النائب العام يستقبل سفير جمهورية مصر لدى المملكة    فريق سفراء الإعلام والتطوع" يزور مركز هيئة التراث بجازان    مفردات من قلب الجنوب 9    «أبشر» تتصدر المنصات الحكومية في مؤشر نضج التجربة الرقمية    59% من منشآت القطاع الخاص دربت موظفيها على الحاسب    محسن بخيت: نواف رجل المرحلة الحالية للهلال    66 مليون شجرة مساهمة القطاع الخاص بمكافحة التصحر    قرب عودة المدارس يشعل الإيجارات    البلاسيبو.. عندما يتحول الوهم إلى شفاء    هل نقد النقد ترف أم ضرورة؟    الهلال يتغلّب على بالينغن الأماني بسداسية    5 جوانب أكاديمية ونفسية في التقويم الدراسي    مهاجم ليفربول نونيز يعطي موافقته للهلال    الهلال يمنع من كأس السوبر 2026-2027    « OpenAI » تبحث بيع كمية من أسهمها    زيلينسكي: يبدو أن روسيا أصبحت أكثر ميلا لوقف إطلاق النار    وزير الدفاع يبحث مع نظيره الأمريكي تطوير الشراكة الإستراتيجية    السعودية والعراق توقعان اتفاقية في مجال مكافحة المخدرات    مثول المتهم بقتل محمد القاسم أمام محكمة كامبريدج    وصول قافلة مساعدات سعودية إلى درعا السورية    الأمير فهد بن سلطان يطلع على نتائج القبول بجامعة تبوك.    مصليات متنقلة بواجهات جازان    إقامة بطولة "Six Kings Slam" العالمية للتنس في الرياض أكتوبر المقبل    إحباط تهريب (10) كيلوجرامات من مادة الحشيش المخدر في جازان    ارتفاع عدد وفيات سوء التغذية في غزة إلى 193 بينهم 96 طفلاً    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الجوهرة العساف    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (10946) نقطة    مركزي جازان ينجح في إزالة ثلاث عقد في الغدة الدرقية الحميدة بالتردد الحراري دون تدخل جراحي    أمير القصيم يفتتح مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات بجامعة القصيم    الخارجية الفلسطينية تطالب بإجراءات دولية فاعلة لوقف إرهاب الاحتلال والمستوطنين    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    إجراء أول زراعة منظم ضربات قلب لاسلكي في المملكة    البريد السعودي ‏يُصدر طابعًا تذكاريًا بمناسبة تكريم أمير منطقة ⁧‫مكة‬⁩ المكرمة ‬⁩تقديرًا لإسهاماته    أمير تبوك يستقبل رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد    من تنفيذ تعليمات إلى الفهم والقرارات.. سدايا: الذكاء الاصطناعي التوكيلي يعزز الكفاءة والإنتاجية    نوتنجهام ينافس أندية سعودية على نجم اليوفي    والد ضحية حفل محمد رمضان: أموال الدنيا لن تعوضني عن ابني    هيئة التراث ترصد (24) حالة تعدٍ على مواقع وقطع أثرية    معرض «المهمل»    تمكين المواطن ورفاهيته بؤرة اهتمام القيادة    بعد 80 عاما من قصفها هيروشيما تدعو العالم للتخلي عن السلاح النووي    طهران تتهم واشنطن بنسف المفاوضات النووية    «إنسان» تودع 10 ملايين ريالٍ في حسابات المستفيدين    الموارد: نخطط لنموذج مستدام لرعاية كبار السن    تركيا تبدأ مناقشات نزع سلاح العمال الكردستاني    سعود بن نايف يشدد على الالتزام بأنظمة المرور    سرد تنموي    صحن المطاف مخصص للطواف    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دوراً كبيراً في تعزيز قيم التسامح    فيصل بن مشعل: المذنب تشهد تطوراً تنموياً وتنوعاً في الفرص الاستثمارية    "الإسلامية" تنفذ برنامجاً تدريبياً للخُطباء في عسير    احذروا الثعابين والعقارب ليلاً في الأماكن المفتوحة    الأخضر تحت 15 عاماً يخسر أمام أميركا    اتحاد المنطاد يشارك في بطولة فرنسا    تقليل ضربات الشمس بين عمال نظافة الأحساء    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة هروب    مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    روائح غريبة تنذر بورم دماغي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسات الزراعية العربية والفجوة الغذائية
