إجماع دولي على خفض التصعيد ودعم الحكومة اليمنية    الحرب الروسية الأوكرانية:عام رابع من التهدئة والتصعيد    وزير الخارجية يتلقى اتصالاً هاتفياً من وزير خارجية الصومال    الاتحاد يهزم نيوم بثلاثية ويواصل التقدم بالدوري السعودي    التدريب التقني يطلق ورشة عن بعد لتعزيز العمل التطوعي    الدفاع المدني يحذر من الفحم والحطب    المملكة توزّع (646) سلة غذائية في ولاية قندوز بأفغانستان    أول عملية لاستبدال مفصل الركبة باستخدام تقنية الروبوت    نائب أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية طفلي الطبية بالمنطقة    وزير الخارجية ونظيره الصومالي يبحثان المستجدات بالمنطقة    محمية الملك عبدالعزيز الملكية ترصد "نسر روبّل" المهدد بالانقراض    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 71 ألفًا و269 شهيدًا    رئيس تايوان: مناورات الصين تهدد الاستقرار الإقليمي    الدكتور صالح بن سليمان الخَضَر في ذمة الله    محافظ الطائف يشيد بمنجزات مهرجان الديودراما المسرحي    تعزيز الدور التنموي للأوقاف    المملكة ترسّي أكبر منافسة تعدينية في تاريخها    من السرد إلى السؤال… «هروب من لجوج» في قراءة ثقافية مفتوحة    أمانة حائل تغلق 11 لاونجا مخالفا بمدينة حائل    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى 10490 نقطة    سبعة معارض فنية تعيد قراءة الحرفة بمشاركة أكثر من 100 فنانًا وفنانة    تعليم الطائف يطلق تجربة الأداء لمنصة الدعم الموحد لرفع كفاءة المدارس    نائب أمير مكة يسلّم وثائق تملّك الوحدات السكنية للمستفيدين من تبرع ولي العهد    20 عيادة تمريضية متخصصة يطلقها تجمع جازان الصحي    أمير القصيم يُدشّن عمليات الروبوت الجراحي لأول مرة بمستشفى الملك فهد التخصصي    سيرة من ذاكرة جازان.. الشاعر علي محمد صيقل    صادرات الخدمات تسجل 58.2 مليار ريال سعودي في الربع الثالث من 2025م    جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية توقّع عقود اعتماد برامجي مع تقويم التعليم والتدريب    تكليف عايض بن عرار أبو الراس وكيلاً لشيخ شمل السادة الخلاوية بمنطقة جازان    انخفاض أسعار النفط    فيصل بن بندر يطلع على جهود "ترجمة".. ويعزي مدير الأمن العام    استعراض أهداف "محبة للتنمية الأسرية" أمام سعود بن بندر    مجلس الوزراء: التصعيد في اليمن لا ينسجم مع وعود الإمارات    تعديل ضريبة المشروبات المحلاة    "السنغال والكونغو الديمقراطية وبنين" إلى ثمن نهائي أمم أفريقيا    الأهلي يتغلب على الفيحاء بثنائية    قطار النصر يتوقف في محطة الاتفاق    50 ألف ريال غرامة التعدي على سياج الطرق    رغم استمرار الخلافات حول خطوات اتفاق غزة.. تل أبيب لا تمانع من الانتقال ل«المرحلة الثانية»    مشاركة 25 فناناً في ملتقى طويق للنحت    رياض الخولي بوجهين في رمضان    التوازن والغياب!    قلق أممي على المحتجزين والجرحى بالفاشر    فلما اشتد ساعده رماني    مندوب الصومال في مجلس الأمن يحذر: اعتراف إسرائيل ب«أرض الصومال» يزعزع القرن الأفريقي    «وطن 95».. تعزيز جاهزية القطاعات الأمنية    مشيداً بدعم القيادة للمستهدفات الوطنية..الراجحي: 8 مليارات ريال تمويلات بنك التنمية الاجتماعية    باحثون يطورون نموذجاً للتنبؤ بشيخوخة الأعضاء    مسحوق ثوري يوقف النزيف الحاد في ثانية    المملكة تضخ مليونًا و401 ألف لتر ماء بمحافظة الحديدة خلال أسبوع    خسارة ثقيلة للأهلي أمام المقاولون العرب في كأس رابطة المحترفين المصرية    الاتفاق يوقف سلسلة انتصارات النصر    محافظ ضمد يزور جمعية دفء لرعاية الأيتام ويشيد بجهودها المتميزة    خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد يعزيان أسرة الخريصي    حين يغيب الانتماء.. يسقط كل شيء    جيل الطيبين    رجل الأمن ريان عسيري يروي كواليس الموقف الإنساني في المسجد الحرام    ولادة مها عربي جديد بمتنزه القصيم الوطني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفساد العلمي أشنع صور الانحراف الأخلاقي
