ضخ أكثر من 3 مليارات لتر من المياه العذبة خلال يومي التروية وعرفة واليوم الأول للعيد    قتلى وإصابات في حادث تصادم قطارَين بالهند    الاحتلال الإسرائيلي يحرق صالة المسافرين بمعبر رفح البري    الأرصاد : درجات الحرارة في مكة والمشاعر المقدسة تقترب من ال50    رئيس "سبل" يهنئ القيادة بمناسبة حلول عيد الأضحى    1 من كل 7 بالغين مهدد بالابتزاز الجنسي    عبدالعزيز بن سعود يلتقي منسوبي الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة الداخلية    أمير جازان يستقبل المهنئين بعيد الأضحى المبارك    الرئيس التنفيذي للهيئة السعودية للبحر الأحمر يهنئ القيادة بمناسبة عيد الأضحى المبارك    الشؤون الإسلامية تعايد ضيوف خادم الحرمين الشريفين بعيد الأضحى المبارك    قتل تمساح ابتلع امرأة !    «الإحصاء»: التضخم يواصل استقراره.. وصعود طفيف للأسعار    وليّ العهد يستعرض مع شارل ميشيل القضايا الإقليمية    مصادر «عكاظ»: هتان يحدد مصيره «الاحترافي» عقب رحلة أمريكا    تزامناً مع العيد.. أسعار «الشوكولاتة» تواصل صعودها    محافظ الطائف يهنئ القيادة بمناسبة عيد الأضحى المبارك    الداخلية: إدارة الحشود صناعة سعودية ندرّسها للعالم    40 نيابة لمباشرة القضايا في الحج    دقيقتان تفصلان حاجة باكستانية عن العثور على هاتفها    رصاصة تقتل طفلاً حاول إنقاذ أمه من أبيه!    وليّ العهد والرئيس السيسي خلال لقاء أخوي بمنى    «السراب» يجمع يسرا اللوزي وخالد النبوي    وزير الداخلية يدشن قيادة المجاهدين بعرفات    في أمنٍ واطمئنان.. الحجاج يستقرون في منى    استثمار منصات التواصل في تجديد الخطاب والرد على شُبُهاتِ أهل الإلحاد    1 من 6 مصابون به.. هذه المشكلات وراء العقم في العالم    5 فوائد صحية لماء البامية للرجال    جهاز إشعاعي للكشف عن زهايمر القلب    ولي العهد يتبادل التهاني مع ملك البحرين وأمير الكويت والرئيس التركي ويتلقى اتصالاً من رئيس المجلس الأوروبي    القبض على مهرب مخدرات إثيوبي    العيال لم تكبر !    في فمي ماء !    ردة الفعل تجاه مستيقظي العقل    أميركا: توقعات بزيادة استهلاك الكهرباء مع موجة شديدة الحرارة    المجسمات الجمالية تزين الشرقية    أمير مكة يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة عيد الأضحى    العيد.. فرصة للتجديد!    نستثمر في مستقبل المملكة والعالم    تطوير مركز عمليات مكة الذكية    تين هاج: إدارة مانشستر يونايتد أبلغتني بالاستمرار مدربا للفريق    الغيص: الأولوية لأمن الطاقة وتوفيرها بأسعار معقولة وتعزيز الاستدامة    دعم سعودي لجهود إنهاء الصراع الروسي - الأوكراني    عاتق البلادي يحصي آثار أم القرى    د. السعدي وسالف الذكريات    الكتابة العلاجية    صلاة العيد على أنقاض المنازل    صندوق الاستثمارات العامة و«أرديان» يعرضان شراء 37.6 % من مطار هيثرو    أمراء المناطق والمحافظون يتقدمون المصلين في صلاة عيد الأضحى    السجن والغرامة والترحيل ل18 مخالفًا لأنظمة الحج    أمير منطقة تبوك يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك مع جموع المصلين    وكيل إمارة منطقة الباحة يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك مع جموع المصلين    "الصحة" توضح كيفية تجنب الإجهاد العضلي في الحج    عروض مسرحية وفلكلور شعبي في احتفالات الشرقية بعيد الأضحى    الكشافة تواصل جهودها بإرشاد الحجاج التائهين في مشعر عرفات    اكتشاف النهر المفقود في القطب الجنوبي منذ 34 مليون سنة    القبض على بلوغر إماراتية بعد تصويرها مقطعا في مكان محظور    «الكانفاس» نجمة الموضة النسائية    أبرز أمراض العيد وكيف يمكن الوقاية منها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانقلاب العسكري في مالي
نشر في الرياض يوم 30 - 03 - 2012

كيف يبدو مستقبل الاستقرار الإقليمي في منطقة الساحل؟ وكيف تبدو تداعيات الانقلاب العسكري في دولة مالي؟ وهل نحن بصدد قوة دفع جديدة للتوترات، طويلة الأمد، في المنطقة؟
لنبدأ بقصة الانقلاب العسكري وخلفياته المباشرة.
