البروج العالية المشيدة، والأبواب المغلقة، والآذان الصماء عن هموم الناس، وهواجسهم الحياتية، ومعاناتهم في العيش، والحياة، ومضامين سعيهم نحو الواقع الأفضل، هي ممارسات تركتها القيادة في المملكة منذ أن قام هذا الكيان لمن يجيدون الصخب، والضجيج، والادعاء في وسائل الإعلام، وانخرطت في بناء واقع حياتي، وتنموي مبهر يهدف إلى رخاء الإنسان، وتحقيق أمنه المعيشي، والاقتصادي، وإقصاء الخوف عن مساراته، ودروبه، ومستقبلات أجياله، ليعيش المجتمع بكل مكوناته، وشرائحه، وأطيافه، ومواقع إنسانه، في حالة سوية، غير وجلة ولا مرتبكة بهموم الغد، وكيف يكون في معادلاته، ويتفرغ لعملية الخلق، والتفكير، والإنتاج، وينخرط بثقة في حركة التطور، والنماء، والتحديت، ويتماهى مع منجز الوطن في فضائه التحديثي، ويكون المواطن فاعلاً لا مستهلكاً، أو عاجزاً اتكالياً يرى العمل المبهر من صانع القرار التنموي في السلوك، والممارسة، والرؤية، والتنفيذ، وهو مستكين بقدراته عن المساهمة في تحويل الرؤى إلى واقع معيش، وملموس، وحقائق على أرض الواقع. وفي هذا المنحى فإن الملك الإصلاحي عبدالله بن عبدالعزيز، يحمل الوطن، والمواطنين هاجساً دائماً في داخل اهتماماته، ويعيش معهم عن قرب في تفاصيل حياتهم اليومية، ينطلق في ذلك من إيمانات قوية بواجباته، ومسئولياته في قيادة الوطن، ولأن الشعب السعودي يستحق البذل، والعطاء في كل مجالات النمو، والتنمية، فالقائد المخلص، والوفي يصر على أن تذهب موارد الوطن، ودخوله الاقتصادية في نماء الحياة، واستقرار الإنسان، وصياغة وعيه، فالإنسان ثروة الوطن الكبرى، إن في مزرعته أو مصنعه، في المدينة أو القرية، في الحاضرة أو البادية. هذا الاهتمام من القيادة ترجمته قرارات ملكية صدرت متلاحقة منذ سنوات، ومنذ أشهر، بل توالت كثيراً لتعم كل المناحي الحياتية، وتفرض واقعاً إصلاحياً ينعكس تألقاً في الحياة الاجتماعية، ليس ما صدر يوم أمس من حزمة قرارات، وموافقة على قرارات هامة أصدرها مجلس الخدمة المدنية، هو كل الطموحات التي تناضل القيادة من أجل تحقيقها، بل هو جزء يسير جداً منها، فأنهر النماء والخصب سخية وقوية في اندفاعاتها. لقد جاء صوت القيادة قوياً في أحاسيسه، وصدر أمر ملكي بزيادة دعم الأعلاف ومدخلاتها بنسبة 50% عما هو معمول به حالياً وقيام الجهات المعنية باتخاذ اللازم بتشديد مراقبتها للأسواق وأسعار السلع وإيقاع أقصى العقوبات تجاه كل مخل أو متكسب جشع. وبكل الشجاعة، والإيمان، والهم الذي يسكن فكر الملك الإصلاحي، قال الأمر الملكي في مقدمته: "... تصدياً لدورنا تجاه الأمانة الملقاة على عاتقنا نحو ديننا، ثم وطننا، وأهلنا شعب المملكة العربية السعودية، الذي يستدعي منا التدخل، والمبادرة، بشكل عاجل، وسريع لكل أمر يخص شؤونهم، بما في ذلك معيشتهم، وفق مبدأ لا ضرر ولا ضرار. ولما لاحظناه في الآونة الأخيرة، من ارتفاعات متواترة، في أسعار بعض السلع الأساسية، بشكل لا يمكن أن نقبل به، ما دمنا بعون الله قادرين على الحد منها، ورغبة منا في تخفيف تكلفة أسعار اللحوم والدواجن ومنتجات الألبان وغيرها على المواطنين. أمرنا بما هو آت: إيقاع أقصى العقوبات تجاه كل مخل أو متكسب جشع مع شكرنا لكل رجل أعمال أدى الأمانة. أولا: زيادة دعم الأعلاف ومدخلاتها بنسبة 50% عما هو معمول به حالياً. ثانياً: على جميع الجهات المعنية، اتخاذ اللازم بتشديد مراقبتها للأسواق، وأسعار السلع، وإيقاع أقصى العقوبات، تجاه كل مخل، أو متكسب جشع، مع شكرنا في ذات الوقت لكل رجل أعمال أدى الأمانة، واضعاً نصب عينيه الخشية من الله، والرجاء في الثواب مقدرين له دوره الجاد للحد من استغلال إخوانه المواطنين، وذلك نتيجة تخفيضه لهامش الربح لأعماله، إلا أنه في نفس الوقت نأسف لبعض منهم، الذين لم يراعوا الله في أهلهم، فغلّبوا متاع الدنيا على متاع الآخرة، متناسين أن الشريعة الإسلامية أمرت بالقسط والعدل، ونهت عن الغش والشح...". نورد نص الأمر الملكي، لتكون الحقيقة متيسرة للقراءة، والفهم، والاستنتاج، للمتابع، والمحلل، والقارئ، فهدف تخفيف أعباء الحياة، والمعيشة في واقع عالمي يشهد ارتفاع تكلفة الحياة، هو هم تعمل القيادة على وأده.