نشر في الرياض يوم 14 - 02 - 2012

كثر الكلام - في هذه الأيام - عن الشهادات العلمية الجامعية والعليا التي تصدر إما من جامعات وهمية لا علاقة لها بالعلم، أو هي شهادات زوّرها أصحابها على أنها صادرة من جامعة معروفة ومعترف بها، غير أنها لم تصدر منها إنما زيفت مثل ما تُزيف النقود ذات القيمة الكبيرة وتُزوّر.
هذه قصة حقيقية ثلاثتنا أحياء بيننا اليوم وشهود على صحتها، وعلى هذا الذي حدث في الملحق الخشبي الجامعي يُقاس كثير من مصادر الشهادات الوهمية التي كثر الآن تداولها
** ** **
ولي في هذا الشأن تجربة قديمة - يحسن ذكرها توضيحاً لمثل هذه المواقف - فحين أُنشئت وزارة التعليم العالي في المملكة وكان أول وزير لها معالي الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ - رحمه الله - شكّل فيها معاليه (لجنة معادلة الشهادات الجامعية)، وكان لي الشرف أن أكون أحد أعضاء هذه اللجنة عند إنشائها، وكان ذلك في زمن الطفرة الاقتصادية لبلادنا، إذ كان يفد إلينا كثيرون يحملون شهادات لا علم لنا بمستوى المؤسسة التعليمية التي أصدرتها، ذلك قبل وجود وسائل الاتصالات ومصادر المعلومات الإلكترونية كالإنترنت وغيرها؛ ما جعل وفوداً من أعضاء اللجنة يزورون البلدان التي أصدرت هذه الشهادات المقدمة إلينا ولا نعرف عنها شيئاً، وكان نصيبي أن زرت لذلك الغرض التوثيقي بلداناً كثيرة منها: أندونيسيا، والفلبين، وأستراليا، ونيوزيلاندا، ما أتاح لي فرصة للتعرف على واقع التعليم الجامعي في تلك البلدان إلى جانب متابعتي المستمرة - ولا أزال - لنظم التعليم في كندا، والولايات المتحدة، وأوروبا، وغيرها.
** ** **
وتأتي المفاجأة الكبرى حين عُرض ذات مرة على لجنة معادلة الشهادات الجامعية شهادة دكتوراه صادرة من جامعة أمريكية يطلب صاحبها الاعتراف بها تمهيداً لتعيينه في وظيفة تتلاءم وشهادته، وحين رجعنا إلى الكتاب السنوي المعنون (الجامعات الأمريكية المعترف بها) لم نجد اسماً لتلك الجامعة المانحة لتلك الشهادة من بين الجامعات المعترف بها فتقرر أن يوفد عضوان من اللجنة في مهمة تقصي الحقائق عن تلك الجامعة وغيرها، وسأقصر حديثي عن هذه الجامعة خاصة: كنتُ في شرف صحبة أخي (معالي الدكتور عبدالوهاب أبوسليمان) العضو مثلي في (لجنة معادلة الشهادات الجامعية)، فكانت محطتنا الأولى (لوس أنجلوس) حيث انضم إلينا الأستاذ (عمر البيز) الملحق الثقافي السعودي في كاليفورنيا - آنذاك -، فاتجهنا بالطائرة من لوس أنجلوس إلى سان فرانسيسكو، وقدَّمنا لسائق سيارة الأجرة عنوان الجامعة المقصودة، فسار بنا شوطاً طويلاً خارج المدينة، وفي شارع بعيد عند محطة وقود تقع على الشارع استدار يميناً في شارع فرعي وأوقفنا عند مبنى صغير خشبي مكتوب عليه اسم الجامعة المقصودة، فدخلنا فإذا بفتاة تستقبلنا عند المدخل، فعرَّفناها أننا جئنا للدراسة في هذه الجامعة ففرحت بنا وقالت هيا بنا إلى رئيس الجامعة، فصعدنا معها السلم الخشبي، ودخلنا في غرفة خشبية، ودخل لنا شاب في العقد الرابع من عمره، وعرَّفتنا بأنه هو رئيس الجامعة.
