اعتماد "إعلان الرياض المعني بمستقبل السياحة" في ختام الدورة 26 للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة    ديوان المظالم يحصل على شهادتي الآيزو في إدارة الجودة والعمليات البرمجية    سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعا بدعم من القطاعات الكبرى    وزير الحج والعمرة يلتقي بأكثر من 100 وزير ومفتي ورئيس مكتب شؤون الحج ويحثهم على استكمال إجراءات التعاقد قبل 15 رجب    القيادة تعزي رئيسة جمهورية سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    منصة إحسان تدعم جمعية الإعاقة السمعية بجازان بمشروع توفير الأدوية للمرضى المتعففين    مجلس الوزراء: الموافقة على نظام حماية المؤشرات الجغرافية    أمير تبوك يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    الهيئة السعودية للتخصصات الصحية تعتمد برنامج جراحة الفم والوجه والفكين في تجمع تبوك الصحي    المنتخب السعودي على مشارف التأهل في مونديال الناشئين    بيان في الشباب بشأن أزمة الحارس بوشان وقرار الفيفا    المشهد السياسي العراقي في ضوء الانتخابات البرلمانية الجديدة    أمانة الشرقية تحصد المركز الأول في فئة أفضل مشروع اجتماعي    أمير الشرقية يكرم مدارس المنطقة بدرع التميز والاعتماد المدرسي    القيادة تهنئ رئيس جمهورية بولندا بذكرى إعلان الجمهورية لبلاده    مجموعة شركات SAMI تحصد ثلاث جوائز للتميز في توطين الصناعات العسكرية    ب "رؤية ما لا يُرى".. مستشفى الملك عبدالله ببيشة يُفعّل اليوم العالمي للأشعة    الفقد والادعاء.. حين يساء فهم معنى القوة    قصيدة اليقين    لماذا دخل الشرع البيت الأبيض من الباب الجانبي؟لأنها زيارة خاصة لا رسمية    أنت أيضا تحتاج إلى تحديث    هجوم روسي بمسيرات يوقع قتيلا شرق أوكرانيا    سعر برميل النفط ينخفض إلى 63.93 دولار    «التواصل الحضاري» ينظّم ملتقى التسامح    ضبط 21647 مخالفاً للإقامة والعمل وأمن الحدود    95 مليون ريال لصيانة ونظافة وتشغيل 1400 مسجد وجامع في المملكة    استبعاد تمبكتي من معسكر الأخضر.. واستدعاء الشهراني وكادش    «الشورى» يدعو مركز المناطق الاقتصادية في الرياض لاستكمال البناء المؤسسي والخطة الإستراتيجية    تعاون سعودي- إماراتي لمكافحة جرائم الفساد    الديوان الملكي: وفاة وفاء بنت بندر    خادم الحرمين يدعو لإقامة صلاة الاستسقاء الخميس    تحت رعاية ولي العهد.. تنظيم المؤتمر العدلي الدولي الثاني بالرياض    وسط ضغوط على المرحلة الثانية من اتفاق غزة.. الاحتلال يمنع خروج المحاصرين في أنفاق رفح    لجان الكرة وقرارات غائبة أو متأخرة    شلوتربيك أولوية لبرشلونة في يناير    يوثق التحولات التاريخية والحضارية للمشاعر.. «الدارة» تطلق ملتقى تاريخ الحج والحرمين    وعكة صحية تدخل محمد صبحي المستشفى    1.7 مليون دولار تعويضاً على تنمر النظارات    النصر يتصدر بالمحلي    علامات تكشف مقاطع الفيديو المولدة بال AI    يتباهون بما لا يملكون    تقديراً لجهودها في إبراز خدمات المملكة لضيوف الرحمن.. نائب أمير مكة يكرم وزارة الإعلام بمؤتمر الحج    أمريكي يبحر 95 كيلومتراً داخل يقطينة    أكد أن المنظومة تشهد تحولاً نوعياً.. وزير البلديات: تشغيل ذكي وإدارة رقمية لخدمة ضيوف الرحمن    ممرض ألماني يخدر المرضى ليهنأ بليلة هادئة    موانع حمل للرجال (1)!!؟    الأخضر تحت 19 عاماً يدشن تدريباته في معسكر الأحساء استعداداً لكأس آسيا    خديعة القيمة المعنوية    أزمة الأطباء الإداريين    «الرياض الصحي»: البحث العلمي شريكٌ محوري في التحول الصحي    رئيس جامعة جازان يطلق منصة "ركز" للاستثمار المعرفي    "مسام" ينزع (1.044) لغمًا من الأراضي اليمنية خلال أسبوع    البنيان يرعى «التعليم المنافس» في «الملك سعود»    رجال أمن الحرمين قصص نجاح تروى للتاريخ    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. منح رئيس «الأركان» الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. رئيس هيئة الأركان العامة يُقلِّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    فهد بن سلطان: هيئة كبار العلماء لها جهود علمية ودعوية في بيان وسطية الإسلام    أمير تبوك يستقبل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ يوسف بن سعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤية في العلاقات الباكستانية الخليجية
نشر في الرياض يوم 15 - 07 - 2011

يُمكن النظر إلى العلاقات الباكستانية الخليجية باعتبارها ضرورة استراتيجية للطرفين الباكستاني والخليجي، على حد سواء .
