أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالرحمن بن فيصل بن معمر    المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة تبرم عدداً من الاتفاقيات    وقاء الباحة" يبدأ حملة التحصين لأكثر من 350 ألف رأس ماشية ضد مرض الحمى القلاعية لعام 2024م    الفضلي: المملكة تواجه تحدي تدهور الأراضي بمنظور شمولي    أشباح رقمية    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية الجزائر    خادم الحرمين الشريفين يهنئ رئيس جمهورية توغو بمناسبة ذكرى يوم الإستقلال لبلاده.    أمير تبوك يواسي أبناء أحمد الغبان في وفاة والدهم    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يستقبل الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية    أمير دولة الكويت يصل إلى الرياض    مؤتمر أورام الكبد يختتم فعالياته بالخبر بتوصياتً هامة    برئاسة وزير الخارجية.. «اللجنة الوزارية»: نرفض اجتياح رفح.. يجب وقف تصدير السلاح لإسرائيل    ساعة أغنى رُكاب "تيتانيك" ب1.46 مليون دولار    النصر يؤمن مشاركته في السوبر السعودي    صدور الموافقة السامية علي تكليف الأستاذ الدكتور عبدالله بن عبد العزيز التميم رئيساً لجامعة الأمير سطام    رسمياً.. الزي الوطني إلزامي لموظفي الجهات الحكومية    11قطاعًا بالمملكة يحقق نموًا متصاعدًا خلال الربع الأول ل 2024    السعودية ترسم خارطة جديدة للسياحة الصحية العالمية    محافظ خميس مشيط يدشن مبادرة "حياة" في ثانوية الصديق بالمحافظة    وزير البيئة يفتتح أعمال منتدى المياه السعودي غدًا بالرياض    "واحة الإعلام".. ابتكار لتغطية المناسبات الكبرى    أمطار تؤدي لجريان السيول بعدد من المناطق    لرفع الوعي المجتمعي.. تدشين «أسبوع البيئة» اليوم    وزير الدفاع يرعى تخريج الدفعة (82) حربية    طابة .. قرية تاريخية على فوهة بركان    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية.. استمرار الجسر الإغاثي السعودي إلى غزة    وفاة الأمير منصور بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود    الرياض.. عاصمة الدبلوماسية العالمية    وزير الإعلام ووزير العمل الأرمني يبحثان أوجه التعاون في المجالات الإعلامية    فريق طبي سعودي يتفوق عالمياً في مسار السرطان    برعاية الملك.. وزير التعليم يفتتح مؤتمر «دور الجامعات في تعزيز الانتماء والتعايش»    العرض الإخباري التلفزيوني    وادي الفن    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    «هندوراس»: إعفاء المواطنين السعوديين من تأشيرة الدخول    مؤتمر دولي للطب المخبري في جدة    أخصائيان يكشفان ل«عكاظ».. عادات تؤدي لاضطراب النوم    وصمة عار حضارية    ألمانيا: «استراتيجية صامتة» للبحث عن طفل توحدي مفقود    الأخضر 18 يخسر مواجهة تركيا بركلات الترجيح    الهلال.. ماذا بعد آسيا؟    حكم و«فار» بين الشك والريبة !    الاتحاد يعاود تدريباته استعداداً لمواجهة الهلال في نصف النهائي بكأس الملك    استقلال دولة فلسطين.. وعضويتها بالأمم المتحدة !    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    انطلاق بطولة الروبوت العربية    (911) يتلقى 30 مليون مكالمة عام 2023    تجربة سعودية نوعية    السجن لمسعف في قضية موت رجل أسود في الولايات المتحدة    أمير الرياض يوجه بسرعة رفع نتائج الإجراءات حيال حالات التسمم الغذائي    الأرصاد تنذر مخالفي النظام ولوائحه    التشهير بالمتحرشين والمتحرشات    واشنطن: إرجاء قرار حظر سجائر المنثول    المسلسل    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي بمحميتين ملكيتين    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوافذ للنور
للعصافير فضاء
نشر في الرياض يوم 20 - 11 - 2011

في إحدى المستشفيات وفي صالة انتظار النساء للأطباء، تجد إحداههن تحدث المرأة التي بجانبها، وقد يصل صوتها إلى الأخريات دون أن تكون هناك معرفة سابقة بينهن، تسألها عن ماذا يؤلمها؟ وهل ما لديها قديم، أو جديد، وعن الدكتور الذي تراجعه، وهل دلها أحد عليه وأرشدها، أم انه اختيار عشوائي، ومن ثم تنطلق لتحكي في حكاية ما أتى بها إلى هنا، وتشرح، وتفيض سواء أكانت معاناة شخصية مرتبطة بمرضها، أم مرض من حضرت معه، القصة وما فيها أنها لم يُطلب منها الحديث، ولم تستأذن الآخر في رغبتها في الحديث معه وإن كان مستعداً للاستماع أم لا، ايضاً قد تجدها تشتكي لمن بجانبها من معاناة شخصية وتطيل في تفاصيلها منذ أن بدأت إلى أن وصلت إلى هذه الصالة. الغريب أنك وأنت تستمع قد تفاجأ بسؤال وتأدباً ترد عليه باختصار شديد، حتى وإن حاولت التداخل عدة مرات.