وفيما يلي الحوار الذي دار بيننا:
بعد ترحيبه بنا بدأ الزميل الدكتور عبدالوهاب أبوسليمان حديثه موضحاً له أننا نحن الثلاثة جئنا نبحث عن شهادات من هذه الجامعة؛ فسأله الرئيس: أي شهادات تطلبون، وفي أي تخصص تريدون؟
فقال له الدكتور عبدالوهاب: أنا معلم، وأريد شهادتيْ الماجستير والدكتوراه في التربية، وحين سألني قلت له: إن أبي رجل أعمال وأريد شهادتيْ الماجستير والدكتوراه في إدارة الأعمال، وأما صديقنا عمر البيز فطلب شهادتيْ الماجستير والدكتوراه في الإدارة المالية بحكم أن له تجربة بنكية (كما قال).
فرد رئيس الجامعة (الخشبية) قائلاً: أهلاً بكم، طلبكم جاهز، وليس عليكم إلا أن يكتب كل واحد منكم بحثاً في مجاله، وتكوَّن لجنة لتقويم هذا البحث، ثم يقرر منحكم الشهادات المطلوبة، وأنتم حسبما سمعت منكم كلّ واحد منكم عنده تجربته العملية في تخصصه ما يجعل بحث كل واحد منكم متميزاً بحكم خبرته العملية الطويلة في مجاله.
فقلنا له : نأسف إن اللغة الإنجليزية تصعب علينا، إنما نستطيع أن نكتب هذه البحوث بلغتنا العربية، فقال لا غضاضة في ذلك، فعندنا أساتذة عرب متعاونون معنا يقوّمون ما تكتبون.
ثم سألناه عن التكلفة المالية فحدد لنا قيمة كل شهادة ورسومها؛ فإن كان المطلوب شهادتيْ الماجستير والدكتوراه معاً فإن قيمتهما....!!
فقال له الأستاذ عمر البيز: هناك فرق كبير بين طالب واحد وثلاثة، معاً ولابد أن يكون لهم تخفيض في الرسوم المطلوبة بحكم أن الجملة غير التفرقة، فأخذ عمر يساومه حتى وصلنا إلى ثلاثة آلاف دولار قيمة الشهادتين معاً لكل واحد منا.
فانصرفنا وواعدناه بالعودة، ولم نعد بعد أن كشفنا عن لصوصية هذه المسماة جامعة (وهو اسم رنان) في كوخ خشبي لا يزيد في هيئته على ما يسمى بالملاحق في مساكننا الحالية.
** ** **
هذه قصة حقيقية ثلاثتنا أحياء بيننا اليوم وشهود على صحتها، وعلى هذا الذي حدث في الملحق الخشبي الجامعي يُقاس كثير من مصادر الشهادات الوهمية التي كثر الآن تداولها، وسوف يكون عنها وعن المستوى الضعيف للجامعات الأخرى الحديثُ القادم.
** ** **
وفقنا الله جميعاً إلى الخير والصواب والأخذ بأسباب القوة مهما غلا ثمنها، اللهم اجعل صدورنا سليمة معافاة، وأمدّنا يا ربنا بتأييد من عندك وتسديد..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.