نشر في الرياض يوم 18 - 12 - 2011

دخلت أوضاع الزراعة والغذاء في المنطقة العربية منذ منتصف السبعينيات مرحلة حرجة تزداد حدتها يوماً بعد يوم, تجلت أهم ملامحها في تنامي الطلب على المنتجات الزراعية عموماً والسلع الغذائية على وجه الخصوص نتيجة زيادة معدلات النمو السكاني، والقفزة النوعية في دخول الأفراد في بعض الدول العربية, بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق العالمية، وتقلص الأهمية النسبية للقطاع الزراعي في الهياكل الاقتصادية العربية. وقد نجم عن هذا الوضع تفاقم العجز الغذائي وبالتالي اللجوء إلى الأسواق الخارجية لسد هذا العجز. ونتيجة لهذا الوضع، حاذت التنمية الزراعية بالمنطقة العربية اهتماماً بالغاً في الآونة الأخيرة، وليس منبع هذا الاهتمام أن الغذاء يشكل جوهر صراع الإنسان من أجل البقاء, بل لعل فشل الجهود المبذولة لتجاوز الفجوة الغذائية التي تعاني منها المنطقة العربية زاد من ضرورة تقييم ومراجعة هذه الجهود.
ويقودنا تشخيص جذور أزمة الغذاء في المنطقة العربية وتحليل العوامل الكامنة وراءها إلى التعرف على بعض العوامل المؤثرة فيها حيث تعتبر أسباب الفجوة الغذائية العربية متعددة ومتشعبة، ويختلف الدور الذي تلعبه هذه الأسباب في تعميق الأزمة حسب طبيعة الدول من حيث ثقلها السكاني وتوزيعهم بين الريف والحضر، وندرة أو محدودية الموارد الطبيعية والمالية، أو عدم نجاح الهياكل الإدارية والتنظيمية في الدول، وعدم الاهتمام بالزراعة ضمن مخططات التنمية، وهي عوامل لها تأثير مباشر أو غير مباشر على الإنتاج والإنتاجية. ولعل من أهم أسباب العجز الغذائي العربي، السياسات الزراعية العربية, حيث تعتمد خطة توفير الغذاء بشكل مباشر على السياسات الزراعية والاقتصادية وهناك مؤشرات ومعايير دولية تعكس درجة نجاح تلك السياسات.
وتتجسد السياسات الزراعية في مجموعة متكاملة من الإجراءات والتشريعات التي تتخذها السلطات العامة في الدولة وتساهم فيها بعض الهيئات الخاصة بغية تحقيق أهداف محددة تتضمنها الخطط التنموية الزراعية. هذه الأهداف غالباً ما ترمي إلى زيادة الإنتاج لتحقيق الأمن الغذائي، وزيادة العائد من الصادرات، وتكثيف الجهود لتضييق الفجوة بين الطلب على الغذاء وإنتاجه. وقد مرَّت السياسات الزراعية العربية في تطورها بمراحل مختلفة، اتسمت بمظاهر تتعلق بالأنظمة الإيديولوجية المهيمنة في كل مرحلة. ويمكن التمييز بين سياسات زراعية ذات طابع اشتراكي وسياسات زراعية ذات طابع ليبرالي. إذ تركز السياسات الزراعية الاشتراكية على دور البنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي ينفرد بها كل بلد. وتركز هذه السياسات أيضاً على محو التفاوت في ملكية الأرض والقضاء على صور استغلال الملكيات الكبيرة. أما الاتجاه الثاني فيتبنى اعتماد آليات السوق ويرمي إلى القضاء على التدخلات من طرف الإدارة. وتعمل بالتالي هذه السياسات على نزع كل أشكال الرقابة على الأسعار. وظلت هذه الثنائية تحكم السياسات الزراعية العربية من الخمسينات حتى الثمانينات، حتى مالت لصالح السياسات الزراعية الليبرالية. ونتيجة لضعف الأداء الزراعي والتكلفة الباهظة للتدخل الحكومي والتحول العام في النماذج السياسية في المنطقة العربية، تم تنفيذ سياسات وإصلاحات زراعية متدرجة إلى أن شهدت نقلة نوعية في بداية التسعينات تمثلت في تحرير التجارة الزراعية في معظم الأقطار العربية.
