عبدالله كامل رئيسال لاتحاد الغرف السعودية والصيخان والفاخري نائبين    السجل العقاري شريك مستقبل العقار في النسخة ال5 لمنتدى مستقبل العقار 2026    رئيس مجلس القيادة اليمني يلغي اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات    تحديد أول الراحلين عن الهلال    غيابات الأهلي في لقاء الفيحاء في دوري روشن    الإحصاء: نمو الإيرادات التشغيلية للأنشطة الصناعية خلال 2024 بنسبة 1.3%    وزارة الخارجية: المملكة تعرب عن أسفها لما قامت به الإمارات من ضغط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفع قواته للقيام بعمليات عسكرية على حدود المملكة الجنوبية في محافظتي حضرموت والمهرة    مهاجم الهلال يتربع على قائمة أمنيات جماهير فلامينغو    خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد يعزيان أسرة الخريصي    سمو الأميرة تهاني بنت عبدالعزيز بن عبدالمحسن آل سعود ترعى اختتام برنامج التدريب على جهاز برايل وتدشّن كتابها بالمدينة المنورة    مبادرة رافد الحرمين تستأنف عامها الثَّالث بتدريب المراقبين الميدانيين    تراجع أسعار النفط    الصين تجري مناورات عسكرية لليوم الثاني على التوالي حول تايوان    مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة بشأن الاعتراف الإسرائيلي بإقليم "أرض الصومال"    قيادة القوات المشتركة للتحالف (تحالف دعم الشرعية في اليمن): تنفيذ ضربة جوية (محدودة) استهدفت دعم عسكري خارجي بميناء (المكلا ).    غزال ما ينصادي    رونالدو يُشعل الصحف العالمية بثنائية الأخدود    تتويج أبطال المملكة للمبارزة    وزير الاتصالات يشيد بمشروعات "تحديات الهاكاثون التقني"    300 ألف متطوع في البلديات    فيصل بن بندر يزف 106 من أبناء «إنسان» للحياة الزوجية    قائد الأمن البيئي يتفقد محمية الملك سلمان    معرض «بصمة إبداع» يجمع مدارس الفن    وزير التعليم يزور جامعة حائل    غياب ضعف وتراجع!    جيل الطيبين    حين يغيب الانتماء.. يسقط كل شيء    "الرياض الصحي" يدشّن "ملتقى القيادة والابتكار"    سماعات الأذن.. التلف التدريجي    نقص حاد في المساعدات والمأوى.. والأونروا: الشتاء القاسي يفاقم الكارثة الإنسانية في غزة    المزارع البعلية.. تراث زراعي    «عريس البراجيل» خلف القضبان    أمانة جدة تتلف 4 أطنان من اللحوم الفاسدة    حكاية وراء كل باب    متى سيعاود سوق الأسهم السعودي الارتفاع مجدداً؟    افتتاح أول متنزه عالمي بالشرق الأوسط في القدية    ولادة مها عربي جديد بمتنزه القصيم الوطني    بعد مواجهات دامية في اللاذقية وطرطوس.. هدوء حذر يسود الساحل السوري    رامز جلال يبدأ تصوير برنامجه لرمضان 2026    التقدم الزمني الداخلي    في روشن.. الحزم يعبر الرياض.. الفتح يواصل صحوته والتعاون يصعق النجمة    في كأس أمم أفريقيا بالمغرب.. تونس تسعى لعبور تنزانيا.. ونيجيريا تلاقي أوغندا    رجل الأمن ريان عسيري يروي كواليس الموقف الإنساني في المسجد الحرام    «الهيئة»أصدرت معايير المستفيد الحقيقي.. تعزيز الحوكمة والشفافية لحماية الأوقاف    أندية روشن وأوروبا يتنافسون على نجم دفاع ريال مدريد    نتنياهو يسعى لخطة بديلة في غزة.. حماس تثق في قدرة ترمب على إرساء السلام    التحدث أثناء القيادة يضعف دقة العين    محمد إمام يحسم جدل الأجور    نجل مسؤول يقتل والده وينتحر    معارك البيض والدقيق    الدردشة مع ال AI تعمق الأوهام والهذيان    انخفاض حرارة الجسم ومخاطره القلبية    القطرات توقف تنظيم الأنف    «ريان».. عين الرعاية وساعد الأمن    رئاسة أمن الدولة تستضيف التمرين التعبوي السادس لقطاعات قوى الأمن الداخلي "وطن 95"    دعوى فسخ نكاح بسبب انشغال الزوج المفرط بلعبة البلوت    دغدغة المشاعر بين النخوة والإنسانية والتمرد    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تُرى كيف نقتلع جذور القاعدة في السعودية؟
نشر في الرياض يوم 30 - 11 - 2010

ماذا تقرأ في بيان وزارة الداخلية الأخير؟ من الطبيعي القول بأننا اعتدنا على البيانات للسلطات الامنية حول معركتها مع الارهاب وعناصره، وكنا وما زلنا نشعر بحجم إنجازاتها ونجاحاتها، الا ان البيان الأخير في تقديري جاء ليمثل انعطافة ملفتة في التعاطي السعودي مع معركته ضد العناصر الراديكالية وخلاياها، وأعني به هنا كشف وتوضيح المعلومات وخلفياتها، فالمرحلة والظرف واللحظة التاريخية وتوجهات القيادة السعودية التي رسخت مفهوم الشفافية عوامل دفعت بالامور الى هذا المنحنى.