لا تستطيع أن تصمت مثل هذه الشخصية، أو تظل في مكان ما صامتة، هي تتحدث وتشعل الصامتين ليتحدثوا إن كان لديهم نفس القدرة التي لديها.
تفضفض وتسأل ولكن حديثها عن نفسها أكثر في أغلب الأحيان، في العمل تصادف مثل هذه الشخصيات في المطار، في الطائرة، في السوبر ماركت، في المجتمع والجلسات العائلية والخاصة، هذه الفضفضة والحديث عن النفس، وعن كل شيء أحياناً دون سؤال من الآخر قد تكون إيجابية رغم اختلافها من ثقافة إلى أخرى، يفضفض هؤلاء عن آلامهم، أوجاعهم، فشلهم، هزائمهم، وقد تجد امرأة تتحدث عن الرجال أو الخيانة، أو عدم الوفاء باستفاضة رغم أن ما طرح مجرد كلمة، أو حديث عابر لا يستحق كل ما قالته، تجزل في التفاصيل وكأنها تبحث عن الراحة والاسترخاء وليس الوصول إلى حل، لا تتحدث عن معاناتها، بل عن الخيانة والهزيمة بشكل عام وكأنهما جزء منها، تجدها تبكي أحياناً وكأنها تغلق أبواب الحكاية.
طاقة من يفضفضون دائماً واسعة وزائدة ومليئة بالتدفق والأسرار أو كما يقول أحد أطباء علم النفس (إن الفضفضة تعني طاقة زائدة داخل الإنسان من الأخطار والقضايا والأسرار وهي أقرب ما تكون إلى طاقة البخار المكتوم التي يجب أن تخرج حتى يستقر الوعاء، وإلا ستصبح مصدر خطر شديد).
في البيئة الشعبية تفضفض الجارات لجاراتها، أو في الشارع ليشارك الغرباء فيها ويقال هنا (اللي في قلبهم على لسانهم) أما في الطبقات المتوسطة فسلوك الفضفضة يتم في الغرف المغلقة.
وفي الطبقات الفنية تكون مثل هذه الأسرار للأطباء النفسيين، وذلك لشدة الخطورة والأهمية!
وإذا كانت الفضفضة لما هو غير مهم أو شخصي، أو خاص جداً تْحكم البعض، فماذا نقول عن الصامتين والذين لا يتحدثون، ويعتبرونها أمراً غير مهم؟. إنهم بلا شك مرضى بالغموض والسكتة، ولا يعرف الآخرون عنهم شيئاً!
تعيش مع أحدهم بحكم العمل، أو الزمالة أو الجيرة، أو القرابة سنوات ومع ذلك يظل ما يقوله محدوداً، وقد لا تعرف عنه شيئاً على الاطلاق، أو تصل حتى إلى قشرته الخارجية، يتعامل بصمت، يرد بحدود، تلمس أحياناً ألمه ووجعه ولكن لا تخرج منه بشيء حتى وإن حاولت ذلك، لأنه يخاف منك ويشك فيك ليس كشخص ولكن بشكل عام، هو يتوقع الخطر كل يوم وكل لحظة، ولذلك لا يتحدث مع أحد ولا يثق بأحد، بل على العكس كل يوم يمر يزداد فيه قوة وصلابة وقدرة على حفظ ما بداخله، وأيضاً يتعايش مع مزيد من الألم والمعاناة وأعراض من الاكتئاب والقلق، والتوتر، ويعرف أن المكتئب غالباً ما يكون صامتاً كتوماً لا يتفوه بحرف، يشعر أن الكلمة كالسيف يمكن أن تقتله، في حين أن قتله تم بالفعل من خلال حبس ما لديه من كلمات، وعدم قدرته على المناقشات الجماعية أو الفردية، أو حتى الفضفضة مع نفسه ليشعر أنه في حال صحية جيدة على الأقل.
تتألم ولكن ما هو أكثر إيلاماً أن لا تجد من تتحدث إليه، والألم المضاعف أن تعجز عن الحديث حتى إن وجدت هذا الشخص.
تحدّث حتى وإن كان صديقك مستمعاً غير جيد، أو غير قادر على التواصل معك، أو فهم ما تقوله، لكن في النهاية ستفتح قليلاً تلك الأبواب المغلقة للبحث عن طاقة نور!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.