بالعودة للانقلاب العسكري الحالي في مالي، فقد توالت ردود الفعل الدولية الرافضة لهذه الخطوة، حيث أدانها مجلس الأمن الدولي. وقال في بيان أصدره في 25 آذار/ مارس: إن «المجلس يعرب عن بالغ قلقه لحالة انعدام الأمن، والتدهور السريع للوضع الإنساني في منطقة الساحل»
في الثاني والعشرين من آذار/ مارس 2012، انطلقت مجموعة من ضباط الجيش المالي، من قاعدة عسكرية قرب العاصمة باماكو، واتجهت إلى القصر الرئاسي، حيث أحكمت السيطرة عليه، كما سيطرت، في وقت متزامن، على التلفزيون الرسمي، لتعلن منه الإطاحة بالرئيس أمادو توماني توريه، وحكومته، وتعليق الدستور.
وقد حدث الانقلاب قبل أسابيع فقط من انتخابات رئاسية، كان مقرراً أن يجري دورها الأول في 29 نيسان/ أبريل من العام الجاري. ولم يكن الرئيس المطاح به ناوياً الترشح فيها.
وقد برر قائد الانقلاب، النقيب امادو سانوغو، خطوته بالقول: "عندما يمر خمسون عاماً على وجود دولة، ولا تتوافر للقوات المسلحة والأمنية الشروط الأدنى للدفاع عن الوطن، فهذا يعني أن هناك خللا ما... أنا لست رجل حرب.. لست هنا لأجهز نفسي، وأجهز الجيش المالي للذهاب لقتل كل ما هو في طريقه. لست رجلاً من هذا النوع ... نحن نريد التفاوض"، مع المسلحين الطوارق في شمال البلاد.
وكان الجنود الماليون قد شكوا من إرسالهم إلى جبهة ينقصهم فيها كل شيء، ابتداء من السلاح وحتى الطعام، ما أدى إلى مواجهة الجيش للعديد من النكسات والهزائم.
وتعتبر جمهورية مالي ثالث أكبر منتج للذهب في أفريقيا. وهي منتج كبير للقطن في القارة والعالم. وكان ينظر إليها على نطاق واسع على أنها دولة مستقرة وسط منطقة مضطربة.
ووفقاً لمحللين أفارقة، فإنه لا يزال هناك أمل بأن يستطيع قادة الانقلاب تكوين نوع من التوافق مع القوى السياسية في البلاد، يُمكنهم من إجراء انتخابات ذات مصداقية.
وبالطبع، فهذا مجرد تكهن أولي، وربما نوع من التمنيات.
وكان الرئيس المخلوع، أمادو توماني توريه، قد تمكن في 16 آذار/ مارس من العام 1991 من الاستيلاء على السلطة، بمساعدة مجموعة من الضباط، إلا أنه سلم السلطة لشخصية مدنية هو ألفا عمر كوناري، إثر انتخابات أجريت في العام 1992، ابتعد هو شخصياً عن خوضها.