تحتاج دول الخليج لباكستان بما هي قوة إقليمية، ذات ثقل جيوبوليتيكي متقدم، وموقع محوري في الاستراتيجيات الدولية.
إن باكستان تمثل فرصة استثنائية للخليج بالمعايير كافة. ومتى ما تم استنفاد هذه الفرصة فإن معطيات كثيرة ستولد في هذه المنطقة، على نحو يعزز من رخائها واستقرارها
تعد باكستان صاحبة ثاني أكبر كتلة ديموغرافية في العالم الإسلامي، والدولة النووية الوحيدة فيه. وهي ذات ثروة زراعية كبيرة، وبنية صناعية واسعة، ويد عاملة مدربة. وهذا، فضلاً عن كونها سوقاً كبيراً على المستوى الآسيوي عامة.
في المقابل، تحتاج باكستان لدول الخليج، بما هي مصدر أساسي للطاقة النفطية، ومستثمر إقليمي رئيسي، وسوق للسلع والأيدي العاملة، ومصدر محتمل للتسهيلات المالية.
وقبل ذلك، أو بموازاته، فإن أهمية العلاقة، بالنسبة للجانبين الباكستاني والخليجي، تفرضها معطيات الجوار الجغرافي، والتداخل البشري الواسع، والروابط الثقافية والحضارية، وتفاعلات الحياة اليومية التي تطال كل شيء تقريباً.
إن باكستان تمثل فرصة استثنائية للخليج بالمعايير كافة. ومتى ما تم استنفاد هذه الفرصة فإن معطيات كثيرة ستولد في هذه المنطقة، على نحو يعزز من رخائها واستقرارها.
ودعونا نرى الآن كيف تتفاعل باكستان مع الخليج، وكيف ترتبط به في كل شيء.
بداية، يمكن القول إنه بمعيار التوصيف الجيوسياسي، تعتبر باكستان دولة مجاورة للخليج العربي وثمة ترابط وثيق على مستوى الممرات البحرية بين الخليج وبحر العرب، حيث تقع كل من صلالة العمانية وكراتشي وبلوشستان الباكستانية.
وتجاور باكستان المنطقة بسواحل يزيد طولها على الألف كيلومتر.
ولقد فرض هذا الجوار تأثيراته الواسعة عبر التاريخ، حيث خلق تداخلاً اجتماعياً واسعاً، وأسس لتعاون الناس في البحر والبر، في الزراعة والصناعة والتجارة.
كذلك، فرض هذا الجوار معطياته، بمعيار التفاعلات الأمنية، حيث بات يصعب فصل حالة الأمن في هرمز وصلالة عن الظروف السائدة في بلوشستان أو السند. وهذا ما أثبتته، بشكل خاص، أحداث العقدين السابع والثامن من القرن العشرين. بل إن الروس قد سعوا في ثمانينيات القرن العشرين للتأثير على مجريات الأمن في الخليج عبر دعم الحركة الانفصالية في بلوشستان الباكستانية، حيث قدموا لها مختلف أنواع الدعم المادي والأمني والسياسي.
ويأتي أحد أهم عوامل التأثير المتزايد لباكستان على جوارها الخليجي من ثقلها الديموغرافي المتقدم، حيث يبلغ عدد سكانها 177 مليون نسمة، وذلك وفقاً لمؤشرات العام 2010. وتقع باكستان على هذا الصعيد في المرتبة السادسة عالمياً، بعد البرازيل (201 مليون نسمة) وقبل بنغلادش (158 مليون نسمة).