وعلى الرغم من كل هذه الجهود فإن الأقطار العربية لم تتمكن من تضييق الهوة بين الطلب على الغذاء وإنتاجه. وفى ظل الاحتياجات الغذائية العربية، تفيد الإحصاءات إلى زيادة القيمة الإجمالية للفجوة الغذائية من حوالي 600 مليون دولار عام 1970م إلى 10.5 مليار دولار عام 1980م ثم استمرت في الزيادة لتبلغ نحو 12.2 مليار دولار عام 1990م وبحلول عام 2006م بلغت القيمة الإجمالية للفجوة الغذائية العربية نحو 18 مليار دولار. ويرى العديد من الخبراء، أن العجز الغذائي في المنطقة العربية، لم يكن وإلى درجة كبيرة، مشكلة نقص في الموارد المتاحة، ولا معدلات نمو متسارعة للزيادة السكانية، أو عجزاً في الإمكانات المالية، وإنما بالدرجة الأولى مسألة خلل في السياسات الزراعية العربية وسوء استغلال الموارد المتاحة.
ويوضح الواقع، أن رد الفعل العربي لمواجهه أزمة الغذاء العربي، لم ترق إلى مستوى التخطيط الإستراتيجي المنشود، فهو غالباً ما يتسم بالفردية والتعامل مع العجز الغذائي في أطر جزئية ومحدودة داخل كل قطر عربي عن طريق بعض الإجراءات العاجلة منها زيادة الأجور، أو منع تصدير بعض السلع الغذائية، وتخفيض الرسوم الجمركية على بعض السلع الغذائية، أو زيادة الدعم للسلع الأساسية. ورغم أهمية تلك الإجراءات والسياسات كخطوات عاجلة للتعامل مع العجز الغذائي داخل كل قطر عربي، إلا أن ذلك كله يظل قاصراً ولا يكفى لوضع سياسات للتعامل مع واقع إنتاج الغذاء العربي ومواجهه الأزمات وتداعياتها في المستقبل.
ويعتبر " إعلان الرياض " من أبرز فعاليات التحرك العربي المشترك لمواجهه العجز الغذائي العربي، والذي جاء عبر اجتماع وزراء الزراعة العرب في الرياض عام 2008م في إطار المنظمة العربية للتنمية الزراعية، حيث تضمن هذا الإعلان عشرة تدابير لتعزيز التعاون العربي في التنمية الزراعية، والدعوة إلى إنشاء صندوق طوارئ بهدف مساعدة الدول العربية الأكثر تضرراً. كما تضمن " إعلان الرياض " أيضاً توصيات هامة منها التحرك السريع لتحقيق التنمية المستدامة في إنتاج الغذاء وخاصة السلع الرئيسية، كما تضمن أهمية التزام الدول العربية المستضيفة للمشاريع الزراعية العربية المشتركة بمنح التسهيلات والامتيازات والضمانات المشجعة على الاستثمار العربي في مجال الأمن الغذائي، بالإضافة إلى دعوة القطاع الخاص ورجال الأعمال العرب للتوجه إلى الاستثمار في المشروعات الزراعية.
* الخبير الاقتصادي والزراعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.