته لأي سبب. ولدى الشركات الحرية في توظيف وتسريح العمال الوافدين متى شاءت، ولكن من ناحية أخرى، لا يسمح نظام العمال للشركات فصل العمال السعوديين كما يحق لها مع العمال الوافدين. ولذلك، فإن الشركات التي توظف العمال السعوديين تكون أقل قدرة على المنافسة بالمقارنة مع شركات لديها عدد قليل من العاملين السعوديين، الأمر الذي يعود إلى تفضيل العامل الوافد. لذلك نقترح زيادة مرونة نظام العمل في التعامل مع العمال السعوديين.
-3- زيادة وتحسين تدريب وتأهيل الشباب السعودي:
إن مصادر القلق الرئيسة لدى أصحاب الأعمال التجارية يكمن في مهارات وقدرات موظفيها، ولذا يمكن استخدام الأموال التي تم جمعها مع زيادة الرسوم على العمالة الوافدة (زيادة رسوم التأشيرات والرسوم الشهرية) في تدريب السعوديين الباحثين عن العمل على المهارات ذات الصلة التي يحتاجها أرباب العمل. كما يمكن استخدام جزء من الرسوم المحصلة لتحفيز أرباب العمل على توظيف السعوديين من خلال الدعم بجزء من رواتبهم، أو من خلال اشتراكات التأمينات الاجتماعية أو الدفع لتدريب العامل السعودي أثناء وجوده على رأس عمله، وبهذا يمكن استخدام هذه الموارد لتوسيع عمل صندوق تنمية الموارد البشرية الذي يقوم بهذه الأنشطة حالياً.
كما يجدر التنويه هنا إلى أهمية إعادة توجيه الموارد الحكومية للجامعات إلى البرامج التي تؤهل الشباب لسوق العمل على حساب البرامج النظرية البحتة.
وبالرغم من أهمية هذه النقطة الكبيرة إلى أنه قد تم إيرادها كآخر النقاط لأنها تتطلب أكبر قدر من الوقت للتنفيذ.
تأييد للقرارات
وفي هذا الصدد يلاحظ أحمد الحقباني أن القرارات الأخيرة بخصوص رفع تكلفة العمالة الوافدة تعد تطبيقاً لمقترحات المجموعة، كما أن جوانب من نظام نطاقات تحقق جزئياً توصية السماح بانتقال المكفول إلى كفيل آخر بدون إذن الكفيل السابق، وذلك في ظروف معينة. ولذا فنحن نؤيد تطبيق هذه القرارات ونرى أنها وبالرغم من صعوبتها في البداية إلا أنها تصب في مصلحة سوق العمل بشكل عام. كما ندعو إلى التطرق لبعض النقاط العالقة من جراء القرارات الأخيرة، ومن أبرزها القرار في مدى الحاجة لتعويض بعض الشركات وفي آلية حساب أي تعويض. كما ندعو لتطبيق بقية المقترحات الواردة في هذا التحقيق وخصوصاً توصية زيادة المرونة في إدارة العمال السعوديين، وذلك لتحفيز القطاع الخاص على قبول التوصيات الأخرى، ولإكمال المنظومة على نحو تتحقق معه الفائدة المرجوة في إصلاح سوق العمل ورفع نسبة التوطين.
آثار ايجابية
ويوضح راشد الراشد بأن من الطرق الأساسية لزيادة نسبة توظيف السعوديين في الاقتصاد إزالة الميزة النسبية للعمالة الوافدة، وذلك برفع تكلفتها ضمن جملة من الإجراءات الأخرى التي تم سردها في هذا التحقيق. ويضيف الراشد: وقد أثلج صدورنا أن وزارة العمل قد بدأت بالفعل بتطبيق العديد من التوصيات التي ذكرناها ومن ضمنها رفع تكلفة العمالة الوافدة. كما أنها أحسنت صنعاً برفع التكلفة كمبلغ ثابت وليس كنسبة من الدخل، وذلك حتى لا يتم التأثير على الوظائف ذات الإنتاجية العالية وحتى يقل التلاعب. ومن المأمول أن تحقق تلك الإجراءات العديد من الآثار الإيجابية التي نسردها كالتالي:
رفع معدلات الأجور في وظائف القطاع الخاص مما قد يخفض من ضغوطات البطالة ويرفع من مستويات المشاركة للقوى العاملة السعودية. وتحقيق هذا المطلب قد يتطلب الاستمرار برفع تكلفة العمالة الوافدة حتى نصل لنقطة التعادل بين تكلفة العمالة الوافدة والوطنية.