على ان التطور الملفت في الحدث يعني كشف كافة الاوراق للاعلام والمتلقي ، وهذا يعني احترام عقلية المواطن والمواطنة وكشف حقيقة الخطر المحدق بهما ، ما يعني ان ثمة رغبة في التفاعل مع المعطيات الراهنة ومواءمة لغة العصر.
كنا في الماضي ربما نكتفي بالعناوين وبعض الاشارات والمعلومات لأنها ربما كانت تفي بالغرض حينذاك،غير ان الوقت الحالي يختلف كلية كونه يتطلب شيئا من التحول والتطوير والتفاعل والمواكبة، فلحظنا تغير اللغة وتنوع الاساليب والآليات والتكتيكات، ما ادى فعلا الى نهج جديد دفع بالاجهزة الامنية من ان تتعاطى معه بنفس الرتم والفاعلية.
السعودية وبحق نجحت في معركتها الأمنية ضد القاعدة سواء في مواجهاتها الميدانية أو في ضرباتها الاستباقية، إلا انه على الصعيد الفكري فما زالت المحصلة اقل من المأمول بكثير وتحتاج بلا أدنى شك لجهود مضاعفة مثيلة بالجهد الأمني أو أكثر
فالسعودية كحكومة استشعرت بالتأكيد ضرورة استيعاب المرحلة والاندماج معها وكشف الحقائق ومخاطر هذه التنظيمات حتى يكون المجتمع على بصيرة فاتضحت الصورة، ومشهد الصراع مع القاعدة لم يعد ميدانيا بل انتقل الى الفضاء الواسع؛حيث الحرب المعلوماتية التي ما برحت ان اكتسحت الساحة فباتت المواجهة مكشوفة ومعلنة.
استغلت القاعدة الشبكة المعلوماتية لترويج مشروعها ولاستقطاب عناصرها، وقد نجحت فعلا، الا ان السلطات السعودية تفوقت وبامتياز في اختراق جدرانها وعوالمها ، لتكشف عن خلايا متعددة تنوي القيام باغتيالات وباستهداف مسؤولين عسكريين واعلاميين، فضلا عن استهداف منشات نفطية وصناعية،ناهيك عن عشرة مخططات كانت على وشك التنفيذ. والحقيقة لابد من الاشادة هنا بقدرات الاجهزة الامنية في إحباط عشرات العمليات الارهابية في السنوات الماضية ، والله سبحانه وتعالى وحده الذي يعلم ماذا ستكون عليه الصورة من مشاهد ومآس وخسائر وأضرار في حال تم القيام بتنفيذها.
غير ان الملفت هذه المرة يكمن في اعتقال مستخدمي المعرفات في الإنترنت ودخول المرأة كعنصر مستخدم ومحرض، وهذه مرحلة متقدمة في عملية المواجهة . ولعل إعلانها بهذه الطريقة كان بمثابة رسالة لمئات المؤيدين والمتعاطفين مع التنظيم للتوقف عن نشاطاتهم والا سيكونون عرضة للمساءلة . موقف كهذا يوضح بجلاء الدور الحقيقي للحكومة في ملاحقة اشباح الانترنت ومحاسبتهم.
كانت اهمية البيان تكمن في تحذير مستخدمي الانترنت لاغراض إرهابية، وانه باستطاعة الاجهزة الامنية الوصول اليهم برغم محاولات الاختباء وراء اسماء مستعارة وتقديمهم للعدالة.