كذلك، وكما سبقت الإشارة، فإن باكستان هي القوة الديموغرافية الثانية على مستوى العالم الإسلامي بعد إندونيسيا، ذات ال 243 مليون نسمة.
ويشكل البنجابيون نحو 45% من سكان باكستان، فيما يشكل البشتون (البتان) نحو 16%. وأهل السند 14%. أما البلوش فإن نسبتهم تقدر في حدود 4%.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تعتبر باكستان دولة زراعية وصناعية في الوقت ذاته. وهي صاحبة إحدى أكبر الثروات الزراعية على المستوى الإقليمي.
وبالإضافة إلى المياه الجوفية الوافرة التي تتمتع بها، تحصل باكستان سنوياً على نحو 190 مليار متر مكعب من المياه الناجمة عن ذوبان الثلوج في جبال الهملايا، والتي تنتهي في منظومة أنهار الأندوس. وتضم هذه المنظومة بصفة أساسية أنهار الأندوس، جهيلوم، تشيناب وكابول. ويقطن حوالي 77% من سكان البلاد في حوض نهر الأندوس بتفرعاته المختلفة.
وتشكل الزراعة حوالي 20% من الناتج القومي الإجمالي لباكستان، مقابل نحو 25% للصناعة، ونحو 55% للخدمات. كما يستحوذ القطاع الزراعي على 43% من إجمالي قوة العمل الوطنية. ومن أهم منتجات باكستان الزراعية الأرز، القمح، اللحوم والقطن. وتصدر هذه المنتجات إلى كافة دول الجوار، بما في ذلك دول الخليج، التي تعتبر أيضاً سوقاً مهماً للمنسوجات الباكستانية المتميزة.
وفي العام 2009، بلغ إجمالي صادرات باكستان 18.44 مليار دولار، فيما بلغ إجمالي وارداتها 28.47 مليار دولار.
وتستورد باكستان أكثر من ثلاثمائة ألف برميل من النفط يومياً، تشكل النسبة الأهم في خارطة وارداتها، وهي تأتي أساساً من دول الخليج.
وفي العام 2009، بلغ الناتج القومي الإجمالي لباكستان 433.1 مليار دولار، فيما بلغ معدل دخل الفرد السنوي فيها 2600 دولار.
وفي المقابل، بلغ هذا المعدل 5400 دولار في بوتان، 4500 دولار في سيريلانكا، 3100 دولار في الهند، 1600 دولار في بنغلادش، 1200 دولار في نيبال و800 دولار في أفغانستان.
ووفقاً لبعض الباحثين الباكستانيين، فقد حدث تحول ملحوظ في منظور باكستان لأمنها القومي، ومفاده أن أمن البلاد يكمن بالدرجة الأولى في تطوير الوضع الاقتصادي، وانتهاج سياسات تفضي إلى الحد من الفقر والبطالة.
وحسب البنك الدولي، فإن باكستان تفتقر على نطاق واسع إلى برامج المساعدة الاجتماعية التي تستهدف أفقر الفقراء. وأنها في حاجة الى مساعدة دولية فورية.
وقد بدا هذا الأمر أكثر إلحاحاً بعد كارثة الفيضانات التي ضربت البلاد، في صيف العام الماضي، وأتت على مساحات كبيرة من المحصول الزراعي والثرورة الحيوانية.
على مستوى العلاقات الباكستانية الخليجية، شهدت هذه العلاقات تطوراً متنامياً منذ سبعينيات القرن العشرين، حيث تدفقت العمالة الباكستانية على الخليج، وتوجهت الاستثمارات الخليجية إلى باكستان.
ووفقاً لبنك باكستان، فإن تحويل المغتربين الباكستانيين قد بلغ 2.68 مليار دولار في السنة المالية الممتدة من تموز يوليو 2006 الى حزيران يونيو 2007. ويتضمن هذا الرقم زيادة قدرها 28% عن الرقم المسجل في السنة المالية السابقة. وقد جاء القسم الأكبر من تحويلات المغتربين الباكستانيين من المملكه العربية السعودية.
وأظهرت المملكة حرصاً على الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الرئيسية في باكستان، مثل الطاقة والصلب والعقارات والاتصالات السلكية واللاسلكية. كما تعهد منتدى الشرق الأوسط – باكستان للاستثمار الزراعي، باستثمارات جديدة تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار.