بالإضافة إلى ذلك فإن هذه التدابير ستؤدي لارتفاع تكلفة العمالة غير الماهرة بشكل عام، مما سيؤدي إلى توجيه موارد أكبر تجاه القطاعات التي تتطلب مهارة أكبر وتجاه طرق إنجاز الأعمال نفسها بقدر أعلى من المكننة مما يخلق وظائف ماهرة لتحل محل الوظائف غير الماهرة والتي يمكن شغلها بسعوديين على نحو أكبر، على عكس الوضع الحالي لسوق العمل والذي يعتمد بشكل كبير على العمالة غير الماهرة.
التوظيف الأكبر للسعوديين لتخفيض الهدر من الحوالات الأجنبية ولزيادة دوران الأموال داخل الاقتصاد السعودي مما يزيد من وتيرة النمو.
زيادة معدل رواتب السعوديين سيزيد من معدل استهلاك الفرد مما يساعد على رفع نسبة نمو الاقتصاد السعودي بشكل عام.
انخفاض عدد العمال الوافدين غير الماهرين سيقلل من العبء على البنية التحتية (مثل الطرق والمرافق الصحية) كما يخفض من بعض المخاطر الأمنية.
الآثار السلبية
وفي هذا الصدد ذكر آنف أبانمي أنه مع كل حل لأي مشكلة هناك دائماً بعض العقبات، وحالتنا هذه ليست استثناءً، إذ قد ينتج عنها بعض الآثار الجانبية السلبية التي لا بد من مجابهتها والتغلب عليها.
ويعتقد أبانمي من قبيل ذلك أن نسبة كبيرة من العمالة الوافدة اليوم مكرسة للوظائف غير الماهرة والتي يمكن استبدالها في كثير من الأحيان باستخدام التكنولوجيا. ومع تنفيذ هذه التوصيات، سيتحول الاقتصاد نحو المزيد من التركيز على القطاعات ذات الكثافة الرأسمالية الكبيرة ونحو تحسين الكفاءة والإنتاجية في العمليات، ويعد هذا أكثر توافقاً مع المزايا الجوهرية للاقتصاد السعودي (وفرة رأس المال) وعلاوة على ذلك سيسمح هذا بإيجاد وظائف بنوعية أفضل وأجر أعلى للسعوديين.
ولكن ستؤدي هذه التوصيات أيضاً إلى اضمحلال بعض القطاعات التي تعتمد بشكل أساسي على العمالة الرخيصة غير الماهرة (والتي يمكن القول بعدم وجود ميزة أو منفعة من توسعها في السعودية من الأساس)، أو إلى اضطرار العديد من المشاريع تغيير أسلوب إدارتها وعملها للاعتماد على التقنية وأساليب تحسين الإنتاجية أكثر من اعتمادها على العمالة الرخيصة، ومن هذا المنطلق، لاشك أن هذه الاقتراحات ستلقى معارضة شديدة من الشركات والمشاريع التي تتمكن من الحصول على عمالة أجنبية أكثر من غيرها أو تلك التي تعتمد على التستر، لأن هذا يعد بمثابة إزالة الميزة النسبية وأحد مصادر الدخل عنها (والتي يمكن اعتبارها غير عادلة في الأصل).
الآثار التطبيقية
من المتوقع كما يقول أحمد الحقباني أن ينجم عن قرار رفع التكلفة تغير مفاجئ في تكاليف بعض المشاريع القائمة (خصوصاً مشاريع المقاولات والتشغيل والصيانة). ونظراً لأن قرار رفع التكلفة كان مفاجئاً (والذي لم يكن أمراً موفقاً) فلا بد من دراسة تأثيره على تلك المشاريع القائمة وحجم تأثيره على تكاليفها بالمقارنة مع تأثير التغيرات في أسعار الموارد الأخرى للإنتاج (كالحديد، والأسمنت وغيرها) وبناء عليه اتخاذ قرار موحد بالتعويض من عدمه. وإذا تم القرار بالتعويض، فلا بد من رسم آلية واضحة لذلك. ولعل أفضل آلية هي تخصيص لجان قضائية لبحث المطالبات على وجه السرعة نظراً لأن المسألة قضائية في النهاية.