وبعد نحو عقد من الزمن، ترشح توريه لرئاسة مالي، وانتخب رئيساً للبلاد في 24 أيار/ مايو من العام 2002. كما فاز بعد خمس سنوات بولاية ثانية، تنتهي مدتها في نيسان/ أبريل 2012.
وبالعودة للانقلاب العسكري الحالي في مالي، فقد توالت ردود الفعل الدولية الرافضة لهذه الخطوة، حيث أدانها مجلس الأمن الدولي. وقال في بيان أصدره في 25 آذار/ مارس: إن "المجلس يعرب عن بالغ قلقه لحالة انعدام الأمن، والتدهور السريع للوضع الإنساني في منطقة الساحل".
وأكد البيان أن "مجلس الأمن الدولي يدين، بأشد العبارات، قيام عناصر من القوات المسلحة المالية بالاستيلاء على السلطة... ويدين الأفعال التي ارتكبها الجنود المتمردون، ويطالبهم بإنهاء العنف والعودة إلى ثكناتهم". كما طالب المجلس ب "إعادة العمل بالمؤسسات الدستورية، وإجراء الانتخابات، كما كان مقرراً".
وفي السياق ذاته، طالب وفد من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، زار مالي، قادة الانقلاب العسكري بالتخلي عن السلطة، قائلاً إن خططهم لحل مشكلات البلاد، وإعادة الأمن لن تفلح قبل تنحيهم.
من جهته، قال البنك الدولي وصندوق التنمية الأفريقي، في بيان مشترك، إنهما علّقا تمويل المشروعات المقدمة لدولة مالي. وقالت المؤسستان: "تم تعليق عملياتنا لتمويل التنمية، ماعدا مساعدات الطوارئ".
من ناحيتها، قررت المفوضية الأوروبية تعليق عمليات التنمية في مالي. وقال مفوض شؤون التنمية، اندريس بيبالغس: "عقب الانقلاب قررت تطبيق تعليق مؤقت لعمليات التنمية، التي تجريها المفوضية الأوروبية في البلاد، حتى انجلاء الأمور. وهذا القرار لا يشمل المساعدات الإنسانية".
وكانت المفوضية الأوروبية قررت تخصيص 583 ملايين يورو للمساعدة التنموية في مالي، للفترة بين 2008- 2013. وتشمل هذه المساعدة برامج مكافحة الفقر، وتحسين إمكانات الحصول على مياه الشرب، ودعم ضمان الأمن.
وفي أول خطاباته الموجهة للداخل المالي، دعا قائد الانقلابيين، امادو سانوغو، المسلحين الطوارق إلى "وقف العمليات العدائية" في شمال البلاد، والتفاوض "في أقرب وقت ممكن".
وقال، في كلمة ألقاها عبر التلفزيون الرسمي، مساء 26 آذار /مارس،: إن اللجنة الوطنية من أجل الإصلاح والديمقراطية (المجلس العسكري) "عازمة على فتح حوار خلال فترة قصيرة مع الحركات المسلحة في شمال بلادنا. لقد طلبنا منهم أصلاً وقف العمليات العدائية، والانضمام في أسرع وقت ممكن إلى طاولة المفاوضات". وأضاف: "كل شيء قابل للتفاوض، باستثناء سيادة الأراضي الوطنية ووحدة بلدنا".
وعلى خلاف غاياته المعلنة، فإن الانقلاب العسكري لم يحد من قوة الجماعات المسلحة في شمال البلاد، بل كان فرصة مثالية لها للتقدم نحو السيطرة على مزيد من قواعد الجيش المالي، الذي سارع لترك مواقعه في الجبهة، مع شيوع نبأ الانقلاب العسكري.
وقالت حركة الطوارق، التي اعتبرت سبباً غير مباشر لهذا الانقلاب، إنها عازمة على مواصلة عملياتها العسكرية، كما لو أن شيئاً لم يحدث.
وقال بيان ل "الحركة الوطنية لتحرير أزواد"، نشر على موقعها على الإنترنت، إنها تعتزم مواصلة تحركها ل "إخراج الجيش المالي وإدارته من جميع مدن (إقليم) أزواد".