على أي حال ، السعودية وبحق نجحت في معركتها الأمنية ضد القاعدة سواء في مواجهاتها الميدانية أو في ضرباتها الاستباقية، إلا انه على الصعيد الفكري فما زالت المحصلة اقل من المأمول بكثير وتحتاج بلا أدنى شك لجهود مضاعفة مثيلة بالجهد الأمني أو أكثر لأن الفكر لا يواجه إلا بفكر. والاعتقالات الاخيرة كشفت عن أن ثمة خللًا يتعلق بالمواجهة الفكرية والقدرة على تحصين المجتمع من طروحاتها المتطرفة وتحديدا الشباب الذين تحولوا الى ادوات تفخيخية في التنظيم.
على ان القاعدة بعد التضييق عليها في السعودية لم تلبث ان بحثت عن مناطق اخرى، فاختيارها لليمن لم يكن عبثاً بل له مغزى ودلالة، كونها تستقر في المكان غير المستقر، بمعنى أن البيئة غير المستقرة سياسيا تعزز نمو هذه الحركات..
ولو تأملنا دولًا كأفغانستان والصومال والعراق واليمن لتبين لنا فلسفة تواجد هذه التنظيمات، كما أن هذا التنظيم له أجندة سياسية تهدف في المقام الأول إلى الاستيلاء على السلطة، ولعل أدواته ووسائله ترتكز على اختراق العناصر الشابة وتجنيدها واستغلال ظروف وأحداث المنطقة للتغرير بهم والاستفادة منهم من اجل بناء شبكته البشرية في حين أن أسلوبه التكتيكي في ضرب اقتصاديات الدول المراد زعزعة أمنها يتمثل في استهداف المنشآت النفطية،فمن الطبيعي انه عندما يُضرب الاقتصاد يتزعزع الأمن وينهار النظام.
على أن أيديولوجيا القاعدة كانت قد اخترقت نسيج مجتمعنا المحافظ والمسالم باستخدام «توظيف النص الديني» لأهداف سياسية، فاستغلت ذلك المناخ الديني وتلك البيئة المحافظة لزرع أفكارها في مجتمع يحمل الكثير من الاحترام والتقديس لكل ما هو ديني.
ولعل خطورة الايديولوجيا «الدينية الراديكالية» حين تحليلها معرفياً، تجد أنها تنطلق من أرضية «رفض الآخر» و«سلوك الرفض» مستندة إلى ذاتٍ انغلاقية، لا تحلم إلا بصورة «الماضي المختزل في ذهنها» ولا يمكن لها التكيف أو التعايش مع ما حولها بل تنزع إلى التقوقع والجمود، محاولة جذب المجتمع للانخراط في مشروعها أو دعمها والتعاطف معها على اقل تقدير، ما يعني أن ثمة تأثيرا على النسيج المجتمعي، وإن ظل محدودا ، ولكن خطورته تكمن في استمرارية نموه وتشعبه.
والحقيقة أننا لم نكن بحاجة إلى تلك الحادثة التي تمت بالصدفة عام 2003، ، لنكتشف بأن لدينا فكرا متطرفا خطيرا بات منتشرا ومتغلغلا في نسيجنا المجتمعي ، كما أن الشجاعة الأدبية تقتضي منا الاعتراف بأننا ساهمنا بدور ما في ظهوره من دون أن نعلم، فالمؤسسات الحكومية ذات العلاقة لم تكن منتجة في احتضان هؤلاء الشباب الذين انزلقوا إلى عالم ضياع الذات، كما أن الرعاية الأسرية لم تكن فعالة بالقدر الذي ينقذ هؤلاء الشباب من الولوج في عالم القطيعة مع عالمهم وبيئتهم وأسرهم.
ولعل بيان الداخلية الأخير مؤشر جديد لاسلوب التعاطي مع خفافيش الانترنت الذين عاشوا ردحا من الدهر بعيدا عن المساءلة القانونية، وكان لابد من ثمة لحظة تقول فيها العدالة كلمتها ، ويبدو انها قد حانت.
غير أن سقوط معتنق هذا الفكر في يد العدالة لا يعني بالضرورة تلاشي الفكر ذاته، ولذا فإن الايديولوجيا لم تنته ولن تنتهي، ما لم نواجهها بأسلوب نقدي معرفي، وليس بإنتاج مقولات ذات طرق دفاعية وتبريرية، واجترار آراء مستهلكة، وإنما بالتحول من مسألة الدفاع عن الذات إلى فعل يمارس النقد. أي نقد لأدوات وآليات ومضامين هذا الفكر من حيث اللغة والتوجه والأداة والمفهوم والرؤية والمنهج، فالفكر المستنير المعتدل في نهاية المطاف هو السلاح القادر على تفنيد تلك الطروحات المتشددة وبالتالي اقتلاع جذور هذا التنظيم. وهي غاية الجميع، وإن كانت ليست يسيرة على أي حال!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.