تضخم الأسعار
ومن الآثار الجانبية السلبية لرفع تكلفة العمالة الوافدة كما يري عبدالعزيز العمران، احتمال حصول ارتفاع في معدلات التضخم نتيجة لارتفاع تكلفة العمالة بشكل عام ونتيجة لزيادة السيولة في الاقتصاد. وقد كانت هذه النقطة هي الأكثر جهراً في اعتراضات المناهضين للقرار. ولكن هناك عدة عوامل من المتوقع أن تقلل آثار أي زيادة في معدلات التضخم نسردها كالتالي:
في المملكة يشكل مجموع الرواتب والأجور حوالي 21% من إجمالي الناتج المحلي (بناء على إحصائيات وزارة التخطيط لعام 2011م وبما يبلغ حوالي 470 مليار ريال سعودي)، وهي من أقل المستويات على مستوى العالم. كما أن أجور الوافدين من ذوي الدخل المنخفض يمكن تقديرها بحوالي 20% من الأجور ككل. ولو افترضنا أنه سيتم تطبيق الزيادة على كل الوفدين (مع أنها لا تنطبق إلا على الوافدين في المنشآت التي تزيد فيها نسبة الوافدين عن 50%) لكان تأثيرها زيادة بحوالي 10% في المتوسط على أجور الوافدين من ذوي الدخل المنخفض. هذا بدورة يمكن ترجمته إلى نسبة تضخم تقدر بحوالي 0.42% (10% زيادة في الأجور ضرب 20% نسبة الأجور المنخفضة من الأجور ككل ضرب 21% نسبة الأجور إلى الاقتصاد ككل). وهذه النسبة التي تقل عن 1%، وحتى لو افترضنا أعلى التقديرات التي تقدرها بحوالي 2.5% قد لا تكون ذات تأثير كبير على معظم المنتجات والخدمات، خصوصاً إذا قورنت ببعض البنود الأخرى كأسعار العقار.
ومن جهة أخرى فإن ذوي الدخل المنخفض هم في العادة أكثر فئات المجتمع تضرراً من آثار التضخم السلبية، ولكن في هذه الحالة، تطبيق التوصيات المذكورة أعلاه سيؤدي إلى زيادة حقيقية في رواتب ذوي الدخل المنخفض ومعدلات توظيفهم، والتي من المتوقع أن تفوق في فائدتها أي زيادة مصاحبة في التضخم.
إن القطاع الحكومي هو أكبر جهة تساهم في الطلب على الوظائف الدنيا غير الماهرة وذات الأجور المنخفضة (وذلك عبر مشاريع الإنشاءات مع شركات المقاولات وعقود التشغيل والصيانة)، لذا فإن تأثير عامل التضخم سيكون الأكثر على الموازنة الحكومية، ولكن بالنظر إلى أن الهيكلة الجديدة ستؤدي لتوظيف عدد أكبر من الشباب السعودي، فإن ذلك يصب في النهاية في أحد مصالح الدولة الأساسية مما يبرر تحمل بعض التكلفة الإضافية، أما بالنسبة لمشاريع الدولة فإن الأثر الحاصل من زيادة التكلفة سيوازيه ارتفاع في الرسوم المحصلة من العمالة الوافدة وبالتالي فإن أثر التضخم سيكون محدوداً. كما أن أي آثار تضخمية تحصل ستكون لفترة واحدة (فترة تطبيق الزيادة) ولتمتد في العادة لسنوات لاحقة.
ضوء أخير
وفي الختام يؤكد طارق السديري من النقاط الواردة السابقة؛ من المتوقع أن تكون الآثار التضخمية الناتجة عن اقتراحاتنا مقصورة على المدى القصير. أما على المدى الطويل، فنتوقع أن تدفع هذه التوصيات القطاع الخاص إلى الاستثمار في صناعات رأسمالية وآليات عمل ذات كفاءة إنتاجية أعلى واعتماد أقل على العمالة غير الماهرة، والذي بدوره سيساعد تدريجياً في تقليل الآثار التضخمية.
محمد عبدالله القويز
عبدالعزيز عبدالرحمن العمران
طارق بن زياد السديري
مازن الجبير
راشد الراشد
أحمد الحقباني
آنف أبانمي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.