وفي السياق ذاته، بذلت جهود لزيادة الاستثمارات الإماراتية في باكستان، البالغة حالياً أكثر من 31 مليار دولار. يضاف إليها حجم تبادل تجاري قدره خمسة مليارات دولار سنوياً.
وأبدت مؤسسات إماراتية اهتمامها بالاستثمار في قطاع الزراعة الباكستاني الواعد، منها مجموعة "الغرير"، والمجموعة الإماراتية للاستثمار، ومجموعة ماجد الفطيم.
ومن بين الاستثمارات الخليجية في باكستان، الشركة الباكستانية العربية للتكرير المحدودة (باركو)، التي تمتلك مصفاة تنتج 100 ألف برميل يومياً. وهذه الشركة مملوكة بنسبة 60% للحكومة الباكستانية، و40% لشركة أبوظبي للاستثمارات البترولية.
وعلى الرغم مما تم تحقيقه حتى الآن، إلا أن ثمة شعور مفاده أن حجم الاستثمارات، كما التبادل التجاري، بين الخليج وباكستان لا يعبر عن القدرات الحقيقية الكامنة لدى الطرفين. وإن التعاون الاقتصادي بينهما يُمكن أن يرتقي خطوات كبيرة إلى الأمام، خاصة في ضوء التجربة الناجحة لهذا التعاون في العقود الأربعة الماضية، سيما عقد الثمانينيات، الذي كان نموذجياً بامتياز.
من جهة أخرى، يُمكن أن نشير أيضاً إلى أن هناك تعاوناً باكستانياً خليجياً على المستوى الدفاعي، سيما التقني منه. وهو يعود إلى سبعينيات القرن الماضي، كحد أدنى.
وفي العام 1991، حدث تطوّر مهم على صعيد التعاون الدفاعي بين الجانبين، تمثل بمشاركة باكستان في حرب الخليج الثانية، بأكثر من 11 ألف جندي، حيث لبت إسلام آباد طلباً خليجياً بهذا الخصوص.
وأياً يكن الأمر، فمن المفيد أن نلحظ، عند مقاربتنا لمستقبل العلاقات الباكستانية الخليجية، أن باكستان هي اليوم موضع اهتمام دولي متعاظم.
وحتى وقت قريب، كان التنافس الدولي على الساحة الباكستانية يدور، بصفة أساسية، بين القوتين الأميركية والصينية، مع تواري شبه تام للقوة الروسية. أما اليوم فقد رمت روسيا بثقلها، ساعية لتثبيت موضع قدم لها في باكستان.
وإذا قُدر للروس تشكيل وجود أمني في إقليم بلوشستان أو السند، فإنهم يكونون حينها قد أضحوا طرفاً مباشراً في تفاعلات الأمن في هرمز والخليج عامة.
هذا النسق الخاص لخيارات باكستان الدولية قد زاد ضمناً من ارتباطها بمعادلة الأمن في الخليج. هذه المعادلة التي باتت، في الوقت ذاته، معنية أكثر من أي وقت مضى بسباق التسلّح الباكستاني الهندي، بشقيه النووي والتقليدي، على حد سواء.
وعلى الرغم من كل ذلك، فإن أحد التحديات التي تواجه باكستان اليوم يتمثل في حالة العنف التي تستهدف الاستقرار الوطني. هذا مع ضرورة الإشارة إلى أن جماعات العنف في باكستان لا تعبر عن رأي عام وطني، ولا تحظى بأي قبول شعبي، على الرغم من كل ادعاءاتها في هذا الشأن. بل إن القوة الرئيسية في هذه الجماعات هي أساساً قوة عرقية مناطقية، لا امتداد وطنياً لها.
ولا ريب، أن دول الخليج معنية بمساعدة الدولة الباكستانية على تعزيز مقومات الاستقرار الوطني، ومواجهة العنف الأعمى، الذي يستهدف إثارة النعرات العرقية والطائفية على الصعيدين المحلي والإقليمي.
إن تعزيز فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية يُمثل خير سبيل للتغلب على خيارات العنف الأعمى، فهي تستغل احتياجات بعض الفئات، ولا تنبع، بأي حال من الأحوال، من ثقافة المجتمع الباكستاني.
وتبقى باكستان الراهنة دولة قوية ومتماسكة، وذات حضور واسع في المحيطين الإقليمي والدولي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.