وبدوره، قال حاكم كيدال، الكولونيل ساليفو كوني: إن القوات الحكومية تراجعت من الجبهة الأمامية بعد أن سمعت عن الانقلاب في باماكو. وأضاف: "نحن محاصرون حالياً... الوضع الراهن في باماكو ساهم أكثر في إضعاف الروح القتالية للجنود على الجبهة".
وسبق لمسلحي الطوارق أن أكدوا، في 11 آذار/ مارس، سيطرتهم على القاعدة العسكرية في بلدة تيساليت، والمطار الدولي الواقع في البلدة. وسيطر الطوارق قبل ذلك أيضاً على قاعدة عسكرية أخرى في مدينة أغلهوك، كما سيطروا على مدينة منيكا قرب الحدود مع النيجر، ومدينة ليرة قرب الحدود مع موريتانيا.
ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، فإن ما بين 1500 و2000 عنصر من الطوارق، الذين كانوا ينشطون "على أعلى مستوى" في الجيش الليبي، قد عادوا إلى مالي بعد سقوط نظام العقيد القذافي. وانضموا إلى صفوف المعارضة "مع أسلحتهم". وقد أعطى هذا الانضمام دفعاً جديداً للحركة المسلحة، كما أن "الجيش المالي فقد جزءاً من سيطرته" في الشمال - كما تشير هذه التقارير.
ومع الانتشار الجديد للصراع، واتساع رقعته الجغرافية، تزايد عدد النازحين واللاجئين، الذين فروا إلى داخل البلاد وخارجها.
ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن أكثر من 195 ألف شخص فروا من المعارك الدائرة في شمال مالي، حتى منتصف آذار/ مارس. وأن هؤلاء اللاجئين نزحوا خصوصاً إلى موريتانيا والنيجر وبوركينا فاسو والجزائر.
وقال رئيس المفوضية العليا للاجئين، التابعة للأمم المتحدة: إن الانقلاب العسكري "سوف يفاقم من مأساة الشعب المالي"، الذي يواجه أصلاً أزمة نازحين ولاجئين، بسبب الحرب في شمال البلاد. وأشار انتونيو غيتيرس، خلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة الموريتانية نواكشوط، في 25 آذار/ مارس، إلى أن عدد اللاجئين في موريتانيا وصل إلى 44 ألف لاجئ. وأن عددهم هو تقريباً نفسه في النيجر وبوركينا فاسو والجزائر، وأن "وضعاً خطيراً يضاف إلى مأساة النازحين داخل البلاد".
وبموازاة التداعيات الإنسانية للصراع، المتعاظمة يوماً بعد آخر، رأى بعض المحللين الأفارقة أن الانقلاب قد أدخل مالي في فراغ سياسي، الأمر الذي ضاعف المخاوف بشأن عدم الاستقرار الإقليمي في عموم منطقة الساحل.
ويمكن ملاحظة شريط ساحلي صحراوي طويل تنشط فيه الجماعات المسلحة، وعصابات التهريب والجريمة المنظمة. ويمتد هذا الشريط من موريتانيا، وشمالي مالي وشمالي النيجر، والحدود الجزائرية، وصولاً إلى تشاد، بمحاذاة جزء من ليبيا.
وقد أضحت معضلة الأمن في هذا الشريط أكثر خطورة من أي وقت مضى. وذلك بلحاظ اشتداد النزاع المسلح في شمال مالي، واضطراب الوضع السياسي في الدولة المالية ذاتها.
هذا التطوّر فرض مزيداً من التحديات على دول الساحل. وفي المقدمة منها موريتانيا والجزائر، حيث بات كل منهما معنياً بالتصدي لنمط مندمج من التحديات، إذ تلاقت مصالح المجموعات الناشطة في تهريب السلاح والبشر بمصالح بعض الجماعات السياسية المسلحة، وائتلفت معها.
إن الأمن الإقليمي في منطقة الساحل والصحراء، قد بات أمام تحد غير مسبوق لناحية الأخطار التي أضحت محدقة به..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.