ستكون وزارة التخطيط والاقتصاد بقيادة وزيرها الجديد معالي الأستاذ محمد الجاسر أمام أولويات تحتاج إلى اهتمام وجهد وصبر لأن نتائجها لن تظهر إلا بعد فترة من الزمن. من هذه الأولويات تغيير الصورة الذهنية للوزارة في المجتمع بشكل عام وفي مجتمع الإدارة الحكومية بشكل خاص. الانطباع السائد عن الوزارة انها تعد خططاً ورقية توضع على الرفوف وأن المرحلة الحالية والقادمة تتطلب الانتقال إلى أسلوب جديد في إعداد الخطط الاستراتيجية للدولة وتطوير آليات المتابعة. وزارة التخطيط يجوز لها أن تتحدث بلغة المستقبل، وأن تقول سوف وسوف ولكن بلغة علمية وفي إطار خطة استراتيجية منبثقة من الواقع ومتفقة مع احتياجات المستقبل. وحتى تقترب الوزارة من الواقع ومن المستقبل، وتبدأ في تطوير صورتها الذهنية يمكن للوزارة فتح ساحة للمشاركة والحوار من قبل فئات المجتمع المختلفة وفتح مجال لعصف ذهني بلا قيود بيروقراطية أو بروتوكولية. سوف تحضر مشكلة البطالة وتفرض نفسها كأولوية وهي فعلا كذلك لأن استمرارها وتفاقمها يشكل مخاطر اقتصادية واجتماعية وأمنية. وزارة التخطيط والاقتصاد هي وزارة الأرقام وهي مصدر الاحصاءات وتعرف جيدا نسبة العمالة الوافدة في القطاع الخاص، ونسبة الباحثين عن عمل من السعوديين وتعرف نسبة العاملين في قطاع مبيعات الجملة والتجزئة، ولديها معلومات عن مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل. هذه الوزارة هي الأدرى أيضا بأولويات الوطن بل يصح تسميتها بوزارة الأولويات إذا تذكرنا أهدافا استراتيجية حيوية مثل تنوع مصادر الدخل الوطني ورفع مستوى المعيشة وتحسين الإنتاجية ، وزيادة مشاركة القطاع الخاص وتوفير فرص العمل للمواطنين، إلى جانب الاستراتيجية الوطنية للشباب وهي استراتيجية حسب وثائق الوزارة تشكل رؤية مشتركة ومتفق عليها بين جميع الشركاء المعنيين بتنمية الشباب والشابات والتزام بدعم أولوياتهم خلال فترة زمنية محددة. الاستراتيجية الوطنية للشباب مشروع بالغ الأهمية فالعالم يعيش زمن الشباب وقد قرأت عنها في موقع الوزارة حيث تم تعريفها وتحديد مراحل تطويرها ولكن لا يوجد تواريخ محددة للانتهاء من هذا المشروع، المهم الذي يتوجه لشريحة تمثل مستقبل الوطن، ولا ندري من هم الشركاء في هذا المشروع. إن وصف وزارة التخطيط والاقتصاد بأنها وزارة الأولويات لا يعني انها هي المعنية مباشرة بتنفيذ كافة المشاريع ولكن دورها التخطيطي والتنسيقي يجعلها تتعامل مع كافة قضايا الوطن الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والتعليمية والصحية، وهذا الدور يجعل الوزارة أمام مسؤولية كبيرة وتحديات متعددة في ظل بعض المعطيات المؤثرة مثل النمو السكاني، والحاجة المتنامية للتوظيف، والحاجة إلى توفير التعليم والخدمات الصحية والإسكان. المنتظر من وزارة الأولويات أن تبدأ مرحلة جديدة في أسلوب التخطيط، والتقييم والمتابعة مع أهمية الأخذ بالأساليب العلمية الحديثة للتأكد من إنجاز الأهداف المحددة والابتعاد عن تكرار الأهداف في الخطط الخمسية بنفس الصياغة دون معرفة ماذا تحقق منها. وزارة الأولويات لابد أن تعطي لنفسها الأولوية في تطوير نفسها من الداخل، ومن أهم جوانب التطوير المنتظرة ربط الخطط باعتمادات الميزانية.